الكاردينال انطونيوس نجيب .. "الحقيقة والمحبة"
الثلاثاء 29/مارس/2022 - 12:45 م
طباعة
روبير الفارس
فقدت الكنيسة الكاثوليكية في مصر ، الكاردينال أنطونيوس نجيب (٨٧ عامًا)، البطريرك السابق للكنيسة القبطيّة الكاثوليكيّة (٢٠٢٢-٢٠١٣)، والكاردينال بالفاتيكان وهي اعلي هيئة بالكنيسة حيث يختار منها بابا الفاتيكان وكان الانبا انطونيوس قد اشترك في انتخابات البابا فرنسيس تتويجا لمسيرة حياته الحافلة بالتفاني والخدمة والمحبة والعطاء.
السيرة
وُلد الكاردينال أنطونيوس نجيب في ١٩٣٥ بمدينة سمالوط في محافظة المنيا وحمل اسم أنطون، كما كان يُطلق عليه قبل سيامته الكهنوتية، هو الثاني من بين سبعة أطفال من عائلة كاثوليكية. كان الأب تاجرًا، وكانت الأم مكرسة لتربية أطفالها السبعة، ثلاث فتيات وأربعة فتيان. بعد أن أكمل دراسته الأولى في مدرسة الراهبات الفرنسيسكان لقلب مريم الطاهر ببني سويف، حيث أقامت عائلته، تمَّ قبوله في سن التاسعة، في الإكليريكية الصغرى في القاهرة. ثم تابع دراسته في الإكليريكية الكبرى أولاً بطنطا ثم في المعادي بالقرب من القاهرة حتى عام ١٩٥٥حيث تمَّ إرساله إلى روما لمتابعة دراسته اللاهوتية في جامعة انتشار الايمان. عاد عام ١٩٥٨ إلى وطنه لأداء خدمته العسكرية، وفي نهاية هذه الفترة سيم كاهنًا في ٣٠ أكتوبر عام ١٩٦٠ بالمنيا.
بعد أن شغل منصب كاهن رعية الفكرية في أبرشية المنيا، أُرسل مجدّدًا إلى روما، حيث حصل عام ١٩٦٢ على إجازة في اللاهوت ودبلوم في علم الاجتماع الديني، وفي عام ١٩٦٤ حصل على إجازة في الكتاب المقدس في المعهد الحبري للكتاب المقدّس. عمل منذ عام ١٩٦٤ كمدرس للكتاب المقدس في الإكليريكية البطريركية في المعادي. ولسنوات عديدة قام بتدريس العقيدة الاجتماعية للكنيسة وتعاون مع جمعية الكتاب المقدس في لبنان في الترجمة العربية المشتركة الجديدة للعهد الجديد، والتي شارك فيها الكاثوليك والأرثوذكس والبروتستانت. وقد كتب أيضًا العديد من مقالات التفسير البيبلي للمجلات القبطية الكاثوليكية وكان ممثلاً للشرق الأوسط في اتحاد الكتاب المقدس الكاثوليكي.
في ٢٦ يوليو ١٩٧٧ انتخب أسقفًا لأبرشيّة المنيا للأقباط. وكان شعاره الأسقفي " الحقيقة والمحبة." وكانت تنشئة الكهنة على الفور إحدى أولوياته. فأقام أيام رياضات روحيّة شهرية وسنوية، بالإضافة إلى دورة تنشئة دائمة شارك فيها جميع كهنة الكنيسة البطريركية القبطية، والعديد من مؤتمرات التنشئة الدينية والرسولية ودورات التعليم الديني للعلمانيين. وسرعان ما ظهرت الثمار، لا سيما في مجال الدعوات الكهنوتية والحياة المكرسة. واقتناعا منه أيضا بأهمية المؤسسات التربوية في التنشئة على التعايش السلمي، أنشأ ثلاث مدارس كاثوليكية في الأبرشية، مفتوحة لجميع الطلاب المسيحيين والمسلمين.
كان منتبهًا على الدوام لاحتياجات شعبه. لهذا أنشأ مراكز اجتماعية صغيرة في قرى الأبرشية، يستفيد منها المسيحيون والمسلمون على حد سواء دون أي تمييز. كما أولى اهتمامًا خاصًا بالعالم الريفي حتى ربط أبرشيته بالاتحاد الدولي لحركات البالغين الريفية الكاثوليكية: منذ ذلك الحين، مثلت المنيا الشرق الأوسط داخل هذه المنظمة. في مجال التنمية والخدمة الاجتماعية أيضًا، شجع على إنشاء مجموعة رسولية مكرسة للمحتاجين والمتألمين. مهمة بدأت مع المساجين وعائلاتهم، وسرعان ما امتدت لتشمل فئات أخرى: من بينهم الصم والبكم، والمكفوفون، والأمهات العازبات، وذوي الاحتياجات الخاصة.
