تفجير قندهار.. هل استعاد "داعش خراسان" قدرته على تهديد طالبان؟

الخميس 21/مارس/2024 - 10:44 م
طباعة تفجير قندهار.. هل محمد شعت
 

يعد تنظيم "داعش خراسان" أبرز التحديات التي تواجه حكومة طالبان، خاصة في ظل قدرات التنظيم على استغلال الثغرات الأمنية ضد حكومة طالبان وتنفيذ عمليات تسبب حرجا للحركة التي تحاول أن تفرض سيطرتها على الأراضي الأفغانية، إلا أن تكرار مثل هذه العمليات يضعها في حرج شديد على المستويين المحلي والدولي.
ويسعى التنظيم إلى ضرب الثقة في قدرة الحركة على تحقيق الاستقرار، خاصة مع الدول التي أقدمت على بدء علاقات مع طالبان باعتبارها حكومة "الأمر الواقع"، خاصة دولتي روسيا والصين، حيث استهدف التنظيم مصالح خاصة بالدولتين، لنسف جسور التواصل وزعزعة الثقة مع هذه الدول، وبدت الحركة عاجزة عن مواجهة التنظيم.
ورغم تراجع عمليات التنظيم خلال الأشهر الأخيرة، إلا أن الهجوم الانتحاري الذي وقع الخميس في "قندهار" وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 20 شخصا واصابة 30 آخرين، يعيد الحديث عن مدى قدرة التنظيم على استعادة أدواته لتهديد طالبان.
ووفق تقارير أفغانية فقد أعلنت وزارة الداخلية في حركة طالبان إن التحقيقات الأولية لهذه المجموعة تظهر أن الانفجار الذي وقع صباح الخميس أمام مكتب "نيو كيبل بنك" في مدينة قندهار، نفذه أشخاص من "الخوارج"، ولم تحدد وزارة الداخلية في طالبان المجموعة التي تقصدها بـ "الخوارج"، لكن قبل ذلك، أطلقت طالبان مراراً على جماعة داعش اسم "الخوارج".

ردة طالبان

برر تنظيم " داعش خراسان" عملياته ضد حركة طالبان باعتبارها "حركة مرتدة"، وخلال فبراير الماضي نشر التنظيم  فيلماً بعنوان "وقاتلوا المشركين كافة"، واصفا العهد الجمهوري بـ"الكافر" وطالبان بـ"المرتدين"، وأظهر الفيلم صورا جديدة لمختلف عملياته خلال فترة الجمهورية وفترة سيطرة طالبان ومبايعة بعض منفذي عمليات داعش خلال فترة الجمهورية وحديث لـ"أبو محمد الطاجيكي" منفذ العملية الانتحارية في معبد السيخ في كابل.
كما يظهر الفيلم صوراً جديدة لعمليات اثنين من أعضاء داعش الطاجيكيين أبو عمر الطاجيكي وعبد الجبار الطاجيكي والتي استهدفت فندقا كان يقيم فيه صينيون بمدينة كابل الجديدة، وتظهر في هذه المقاطع رصد نزلاء الفندق من قبل عنصرين من داعش، وكيفية تفجير أبواب غرف الفندق والاعتداء على النزلاء في غرفهم الخاصة، وقبل تنفيذ هذه العملية وبعدها كان تنظيم داعش قد قدم شرحا حول طريقة تنفيذ العملية، وفي المقاطع الجديدة التي التقطها عبد الجبار أو عمر الطاجيكي تظهر أيضاً طريقة تنفيذ العملية.

واحتوى الفيلم الذي نشره التنظيم على مقاطع مختلفة لانفجار عبوات ناسفة على طريق المركبات التي تقل مسؤولين من حركة طالبان، إضافة إلى مقاطع عديدة تتعلق باغتيال مسؤولين من حركة طالبان وبعض رجال الدين المنسوبين إلى حركة طالبان والمنتقدين لتنظيم داعش في مناطق مختلفة من أفغانستان، كما اختتم الفيلم بقطع رؤوس بعض أعضاء طالبان على يد داعش.

