المفاوضات والتماسك الداخلي.. ما تأثير اغتيال الضيف المحتمل على حماس؟

السبت 20/يوليو/2024 - 04:20 م
طباعة المفاوضات والتماسك علي رجب
 

فيما تدعي إسرائيل أن محمد الضيف، قائد كتائب القسام، كان حضوره موجوداً في موقع الهجوم وربما قتل أو أصيب، تنفي حماس هذه الادعاءات. لم يتم ذكر أي معلومات عن رافع سلامة يؤكد على نجاح الاغتيال، وكما أكدت مصادر داخل الحركة.
ذكرت حركة حماس، أن الهجوم الإسرائيلي على خان يونس يظهر عدم اهتمامها بوقف إطلاق النار، مشيرة إلى أن الحديث عن استهداف القائد العسكري محمد الضيف غير صحيح.
و في مؤتمر صحفي، يوم الجمعة، أعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال الاسرائييل دانيال هاغاري أن هناك دلائل متزايدة تشير إلى النجاح في القضاء على الضيف. بدوره، أكد مسؤول في حماس أن القائد محمد الضيف بخير ويشرف مباشرة على عمليات القسام والمقاومة بعد الغارة.
وأضاف هاغاري أن سلامة والضيف كانا يجلسان الواحد بجانب الآخر أثناء الغارة، مشيراً إلى أن حماس تخفي ما حدث بالنسبة للثاني. وأكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أنهم سيكشفون ويؤكدون الحقائق ويكشفون ما حدث بشأن الضيف.
مع هذا الاغتيال، يكون محمد الضيف قد فقد عدداً من أبرز القادة والمساعدين له، مما يعكس نجاحًا جزئيًا لإسرائيل حتى الآن في تضعيف الهرم القيادي للقسام. يقول مصادر داخلية إن القسام لم يتأثر بأي اغتيالات، لكن كل خسارة تُعتبر مهمة وتلعب دورًا في هذه المعركة.
ولم تؤكد إسرائيل حتى الآن ما إذا كانت قد قتلت الزعيم العسكري المراوغ لحماس. ولكن سلاح الجو الإسرائيلي نفذ هجوماً ضخماً على المجمع الذي أشارت المعلومات الاستخباراتية إلى أنه كان يختبئ فيه، سعياً إلى ضمان عدم فراره مرة أخرى بحياته.
من الصعب تجاهل حقيقة أن القضاء على الضيف قد يضع زعيم حماس، يحمل أسراراً ويعمل على بناء قدرات عسكرية هامة، في وضع أكثر توتراً من إعدام أي زائر. انتشر كل من هؤلاء الرجلان في خيمة خان يونس للاجئين وأصبحا جزءاً من حركة حماس. الضيف - أو كما كان - كان شخصية موثوقة وله دور كبير في بناء القوة العسكرية لحماس، بما في ذلك تحويل خلايا التنظيم إلى قوة منظمة.
إذا كان السنوار يشعر بالفعل بأن الجدران تضيق عليه ويوافق في النهاية على إطلاق سراح الرهائن، فسوف يكون هذا على الأقل بمثابة تبرير جزئي لاستراتيجية الحرب التي ينتهجها نتنياهو والتي كثيراً ما يتم الاستهزاء بها. فقد أصر طوال الوقت على أن إسرائيل سوف تصل إلى قادة حماس، وأن الجمع بين الضغط العسكري والدبلوماسية فقط هو القادر على إعادة الرهائن إلى ديارهم.
إن الاختبار الحقيقي بعد الضربة التي استهدفت الضيف هو ما إذا كان هذا الضغط العسكري سيدفع السنوار أخيرا إلى التوصل إلى اتفاق.
غياب الضيف يمكن أن يؤثر بشكل كبير على قوة "القسام". لو بقيت الكتائب بمعظم قادتها، لكان من المرجح أنهم سيختارون قائداً بديلًا في وقت قصير، تماماً كما حدث عندما اغتالت إسرائيل نائبه أحمد الجعبري في عام 2012. كان الجعبري يُصف بأنه "رئيس أركان (حماس)" وتولى قيادة "القسام" في بعض الفترات التي كان فيها الضيف غائباً.