أجبرته المشاكل الصحية على أخذ استراحة رعوية في سبتمبر ٢٠٠٢، عندما اضطر إلى التخلي عن إدارة أبرشية المنيا، وفي 30 مارس ٢٠٠٦، انتخب - من قبل سينودس أساقفة الكنيسة القبطية الكاثوليكية - بطريركًا على الكنيسة القبطية الكاثوليكية. ومنحه الأب الأقدس بندكتس السادس عشر الشركة الكنسية في ٧ أبريل ٢٠٠٦. في ١٨ (مارس) ٢٠١٠، بعد أن بلغ ٧٥ عامًا، قدم استقالته من منصب البطريرك إلى السينودس البطريركي، لكن السينودس طلب منه بالإجماع الاستمرار في منصبه. كبطريرك الإسكندرية للأقباط، كان أيضًا رئيسًا لسينودس الكنيسة القبطية الكاثوليكية. كان مقررًا عامًا في الجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط لسينودس الأساقفة، التي عُقدت في الفاتيكان من ١٠ إلى ٢٤ أكتوبر عام ٢٠١٠.
عيّنه البابا بندكتس السادس عشر كاردينالاً للكنيسة الكاثوليكيّة الجامعة في ٢٠١٠. وشارك في ٢٠١٣ في الاجتماع الذي انتُخب فيه البابا فرنسيس.
احداث مهمة
شارك في عدد من الاحداث المهمة التى عاشتها الكنيسة الكاثوليكية وقال عنها
فى شهر أكتوبر 2009 انعقد فى الفاتيكان مجمعُ الأساقفةِ العام الثانى عشر ، عن " كلمة الله فى حياة ورسالة الكنيسة " ، برئاسة قداسة البابا بندكتوس السادس عشر . اشترك فيه مائتان وثلاثة وخمسون من البطاركة والكرادلة ورؤساء الأساقفة والأساقفة ، يمثـّلون جميع الأساقفة الكاثوليك فى العالم . وكذلك مائة وخمسون آخرون من الأخصائيين ، والمستمعين ، وممثلى الكنائس غير الكاثوليكية . ودام المجمع ثلاثة أسابيع .
واحتفل قداسة البابا بقدّاس الأحد للافتتاح ، وقدّاس الأحد للختام . وبينهما احتفل فى الأحد الثانى بقداس أعلن فيه قداسة أربعة أشخاص : كاهن إيطالى ، وسيدة من الإكوادور بأمريكا الجنوبية ، وراهبة من سويسرا ، وراهبة من الهند وهى الأخت ألفونسينا ، أول إمرأة من الهند تـُرفع إلى مصاف القداسة . وقد أسعدنى أن أشترك فى هذا المجمع وهذه الاحتفالات ، ممثلا لكنيستنا القبطية الكاثوليكية . وقد دعا المجمعُ إلى أن تكون كلمة الله فى أساس الحياة والخدمة . كما ناشد الأديان والشعوب والحضارات أن يتقاربوا ويتلاقوا ويتحابوا .
وكان الحدث الثانى فى شهر نوفمبر ، وهو المؤتمر العالمى السنوى الثانى والعشرون من أجل السلام ، الذى نظـّمته مؤسسة سانت إيجيديو فى قبرص . ضمّ المؤتمر حوالي 2500 شخص ، يمثلون الأديان والحضارات والبلاد المختلفة . وكان من الرائع حقا أن يلتقى هؤلاءُ جميعا ، فى جو تميّز بالمودّة والأخوّة ، وبالحوار الصريح والهادىء والبنـّاء ، يستمعون بعضُهم إلى بعض باحترام وتقدير . وفى الختام ، وجّه المؤتمر نداءً إلى بُناء عالم يسوده السلامُ والأخوّة والتعاون .
أما الحدث الثالث فكان فى شهر نوفمبر أيضا فى لبنان ، فى مقر غبطة البطريرك الكاردينال مار بطرس نصرالله صفير ، بطريرك الموارنة ، وهو الاجتماع السنوى الثامنُ عشر لبطاركة الشرق الكاثوليك . وكان موضوعه " القديس بولس رسول الأمم لعالم اليوم فى الشرق " . وتضمّن بيانه الختامى هذه الكلمات : " إننا نسأل الله تعالى أن يمنح كلَّ بلداننا ، الاستقرار الذى يتيح لها أن تنموَ نموّا طبيعيا ، وأن تزدهرَ بإيمان جميع أهلها ، وبمحبّتهم بعضهم لبعض ، وبتعاونهم لتعزيز أوطانهم ، فتتوفـّرُ فيها لجميع المواطنين حياة ٌ كريمة ومطمئنة ".
