تقدم بوابة الحركات الإسلامية، أبرز ما جاء في الصحف ووكالات الأنباء العربية بخصوص جماعات الإسلام السياسي وكل ما يتعلق بتلك التنظيمات بكافة أشكال التناول الصحفي (أخبار – تعليقات – متابعات – تحليلات) اليوم 14 مايو 2023.
الاتحاد: بدء التصويت في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا
فتحت مراكز الاقتراع في تركيا أبوابها صباح اليوم الأحد، لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية. ويحق لما يقرب من 61 مليون شخص التصويت في الانتخابات، بما في ذلك ما يقرب من 5 ملايين ناخب لأول مرة. وصوت الأتراك في الخارج بالفعل. ويتنافس المرشح المشترك للمعارضة وزعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو ضد أردوغان. كما يخوض السباق منافس معارض أصغر هو سنان أوغان.. وبثت تسع محطات تلفزيونية وطنية على الأقل مقابلة أردوغان الانتخابية ليل الجمعة، في حين ألقى كليتشدار أوغلو خطابا لمؤيديه في خطاب مدته ثلاث دقائق على حسابه على تويتر.
ومن المقرر أن تفتح مراكز الاقتراع أبوابها للتصويت في الساعة الثامنة صباحا وتنتهي في الخامسة مساء ( من 0500 إلى 1400 بتوقيت جرينتش).
تونس.. سجن قيادي في «النهضة» بتهمة غسل أموال
أصدر القضاء التونسي أمراً بسجن قيادي بارز في حركة «النهضة» بتهم غسل أموال، فيما اعتبر خبراء ومحللون تونسيون أن الحركة الإخوانية باتت تلفظ أنفاسها الأخيرة بعدما فقدت قواعدها الشعبية والسياسية جراء سياساتها وممارساتها العدائية التي أضرت بمصالح البلاد داخلياً وخارجياً.
وأعلن مصدر قضائي تونسي، أمس، إيداع القيادي البارز بحركة «النهضة» الصحبي عتيق، السجن لتهم تتعلق بغسل أموال وحيازة عملة أجنبية بطريقة غير قانونية.
وقالت المتحدثة باسم المحكمة الابتدائية بأريانة فاطمة بوقطاية، إن «النيابة العامة فتحت تحقيقاً ضد عتيق وشخصين آخرين بسبب التهم المذكورة عبر استغلالهم لتسهيلات النشاط المهني والاجتماعي بجانب الإدلاء بشهادة زور».
وأضافت بوقطاية في تصريحات لإذاعة «موزاييك» المحلية: إن «المحكمة استندت في قرارها لوجود شبهات بتعمد إخفاء ما تثبت به الجريمة والمشاركة في كل ذلك».
وكان الصحبي عتيق، وهو عضو بمجلس الشورى، الهيئة الأعلى لحركة «النهضة»، منع قبل أسبوع من السفر في مطار تونس قرطاج الدولي بينما كان متوجهاً إلى الخارج. ويحقق القضاء أيضاً مع قياديين آخرين موقوفين من الحركة الإخوانية، من بينهم رئيس الحركة والبرلمان المنحل راشد الغنوشي ونائبه رئيس الحكومة الأسبق علي العريض، ووزير العدل الأسبق نور الدين البحيري، والقيادي المستقيل من الحزب أيضاً عبد الحميد الجلاصي، وتتراوح التهم بين قضايا الإرهاب والتمويل الخارجي والتحريض على مؤسسات الدولة.
وتسير حركة «النهضة» الإخوانية بخطوات متسارعة نحو غياب طويل الأمد يقربها من مرحلة الاحتضار، إذ باتت تلفظ أنفاسها الأخيرة بعدما فقدت قواعدها الشعبية والسياسية جراء سياساتها وممارساتها العدائية التي أضرت بمصالح الدولة داخلياً وخارجياً.
وأصبحت الحركة أداة تخريب وتهديد لأمن تونس، وهو ما ظهر جلياً في التصريحات التي أدلى بها رئيس الحركة راشد الغنوشي، وأدت إلى توقيفه على خلفية تحريضه بإشعال حرب أهلية.
وأوضح المحلل السياسي التونسي باسل الترجمان في تصريح لـ«الاتحاد»، أن «إخوان تونس» يعانون منذ فترة طويلة الانهيار والفشل الذي يقود الحركة إلى مرحلة الزوال، لا سيما بعد أن اكتشف الشعب حقيقة ادعاءات الحركة التي كان هدفها الأول والأخير الوصول إلى السلطة بأي وسيلة، حتى لو كان عبر التحالف مع منظومات الفساد التي سقطت في يوليو 2021 مع حل البرلمان الإخواني.
وقال الترجمان، إن توقيف رئيس حركة راشد الغنوشي كان حدثاً عادياً، ومر مرور الكرام على الشعب التونسي، ولم يُثير اهتمام الشارع، ورغم أنه شكل صدمة لـ«الإخوان» لم يطالب أحد من أنصاره بإطلاق سراحه، ما يعكس حجم التفتت والانهيار الذي وصلت له الحركة، إذ انفضت عنها القواعد الشعبية والسياسية بعدما اكتشف الشعب أنها مجرد «حديقة خلفية» لراشد الغنوشي وتخدم مصالحه فقط.
من جانبه، أوضح عضو مبادرة «لينتصر الشعب»، عثمان الحاج عمر، أن حركة «النهضة» قد تضعف أو تغيب عن المشهد السياسي بعض الوقت إلا أنها لن تزول لارتباطها بمصالح أطراف خارجية لا تريد خيراً لتونس.
وقال السياسي التونسي في تصريح لـ«الاتحاد»، إن «الإخوان لا يحركهم إسلام ولا وطنية، وقد صُنعوا منذ البداية ليكونوا خدماً لمصالح أطراف خارجية، ويتخفون وراء تنظيم ديني يحمل شعارات زائفة وخادعة، فجماعة الإخوان صنيعة القوى الاستعمارية التي ما زالت تعمل على تجزئة العرب، وتعطيل تقدمهم، وتحول الإخوان إلى أداة لتدمير الأمة».
