مراجعات مقابل مميزات.. صفقة «مبارك» مع الجماعة الإسلامية لتفكيكها تدريجيًّا
الأربعاء 26/فبراير/2020 - 10:24 م
طباعة
مجدي عبدالرسول
نجح معاونو الرئيس حسني مبارك، عام 1997، في انتزاع موافقته على تفعيل مبادرة وقف العنف التي أعلنتها «الجماعة الإسلامية»، في العام ذاته، بالتنسيق مع اللواء أحمد رائف، مسؤول ملف النشاط الديني للجماعات الإسلامية، بجهاز أمن الدولة في ذلك الوقت، علي تفعيل المبادرة والخروج بها إلى النور، بعد صدامات بينها وبين مؤسسات الدولة، راح ضحيتها عشرات الأبرياء من رجال الدولة، ومثلهم من المدنيين مصريين وأجانب، جراء تلك العمليات الإرهابية.
تفكيك الجناح العسكري
تعتبر مبادرة وقف العنف، هي المبادرة الأولى للجماعات العنف المسلح في مصر، التي تعلن تفكيك جناحها العسكري، وتسليم أسلحتها للدولة بعد وقف العمليات ضدها، وهي الخطوة الأولى، وتلتها مواقف أخرى، منها تسليم الأسلحة والمتفجرات وتفكيك جناحها الإعلامي، الذي كان يُطلق البيانات بعد كل عملية تقوم بها الجماعة.
مبارك والجماعة
أصدر مبارك، تعليماته إلى وزير داخليته اللواء حبيب العادلي، بإعطاء بعض المميزات لقادة وعناصر الجماعة في السجون؛ للتأكيد علي حُسن نوايا الدولة وتبنيها المبادرة من أجل تفعليها، وبالفعل قامت مصلحة السجون بفتح باب الزيارات والسماح للأهالي بزيارة ذويهم، وهو ما كان «محرمًا» من قبل صدور المبادرة.
سمحت «الدولة» بتعليمات أصدرها الرئيس الأسبق حسني مبارك، باستخدام الهواتف النقالة «المحمول»، والتي كانت تعتبر في تلك الفترة نقلة تكنولوجية لم يعتد عليها المصريون جميعًا، وليس أعضاء الجماعات الإسلامية فقط؛بهدف الاطمئنان المتبادل بين السجناء وأسرهم خارج السجون، وهو ما ترك أكبر الأثر في نفوس أعضاء قادة الجماعة، وتأكيدهم لأعضائها أن الدولة، أوفت بما تعهدت به.
قامت الدولة بالسماح لقادة الجماعة الإسلامية بزيارة مختلف السجون على مستوى الجمهورية؛ لعقد لقاءات مباشرة بين قادة الصف الأول وباقي عناصر الجماعة؛ للرد علي الاستفسارات والإجابة بكل شفافية على كل ما يتم طرحه من أسئلة دون غموض، أو تضليل و تزييف للحقائق للمرجلة المُقبلة.
سمح نظام «مبارك» بالخلوة الشرعية للمرة الأولى في تاريخ السجون المصرية، أسوةً بما هو معمول به في السجون العالمية، وبما يتفق مع ميثاق الأمم المتحدة بشأن حقوق السجناء، رغم رفض البعض تنفيذ «الخلوة» ليس لتعارضها مع الشريعة، ولكن لأسباب أخرى، أهمها الشك والريبة من قيام «الأمن» بتتبع وتصوير تلك الخلوة، فضلًا عن أسباب نفسية أخرى تخُص قادة التنظيم.
قامت الدولة بالموافقة على الإفراج المؤقت، لعدد من قادة الجماعة بزيارات أسرية لخارج السجون، بعضها يتعلق بأداء واجب العزاء لذويهم، أوحضورهم مراسم الدفن، أو حضور مناسبات زواج، وما شابه ذلك، وهي أمور كان يستحيل الموافقة عليها قبل موافقة مؤسسة الرئاسة عليها، بناءً على صدور «مبادرة وقف العنف».
نجح قادة الجماعة الإسلامية في الحصول على موافقة وزارة الداخلية، بنقل بعض المساجين بالقرب من محال تواجد أسرهم داخل محافظاتهم؛ حيث كان معظم أعضاء الجماعة الإسلامية من محافظات الصعيد، يقضون العقوبة بسجون محافظات الدلتا والقاهرة، وهو ما كان يستنزف مالًا ووقتًا طائلًا، ويؤثر سلبًا على معنوياتهم النفسية.
استطاع قادة الجماعة الإسلامية ، الحصول على موافقة الدولة في وقف الأحكام القضائية، الصادرة بإعدام عدد من عناصر الجماعة، والذين قارب عددهم نحو 12 شخصًا، بعضهم كان مُصابًا بالشلل وأمراض مزمنة، قامت وزارة الداخلية بالسماح لهم استكمال علاجهم على نفقتها الخاصة بمستشفيات القصر العيني.
نجحت الجماعة الإسلامية في الحصول علي موافقة مصلحة السجون بعودة أعضاء الجماعة الإسلامية إلى جامعاتهم، وحصول بعضهم بالـ«سجن» على درجات علمية رفيعة، منهم طارق الزمر الحاصل علي الدكتوراة من جامعة القاهرة .
أفرجت الدولة على قادة الجماعة الإسلامية بعد تفعيل المبادرة، وكانت البداية الإفراج عن القيادي حمدي عبدالرحمن، وأخرين إلى محافظاتهم، ثم قيادي الجماعة التاريخي الشيخ كرم زهدي وتلاه الدكتور ناجح إبراهيم وعدد آخر من المسجونين، وكانت دفعات الإفراج تبدأ بـ500 عنصر، حتى وصل عدد أعضاء الجماعة بالسجون في 16 ألف سجين عام 2002، ووصل الإفراج لنحو 4 آلاف فقط قبل عام 2004، وذلك لأسباب عدة، منها انقضاء نصف المدة على عناصر الجماعة الإسلامية.