ولا نظنُ أن هذه الاجتماعات واللقاءات تمر بدون ثمرة . ونظرا لضيق الوقت ، أودّ أن أتوقف فقط عند ثمارها فى مجال الحوار الدينى . لعلنا نتذكر الخطابَ الذى وجّهه مائة وثمانية وثلاثون ، من رجال الدين المسلمين فى العالم ، فى 13 أكتوبر 2007 ، إلى قداسة البابا بندكتوس السادس عشر ورؤساء الكنائس الأخرى ، تحت عنوان : " تعالوا إلى كلمة سَواء بيننا وبينكم " . وكان دعوة إلى الحوار حول محبة الله ومحبة القريب …لقد رحّب قداسة البابا بهذه الدعوة ، وتمت لقاءات تمهيدية بين ممثلين لهذه المجموعة وممثلين للفاتيكان . ومن الرابع إلى السادس من نوفمبر ، التقى فى روما وفد يضم ثلاثين من كل جانب ، لحوار تميّز بالمودّة والصراحة فى مناخ من التفاؤل والرجاء .وسبق هذا اللقاءَ مؤتمرٌ للحوار الدينى ، نظـّمه العاهل السعودى جلالة الملك عبدالله آل سعود ، فى مدريد باسبانيا ، من 16 إلى 18 يوليو 2008 . واشترك فيه وفدٌ من الفاتيكان ومن الكنائس الأخرى ، وممثلون للديانة اليهودية … وفى يومي 11 و 12 نوفمبر 2008 ، عقدت هيئة الأمم المتحدة فى نيويورك ، مؤتمرا لحوار الأديان والثقافات ، تحت عنوان " ثقافة السّلام " ، اشترك فيه ممثلون للأديان والدول ، وتوّج أعماله ببيان ختامي ، حمل إسم "إعلان نيويورك"، أكّد فيه على الأهداف والمبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتّحدة ، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان … هذه المبادراتُ البنـّاءة على المستوى العالمى ، هى دفعة قوية لنا لنسلكَ نفسَ السبيل ، فنلتقىَ فى مودّة وإخاء ، ونتعاونَ فى سلام ووئام … هكذا يتحقق نشيد الملائكة فى ليلة الميلاد : " وفى الأرض السلام " . إنه عطش البشرية الدائم للسلام .
السيرة
وُلد الكاردينال أنطونيوس نجيب في ١٩٣٥ بمدينة سمالوط في محافظة المنيا وحمل اسم أنطون، كما كان يُطلق عليه قبل سيامته الكهنوتية، هو الثاني من بين سبعة أطفال من عائلة كاثوليكية. كان الأب تاجرًا، وكانت الأم مكرسة لتربية أطفالها السبعة، ثلاث فتيات وأربعة فتيان. بعد أن أكمل دراسته الأولى في مدرسة الراهبات الفرنسيسكان لقلب مريم الطاهر ببني سويف، حيث أقامت عائلته، تمَّ قبوله في سن التاسعة، في الإكليريكية الصغرى في القاهرة. ثم تابع دراسته في الإكليريكية الكبرى أولاً بطنطا ثم في المعادي بالقرب من القاهرة حتى عام ١٩٥٥حيث تمَّ إرساله إلى روما لمتابعة دراسته اللاهوتية في جامعة انتشار الايمان. عاد عام ١٩٥٨ إلى وطنه لأداء خدمته العسكرية، وفي نهاية هذه الفترة سيم كاهنًا في ٣٠ أكتوبر عام ١٩٦٠ بالمنيا.
بعد أن شغل منصب كاهن رعية الفكرية في أبرشية المنيا، أُرسل مجدّدًا إلى روما، حيث حصل عام ١٩٦٢ على إجازة في اللاهوت ودبلوم في علم الاجتماع الديني، وفي عام ١٩٦٤ حصل على إجازة في الكتاب المقدس في المعهد الحبري للكتاب المقدّس. عمل منذ عام ١٩٦٤ كمدرس للكتاب المقدس في الإكليريكية البطريركية في المعادي. ولسنوات عديدة قام بتدريس العقيدة الاجتماعية للكنيسة وتعاون مع جمعية الكتاب المقدس في لبنان في الترجمة العربية المشتركة الجديدة للعهد الجديد، والتي شارك فيها الكاثوليك والأرثوذكس والبروتستانت. وقد كتب أيضًا العديد من مقالات التفسير البيبلي للمجلات القبطية الكاثوليكية وكان ممثلاً للشرق الأوسط في اتحاد الكتاب المقدس الكاثوليكي.
