هجوم زولينجن: داعش يعود مجددًا ويزيد من مخاوف الأمن في ألمانيا

الأحد 25/أغسطس/2024 - 05:27 ص
طباعة هجوم زولينجن: داعش حسام الحداد
 
في تصاعد جديد للتوترات الأمنية في أوروبا، أعلنت جماعة "داعش" الإرهابية مسؤوليتها عن عملية طعن مروعة وقعت في ألمانيا، وأسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة آخرين. الحادثة التي هزت المجتمع الألماني تأتي في سياق سلسلة من الهجمات التي شهدتها أوروبا في السنوات الأخيرة، وتعكس التهديد المستمر الذي تشكله التنظيمات المتطرفة على الأمن والاستقرار في القارة. وفي وقت يتصاعد فيه القلق من عودة النشاطات الإرهابية، تتجدد التساؤلات حول مدى فاعلية الإجراءات الأمنية والسياسات المتبعة لمكافحة التطرف العنيف ومنع مثل هذه الهجمات
تبنّى تنظيم ''داعش" يوم السبت 24 أغسطس 2024، هجوما وقع الجمعة في مدينة زولينجن في غرب ألمانيا وأوقع ثلاثة قتلى، قائلا إنه نفّذ "انتقاما للمسلمين في فلسطين وكلّ مكان".
وجاء في بيان التبني الذي نشرته وكالة "أعماق" الدعائية التابعة للتنظيم أن "منفّذ الهجوم على تجمُّع النصارى بمدينة زولينجن بألمانيا أمس، جندي من الدولة الإسلامية ونفّذه انتقاما للمسلمين في فلسطين وكلّ مكان".
ردود الفعل:
وقال مسؤول ألماني في وقت سابق من اليوم السبت إن حادث الطعن الذي قتَل فيه رجل ثلاثة أشخاص وأصيب ثمانية آخرين في مهرجان بمدينة زولينجن بغرب ألمانيا هو عمل إرهابي محتمل.
وتبحث الشرطة عن المنفذ الذي لا يزال هاربا بعد الهجوم الذي وقع مساء الجمعة وقالت إنها ألقت القبض على فتى يبلغ من العمر 15 عاما وإنها تحقق في ما إذا كان لهذا الشخص صلة بمنفذ الهجوم.
وقال تورستن فليس وهو مسؤول في الشرطة خلال مؤتمر صحفي بعد ظهر اليوم السبت إن المهاجم كان يستهدف على ما يبدو طعن أعناق الضحايا.
وقالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر إن السلطات الأمنية تبذل كل ما في وسعها للإمساك بالجاني والتحقيق في الهجوم الذي وقع في ساحة سوق فرونهوف حيث تجمع الناس للاستماع لعزف فرق موسيقية.
وكانت المدينة تستضيف احتفالية بمناسبة ذكرى مرور 650 عاما على تأسيسها بولاية نورد راين فستفاليا المتاخمة للحدود مع هولندا.
وقال المستشار الألماني أولاف شولتس عبر منصة إكس "يجب إلقاء القبض على مرتكب هذه الجريمة بسرعة ومعاقبته بأقصى حد يسمح به القانون".
وفرضت الشرطة طوقا أمنيا في الساحة اليوم السبت بينما وضع المارة الشموع والزهور بجانب الحواجز.
وقال تيم-أوليفر كورتسباخ رئيس بلدية زولينجن للصحفيين "يغمرنا شعور بالصدمة والحزن".
وأكد موسيقي ألماني يطلق على نفسه اسم توبيك أنه كان يعزف على مسرح قريب عندما وقع الهجوم. وأضاف عبر حسابه على منصة إنستغرام أنه علم بوقوع الهجوم لكن طُلب منه الاستمرار في العزف "لتجنب التسبب في نوبة ذعر جماعية" بين الحضور.
وكتب توبيك أنه طُلب منه في النهاية التوقف وقال "لأن المهاجم فر.. اختبأنا في متجر قريب بينما كانت تحلق من فوقنا طائرات هليكوبتر تابعة للشرطة" وألغت السلطات باقي فعاليات الاحتفال بتأسيس المدينة.