المبعوث الأممي و«6+6»: مناقشة التحديات أمام قوانين الانتخابات الليبية
بحث المبعوث الأممي لدى ليبيا عبدالله باتيلي، أمس، مع وفد من لجنة «6+6» المعنية بالانتهاء من القوانين الانتخابية، بحضور الفريق الفني المكلف من البعثة، لبحث تقديم الأمم المتحدة كل دعم ممكن لتمكين اللجنة من إنجاز مهامها في أقرب الآجال.
وأكد باتيلي، بحسب بيان للبعثة الأممية، أهمية دور اللجنة ومسؤولياتها في إصدار القوانين اللازمة لإجراء انتخابات شاملة، مشيراً إلى أن اللقاء ناقش القضايا المتعلقة بإنجاز الإطار التشريعي للانتخابات.
إلى ذلك، أكد النائب أحمد الأوجلي عضو لجنة «6+6» الليبية، في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن اللقاء ناقش بعض العراقيل والإشكاليات التي قد تواجه عمل اللجنة، فيما يتعلق بالتعداد السكاني وكذلك الطعون الانتخابية، وتوزيع المقاعد، وفق التعديل الدستوري الثالث عشر، كاشفاً عن الترتيب لاجتماع فني آخر مع البعثة الأممية لوضع حلول لهذه التحديات خلال الأسبوع الجاري.
في سياق آخر، تشهد مدينة الزاوية في غرب ليبيا حالة استنفار وتحشيد بين الميليشيات والتشكيلات المسلحة في المدينة، إثر الاشتباكات التي اندلعت قبل يومين في إطار الصراع على النفوذ والمقرات الأمنية بين المسلحين، حسبما أكد مصدر ليبي لـ«الاتحاد».
وقتل شخصان على الأقل، خلال اشتباكات اندلعت مساء الخميس الماضي، بين المليشيات المسلحة المنتشرة في الزاوية، استخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة.
في السياق نفسه، أكد عضو مجلس النواب الليبي سعيد امغيب، في تصريحات لـ«الاتحاد»، رفض أهالي الزاوية لفكرة غياب مؤسسات الدولة من قوات عسكرية وأمنية داخل المدينة، مشيراً إلى أن المجموعات المسلحة ومهربي البشر يشكلون قوة مسيطرة على الأرض في ظل غياب أي دور لمؤسسات الدولة.
الخليج: استمرار القتال في الخرطوم يهدد «إعلان جدة»
تواصلت الاشتباكات في الخرطوم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أمس السبت، رغم توقيع الطرفين إعلان مبادئ بمدينة جدة السعودية الخميس الماضي، وسط اتهامات بين الطرفين بخرق التفاهمات. أكدت مصادر دبلوماسية استئناف المحادثات اليوم الأحد، في حين دعت السعودية رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان إلى قمة جامعة الدول العربية المقرر عقدها بجدة في 19 مايو/ أيار الحالي، وسط مساع دولية متعددة الأطراف لإنهاء الصراع.
ودارت الاشتباكات العنيفة في مدينتي بحري (شمال) وأم درمان (غرب) مع تحليق للطيران العسكري، ما أدى إلى تعقيد الأوضاع الإنسانية. وحلقت الطائرات الحربية في بحري وأم درمان، وأطلقت قذائف في مواجهة تجمعات قوات الدعم السريع، وفق قولهم. كما سمع دوي أصوات المدافع والاشتباكات بالأسلحة الثقيلة والخفيفة في أحياء شرق النيل. وبالقرب من أم درمان ضاحية الخرطوم الغربية، أفاد شهود بأن قصفاً جوياً استهدف تجمعات لقوات الدعم السريع.
ومساء الجمعة، اتهمت «قوات الدعم السريع» الجيش السوداني بتنفيذ غارات جوية وقصف بالطيران الحربي في جنوب الخرطوم وعدد من المواقع الحيوية. وقالت في بيان صحفي إن الغارات أدت إلى «سقوط عدد من القتلى وانهيار مبانٍ وتضرر مرافق مهمة». وبالمقابل، أعلن الجيش السوداني أنه وجه ضربات لقوات الدعم السريع، جنوب الخرطوم وجبل أولياء وتدمير عدد من العربات المسلحة وقتل عدد من المسلحين.
وقال الجيش السوداني، في بيان، «اشتبكت قواتنا مع مجموعة من المتمردين بشارع النيل ودمرت عدداً من العربات المسلحة، ولاذ بقيتهم بالفرار»، متهماً قوات «الدعم السريع» بمحاولة نهب المخزون الاستراتيجي لبنك السودان من الذهب. ووصفت الجيش الموقف العملياتي بأنه «مستقر» في جميع ولايات البلاد عدا المناوشات في أجزاء من العاصمة.
وخارج الخرطوم، يشهد اقليم دارفور الواقع على الحدود مع تشاد وسبق أن شهد حرباً طاحنة أوقعت 300 ألف قتيل وأدت الى نزوح 2.5 مليون شحص مطلع القرن الحالي، اشتباكات عنيفة أدت، وفق الأمم المتحدة، الى مقتل 450 شخصاً حتى أمس.
في الأثناء، قال دبلوماسي سعودي كبير إن طرفي الصراع في السودان سيستأنفان المحادثات اليوم الأحد، بعد ثلاثة أيام من توقيع اتفاق مبادئ بين طرفي الصراع لحماية المدنيين.
وفي المحادثات المزمع استئنافها بجدة، من المقرر أن يبدأ الطرفان بمناقشة آليات تنفيذ اتفاق يوم الخميس الماضي، بما في ذلك خطط وصول المساعدات والممرات الآمنة وإخراج القوات من المناطق المدنية. وتتطرق المحادثات بعد ذلك إلى سبل إنهاء الصراع، مما يمهد الطريق في نهاية المطاف لتولي حكومة مدنية السلطة، وقال الدبلوماسي السعودي لرويترز: «طبيعة الصراع تؤثر في الحوار، ومع ذلك أجد روحاً طيبة جداً من الجانبين». وقال الدبلوماسي إن المملكة العربية السعودية، التي تستضيف المحادثات الهادفة لتأمين اتفاق وقف إطلاق نار، دعت أيضاً رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان إلى قمة جامعة الدول العربية المقرر عقدها بمدينة جدة في 19 مايو الجاري.
