في اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري.. منظمات حقوقية تطالب بإنهاء انتهاكات الحوثي والضغط لفتح التحقيقات

الجمعة 30/أغسطس/2024 - 01:04 م
طباعة في اليوم العالمي فاطمة عبدالغني
 
لاتزال مليشيات الحوثي المدعومة إيرانيًا تمارس أقبح أنواع الاعتقالات، والإخفاء القسري لآلاف المدنيين اليمنيين دون أي أسباب، وبمناسبة اليوم العالمي لمناصرة ضحايا الإخفاء القسري الذي يوافق 30 اغسطس من كل عام، جدّد المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) التأكيد على التزامه الثابت بدعم الضحايا وعائلاتهم في سعيهم لتحقيق العدالة والكشف عن مصير أبنائهم، في ظل معاناة الاختفاء القسري، أحد أبشع الانتهاكات التي تطال الإنسان، حيث يُحرم الضحايا من حقوقهم الأساسية وتبقى عائلاتهم تعيش في صراع دائم بين الألم والأمل في معرفة مصير ذويهم.
وأشار المركز إلى أن جماعة الحوثي تتصدر قائمة الجهات المسؤولة عن حالات الاختفاء القسري، حيث تم تسجيل 132 حالة وفقاً لرابطة أمهات المختطفين في اليمن، التي تشكلت من ذوي وأمهات المعتقلين لمتابعة قضايا أبنائهم.
وبمناسبة اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري، أكد المركز أن هذا اليوم يهدف إلى تذكير المجتمع الدولي بمعاناة المختفين قسرياً، بدءاً من تقييد حريتهم دون مبرر قانوني، مروراً بعدم الإفصاح عن أماكن اعتقالهم وأسباب الاعتقال، وانتهاءً بالمحاكمات والسجون السرية.
وشدد المركز الأمريكي للعدالة على أن احتجاز المواطنين دون توجيه تهم واضحة أو الإفصاح عن أماكنهم أو الشروع في إجراءات قانونية سليمة يعتبر اختطافاً خارج إطار القانون، ويحمّل الجهات المسؤولة عن هذه الانتهاكات المسؤولية الكاملة عن حياة هؤلاء الأشخاص.
وحث المركز المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته تجاه ما يحدث في اليمن، والضغط على الأطراف المتورطة للإفصاح عن مصير المختفين قسرياً والعمل على إطلاق سراحهم فوراً، كما يدعو إلى تقديم جميع المسؤولين عن هذه الجرائم إلى العدالة وضمان محاسبتهم على الانتهاكات التي ارتكبوها بحق المدنيين.
وعلى صعيد متصل، ونظرًا لخطورة ملف المختفين قسرًا وجه ميثاق العدالة من أجل اليمن وهو ائتلاف يضم مجموعة من المنظمات الحقوقية، نداءً للرعاة الدوليين لمحادثات السلام في اليمن إلى إدراج هذا الملف ضمن أولويات مفاوضات إنهاء الأزمة، ولفت الائتلاف الحقوقي في بيان بمناسبة اليوم العالمي لضحايا الاخفاء القسري إلى ضرورة تشكيل لجنة وطنية متخصصة في البحث عن هؤلاء المختفين ومعالجة أوضاعهم وأوضاع عائلاتهم ضمن أي عملية انتقالية.
وطالب مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بتشكيل لجنة دولية للتحقيق لضمان عدم ضياع الأدلة وحفظ القضايا لاستخدامها في فرص العدالة المستقبلية.
وفي بيان مشترك وقعت عليه أكثر من 50 منظمة حقوقية سلط الائتلاف الضوء على الأزمة الخطيرة لحقوق الإنسان في اليمن، وقال "ينشر تحالف ميثاق العدالة لليمن، بالتعاون مع منظمات حقوق الإنسان المختلفة، هذا البيان، في وقت تزداد فيه الأوضاع سوءًا دون تحسن ملحوظ".
ولفت الائتلاف إلى أنه وفقاً لبيانات منظمة العفو الدولية ومنظمات أخرى لعام 2023، لا يمكن تحديد عدد المختفين قسرياً في اليمن بدقة، ولكن تم تسجيل 1,168 حالة بين عام 2014 ومطلع عام 2023. وجاءت جماعة (الحوثيين) في مقدمة المسؤولين عن 596 حالة.
وأوضح الائتلاف أن الوقائع تشير إلى أن جميع الأطراف المتورطة في النزاع اليمني تشارك في جرائم الاختفاء القسري، سواء للرجال أو النساء أو الأطفال. وغالباً ما يتم تبرير هذه الأفعال تحت ستار مكافحة الإرهاب أو التصدي للخصوم، بينما هي موجهة ضد المعارضين المفترضين أو الأقليات الدينية، أو تستخدم كأداة لترهيب الأفراد.
