قطر والإخوان.. تاريخ من الإرهاب والعبث في المنطقة (3)

السبت 11/أبريل/2020 - 12:04 ص
طباعة قطر والإخوان.. تاريخ حسام الحداد
 
تناولنا في الورقة الأولى  من " قطر والإخوان.. تاريخ من الإرهاب والعبث في المنطقة" بدايات التواجد الإخواني في قطر، ودور إمارة الإرهاب في احتواء الجماعة وتوفير لهم ملازات آمنة ولمحة عن الدعم المالي ودور رجال الأعمال القطريين في دعم رأسمال الجماعة في مصر.
وفي الورقة الثانية تناولنا دور أكاديمية التغيير القطرية في شيطنة المنطقة العربية.
وسوف نتناول في هذه الورقة أكاديمية التغيير والسيناريو العراقي وتأثير هذه الأكاديمية على بعض دول الجوار 
أكاديمية التغيير والسيناريو العراقي
كان جاسم السعيد النائب في البرلمان البحريني مباشرا وواضحا في رفضه للدعم الأجنبي للجمعيات الأهلية في الخليج، كما هو الحال مع ما تقوم به أكاديمية التغيير، وأعطى مثالا بالبحرين التي أكد أن “المال الأجنبي” وراء ما جري من محاولات فاشلة لبث الفرقة بين أبناء الشعب الواحد حيث قال إن أزمة التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني البحريني ليست وليدة الأحداث الاخيرة في فبراير مارس 2011 لكنها تعود إلى حقبة السبعينات من القرن الماضي عندما مولت إيران حلفاءها في الخليج عن طريق نظام الخميني ودعمت خلاياها النائمة بطرق متلونة ومتنوعة منها ما هو دعوي أو سياسي أو اقتصادي ومنها الأمني والعسكري، وقدمت مئات الملايين من الدولارات لدعم مخططها وسموه الخطة الخمسينية، وهو ما موجود في الوثائق لبعض خلاياهم التي وضعت العديد من أجهزة الامن الخليجية يدها عليها”. 
ويؤكد النائب البحريني المستقل: “لمنظمات الدعم الخارجي استراتيجية واضحة واهداف محددة هي قلب أنظمة الحكم في دول الخليج وبقية الدول العربية ومنها ما هو إيراني واهدافه معلومة عن خلاياهم من “منظمات شيعية” ومنها ما هو اوروبي وأميركي بدعم منظمات للاسف كانت في البحرين لبعض الشيعة معتمدين في ذلك على الاعلام وتجييش الشباب لقضية يدعون انها شرعية أو دينية.. وإن فشلت الآن مخططاتهم فسيعيدون الكرة مرة أخرى”.
من جهتها ترى الاعلامية البحرينية سوسن الشاعر أن اللافت للنظر هو أن الاستراتيجية الأميركية لدعم الديمقراطية في منطقة الشرق الاوسط تم التخطيط لها بعد أحداث 11 سبتمبر، وتم وضع استراتيجيات لهذه المؤسسات التي تقوم بتقديم المنح والمساعدات لتتصل مباشرة بمؤسسات المجتمع المدني (عابرة للقارات ومتجاوزة للأنظمة والحكومات) عبر تقديم موازنات ضخمة ليست من الحكومة الأميركية بل من الاحزاب لتظل هذه الاستراتيجية مستمرة وليست مرتبطة ببرنامج الحكومة الموجودة في السلطة.
تقول الشاعر: “هذا التمويل هو الآن الذي يقود التغيير في المنطقة، وللأسف تتقاطع هذه الاستراتيجية مع اهدافها، لا نها تهدف إلى دعم الاقليات، وإذا نظرنا إلى ارض الواقع وجدنا أن المستفيد ليست الشعوب بل الأقليات.. مصر والبحرين خير مثال على ذلك، والأقليات هنا (كمعنى وليست كعدد)، وقد استفادت واشنطن من الاقليات في قيادة التغيير.. في البحرين الذي استفاد من ذلك هم الشيعة”.