إلى ذلك، بدأت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الإفريقية مولي في زيارة إلى أديس أبابا لإجراء محادثات مع الاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية «إيغاد». والشركاء الدوليين، لإنهاء الصراع في السودان. وترأست مولي الوفد الأمريكي في مفاوضات جدة بالشراكة مع السعودية، التي سهلت المحادثات بين ممثلي القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع يوم 11 مايو/ أيار الجاري.
البيان: السودان.. قذائف «الرعب» تخترق جدران الهدنة
شهدت الخرطوم غارات جوية وقتال شوارع وانفجارات أمس، فيما ما زال ملايين من سكانها ينتظرون تنفيذ التزام الطرفين المتحاربين بشأن إجلاء المدنيين من مناطق القتال وتوفير ممرات آمنة لنقل المساعدات الإنسانية.
حيث روى سكان الخرطوم تفاصيل معارك ضارية دارت أمس، فيما يجوب مقاتلون الشوارع من دون مؤشرات تُذكر على التزام الطرفين المقتتلين في السودان باتفاق لحماية المدنيين قبيل محادثات وقف إطلاق النار المقرر استئنافها في مدينة جدة السعودية اليوم.
وقال مسؤولون: إن المحادثات المزمع استئنافها في جدة ستبدأ بمناقشة سبل تنفيذ الاتفاق الحالي ثم الانتقال إلى وقف دائم لإطلاق النار يمكن أن يمهد الطريق أمام تشكيل حكومة مدنية. وقال دبلوماسي سعودي كبير: إن السعودية دعت قائد الجيش الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان إلى القمة العربية المقرر عقدها بمدينة جدة، ولكن دبلوماسيين آخرين توقعا عدم مغادرة البرهان السودان لأسباب أمنية.
وكان موفدو قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو وقعوا ليل الخميس الجمعة في جدة «إعلاناً لحماية المدنيين في السودان». ويقضي هذا الاتفاق الذي تم التفاوض حوله بوساطة أمريكية سعودية بتوفير «ممرات آمنة» تسمح للمدنيين بمغادرة مناطق الاشتباكات وكذلك تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية.
وتحدث الاتفاق عن مزيد من المشاورات للتوصل إلى وقف إطلاق نار مؤقت، ولاحقاً «مناقشات موسعة لوقف دائم للأعمال العدائية» التي أوقعت منذ اندلاعها قبل شهر أكثر من 750 قتيلاً وقرابة خمسة آلاف جريح وأدت إلى نزوح 900 ألف سوداني من منازلهم إلى مناطق أخرى داخل البلاد أو إلى الدول المجاورة.
ونقلت وكالة فرانس برس عن مسؤول سعودي رفيع وصفه هذا الإعلان بأنه «خطوة مهمة»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن عملية التفاوض ما تزال في مرحلة «أولية».
قتال دارفور
لكن في غضون ذلك، هز القتال الخرطوم والمناطق المجاورة وكذلك مدينة الجنينة في منطقة دارفور منذ أن وافق الجيش وقوات الدعم السريع على «إعلان مبادئ» الخميس. تحدث السكان عن ضربات جوية عنيفة بشكل متزايد. وقالوا إن «جدران المنازل كانت تهتز» في كثير من الأحيان فيما لا يزال القصف المدفعي مستمراً في بعض الأحياء.
وخارج العاصمة، يشهد إقليم دارفور اشتباكات عنيفة أدت، وفق الأمم المتحدة، إلى مقتل 450 شخصاً حتى الآن. وقالت هيئة محامي دارفور، وهي جماعة حقوقية محلية، إن 77 شخصاً على الأقل قُتلوا في الجنينة .
حيث اندلع قتال أول من أمس الجمعة بعد فترة هدوء استمرت أسبوعين. ونفت قوات الدعم السريع تحركها من مواقعها في دارفور وألقت بالمسؤولية عن هذا الوضع المتأزم على الجيش وأنصار الرئيس السابق عمر البشير، قائلة إن هناك مدنيين مسلحين بينهم.
ويعبر آلاف الأشخاص يومياً الحدود نحو مصر، بشكل أساسي. ووصل عشرات الآلاف إلى تشاد وجنوب السودان وإثيوبيا، وهي دول لم تتلق من أجلها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين «أكثر من 15 بالمئة» من الأموال التي تحتاجها للعمل قبل الحرب.
مساعدات إنسانية
ودعت وزارة الخارجية السودانية أمس، في بيان المجتمع الدولي وخصوصاً الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية و«الهيئة لحكومية للتنمية» إلى تقديم «مساعدات إنسانية» في مواجهة «الوضع الإنساني السيئ». وقال البيان إن الحكومة السودانية «تعهدت» بتخصيص «مطارات بورتسودان ووادي سيدنا العسكري (شرق) ودنقلا (شمال) لاستلام المساعدات».
ليبيا تكافح الهويات «المزوّرة» قبيل موعد الانتخابات
تواجه ليبيا ظاهرة «التزوير» في سجلات الأحوال المدنية، وسط تأكيد المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، أنه بإمكان المسجلين في اللوائح الانتخابية، التحقق من وجود أسمائهم في سجل الناخبين، عبر رسائل نصية يتم الاعتماد فيها على الأرقام الوطنية.
وقال النائب العام، الصديق الصور، إن هناك شواهد وأدلة تثبت التزوير في منظومة السجل المدني، أثر على المنظومات الأخرى، التي تعتمد بياناتها على السجل المدني، مثل: وزارة المالية، والضمان الاجتماعي، ومنظومات الجوازات، ومنح الأسر بالمصرف المركزي.
وشهدت ليبيا جدلاً واسعاً حول عمليات تزوير، طالت السجل المدني، كانت نتيجتها منح هويات وأرقام وطنية لغير مستحقيها، ما يعني وجود ناخبين «مزيفين»، قد يكون له دور مهم في تحديد نتائج الاستحقاقات المقبلة.
