هجوم حركة الشباب على شاطئ ليدو: دلالات وتداعيات التصعيد الأمني في مقديشو

الأربعاء 07/أغسطس/2024 - 08:48 م
طباعة هجوم حركة الشباب علي رجب
 
شهد شاطئ ليدو في مقديشو، العاصمة الصومالية، هجومًا إرهابيًا عنيفًا قامت به حركة الشباب المتطرفة، مما أسفر عن مقتل 32 شخصًا على الأقل وإصابة 63 آخرين.

يرى مراقبون أن الهجوم الارهابي الأخير لحركة الشباب المتطرفة على شاطئ ليدو يهدف للضغط على الحكومة لدخول في مفاوضات مع الحركة في ظل الحملة العسكرية التي يشنها الجيش الصومالي والمجموعات شعبية داعمة لهنم، وارسال رسال ة "التفاوض أو الدماء".

يُعتبر هذا الهجوم بمثابة رسالة من الحركة للضغط على الحكومة الصومالية للتفاوض في ظل الحملة العسكرية المكثفة التي تشنها القوات الصومالية والمجموعات الشعبية المؤيدة لها.

كما يعكس الهجوم يبرز التحديات الأمنية التي تواجهها العاصمة ويعكس تصاعد العنف في ظل الأوضاع الحالية.

 

تفاصيل الهجوم:

الهجوم وقع على شاطئ ليدو، أحد المناطق التي كانت تعتبر من بين الأكثر أمانًا في مقديشو بفضل وجود قوات الأمن المكثفة.

للمرة الأولى منذ عدة أشهر، شهدت المدينة عمليات قتل متفشية للمدنيين الأبرياء، الذين كانوا يستمتعون بلحظات على الشاطئ العام. كانت الحكومة تقاتل حركة الشباب في غارات منسقة خلال العامين الماضيين.

وفقًا للشرطة الصومالية، ارتفعت حصيلة القتلى إلى 32 بعد وفاة عدد من المصابين متأثرين بجراحهم، بينما أصيب 63 شخصًا آخر. في البداية، أُعلن عن مقتل 8 مدنيين فقط.

وأعلنت حركة الشباب مسؤوليتها عن الهجوم، والذي تضمن إطلاق النار العشوائي من مسافة قريبة، مما أجبر المدنيين على الفرار وتدخل قوات الأمن بسرعة لاحتواء الوضع.

وأسفرت المواجهات عن مقتل 5 من مسلحي حركة الشباب بعد تبادل إطلاق النار مع القوات الأمنية.

 

ردود الفعل الحكومية:

عقد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء حمزة عبدي بري اجتماعًا طارئًا لمناقشة الهجوم والتدابير الأمنية المطلوبة.

وأكد الرئيس شيخ محمود في بيان صحفي أن الهجوم يعكس وحشية حركة الشباب وعدائها للشعب الصومالي، وأعرب عن التزام الحكومة بالقضاء على هذه المجموعة الإرهابية.

ودعا الرئيس الشعب الصومالي إلى التعاون مع الأجهزة الأمنية والالتفاف حول الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب.

كما ذكرت وسائل اعلام صومالية أن السلطات الأمنية اعتقلت عددا من ضباط الجيش ردا على هجوم دام شنته حركة الشباب على فندق شعبي على شاطئ البحر في مقديشو مساء الجمعة.

 

التحديات والمواقف السياسية:

من جانه وصف المحلل السياسي الصومالي آدم هيبة الهجوم بأنه الأكثر دموية منذ عدة شهور، ويعكس فشلاً أمنياً كبيراً، مما يبرز التحديات التي تواجهها الحكومة في مواجهة حركة الشباب، خصوصاً في ظل انسحاب قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي.

وأشار إلى أن حركة الشباب أظهرت قدرتها على تصعيد هجماتها في العاصمة مقديشو، في حال لم تنخرط الحكومة في مفاوضات جدية.