في ٢٦ يوليو ١٩٧٧ انتخب أسقفًا لأبرشيّة المنيا للأقباط. وكان شعاره الأسقفي " الحقيقة والمحبة." وكانت تنشئة الكهنة على الفور إحدى أولوياته. فأقام أيام رياضات روحيّة شهرية وسنوية، بالإضافة إلى دورة تنشئة دائمة شارك فيها جميع كهنة الكنيسة البطريركية القبطية، والعديد من مؤتمرات التنشئة الدينية والرسولية ودورات التعليم الديني للعلمانيين. وسرعان ما ظهرت الثمار، لا سيما في مجال الدعوات الكهنوتية والحياة المكرسة. واقتناعا منه أيضا بأهمية المؤسسات التربوية في التنشئة على التعايش السلمي، أنشأ ثلاث مدارس كاثوليكية في الأبرشية، مفتوحة لجميع الطلاب المسيحيين والمسلمين.
كان منتبهًا على الدوام لاحتياجات شعبه. لهذا أنشأ مراكز اجتماعية صغيرة في قرى الأبرشية، يستفيد منها المسيحيون والمسلمون على حد سواء دون أي تمييز. كما أولى اهتمامًا خاصًا بالعالم الريفي حتى ربط أبرشيته بالاتحاد الدولي لحركات البالغين الريفية الكاثوليكية: منذ ذلك الحين، مثلت المنيا الشرق الأوسط داخل هذه المنظمة. في مجال التنمية والخدمة الاجتماعية أيضًا، شجع على إنشاء مجموعة رسولية مكرسة للمحتاجين والمتألمين. مهمة بدأت مع المساجين وعائلاتهم، وسرعان ما امتدت لتشمل فئات أخرى: من بينهم الصم والبكم، والمكفوفون، والأمهات العازبات، وذوي الاحتياجات الخاصة.
أجبرته المشاكل الصحية على أخذ استراحة رعوية في سبتمبر ٢٠٠٢، عندما اضطر إلى التخلي عن إدارة أبرشية المنيا، وفي 30 مارس ٢٠٠٦، انتخب - من قبل سينودس أساقفة الكنيسة القبطية الكاثوليكية - بطريركًا على الكنيسة القبطية الكاثوليكية. ومنحه الأب الأقدس بندكتس السادس عشر الشركة الكنسية في ٧ أبريل ٢٠٠٦. في ١٨ (مارس) ٢٠١٠، بعد أن بلغ ٧٥ عامًا، قدم استقالته من منصب البطريرك إلى السينودس البطريركي، لكن السينودس طلب منه بالإجماع الاستمرار في منصبه. كبطريرك الإسكندرية للأقباط، كان أيضًا رئيسًا لسينودس الكنيسة القبطية الكاثوليكية. كان مقررًا عامًا في الجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط لسينودس الأساقفة، التي عُقدت في الفاتيكان من ١٠ إلى ٢٤ أكتوبر عام ٢٠١٠.
عيّنه البابا بندكتس السادس عشر كاردينالاً للكنيسة الكاثوليكيّة الجامعة في ٢٠١٠. وشارك في ٢٠١٣ في الاجتماع الذي انتُخب فيه البابا فرنسيس.
احداث مهمة
شارك في عدد من الاحداث المهمة التى عاشتها الكنيسة الكاثوليكية وقال عنها
فى شهر أكتوبر 2009 انعقد فى الفاتيكان مجمعُ الأساقفةِ العام الثانى عشر ، عن " كلمة الله فى حياة ورسالة الكنيسة " ، برئاسة قداسة البابا بندكتوس السادس عشر . اشترك فيه مائتان وثلاثة وخمسون من البطاركة والكرادلة ورؤساء الأساقفة والأساقفة ، يمثـّلون جميع الأساقفة الكاثوليك فى العالم . وكذلك مائة وخمسون آخرون من الأخصائيين ، والمستمعين ، وممثلى الكنائس غير الكاثوليكية . ودام المجمع ثلاثة أسابيع .