واعتبر عضو مجلس الدولة الاستشاري، سعد بن شرادة، أن غياب الدولة منذ 2011، كان سبباً رئيساً في تزوير الأرقام الوطنية والسجل المدني، وقال إن أغلب المزورين ينتمون لمجموعات منخرطة في الأجهزة الأمنية المنتشرة في البلاد، استعان بها الليبيون في حروبهم ضد بعضهم، مشدداً على ضرورة تحرك السلطة التنفيذية، والنائب العام بشكل عاجل في هذا الملف.
وخلال لقاء عقده، أمس، مع عدد من أعضاء فروع النيابة العامة في مختلف مناطق البلاد، أوضح الصور أن النيابة العامة أشرفت على شطب عشرات آلاف الأرقام الوطنية، الأمر الذي ترتب عليه تجنيب الدولة خسائر مالية كبيرة، إذ كانت تصرف لهم مرتبات ومنح وجوازات سفر، وأفاد بأن هذه التجاوزات أحدثت ضرراً جسيماً بالمال العام، وسببت إخلالاً كبيراً بالثقة العامة لوجود جوازات مزورة.
وقرّر النائب العام الليبي، تشكيل لجان برئاسة 160 عضو نيابة، لفحص منظومة السجل المدني، منوّهاً بأن اللجان المشكلة، تضم في عضويتها ضباطاً من مصلحة الأحوال المدنية، وجهاز البحث الجنائي؛ لفحص منظومة السجل المدني، ومضاهاتها بالأوراق الرسمية.
وبحسب النيابة العامة، هناك شحنة من المستندات التي لا تقبل التزوير، ستصل أول شحنة منها الأسبوع المقبل، بعد ذلك ستنطلق اللجان المشكلة لبدء أعمالها، في فحص ومراجعة منظومة الرقم الوطني. وبيّن النائب العام رصد آلاف المواطنين، الذين يتقاضون رواتب بأرقام وطنية مزورة، غير مقيدة بمنظومة الأحوال المدنية، من جملة مليونين و14 ألفاً و908 مواطنين، يتقاضون رواتبهم من الدولة الليبية، مبرزاً أن عدد الأرقام الوطنية غير الصحيحة بلغ 88 ألفاً و819، استفادت من نحو 208 ملايين دينار.
فيما نجح القضاء الليبي برصد 15 ألف بطاقة انتخابية مزورة، خلال انتخابات المؤتمر الوطني 2012، إذ بلغ عدد البطاقات المزورة في الانتخابات، التي كان من المقرر إجراؤها يوم 24 ديسمبر 2021، نحو 3829 بطاقة، لكنْ مراقبون محليون، يرجحون أن يكون العدد الحقيقي للأرقام الناتجة عن عمليات التزوير أكبر بكثير.
ويضيف المراقبون، أن عناصر متشددة، وأخرى من المرتزقة، والمهربين، والنازحين من دول الجوار الأفريقي، حصلوا على أرقام وطنية ليبية، واليوم، هم يمثلون مشكلة حقيقية لمنظومة العمل الحكومي، وللمؤسسات السيادية.
وفي السياق، تعمل المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، على التثبت من هويات الناخبين عبر مطابقة الأرقام الوطنية بالمعطيات الواردة في السجل المدني.
الشرق الأوسط: «المرحلة الثانية» من المباحثات السودانية في جدة اليوم
قال دبلوماسي سعودي كبير إن ممثلي طرفي الصراع في السودان سيستأنفان المحادثات يوم الأحد، حول كيفية تنفيذ خطط إيصال المساعدات الإنسانية وسحب القوات من المناطق المدنية، وفق ما ذكرت وكالة «رويترز» للأنباء. وقال الدبلوماسي، يوم السبت، إن الطرفين سيظلان في مدينة جدة السعودية المطلة على البحر الأحمر؛ لبدء المرحلة التالية من المفاوضات، بعد الاتفاق يوم الخميس على خطة حماية المدنيين.
في غضون ذلك، تزايد القصف الجوي والاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في العاصمة الخرطوم مع بداية الأسبوع الخامس للحرب بينهما، وذلك على الرغم من توقيع الطرفين على اتفاق «إعلان المبادئ» في مدينة جدة بالسعودية منذ الخميس الماضي، لحماية المدنيين في مناطق الصراع. وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إنهم شاهدوا هجمات مكثفة للطيران الحربي، صباح السبت، في منطقة الحلفايا شمال مدينة بحري، كما سمعوا دوي انفجارات هزت أحياء وسط مدينة أمدرمان. كما أفاد الشهود بأن قوات «الدعم السريع» أطلقت المضادات الأرضية باتجاه الطائرات المهاجمة.
ووفقاً لمصادر محلية تعرضت ضاحية الأزهري في جنوب الخرطوم لسقوط قذائف ألحقت أضراراً بعدد من المنازل السكنية، دون وقوع ضحايا. وشهدت أيضاً مناطق شمال مدينة بحري لليوم الثالث على التوالي، مواجهات بين قوات الطرفين وسط الأحياء السكنية. وقتل خلال الحرب التي دخلت أمس أسبوعها الخامس، أكثر من 500 شخص، وأصيب الآلاف من المدنيين، وفق آخر إحصائيات لوزارة الصحة السودانية، فيما تقول مصادر طبية غير حكومية إن أعداد الضحايا يفوق الأرقام المعلنة بكثير.
وقالت قوات «الدعم السريع»، في بيان، يوم السبت، إن الجيش واصل «هجماته العشوائية» بالطيران والمدافع الثقيلة في المناطق المأهولة بالسكان. وأضاف البيان أن الطيران استهدف عدداً من المناطق السكنية والمنشآت العامة والخاصة، وخلّف عدداً من القتلى والجرحى وسط المواطنين الأبرياء، مشيراً إلى أن القصف الجوي استهدف مسجداً بمنطقة الأزهري أصيب بأضرار كبيرة، كما دمرت مباني سكنية. وذكرت قوات «الدعم السريع» أن قصف الطيران استهدف مناطق بمدينة أمدرمان، ما أدى إلى وقوع عشرات القتلى والجرحى، وطال منشآت حيوية. وقال البيان إن «الانتهاكات التي ترتكبها قيادات الجيش السوداني وفلول النظام البائد، ضد المدنيين الأبرياء ترقى لمستوى الإبادة الجماعية».
