إعادة صياغة التعليم في أفغانستان: طالبان تجمع الكتب وتفرض مناهج أيديولوجية
أصدر حبيب الله آغا، القائم بأعمال وزير التعليم في حركة طالبان، توجيهات جديدة تقضي بجمع الكتب التي تعتبرها الحركة مخالفة لمعتقدات أهل السنة والفقه الحنفي من مكتبات المؤسسات التعليمية في مختلف المحافظات. وجاء هذا الأمر في إطار الجهود المستمرة لإعادة صياغة المنهج التعليمي بما يتماشى مع الإيديولوجية السائدة في الحركة.
تفاصيل قرار طالبان
في بيان نشرته وزارة التربية والتعليم في حركة طالبان، أوضحت أن حبيب الله آغا أصدر هذا الأمر خلال مؤتمر عبر الفيديو مع مسؤولي التعليم في المحافظات. يتطلب التوجيه من قادة التعليم في حركة طالبان إجراء تفتيش شامل للمكتبات في جميع المؤسسات التعليمية ومراقبتها بصرامة لضمان جمع الكتب التي تتعارض مع المبادئ الفقهية للحركة.
على الرغم من أن البيان لم يحدد بدقة نوعية الكتب التي يجب إزالتها، إلا أن التركيز يبدو على الكتب التي تتعارض مع آراء أهل السنة والفقه الحنفي. تأتي هذه الإجراءات في إطار القيود الواسعة التي فرضتها طالبان على نشر الكتب منذ استعادة السيطرة على أفغانستان، والتي شملت أيضاً جمع كتب مدرسية تتبع الفقه الجعفري ومنع تدريس هذا الفقه في جامعات باميان ودايكوندي.
التعديلات على المناهج التعليمية
منذ استعادة طالبان للسلطة، بدأت الحركة في إعادة صياغة المناهج الدراسية لتتناسب مع رؤيتها الأيديولوجية. بعد أن شكلت لجنة لمراجعة المناهج التعليمية، تسعى طالبان حالياً إلى إدخال تعديلات على مناهج المدارس الدينية الجهادية، مع التركيز على دمج "المواد الحديثة" بجانب المواد الدينية.
في لقاء مع الشيخ عبد الواحد طارق، المدير العام لمدارس طالبان الجهادية، أكد مولوي عبد الكبير، القائم بأعمال رئيس وزراء طالبان، على أهمية إدراج العلوم الحديثة في المناهج، رغم أن هذه الحركة تبدو متناقضة مع الموقف العام للحركة تجاه التعليم الحديث. يشير هذا إلى محاولة من بعض أعضاء الحركة لتقديم صورة أكثر مرونة وحداثة.
الاستراتيجية التعليمية لطالبان
تسعى طالبان من خلال هذه التعديلات إلى دمج الرواية الخاصة بها حول التاريخ والجهاد في المناهج الدراسية، مع التركيز على تعزيز القيم الأيديولوجية للحركة. المنهج الجديد سيشمل تعليم قواعد الشريعة المتعلقة بالقتل في الحرب، وتبرير العنف لتحقيق الأهداف، وتشجيع الأطفال على الجهاد. كما سيشمل شرحاً للفقر والكوارث الطبيعية باعتبارها "عقابًا إلهيًا"، مع التركيز على "مكافآت تربية الخيول أثناء الجهاد".
ردود الفعل والتداعيات
أثارت الخطط التعليمية لطالبان ردود فعل قوية من قبل نقاد ومراقبين. قال مستشار الأمن القومي السابق في أفغانستان، الدكتور رانجين دادفار سبانتا، إن طالبان تستنزف المجتمع من خلال مناهجها التي تعود بالمجتمع إلى الوراء. واعتبر أن هذه المناهج تمثل "مدرسة محرضة على الانتحار" وأن التعليم الحديث حول الإنسانية أصبح ضرورة ملحة.
تعكس التعديلات الأخيرة في المناهج التعليمية واستراتيجيات جمع الكتب في حركة طالبان محاولتها المستمرة لتعزيز سيطرتها من خلال التأثير على التعليم. رغم التصريحات بشأن إدراج المواد الحديثة، تظل التعديلات الأخرى تؤكد على تعزيز الأيديولوجية الخاصة بالحركة. تتواصل حركة طالبان في تعزيز نفوذها من خلال استراتيجيات تعليمية تهدف إلى تحقيق أهدافها طويلة الأمد، بينما تواجه انتقادات متزايدة محلياً ودولياً.