واحتفل قداسة البابا بقدّاس الأحد للافتتاح ، وقدّاس الأحد للختام . وبينهما احتفل فى الأحد الثانى بقداس أعلن فيه قداسة أربعة أشخاص : كاهن إيطالى ، وسيدة من الإكوادور بأمريكا الجنوبية ، وراهبة من سويسرا ، وراهبة من الهند وهى الأخت ألفونسينا ، أول إمرأة من الهند تـُرفع إلى مصاف القداسة . وقد أسعدنى أن أشترك فى هذا المجمع وهذه الاحتفالات ، ممثلا لكنيستنا القبطية الكاثوليكية . وقد دعا المجمعُ إلى أن تكون كلمة الله فى أساس الحياة والخدمة . كما ناشد الأديان والشعوب والحضارات أن يتقاربوا ويتلاقوا ويتحابوا .
وكان الحدث الثانى فى شهر نوفمبر ، وهو المؤتمر العالمى السنوى الثانى والعشرون من أجل السلام ، الذى نظـّمته مؤسسة سانت إيجيديو فى قبرص . ضمّ المؤتمر حوالي 2500 شخص ، يمثلون الأديان والحضارات والبلاد المختلفة . وكان من الرائع حقا أن يلتقى هؤلاءُ جميعا ، فى جو تميّز بالمودّة والأخوّة ، وبالحوار الصريح والهادىء والبنـّاء ، يستمعون بعضُهم إلى بعض باحترام وتقدير . وفى الختام ، وجّه المؤتمر نداءً إلى بُناء عالم يسوده السلامُ والأخوّة والتعاون .
أما الحدث الثالث فكان فى شهر نوفمبر أيضا فى لبنان ، فى مقر غبطة البطريرك الكاردينال مار بطرس نصرالله صفير ، بطريرك الموارنة ، وهو الاجتماع السنوى الثامنُ عشر لبطاركة الشرق الكاثوليك . وكان موضوعه " القديس بولس رسول الأمم لعالم اليوم فى الشرق " . وتضمّن بيانه الختامى هذه الكلمات : " إننا نسأل الله تعالى أن يمنح كلَّ بلداننا ، الاستقرار الذى يتيح لها أن تنموَ نموّا طبيعيا ، وأن تزدهرَ بإيمان جميع أهلها ، وبمحبّتهم بعضهم لبعض ، وبتعاونهم لتعزيز أوطانهم ، فتتوفـّرُ فيها لجميع المواطنين حياة ٌ كريمة ومطمئنة ".
ولا نظنُ أن هذه الاجتماعات واللقاءات تمر بدون ثمرة . ونظرا لضيق الوقت ، أودّ أن أتوقف فقط عند ثمارها فى مجال الحوار الدينى . لعلنا نتذكر الخطابَ الذى وجّهه مائة وثمانية وثلاثون ، من رجال الدين المسلمين فى العالم ، فى 13 أكتوبر 2007 ، إلى قداسة البابا بندكتوس السادس عشر ورؤساء الكنائس الأخرى ، تحت عنوان : " تعالوا إلى كلمة سَواء بيننا وبينكم " . وكان دعوة إلى الحوار حول محبة الله ومحبة القريب …لقد رحّب قداسة البابا بهذه الدعوة ، وتمت لقاءات تمهيدية بين ممثلين لهذه المجموعة وممثلين للفاتيكان . ومن الرابع إلى السادس من نوفمبر ، التقى فى روما وفد يضم ثلاثين من كل جانب ، لحوار تميّز بالمودّة والصراحة فى مناخ من التفاؤل والرجاء .وسبق هذا اللقاءَ مؤتمرٌ للحوار الدينى ، نظـّمه العاهل السعودى جلالة الملك عبدالله آل سعود ، فى مدريد باسبانيا ، من 16 إلى 18 يوليو 2008 . واشترك فيه وفدٌ من الفاتيكان ومن الكنائس الأخرى ، وممثلون للديانة اليهودية … وفى يومي 11 و 12 نوفمبر 2008 ، عقدت هيئة الأمم المتحدة فى نيويورك ، مؤتمرا لحوار الأديان والثقافات ، تحت عنوان " ثقافة السّلام " ، اشترك فيه ممثلون للأديان والدول ، وتوّج أعماله ببيان ختامي ، حمل إسم "إعلان نيويورك"، أكّد فيه على الأهداف والمبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتّحدة ، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان … هذه المبادراتُ البنـّاءة على المستوى العالمى ، هى دفعة قوية لنا لنسلكَ نفسَ السبيل ، فنلتقىَ فى مودّة وإخاء ، ونتعاونَ فى سلام ووئام … هكذا يتحقق نشيد الملائكة فى ليلة الميلاد : " وفى الأرض السلام " . إنه عطش البشرية الدائم للسلام .