وتضيف: “كثر هم من حضروا برامج التدريب وورش العمل كما حصلت عدد من المنظمات البحرينية على تمويل أميركي، وأخرى على دعم عيني وتدريبات ومساعدة فنية للتقدم لطلب تمويل من مانحين علاوة على التمويل الأميركي لتغطية نفقات تنقلات النشطاء.. وللأسف أقول إنهم كانوا ايديولوجيا يتبعون جماعات راديكالية كحزب الدعوة وحزب الله والشيرازيين.. والمعروف عن هذه الجماعات أنها تتبع العنف كوسيلة للتغيير.. وهذه الجماعات جميعها لها مرجعيات دينية من خارج البحرين، وتحديدا اما في العراق أو في إيران، وبالتالي نجد أن المستفيد الأكبر هي إيران وليست البحرين”.
تقول الإعلامية البحرينية إن السيناريو العراقي “دمى تأتي على ظهر الدبابة الأميركية” كان يراد له أن يتكرر في البحرين.. ربما نجح هذا السيناريو في العراق ولكنه فشل فشلا ذريعا في البحرين رغم ما حشد له من دعم لأن الشعب البحريني كان واعيا وتنبه لهذه اللعبة مع حسابات اقليمية اخرى دخلت في الاعتبار وعطلت المشروع، والان هنالك اعادة قراءة للشارع في البحرين بعد أن تكشفت راديكالية الجماعات المدعومة وتم تعديل الخطة والايام القادمة سنشهد ربما سيناريو جديدا ولكن بتعديل مختلف”.
الكاتب والصحفي السعودي فهد الشقيران يرى أنه من ناحية نظرية لا يخفى على المراقب وجود انفتاح أميركي وأوروبي تجاه الإسلاميين، وهذا محل إدراك حتى من الباحثين الغربيين المختصين بالحركات الأصولية الإسلامية ودلائل الانفتاح الغربي على الأصوليين هذا التقارب الذي يجري بين جماعة الإخوان المسلمين ببعض فروعها ونسخها ومع الغرب.
يرى الشقيران أن هناك أحاديث ودية بين الإخوان في مصر وبين الولايات المتحدة، وهذا ينطبق على إخوان تونس، بل وحتى على إخوان الخليج.. “الإخوانيون يريدون امتطاء رياح القرب الغربية لإخافة دولهم التي يعيشون فيها لإثبات أنفسهم كأرقام صعبة لا يمكن تجاهلها أو تهديدها. والدعم الغربي للمنظمات ذات الطابع الأصولي والهيمنة الإخوانية يأتي في سياق هذه الرياح الجديدة”.
ويقول: “صيغة الإخوان المسلمين معروفة، من أبرز مرتكزاتها سهولة “الامتطاء”، هناك منظمات امتطوها لتحقيق مآربهم الانقلابية.. وأكاديمية التغيير مثلا تأتي ضمن سياق آلية الامتطاء الإخوانية المتبعة. ولا شك أن الأحداث الحالية العربية فرّخت مرحلة إخوانية أخرى، أو “ولادة إخوانية ثانية في الخليج” إذ جنّدت الشباب الذين أغرتهم رومانسية الاحتجاجات ليكونوا ضمن سياقها، ولّدت الحالة الإخوانية من خلال بذرة ما يسمى بجيل الفيس بوك وتويتر الكثير من النبتات الإخوانية الجديدة التي زرعت في المؤسسات التي تدعم من الغرب”.