حركة الشباب طلبت فتح مفاوضات مع الحكومة الصومالية، لكن هناك مجموعتان داخل حركة الشباب، المجموعة الأولي من الأجانب،  والمجموعة الثانية من الصوماليين المحليين. هؤلاء المحليون لديهم فرصة لفتح المفاوضات، لكن حكومة مقديشو ترفض وجود الاجانب وتكال بمغادرتهم البلاد.

وأضاف أن الجماعة تواجه تحدياً كبيراً في الحفاظ على توازن دقيق بين سعيها للسلطة السياسية في مقديشو وتجنب تصنيفها كمنظمة إرهابية عشوائية، مشيراً إلى أن الحركة لم تتمكن من تحقيق هذا التوازن بشكل ناجح.

 

الموقف الرسمي حول المفاوضات:

وفي وقت سابق نفى مستشار الأمن القومي الصومالي، حسين شيخ علي، وجود أي مفاوضات سرية بين الحكومة وحركة الشباب، مشيرًا إلى أن الرئيس حسن شيخ محمود وضع شروطًا واضحة تشمل قطع الصلة مع الجماعات الإرهابية العالمية، والاعتراف بسلامة أراضي الصومال، والاستعداد لمراجعة الأجندة السياسية بشكل سلمي.

 

المحلل السياسي فايز السليك: تنظيم الشباب في الصومال يرسل رسائل متعددة ويستهدف الاقتصاد والسياحة

قال المحلل السياسي السوداني الخبير في شؤون القرن الإفريقي فايز السليك، إن هجوم شاطئ ليدو هي العملية الثانية خلال خمسة أشهر  في مناطق إما ساحلية أو مناطق يؤمها مسؤولون كبار، لذلك تنظيم الشباب في الصومال يسعى بوضوح لإرسال عدة رسائل هامة عبر أنشطته الأخيرة،.

 الرسالة الأولى هي أن التنظيم لم يستسلم، وأن استراتيجية الحكومة الصومالية للقضاء عليه لم تتحقق بعد.

و مقديشو قد تبنت خطة شاملة للقضاء على الجماعة المتطرفة خلال عامين، تضمنت هجمات عسكرية ووسائل أخرى تعرف بالتفكيك الناعم، مثل عزل التنظيم عن حواضنه الاجتماعية وتعزيز العلاقة بين الحكومة وزعماء القبائل. كما شملت الاستراتيجية احتواء مجموعات أخرى وتقديم إغراءات، بلغت حد تعيين أحد عناصر الجماعة في وزارة الأوقاف.

الرسالة الثانية التي يسعى تنظيم الشباب لإرسالها تتعلق باستهداف الاقتصاد والمناطق الترفيهية والسياحية.

ويحذر السليك من أن استمرار هذه الهجمات قد يؤدي إلى تهديد للأمن والسلم الدوليين، مع احتمالية امتداد الهجمات إلى المحيط وحتى جنوب البحر الأحمر، معروف صلة الشباب بتنظيم القاعدة، وهذا يفتح الباب لتسلل عناصر من الانظيم الارهابي للقرن الافريقي وزعزعة الاستقرار

الهجوم الإرهابي الأخير على شاطئ ليدو يشكل تصعيدًا كبيرًا في العنف الذي تواجهه مقديشو، ويعكس التحديات الكبيرة التي تواجهها الحكومة الصومالية في التصدي لحركة الشباب.

وتقاتل حركة الشباب للإطاحة بالحكومة المركزية الهشة في الصومال منذ أكثر من 17 عامًا، وتنفذ تفجيرات متكررة في مقديشو وفي جميع أنحاء البلاد.

تعتمد الحكومة على القوات الأجنبية للحصول على الدعم وتحالفت مع الجماعات المسلحة المحلية، بدعم من قوة الاتحاد الأفريقي والغارات الجوية الأمريكية.

ومع ذلك، حدثت انتكاسات، حيث أكدت حركة الشباب سيطرتها على مناطق مختلفة في وقت سابق من هذا العام.

في يونيو الماضي  طلبت الصومال إبطاء انسحاب بعثة حفظ السلام الأفريقية، المعروفة باسم ATMIS، والمقرر أن تنتهي بحلول 31 ديسمبر.

شارك