تسليح القبائل
كما اتهمت قوات «الدعم السريع» الاستخبارات بتسليح القبائل في الأحداث التي أدت إلى سقوط العشرات من القتلى والجرحى في مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور. وتشهد المنطقة منذ اندلاع الحرب في الخرطوم في منتصف أبريل (نيسان) الماضي، اشتباكات ذات طابع قبلي وجهوي، أوقعت ضحايا وسط سكان المدنية، ونزوح الآلاف إلى المناطق الآمنة.
وأكدت «الدعم السريع» أن قواتها بغرب دارفور ظلت محتفظة بمواقعها تتابع بقلق تطورات الصراع القبلي في الولاية، وترصد كافة الانتهاكات التي ترتكبها القوات التابعة للجيش التي تعمل على إثارة الفتنة القبلية.
وبدوره، قال الجيش السوداني في بيان أمس، إن الموقف العملياتي مستقر في جميع ولايات البلاد، عدا مناوشات مع قوات «الدعم السريع» في أجزاء متفرقة من العاصمة الخرطوم، ومشاركتها في الصراع القبلي بقصف المدنيين في مدينة الجنينة من مواقع تمركزها، ودخولهم طرفاً في الأزمة بالولاية.
وذكر البيان أن الجيش تصدى لمحاولات من قوات «الدعم السريع» لاقتحام بنك السودان بوسط العاصمة لنهب المخزون الاستراتيجي للبلاد من الذهب. وكرر الجيش اتهاماته لقوات «الدعم السريع»، التي يقودها الفريق محمد حمدان دقلو الشهير باسم «حميدتي»، بارتكاب انتهاكات وأعمال إرهابية ضد المدنيين، باحتلال 15 مستشفى في الخرطوم، واستخدامها قواعد عسكرية بعد طرد المرضى واحتجاز الكوادر الطبية وإجبارهم على علاج منسوبيهم المصابين. وأشار البيان إلى أن قوات «الدعم السريع» تطرد المواطنين وتستولي على منازلهم، وتسرق سياراتهم لاستخدامها في الأغراض الحربية وارتكاب انتهاكات ضد المدنيين ونهب البنوك والأسواق.
وفي موازاة ذلك، عقد الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بالسودان، فولكر بيرتس، لقاءً مع مفوض مفوضية السلام، سليمان دبيلو. وقال بيرتس في تصريحات صحافية على الموقع الرسمي للبعثة الأممية في منصة «فيسبوك»، إن المباحثات تركزت على الجهود المبذولة لتهدئة الأزمة الحالية، ومحادثات جدة برعاية السعودية وأميركا، وتقديم المساعدات الإنسانية للنازحين والمحتاجين. ويشدد اتفاق «إعلان المبادئ» على التزام الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» بالامتناع عن أي هجوم من المتوقع أن يتسبب بأضرار للمدنيين، والسماح بمرور المساعدات الإنسانية دون عوائق. كانت القوى المدنية الفاعلة في المشهد السياسي قد رحبت بالاتفاق، واعتبرته خطوة مهمة في طريق إنهاء الحرب الدائرة في البلاد منذ 15 من أبريل الماضي.
يعبر آلاف الأشخاص يومياً الحدود نحو مصر، بشكل أساسي. ووصل عشرات الآلاف إلى تشاد وجنوب السودان وإثيوبيا، وهي دول لم تتلق من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين «أكثر من 15 في المائة» من الأموال التي تحتاجها للعمل قبل الحرب. ودعت وزارة الخارجية السودانية، السبت، في بيان، المجتمع الدولي وخصوصاً الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية و«الهيئة الحكومية للتنمية»، إلى تقديم «مساعدات إنسانية» في مواجهة «الوضع الإنساني السيئ». وقال البيان إن الحكومة السودانية «تعهدت» بتخصيص «مطارات بورتسودان (شرق) ودنقلا (شمال) ووادي سيدنا العسكري (شرق) لتسلم المساعدات».
وعبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن أمله في أن يؤدي «اتفاق جدة» إلى «بدء عمليات الإغاثة بسرعة وفي أمان». ودعا مجدداً إلى وقف إطلاق نار فوري، وإلى «محادثات لوقف دائم للقتال».
مآلات الانتخابات الليبية في ظل الحرب السودانية
فرض الوضعُ الراهنُ في السودان تحدياً جديداً على دول «الجوار»، وفي مقدمتها ليبيا، خصوصاً لجهة الاهتمام بالملف الأمني والحدود المشتركة. وهذا الأمر أعاد طرح السؤال على النخب الليبية المتعارضة حول مدى إمكانية عقد الانتخابات المُنتظرة، في ظل الأجواء المضطربة بالخرطوم، وهل طبيعة الأزمة الليبية، حالياً، أمنية أم سياسية؟
جانب من النخبة السياسية، التي تحدثت إلى «الشرق الأوسط» بدت متفائلة، بإمكانية إجراء الانتخابات إذا ما «توفرت الإرادة»، لكن هذا تَقاطعَ مع آراء آخرين اعتبروا أن ذلك «صعب» لأسباب عدة، من بينها المعضلة الأمنية، وبقاء الأجسام السياسية - التي يُنظر إليها على أنها سببٌ في إفشال الاستحقاق السابق - على حالها دون تغيير.
وفي أول لقاء لمبعوث الولايات المتحدة وسفيرها لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، مع محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، منذ اندلاع الحرب السودانية - وإن جاء عبر تقنية «زوم» - لم يخلُ من بحث مخاطرها جميعها، ما دفعهما إلى الاتفاق على «أهمية تشكيل قوة مشتركة لتسيير دوريات على الحدود الجنوبية، وضمان ألا تُستخدم ليبيا منصةً للتدخل في السودان». كذلك تطرق نورلاند والمنفي، إلى مناقشة الاستقرار الإقليمي، ودور «المصالحة الوطنية» في التقارب المأمول قبل الذهاب إلى الانتخابات المرجوّة، بجانب تحسين عملية إدارة الإيرادات لضمان استفادة الليبيين جميعاً من ثروة بلادهم. وأكد نورلاند دعم واشنطن العملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة لتنظيم استحقاق مبكر في ليبيا.
