بين الحرمان والقمع.. مستقبل مظلم للنساء في ظل حكم طالبان

الخميس 05/سبتمبر/2024 - 12:07 ص
طباعة بين الحرمان والقمع.. حسام الحداد
 
منذ عودتها إلى السلطة في أغسطس 2021، قامت حركة طالبان بتطبيق مجموعة من القوانين التي تعزز رؤيتها المتشددة للشريعة الإسلامية، وكان آخرها القانون الجديد للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. هذا القانون، الذي يفرض حظرًا على صوت المرأة ووجهها في الأماكن العامة، يضع قيودًا صارمة على النساء، ويعيد ذكريات القمع الذي عاشته النساء خلال فترة حكم طالبان في التسعينيات.
خلفية القانون
تعد حركة طالبان من الجماعات التي تتبنى تفسيرًا متشددًا للإسلام، حيث ترى أن تطبيق الشريعة هو السبيل لتحقيق مجتمع إسلامي حقيقي. خلال فترة حكمها الأولى من 1996 إلى 2001، فرضت طالبان قيودًا قاسية على النساء، حيث منعتهن من التعليم والعمل، وألزمتهن بارتداء البرقع في جميع الأوقات. بعد عودتها إلى الحكم في 2021، كانت هناك توقعات بأن الحركة قد تغيرت وستخفف من قيودها على النساء، إلا أن الواقع أظهر العكس. فالقانون الجديد يأتي في سياق سلسلة من التدابير التي تهدف إلى تقييد حرية النساء بشكل متزايد.
آثار القانون على المرأة والمجتمع
1. الحرمان من التعليم والعمل
منذ عودة طالبان إلى السلطة، تم منع الفتيات من مواصلة التعليم بعد المرحلة الابتدائية، كما مُنعت النساء من العمل في العديد من المجالات، مثل القضاء، الإعلام، والمنظمات غير الحكومية. القانون الجديد يزيد من هذه القيود عبر فرض حظر على ظهور المرأة وصوتها في الأماكن العامة، مما يقيد مشاركتها في الحياة العامة بشكل كامل.
2. الآثار النفسية والاجتماعية
إن تطبيق مثل هذه القيود يخلق بيئة قمعية تُشعر النساء بالعزلة والاضطهاد. يُتوقع أن تؤدي هذه الإجراءات إلى زيادة حالات الاكتئاب والاضطرابات النفسية بين النساء الأفغانيات، اللاتي يعانين بالفعل من ضغوط اجتماعية واقتصادية هائلة. كما أن منع المرأة من المشاركة في الحياة العامة يضعف النسيج الاجتماعي ويدفع إلى تطرف المجتمعات المحلية.
3. تفاقم التمييز والعنف
يمكن أن يؤدي القانون الجديد إلى زيادة التمييز ضد المرأة وتعزيز الأعراف الاجتماعية التي تبرر العنف القائم على النوع الاجتماعي. في مجتمع حيث تُعتبر المرأة غالبًا مواطنة من الدرجة الثانية، فإن مثل هذه القوانين تعزز من ثقافة الإفلات من العقاب على الانتهاكات ضد النساء.

مآلات القانون المحتملة
1. ردود الفعل الدولية
لقد نددت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بشدة بهذا القانون، واعتبرته انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان. قد تؤدي هذه الانتقادات إلى فرض عقوبات إضافية على طالبان، أو تقييد الدعم الدولي لأفغانستان، مما قد يزيد من عزلتها الدولية.
2. المقاومة الداخلية
ورغم القيود الصارمة، تظهر بوادر مقاومة من قبل النساء الأفغانيات، حيث شهدت العاصمة كابول وبعض المدن الأخرى احتجاجات نسائية محدودة ضد القوانين الجديدة. يمكن أن تتزايد هذه المقاومة مع تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ما قد يؤدي إلى زعزعة استقرار الحكومة الحالية.
3. التداعيات المستقبلية
إذا استمرت طالبان في تطبيق هذه السياسات القمعية، فإن المجتمع الأفغاني يواجه مستقبلًا قاتمًا. إن تهميش نصف المجتمع يعوق التنمية ويزيد من حدة الفقر والجهل، مما قد يؤدي إلى خلق بيئة خصبة للتطرف والإرهاب. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي استمرار هذه السياسات إلى هجرة جماعية للنساء المتعلمات والعائلات التي تسعى لتأمين حياة أفضل لأطفالها.
خاتمة
إن القانون الجديد للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أفغانستان يمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق النساء ويهدد بتقويض التقدم الهش الذي تم إحرازه في العقود الماضية. لا يمكن تحقيق الاستقرار والتنمية في أفغانستان دون احترام حقوق المرأة ومشاركتها الفاعلة في المجتمع. إن المجتمع الدولي مطالب باتخاذ موقف حازم ضد هذه الانتهاكات ودعم النساء الأفغانيات في سعيهن للحصول على حقوقهن الأساسية.

شارك