الحرس الثوري الإيراني إرهابيا: بين الضغوط الأوروبية والمواقف القانونية
ذكرت وسائل إعلام ألمانية أن عدة دول في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك ألمانيا، تسعى إلى تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية.
وقد أشار تقارير نقلته وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) إلى أن هذا الاهتمام بتصنيف الحرس الثوري جاء على خلفية حكم صادر عن المحكمة الإقليمية العليا في دوسلدورف الألمانية في ديسمبر 2023.
ووفقًا للتقارير، فإن الدائرة القانونية بمجلس الاتحاد الأوروبي قامت بمراجعة هذا الحكم بناءً على طلب من الوفد الألماني، وقد أكدت أن الحكم يمكن أن يكون أساسًا قانونيًا لتصنيف الحرس الثوري على قائمة الإرهاب للاتحاد الأوروبي.
محكمة في دوسلدورف
ويأتي هذا في سياق حكم صدر في ديسمبر الماضي من محكمة في دوسلدورف، حيث تمت محاكمة مواطن إيراني - ألماني بتهمة مهاجمة معبد يهودي في مدينة "بوخوم" في غرب ألمانيا وإضرام النار فيه. وأظهرت التحقيقات أن هذا الهجوم كان مخططًا له بمساعدة "منظمات حكومية إيرانية".
وفيما يتعلق بتفاصيل الهجوم، فقد خاطب المتهم "باباك. ج" شخصًا يُدعى رامين يكتابرست، مقيم في إيران وزعيم عصابة إجرامية، لتنفيذ الهجوم. وتم اعتقال المتهم بعد إبلاغ أحد المعارف للشرطة عن نشاطه غير القانوني.
وفيما يتعلق بالدور الإيراني، فقد قامت وزارة الخارجية الألمانية بدعوة سفير إيران في برلين لإطلاعه على الحكم والأسباب التي تشير إلى تورط طهران في الهجوم. وقد أيد البرلمان الأوروبي في أبريل الماضي دعوة لإعادة النظر في استراتيجية الاتحاد الأوروبي تجاه إيران وتوسيع العقوبات عليها، وذلك ردًا على هجمات إيران على إسرائيل.
يطالب النشطاء المدنيون والمعارضون للنظام الإيراني بتصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية نظرًا لدوره في قمع المتظاهرين داخل إيران وتنفيذ هجمات إرهابية في الخارج.
ورحب ييوان راي، عضو البرلمان الألماني والراعي السياسي لتوماج صالحي، بهذا الإجراء في تغريدة على تويتر، قائلا إن هذه "أخبار جيدة"، وأضاف أن "هذا حدث بسبب جهودكم الدؤوبة".
كما كتبت هانا نيومان، عضو البرلمان الألماني وممثلة البلاد في البرلمان الأوروبي، في تغريدة، أن حكم محكمة دوسلدورف كافٍ لوضع اسم الحرس الثوري الإيراني على قائمة المنظمات الإرهابية.
وقال لجوسيب بوريل إنه "لم تعد هناك أعذار"، وطلب من وزير الخارجية الألماني متابعة القضية.
وقال: "نحن نرى نضالكم، ونحن معكم، لكن تذكروا: يجب على الاتحاد الأوروبي التصويت بالإجماع على هذه القضية".
تصويت البرلمان الأوروبي
في 18 يناير2023، صوّت البرلمان الأوروبي بأغلبية ساحقة لصالح إجراء يدعو الاتحاد الأوروبي إلى تصنيف الحرس الثوري الإسلامي الإيراني كمنظمة إرهابية. وقد كانت نتيجة التصويت 598 صوتاً مؤيداً مقابل 9 أصوات معارضة، مع 31 متغيباً. في اليوم السابق، أيدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، فكرة تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية أثناء مشاركتها في المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في دافوس.
ومع ذلك، اختار وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في اجتماعهم في بروكسل بعد بضعة أيام فقط فرض العقوبات على المزيد من الأفراد التابعين للحرس الثوري، بدلاً من تصنيف المنظمة بشكل كامل كجماعة إرهابية.
أوضح جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أن هذا القرار يعود إلى الحاجة لقرار قضائي بشأن المسألة. وأشار بوريل إلى أنه لا يمكن اتخاذ قرار بتصنيف منظمة كجماعة إرهابية دون قرار من محكمة. وأوضح بوريل: "لا يمكن البت في هذه المسألة دون محكمة. يجب أن يصدر قرار من المحكمة أولاً".
ومع ذلك، فإن الأدلة الداعمة لتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية ليست قليلة، وجميعها مقبولة بموجب القواعد التي تحكم عملية تصنيف المنظمات الإرهابية في الاتحاد الأوروبي.
وتشير القواعد القانونية التي يعتمدها الاتحاد الأوروبي لتصنيف المنظمات الإرهابية إلى أنه يمكن تصنيف أي كيان يشتبه في ضلوعه في أعمال إرهابية عندما تصدر سلطة قضائية قراراً بشأنه أو حتى مجرد بدء التحقيق في أعمال إرهابية مزعومة.
وفي النهاية، يتوقف القرار النهائي بشأن تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية على موافقة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، حيث يجب أن يتم التصويت بالإجماع لصالح اعتماد تصنيف معين. ويتعين على الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية أن يقدم اقتراحًا بتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، وفقاً للمبادئ التوجيهية المعتمدة.