تكتيكات الهجمات

يستغل تنظيم "داعش خراسان" الثغرات الأمنية التي نتجت عن انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية، حيث بدت حركة طالبان غير قادرة على فرض سيطرتها على الكثير من المناطق، خاصة المناطق المناطق الأمنية ومقرات البعثات الدبلوماسية، حيث شن التنظيم هجمات مسلحة على المواقع العسكرية والأمنية التابعة للحركة في مناطق مختلفة. كانت هذه الهجمات تستهدف عادة القواعد العسكرية، والدوريات الأمنية، ونقاط التفتيش، مما أسفر عن خسائر بشرية ومادية كبيرة.
وفي تكتيك آخر يستهدف إظهار عجز الحركة عن توفير الحماية للمواطنين، لجأ التنظيم غلى استهداف منشآت مدنية من خلال عمليات تفجيرية وهجمات مسلحة استهدفت الأماكن العامة والأحياء السكنية، وهو الأمر الذي تسبب في خسائر بشرية كبيرة وزيادة الخوف والهلع بين السكان المدنيين.
ورغم مساعي الحركة المتعددة لمواجهة التنظيم، من خلال شن هجمات على المعاقل، وعمليات التفتيش المستمرة للكشف عن أوكار سرية، إلا أن التنظيم لايزال يمثل تحديا كبيرا أمام حكومة طالبان، خاصة في ظل غياب الدعم الدولي لحكومة طالبان لمواجهة التنظيم، وهو ماقد يُضعف قدرة الحركة على تحقيق الاستقرار.

من الخفوت إلى الظهور

يمثل هجوم قندهار مؤشرا على عودة التنظيم بعد فترة خفوت، وهو مايجعل عمليات "داعش خراسان" مهددًا كبيرا لنجاح حكومة طالبان وقدرتها على استعادة الثقة مع المحتمع الدولي والقدرة على جذب استثمارات وسط بيئة مضطربة على عدة مستويات أبرزها المستوى الأمني، لذلك تحاول الحركة الترويج لقدرتها على كسر شوكة التنظيم في ظل تراجع نشاطه نسبيا خلال الأشهر الأخيرة، والحد من قدرته على تجنيد عناصر جديدة في الداخل الأفغاني، ورغم أن تقارير أممية كشفت عن أزمات تواجه التنظيم وراء هذا التراجع، لكن قد تكون أزمات التنظيم فرصة للحركة للتقليل من خطورة "داعش خراسان".

وأرجعت تقارير أممية تراجع نشاط التنظيم بشكل عام خلال الأشهر الستة الأخيرة في عدد من المناطق حول العالم، إلى معاناة التنظيم من صعوبات أمنية ونقص في التمويل فضلًا عن وجود صراعات نشبت بين أمراء بالتنظيم وبعضهم البعض، ووجود حالات انشقاق في عدد من الأفرع، خاصة في أفريقيا.
 
ووفق تقرير صادر عن مجلس الأمن الدولي، فإن قيادة التنظيم العليا تعاني من صعوبات أمنية وتنظيمية، إضافة إلى المعاناة المالية التي يعيشها التنظيم، ووجود انقسامات بين قياداته، مشيرًا إلى مقتل خليفة داعش السابق أبو الحسين الحسيني بعد أشهر معدودة من تنصيبه واختيار أبو حفص الهاشمي القرشي خلفًا له، مؤكدًا أن هوية الخليفة الجديد لداعش لا تزال مجهولة ويرجح أنه من العراق أو سوريا وليس قياديًا أجنبيًا، لافتًا إلى اعتقال هيئة تحرير الشام لمتحدث التنظيم السابق أبو عمر المهاجر، كما ذكر التنظيم، الذي عين أبو حذيفة الأنصاري متحدثًا إعلاميًا بدلًا منه.

ويكشف التقرير عن تراجع قدرات داعش بشكل واضح، خلال الأشهر الماضية، بما في ذلك قدراته العسكرية والمالية، ونتيجة تقويض قدراته واغتيال العديد من قياداته البارزين بما في ذلك أبو سارة العراقي، أمير الإدارة العامة للولايات بالتنظيم والرجل الأقوى فيه سابقًا، أجرى داعش عملية إعادة هيكلة للإدارة العامة للولايات شملت دمج مكتبي العراق (بلاد العراق) والشام (الأرض المباركة) في مكتب واحد تحت قيادة أبو خديجة العراقي عبدالله مكي الرفيعي والي التنظيم في العراق وعضو اللجنة المفوضة للتنظيم.



شارك