يهود ياتوم، الذي يعمل حالياً كقيادي في "الشاباك" وكان عضوًا في الكنيست عن الليكود في السابق، أدلى بتصريحات في مقال نُشرت في صحيفة "معاريف" تحت عنوان "شطرنج غزاوي". أكد ياتوم أن السنوار سيبقى بمفرده وهذا يشكل فرصة لتغيير قواعد اللعبة. وأوضح أنه بدون الضيف، سيكون من الصعب على السنوار أداء وظائفه بشكل كامل، وربما يوافق على بدء مفاوضات لصفقة المخطوفين.
الجنرال في الاحتياط ميخائيل ميليشتاين، الذي يعمل بالجامعة العبرية في تل أبيب، أشار إلى أن "حماس" هي الضيف والضيف هو "حماس"، ولكنها قادرة على الاستمرار بدون الضيف رغم الخسارة الكبيرة. يرفض ميليشتاين تضخيم أهمية العملية، قائلاً: "نعم، إنها ضربة قوية لكنها ليست نهاية العالم".
بالنسبة لرؤيته حول المستقبل، أوضح: "إذا تم اغتيال الضيف، سيؤدي ذلك في البداية إلى تشويش في قدرات وقوة حماس، لكنها ستكون قادرة على التعافي والنهوض مجدداً. لدى حماس بدائل للضيف، ومهمتها الحالية هي القيام بحرب استنزاف، وبالتالي ليست بحاجة إلى رؤية استراتيجية كبرى، وإسرائيل ستتمكن من استخلاص دروس من هذه التجربة".
لذلك يعتقد مراقبون لمسار الخلافات داخل الحركة بأن تيار الأغلبية لم يجد من حل لإقناع تيار الصقور ومن بينه يحيى السنوار زعيم حماس في غزة ومعاونوه البارزون وبينهم الضيف، ولا يستبعد أن يلجأ إلى خيار تصفيتهم بتسريب مواقعهم لإسرائيل من أجل تمهيد الطريق أمام القيادة السياسية الموجودة بالخارج للتوصل إلى هدنة تحفظ مكاسب الحركة وخاصة مكاسب حلفائها مثل قطر.
ويرى مراقبون أن عدم اعتراف قاة حماس قيادة حماس بمقتل محمد الضيف لعدة أسباب تخدم أهدافها واستراتيجيتها السياسية والعسكرية:
التأثير على الرأي العام الفلسطيني والدعم الشعبي: حماس تسعى دائماً للحفاظ على دعم الرأي العام الفلسطيني. استنكارها لموت الضيف يعكس رغبتها في الحفاظ على دعم وتأييد الناس لها ومقتل الضيف يعني تسرب حالة اليأس والهزيمة لدى أنصار حماس.
ابقاء دعم محور إيران: باعتبار حماس جزء من محور إيران، فإن استنكارها لموت الضيف يمكن أن يكون محاولة للبقاء على الدعم من قبل محور إيران وإبطاء خسارة الحركة الحرب.
الحفاظ على الاستقرار الداخلي: حماس تحاول دائمًا الحفاظ على الاستقرار للحركة وخاصة بين الفصائل المقاتلة وموت الضيف قد يؤدي إلى تصاعد التوترات الداخلية إذا لم يتم التعامل معه بحذر وبطريقة تحافظ على الوحدة الداخلية.
التفاوض والصفقات السياسية: حماس قد ترغب في استخدام استنكارها لموت الضيف كجزء من استراتيجيتها في المفاوضات والصفقات السياسية المستقبلية، حيث يمكن أن يكون لذلك تأثير كبير على الشروط والمطالب التي تقدمها في المفاوضات.
باختصار، استنكار حماس لموت الضيف يخدم أهدافها السياسية والعسكرية بالحفاظ على الدعم الشعبي، والتخفيف من الضغط الدولي، والحفاظ على الاستقرار الداخلي، بالإضافة إلى إمكانية استغلاله في المفاوضات المستقبلية.

شارك