هنا يرى عارف النايض، رئيس «تكتل إحياء ليبيا»، أن «النكبة السودانية المؤلمة تذكير لهم بضرورة الإسراع في إجراء الانتخابات الليبية، بشكل عاجل، العام الحالي». واعتبر النايض، في حوار مع «الشرق الأوسط» ما سماها «الفتنة المسلحة» الدامية بين الأشقاء في السودان، دليلاً آخر على أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المباشرة، هي «السبيل الوحيد» لتجديد الشرعية المستمدة من الإرادة الشعبية من خلال صناديق الاقتراع، وأيضاً «دليلاً على خطورة المماطلة في الاحتكام إلى الإرادة الشعبية الحرة، ومحاولة الالتفاف حول تلك الإرادة من خلال الصفقات والتفاهمات والاقتسامات».
ولكن، هنا تتباين رؤى الليبيين حول طبيعة أزمة بلادهم بين مَن يراها أمنية، في مواجهة مَن يعتبرها سياسية. وهناك أيضاً مَن اعتبر أن الحديث عن إجراء انتخابات نهاية العام - دون تحسين ملموس بالجانب الأمني- ليس إلاّ مجرد «رفع لسقف الطموح والآمال وامتصاص للغضب الشعبي». وعلى صعيد آخر، من دون إعلان رسمي، نقلت مصادر إعلامية قريبة من «الجيش الوطني الليبي» أن قائده المشير خليفة حفتر وجه فور اندلاع الحرب في السودان بإغلاق الحدود المشتركة معه، وأرسل تعزيزات عسكرية إلى مدينة الكفرة، جنوب شرقي البلاد.
ماذا عن لجنة «6 + 6»؟
لا يخفي كثيرون من الليبيين دهشتهم لانقضاء قرابة نصف العام، وبقاء شهر واحد يفصلهم عن الموعد المحدد لانتهاء لجنة «6 + 6» من إعداد القوانين اللازمة للانتخابات - قبل نهاية يونيو (حزيران) - من دون أن تثمر اللقاءات المحدودة شيئاً إلاّ «تقارباً في وجهات النظر». ولذا يقول عبد الرؤوف بيت المال، رئيس حزب «ليبيا النماء» إن «الواضح لنا عدم وجود أي نية لإجراء الانتخابات»، قبل أن يستدرك فيقول: «ولكن إذا توافرت الإرادة الحقيقية من الليبيين والأطراف الإقليمية والدولية المؤثرة في القرار المحلي، فستُجرى».
بيت المال يفترض في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه إذا قرّرت هذه الأطراف إجراء الاستحقاق، «فسيكون ذلك بعد 6 إلى 8 أشهر، بما يعني نهاية العام الحالي، أو بداية 2024»، وتابع: «أتمنى بعد هذه المدة أن تكون الحرب السودانية قد انتهت. فالربط بين ما يحدث هناك وإجراء الانتخابات الليبية ليس في محله».
هذا، ويُنظر إلى اللجنة المعنية بإعداد قوانين الانتخابات على أنها «تتحرك ببطء»، فهي لم تعقد منذ تشكيلها سوى 3 اجتماعات، آخرها كان منتصف الأسبوع الماضي، مع عماد السائح رئيس المفوضية العليا للانتخابات، الذي استمع إلى ملاحظاتها الفنية حول القوانين لـ«أخذها بعين الاعتبار»، بحسب ما صرح به عبد الله بليحق، المتحدث باسم مجلس النواب. وسبق لعبد الله باتيلي، المبعوث الأممي إلى ليبيا، إعلان «خريطة طريق» جديدة وواضحة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة، بحلول منتصف يونيو المقبل. وهو الموعد الذي يفترض أن تكون لجنة «6 + 6» قد انتهت خلاله من أعمالها. وقال باتيلي «إن الأجسام السياسية (المنتهية ولايتها) والحكومات المتعاقبة هي سبب عدم الاستقرار في ليبيا وتعرِّض الوضع للخطر».
وكانت اللجنة قد اجتمعت في الثالث من مايو (أيار) الحالي، في مقر فرع ديوان مجلس النواب بمدينة طرابلس، وجرى الاتفاق، حينذاك، على آلية عملها بما يشمل التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية، وقال بليحق، إن اجتماعها «شهد تقارباً في وجهات النظر بين أعضائها». يشار إلى أن مجلس النواب أعلن في 20 مارس (آذار) الماضي، تسمية 6 أعضاء ممثلين له في اللجنة المشتركة مع «الأعلى للدولة» (6 + 6)، المكلفة إعداد القوانين لإجراء الانتخابات المنتظرة.
«السلام الهش»... والجيش «المنقسم»
بموازاة التحركات التي تجريها لجنة «6 + 6» - حتى وإن بدت محدودة - هناك مسارات أمنية، وكذلك جهود لتوحيد المؤسسة العسكرية المنقسمة، وكلها تهدف إلى التمهيد لإجراء الانتخابات، وفق الرؤية الأممية. وخلال الأسابيع الماضية كثرت اجتماعات كبار القادة العسكريين بالجيش الليبي، بين شرق البلاد وغربها على نحو غير مسبوق، منذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011، مدفوعة بدعمين دولي وأممي كبيرين. وعلى الأثر تجددت لقاءات الفريق أول عبد الرازق الناظوري، رئيس أركان قوات القيادة العامة لـ«الجيش الوطني الليبي» ونظيره رئيس أركان القوات التابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة الفريق أول محمد الحداد، تلتها لقاءات على مستوى رؤساء الأركان النوعية.