البديل الآمن:
وعن دور المال الأجنبي يقول الكاتب والباحث السعودي يوسف الديني: “يكثر الحديث دائماً عن دور منظمات المجتمع المدني، تنسج أساطير وتغيّب في أحايين أخرى حقائق وإشارات مهمة، من وجهة نظري يجب التمييز بين عدة مستويات عند الحديث عن هذه المنظمات والجمعيات، وذلك من خلال قانونيتها، وحدودها، وطرائق العمل، فالحديث عن جمعيات ومؤسسات دولية تدخل ضمن الاتفاقيات بين الدول وهي عادة مؤسسات ذات أدوار واضحة ومحددة مثل لجنة الصليب الأحمر، يختلف عن تلك الجمعيات ذات الصبغة الفردية وهي في غالبها منح تحوّل إلى نشاط سياسي عبر بوابة دعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان وعادة ما تعمل بشكل غير قانوني يتدخل في سيادة الدول أو من خلال العمل من خارج تلك الدول بما يخترق السيادة وربما كان دور مثل هذه الجمعيات هو البديل الآمن لدعم المعارضة مسلحة أو سلمية في حقبة الحرب الباردة”.
ويضيف الديني: “الأكيد أن مثل هذه الأنشطة تتمايز عن عدد هائل من مراكز الأبحاث وخزانات التفكير التي تقدم أبحاث ودراسات معمّقة عن واقع المنطقة، وربما تقترح حلولاً تهدف إلى خلق مزيد من الوعي السياسي، لكنها لا تتدخل في سيادة الدول كما هو الحال في بعض الجمعيات الفردية المدعومة من دول بعينها، والتي تحولت إلى منصّات لتدشين السلطة البديلة في حال النجاح في زعزعة الأوضاع في البلدان المستهدفة”.
السؤال الأهم بحسب الديني هو حالة الفراغ على مستوى المراكز البحثية المحلية أو الدخول في نفق البيروقراطية والتكلس بفعل عدم مواكبة المستجدات حيث إن هذه الحالة يمكن أن تخلق مناخات غير صحّية للاستقطاب السياسي عبر “البروباجندا” السياسية التي تعتمد على استخدام أدوات الحشد والتعبئة والدعم وتتكئ على الخطاب الإعلامي الموجّه والمؤدلج.
وعن الدعم المالي وما يتبع ذلك من إجراءات قانونية وأمنية يقول يوسف الديني إنها تخضع لقانون كل دولة ولا يمكن البحث فيه من وجهة نظر سياسية مستقلة عن السياق القانوني، كما أن كثيراً من تلك المنظمات تعاني من تكريس أزمات واقعها السياسي نفسه من الاستبداد إلى التوريث إلى غموض الملف المالي حتى أصبحت تنتج الديكتاتور ببدلة مدنية. ويتساءل كيف يعقل أن يستمر شخص على رأس جمعية من تلك الجمعيات منذ إنشائها ويرفض أي قابلية لتجديد الدماء، كما أن كثيراً من الأحزاب السياسية غير المرخصة أو التيارات الدينية والمدنية ذات البعد السياسي أصبحت تستبدل نشاط المعارضة المحظور بنشاط المؤسسات كنوع من التحايل على حالة “الفراغ”. ويختم: “الإشكالية تكمن في الجمعيات ذات الأجندة السياسية والتي عبر التجربة القصيرة لها خلقت من الفوضى والاستقطاب الحاد بين مكونات المجتمع، بينما تظل الجمعيات التنموية غائبة عن دور حقيقي على الأرض يستلهم الإنسان وليس المكتسبات السياسية الضيّقة”. 
قد يكون لأكاديمية التغيير والمؤسسات المماثلة لها دور كبير في الذي حدث ويحدث وقد يحدث، لكن الحقيقة تبقى أن كل تغيير يأتي من الخارج وبأموال من الأجنبي هو تغيير لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون في صالح الشعوب. بالأمس حدث التغيير في تونس ومصر وليبيا واليمن.. وسوريا تنتظر، واليوم بدأ التركيز على الخليج عبر مؤسسات تعمل من داخل الخليج وقد انطلقت المؤامرة من البحرين.. والدور على البقية وما خفي كان أعظم.

شارك