وحوادث الطعن وإطلاق النار المميتة غير شائعة نسبيا في ألمانيا. وقالت الحكومة هذا الشهر إنها تريد تشديد القواعد المتعلقة بحمل السكين في الأماكن العامة بتقليص طول النصل المسموح به.
وفي يونيو، قُتل شرطي يبلغ من العمر 29 عاما طعنا في مانهايم خلال هجوم على مظاهرة لليمين. كما أصيب عدة أشخاص في هجوم طعن بأحد القطارات عام 2021.
وزار هربرت رويل وزير داخلية ولاية نورد راين فستفاليا موقع الهجوم في وقت مبكر من صباح اليوم، ووصفه في تصريحات للصحفيين بأنه يستهدف إزهاق الأرواح، لكنه أحجم عن التكهن بالدافع وراءه.
ويأتي الهجوم قبل الانتخابات المقررة في ولايات تورينغن وساكسونيا وبراندنبورغ الشهر المقبل، والتي يحظى فيها حزب البديل من أجل ألمانيا المنتمي لليمين المتطرف والمناهض للهجرة بفرصة للفوز.
وقال بيورن هوكي، أحد كبار مرشحي الحزب على منصة إكس "هل تريدون حقا التعود على هذا؟ حرروا أنفسكم وضعوا حدا لهذا الجنون المتمثل في التعددية الثقافية القسرية".
أثر الهجوم وتبني "داعش" له على الصعيد المحلي والدولي:
تعميق التوترات الاجتماعية والسياسية: يعزز تبني "داعش" للهجوم من حالة الخوف والقلق في المجتمع الألماني، ويدفع نحو المزيد من الاستقطاب الاجتماعي. كما يوفر مادة دسمة للأحزاب اليمينية المتطرفة، مثل حزب البديل من أجل ألمانيا، لاستغلال الحادثة في حملاتهم ضد التعددية الثقافية والهجرة، مما قد يزيد من شعبية هذه الأحزاب في الانتخابات المقبلة.
تحديات أمنية متزايدة: يشير الهجوم إلى الصعوبة التي تواجهها الأجهزة الأمنية في التصدي لتهديد الإرهاب الفردي، حيث يصعب التنبؤ بمثل هذه العمليات ومنعها. هذا الوضع يتطلب تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي على المستويين المحلي والدولي لمواجهة التهديدات المتزايدة.
تصاعد العداء تجاه الجاليات المسلمة: قد يؤدي تبني "داعش" للعملية إلى تصاعد مشاعر العداء تجاه الجاليات المسلمة في ألمانيا وأوروبا بشكل عام. هذا العداء قد يؤدي إلى تفاقم مشكلات الاندماج وتعزيز مشاعر الغربة والتهميش لدى بعض الأفراد، مما قد يزيد من مخاطر التطرف.
انعكاسات على السياسات الداخلية والخارجية: ستدفع هذه العملية الحكومة الألمانية إلى إعادة النظر في سياساتها المتعلقة بالأمن الداخلي والهجرة، وربما تشديد القوانين المتعلقة بحمل الأسلحة البيضاء. كما قد تؤثر العملية على موقف ألمانيا من القضايا الدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب والتطرف.
الضغط على الحكومة الألمانية: الحادثة ستزيد من الضغوط على الحكومة الألمانية لتقديم رد حازم وسريع على هذا التهديد، سواء عبر تعزيز الإجراءات الأمنية أو مراجعة السياسات الحالية. تصريحات المستشار الألماني أولاف شولتس ووزيرة الداخلية نانسي فيزر تعكس التزام الحكومة باتخاذ إجراءات حاسمة، إلا أن مدى فعالية هذه الإجراءات سيظل محل تساؤل.
وأخيرا، تُظهر هذه الحادثة مدى تعقيد التهديدات الإرهابية التي تواجهها ألمانيا، وضرورة تبني استراتيجيات متعددة الأبعاد للتعامل معها، تجمع بين التشديد الأمني وتعزيز الحوار الاجتماعي والسياسي لمكافحة التطرف بكافة أشكاله.

شارك