واعتبر سياسيون هذه اللقاءات «خطوةً جادةً» على طريق «توحيد» الجيش المنقسم، وتفتح الباب أيضاً أمام مصالحة وطنية جادة، ومن ثم المضي باتجاه الانتخابات، التي يرى رئيس «تكتل إحياء ليبيا» أن عقدها «ليس فقط أمراً ممكناً، بل هو أمر ضروري لصيانة السلام الهش في ليبيا، وإعلاء السيادة الوطنية، وتوطيد وحدة البلاد، وترميم النسيج الاجتماعي، من خلال المصالحة الوطنية الشاملة».
وعلى هذا النحو رأى عبد الله اللافي، النائب بالمجلس الرئاسي، أن «طريق الانتخابات الحرة والنزيهة، تبدأ من نجاح مشروع المصالحة الوطنية، للعبور إلى مرحلة الاستقرار، وبناء دولة ديمقراطية». وأردف اللافي، خلال لقائه رئيس وأعضاء «تجمع ليبيا والانتخابات» أن مشروع المصالحة الوطنية يعد «السبيل الوحيد لضمان تحقيق السلم الأهلي لليبيا وشعبها»، مؤكداً عزم مجلسه على الاستمرار في استكمال كل مساراته.
في المقابل، يلاحظ ليبيون محدودية تحركات المبعوث الأممي، لا سيما بعد اندلاع الصراع السوداني، بينما تتمحور رؤيته في العموم حول ضمان الأمن في ليبيا أثناء الانتخابات العامة والفترة التي تليها. ولذا أقدم على تيسير سلسلة من الاجتماعات في تونس وطرابلس وبنغازي وسبها جمعت اللّجنة العسكرية المشتركة ( 5 + 5)، والجهات الأمنية والعسكرية من الأقاليم الثلاثة في ليبيا، وهي الخطوة التي أثنى عليها النايض، لجهة حصوله على «تعهدات منهم بحماية الانتخابات ونتائجها».
المسار الأممي
النايض، وهو مرشح رئاسي، يرى أن الصراع السوداني «لن يفسد الانتخابات الليبية، بل يؤكد ضرورة إجرائها». ويقول إن على المبعوث الأممي إحراز «تقدم ملحوظ» في الملف الليبي، بخطوات «في غاية الأهمية، مع تمسكه بإجرائها حتى لو تطلب الأمر تجاوز مجلسي النواب و(الأعلى للدولة) إذا لم يتعاونا»، بالإضافة إلى «التواصل مع النسيج الاجتماعي والمجتمع المدني، لتأكيد وجود حاضنة داعمة وضامنة للانتخابات». وأضاف النايض أن الأوضاع الأمنية والقانونية والاجتماعية في ليبيا، هي الآن «في أفضل حالاتها لإجراء الانتخابات»، وأن الحل في ليبيا والسودان واحد، وهو «اللجوء إلى صناديق الاقتراع، بدلاً عن صناديق الذخيرة».
ملف «المرتزقة»
بموازاة الجانب المتفائل، رأى عدد من الساسة الليبيين أن الحرب في السودان تضيف عبئاً جديداً على بلادهم، إلى جانب عقبات أخرى، من بينها «الأجسام الراهنة». ويتخوف هؤلاء من تعطّل ملف إخراج «المرتزقة» والمقاتلين الأجانب من البلاد، بالإضافة إلى توجّسهم أيضاً من تسرّب «محتمل» للمقاتلين والإرهابيين عبر الصحراء الليبية المترامية. وكان باتيلي، أجرى زيارة إلى الخرطوم نهاية مارس الماضي، التقى خلالها رئيس «مجلس السيادة الانتقالي» في السودان، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، بحضور وزير الخارجية المكلف، السفير علي الصادق، وبحث معه ملفات عديدة من بينها «المرتزقة»، ومساعي الأمم المتحدة لحل الأزمة الليبية.
ومعلوم أن عناصر «المرتزقة» الموجودة في ليبيا من جنسيات عدة تلقي بظلالها القاتمة على المشهد في البلاد، في ظل مخاوف من تصاعد نفوذ شركة «فاغنر» الروسية، واستثمارها في هذا المناخ المضطرب بحسب متابعين. إلى ذلك كشفت السفارة الأميركية في طرابلس أن مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، تحدثت مع المشير حفتر حول «الحاجة الملحة لمنع الجهات الخارجية، ومن بينها مجموعة (فاغنر) الروسية، المدعومة من الكرملين، من زيادة زعزعة استقرار ليبيا أو جيرانها، بما في ذلك السودان». والمخاوف ذاتها عبّر عنها عيسى عبد المجيد، رئيس الكونغرس التباوي، واعتبر في تصريح صحافي أن الوضع في السودان سيؤثر في الأمن القومي الليبي.
إلى ذلك، يرى الأكاديمي الليبي حافظ الغويل، وهو زميل أول بمعهد الدراسات الدولية في جامعة جونز هوبكنز الأميركية، أن ما يحدث في السودان «سيعرقل ما يحدث في ليبيا، وسيكون له تأثره في دول المنطقة». وأردف الغويل في لقاء مع «الشرق الأوسط» أنه من «الصعب جداً» إجراء انتخابات في ليبيا هذه السنة، وأنه لا يرى أن «الأجسام السياسية الموجودة في البلاد منذ 2012، وسبق لها عرقلة كل الإجراءات والمحاولات الدولية في عقد الانتخابات الماضية... ستتغير». وبشأن لجنة «6 + 6» لفت الغويل إلى أنه «لم ينتج عنها شيء حتى الآن (...) لقد اقتربنا من منتصف العام. ولا أرى أي فرص حقيقية لإجراء الانتخابات (...) ولو فُرضت بطريقة أو بأخرى، فلن تكون نزيهة أو شفافة».
