بين الشرعية والفوضى: دلالات اقتحام مصرف ليبيا المركزي في طرابلس

الثلاثاء 27/أغسطس/2024 - 12:35 ص
طباعة بين الشرعية والفوضى: حسام الحداد
 
في تطور جديد على الساحة الليبية، دان مجلس النواب الليبي محاولة اقتحام مقر مصرف ليبيا المركزي بطرابلس، معتبرًا أن هذه المحاولة تمت بالقوة ومن خلال قرارات ولجان يصفها بأنها فاقدة للشرعية. هذه الأحداث تأتي في وقت تتصاعد فيه التوترات السياسية بين الأطراف المتنازعة، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الأوضاع في البلاد.
مصرف ليبيا المركزي يُعد واحدًا من أهم المؤسسات السيادية في ليبيا، حيث يدير السياسة النقدية ويشرف على احتياطيات الدولة من العملة الصعبة. السيطرة على هذا المصرف تُعد بمثابة السيطرة على جزء كبير من القرار الاقتصادي والسياسي في البلاد، مما يجعله هدفًا دائمًا للصراع بين القوى المتنافسة في ليبيا.
وصف مجلس النواب للقرارات واللجان المرتبطة بمحاولة الاقتحام بأنها فاقدة للشرعية يشير إلى أن هناك صراعًا متزايدًا على الشرعية السياسية في البلاد. الأطراف المختلفة تسعى للحصول على اعتراف دولي ومحلي بشرعيتها، مما يجعل المؤسسات السيادية مثل مصرف ليبيا المركزي ساحة لهذا الصراع.
ورغم الطمأنات التي قدمتها اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) بشأن ثبات وقف إطلاق النار، فإن محاولة اقتحام المصرف تُظهر أن الأوضاع الأمنية في طرابلس لا تزال هشة. هذا التصعيد قد يهدد بنسف جهود التسوية السياسية التي تقوم بها الأمم المتحدة ودول الجوار.
فالسيطرة على مصرف ليبيا المركزي ليست فقط مسألة سياسية، بل لها أبعاد اقتصادية عميقة. الطرف الذي يسيطر على المصرف يستطيع توجيه الموارد المالية، مما قد يُعزز من قوته السياسية والعسكرية. ومن هنا تأتي أهمية هذا الاقتحام في إطار الصراع على الموارد والسلطة.
في هذا السياق، يأتي تصريح اللجنة المشتركة (5+5) لطمأنة الليبيين حول ثبات وقف إطلاق النار. هذه اللجنة تُعد واحدة من أهم الإنجازات التي تحققت بعد اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر 2020، حيث تضم أعضاء من كلا الجانبين المتحاربين، وتعمل على مراقبة وتنفيذ وقف إطلاق النار. غير أن الأحداث الأخيرة قد تُضعف من دور هذه اللجنة إذا لم تتمكن من كبح التصعيد الأمني والسياسي.
وهناك عدد من السيناريوهات المحتملة يمكن أن نجملها في:
تصاعد الصراع: إذا لم تتمكن الأطراف المتنازعة من الوصول إلى اتفاق حول إدارة المؤسسات السيادية، فقد نشهد تصاعدًا في الصراع الذي قد يمتد ليشمل مناطق أخرى من البلاد.
تدخل دولي: مع تزايد المخاوف من انهيار الأوضاع الأمنية، قد يتدخل المجتمع الدولي بقوة أكبر للضغط على الأطراف المتنازعة للتوصل إلى تسوية شاملة.
استمرار الوضع الراهن: قد تستمر حالة الجمود الحالية مع تفاقم الصراع على الشرعية والسيطرة على المؤسسات السيادية.
وأخيرا محاولة اقتحام مصرف ليبيا المركزي بطرابلس تعكس تعقيدات المشهد السياسي الليبي وتكشف عن هشاشة الوضع الأمني رغم الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار. هذه الأحداث تتطلب تحركًا عاجلًا من قبل المجتمع الدولي والأطراف الليبية للحد من التصعيد والتوصل إلى حل سياسي شامل يحفظ وحدة البلاد ويعيد الاستقرار إلى مؤسساتها السيادية.

شارك