وأشار إلى أنه في معظم الحالات، لا توجد أدلة على ارتكاب المختفين لأي مخالفات، ولكن الأطراف المتنازعة تواصل استخدام ملف المعتقلين والمختفين قسرياً كوسيلة ضغط في محادثات السلام. كما أن رفض الأطراف الكشف عن معلومات تتعلق بالمختفين يعوق جهود تبادل المحتجزين، مما يؤثر سلباً على مفاوضات السلام. لا يمكن للمفاوضات أن تحقق تقدمًا ملموسًا ما لم يتم التصدي لهذا الملف بشكل فعال.
وذكّر الائتلاف بأحدث الحوادث المتعلقة بالاختفاء القسري، حيث شنت جماعة الحوثي حملة ضد موظفي الوكالات والمنظمات الدولية والمحلية في صنعاء، واحتجزتهم بمعزل عن العالم الخارجي. ووفقًا لبيان مشترك من وكالات الأمم المتحدة، تم احتجاز 17 من موظفيها. كما أكدت هيومن رايتس ووتش أن قوات الأمن الحوثية اعتقلت أكثر من 60 شخصًا بين 31 مايو و12 يونيو، ولا يزال مصيرهم مجهولًا باستثناء حالة واحدة. ولا يزال مصير 4 نساء مجهولًا حتى الآن. تزامنت هذه الاعتقالات مع حملة إعلامية ضخمة زعمت أن المحتجزين من العاملين في المجتمع المدني كانوا جزءاً من شبكة تجسس أمريكية وإسرائيلية مزعومة، مما زاد من مخاوفهم وقلل من تعاطف المجتمع معهم.
ولفت الائتلاف إلى أن للحوثيين سجل طويل في جريمة الاختفاء القسري، حيث أكدت محكمة الاستئناف الجزائي المتخصصة في صنعاء في 28 يوليو 2024 أحكام الإعدام بحق ثلاثة مختطفين ظلوا في الاختفاء القسري لأكثر من خمس سنوات. كما يستمر الحوثيون في إخفاء البهائيين وتعذيبهم دون توجيه تهم لهم.
وبحسب تقرير حديث صادر عن رابطة أمهات المختطفين وتحالف العدالة من أجل اليمن، فإن 75% من الوفيات في السجون تشمل مختفين قسرياً حُرموا من التواصل مع عائلاتهم والحماية القانونية، كما حُرمت عائلاتهم من جثث أبنائها واضطرت لقبول وفاتهم دون إجراء فحص طبي، ويعاني 58% من المختفين من ضغوط نفسية شديدة بعد الإفراج عنهم. فيما يتجاوز تأثير الاختفاء القسري الضحايا ليشمل عائلاتهم وكل من يبحث عنهم، حيث يعانون من ألم نفسي عميق ومعاناة مستمرة. يجب العمل على إنهاء معاناة عائلات المختفين بالإفراج عنهم.
ودعا ميثاق العدالة من أجل اليمن والمنظمات الموقعة على البيان إلى اتخاذ إجراءات عملية للقضاء على جرائم الاختفاء القسري وتعزيز حماية حقوق الإنسان.
وطالبت جميع أطراف النزاع بإيقاف حالات الاختفاء القسري والاعتقالات التعسفية فوراً، وتقديم جميع أطراف النزاع معلومات فورية عن مكان الأشخاص المختفين وإطلاق سراح المحتجزين بدون تهم.
كما أوصت المنظمات الحقوقية بوجوب إنهاء جماعة الحوثي الاختفاء القسري لموظفي المنظمات الدولية والمحلية والإفراج عنهم دون قيد أو شرط.
وطالبت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً إعطاء الأولوية للتصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري وضمان تنفيذها من خلال مواءمة التشريعات الوطنية مع المعاهدات والاتفاقيات الدولية.
كما طالبت المنظمات الحقوقية الحكومة اليمنية بإنشاء هيئة تحقيق وطنية للتحقيق والبحث عن المختفين قسرياً ومعالجة أوضاعهم ودعم عائلاتهم، وتعزيز التعاون الدولي وتبادل المعلومات مع جميع الأطراف المعنية.
ودعت مجلس حقوق الإنسان لتشكيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق في انتهاكات القانون الدولي التي ارتكبها الأطراف أثناء النزاع في اليمن، بما في ذلك الأطراف غير اليمنية، وضمان معالجة قضية المختفين.
كما دعت الجهات الفاعلة الوطنية والدولية تعزيز وحماية المنظمات المحلية لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني، خاصة تلك التي تعمل تحت سيطرة الحوثيين.

شارك