من جهة أخرى، من الذين يرون أن الحرب السودانية «سيكون لها تأثير كبير في الأوضاع بليبيا»، طلال الميهوب، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب، الذي قال عقب اندلاعها، إن لجنته ستعرض على جلسة مجلس النواب المقبلة تقريراً مفصلاً يتعلق بما يجب اتخاذه لحماية الحدود بين البلدين. وفي ظل انعدام الإحصائيات الرسمية عن عدد السودانيين الذين دخلوا ليبيا، قالت الأمم المتحدة على لسان رؤوف مازو، مساعد المفوض السامي لشؤون العمليات بمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن نحو 73 ألفاً فروا بالفعل إلى الدول المجاورة للسودان، من بينها ليبيا، بالإضافة إلى جنوب السودان وتشاد ومصر وإريتريا وإثيوبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى. وسجلت مصفوفة تابعة للمنظمة الدولية للهجرة رصد نزوح ما يقرب من 700 شخص إلى الكفرة هرباً من الاضطرابات الأمنية في بلادهم.
وكانت بلدية الكفرة (جنوب شرقي ليبيا) شكّلت غرفة طوارئ لمتابعة الأوضاع في السودان، ومن بينها حالات النزوح، واتخاذ الإجراءات حيال أي مستجدات طارئة. وقبل أن ينقضي الأسبوع الماضي، هاتف المبعوث الأممي عبد الله باتيلي رئيسَ مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، وتناقشا حول ضرورة تسريع وتيرة عمل لجنة «6 + 6»، في إعداد الإطار الدستوري للانتخابات، كما بحث مع المنفي، بمقر مجلسه، أموراً عدة من بينها الاستحقاق و«المصالحة الوطنية».
* أمضى الليبيون ما يزيد على 12 سنة منذ رحيل الرئيس الراحل معمر القذافي في البحث عن حل لمعضلة بلدهم، في ظل نزوع بعض الساسة والعسكريين للوصول إلى السلطة، بعقد «الصفقات السياسية» و«التفاهمات الجهوية». وما بين هذا وذاك، شهدت البلاد جهوداً أممية ومحلية عديدة على مدار السنوات التي تلت «ثورة 17 فبراير (شباط)» عام 2011، لتفكيك هذه المعضلة، إما بطرح المبادرات والمفاوضات، أو باللجوء للحرب أحياناً، لكن كل ذلك انتهى إلى لا شيء، ليحفل «دفتر أحوال ليبيا» بتفاصيل عديدة، هنا أهمها:
- انفتحت ليبيا تماماً أمام التدخلات الأجنبية بكل أجهزة استخباراتها، بينما شهدت البلاد سنوات من الاشتباكات والاقتتال الدامي انعدمت معها سبل الحياة الآمنة كلها، وانتشرت الجريمة والعمليات الإرهابية بأشكالها المختلفة.
- لسنوات عديدة، والأمم المتحدة تدفع بمبعوثيها، بداية من عبد الإله الخطيب وزير الخارجية الأردني الأسبق، وحتى عبد الله باتيلي، المبعوث الحالي، إلى ليبيا؛ أملاً في تفكيك المعضلتين السياسية والأمنية.
- كانت السنوات الدامية التي تلت «ثورة فبراير» كفيلة بتفكيك سلطة الدولة الموحّدة، لتسيطر عليها حكومتان: الأولى في العاصمة طرابلس، والثانية في مدينة طبرق (أقصى شرق البلاد). ولتشهد البلاد مزيداً من التدخلات الخارجية بقصد حماية وفرض مصالحها.
- شهدت ليبيا منذ 24 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2011 حتى العام الحالي تولّي 8 حكومات، بداية من عبد الرحيم الكيب، وعلي زيدان... ومروراً بحكومة فائز السراج في طرابلس، وأخرى موازية بقيادة عبد الله الثني في شرق ليبيا، ووصولاً إلى حكومتي عبد الحميد الدبيبة وفتحي باشاغا المتنازعتين على السلطة.
- حاول عديد المبعوثين الخاصين للأمم المتحدة جمع الأطراف المتنازعة على طاولة المفاوضات، ونجحت المحاولات في نهاية المطاف في عقد مؤتمرين عن ليبيا في برلين (بين عامي 2020 و2021) نظمتهما ألمانيا.
- في فبراير من عام 2021، اتفق الفاعلون الليبيون على حكومة مؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ضمن السلطة التنفيذية التي تضم محمد المنفي رئيساً للمجلس الرئاسي، مهمتها إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ديسمبر (كانون الأول) من العام ذاته.
- فشلت السلطة التنفيذية، في عقد الانتخابات الرئاسية والنيابية، لتدخل ليبيا مرة ثانية دوامة الانقسام السياسي بين حكومتي الدبيبة، التي تتخذ من طرابلس مقراً لها، وباشاغا «المستقرة» بين مدينتي سرت وبنغازي.
- تقول البعثة الأممية إلى ليبيا برئاسة عبد الله باتيلي، إن السنوات الـ12 الماضية شهدت أزمة لم تستثنِ أحداً من الليبيين، غير أنها أكدت كذلك تطلع الشعب للديمقراطية والسلام والعدالة. ولا تزال هذه الآمال قائمة، لكن دخول البلاد في دوامة من المراحل الانتقالية، فاقم من صعوبات الحياة اليومية للناس على المستويات كلها.
- ترى البعثة أن الاقتصاد الليبي بات غير مستقر، والخدمات الأساسية، مثل الماء والكهرباء، غير منتظمة، بالإضافة إلى أن الرعاية الصحية تعاني من نقص حاد في الموارد، وتلفت إلى أن الإجراءات القضائية باتت شبه معطلة، كما أن حقوق الإنسان غير مكفولة وسط مخاوف أمنية.
- لا يزال عديد من أزمات البلاد من دون حل، من بين ذلك توحيد مؤسسات الدولة، خصوصاً المؤسسة العسكرية المنقسمة بين شرق ليبيا وغربها، بالإضافة إلى وجود عديد من التشكيلات المسلحة التي لا تزال تعمل في البلاد، وتجد الحماية والإسناد من قوى سياسية وعسكرية على الأرض.
- انتهت البعثة الأممية إلى أنه لا يزال من الممكن الاستجابة لتطلعات الشعب الليبي وتحقيق سلام مستدام. لكن يتوجب على قادة ليبيا وضع مصالحها فوق مصالحهم الشخصية، ووضع حد للجمود السياسي الراهن، وتمكين الليبيين من اختيار قادتهم، خلال عام 2023، من خلال انتخابات شاملة وحرة ونزيهة.