ليبيا في قلب العاصفة.. انهيار صادرات النفط وسط صراع سياسي يهدد الاقتصاد

الخميس 12/سبتمبر/2024 - 01:51 م
طباعة ليبيا في قلب العاصفة.. أميرة الشريف
 
تواجه ليبيا أزمة نفطية خانقة وسط تصاعد التوترات السياسية بين الفصائل المتنافسة، ما يهدد اقتصاد البلاد المعتمد بشكل رئيسي على صادرات النفط.
 في الوقت الذي تصاعدت فيه الخلافات حول قيادة مصرف ليبيا المركزي، تأثرت عمليات الإنتاج والتصدير بشكل كبير، مما أثار القلق داخل الأسواق الدولية وألقى بظلاله على مستقبل الاقتصاد الليبي، فقد تراجعت صادرات النفط الليبية بشكل كبير، حيث كشفت بيانات صادرة عن شركة "كبلر" أن صادرات الخام الليبية انخفضت بنسبة 81% في الأسبوع الماضي، لتصل إلى 194 ألف برميل يوميًا فقط مقارنةً بأكثر من مليون برميل يوميًا في الأسبوع الذي سبقه.
هذا التراجع الكبير في الإنتاج يهدد اقتصاد البلاد الذي يعتمد بشكل أساسي على النفط كمصدر رئيسي للدخل.
وبدأت الأزمة عندما تحركت فصائل متمركزة في غرب ليبيا للإطاحة بمحافظ مصرف ليبيا المركزي الذي شغل المنصب لفترة طويلة.
 هذا التحرك أشعل فتيل الأزمة، حيث قامت الفصائل في شرق البلاد بإعلان وقف إنتاج النفط بالكامل كرد فعل على هذه الخطوة، حيث تصاعد التوترات بين الأطراف السياسية أدى إلى شلل في قطاع النفط، وهو ما انعكس بشكل مباشر على الصادرات والإيرادات.
رغم إعلان السلطات التشريعية في ليبيا الأسبوع الماضي عن التوصل إلى اتفاق على تعيين محافظ جديد لمصرف ليبيا المركزي خلال 30 يومًا، إلا أن الأوضاع لا تزال غير مستقرة.
ويظل الغموض يكتنف المستقبل الاقتصادي للبلاد في ظل استمرار التوترات السياسية.
وفي محاولة لتهدئة الأوضاع، تدخلت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لعقد محادثات بين الفصائل المختلفة، إلا أن النتائج لم تتضح بعد.
في خضم هذا المشهد المعقد، تجد المؤسسة الوطنية للنفط نفسها في موقف حرج، على الرغم من الأزمة المتصاعدة، لم تقرر المؤسسة إعلان حالة "القوة القاهرة" على جميع عمليات التحميل في الموانئ الليبية، واختارت اتخاذ هذه الخطوة بشكل محدود على بعض الشحنات فقط. حالة "القوة القاهرة" تم إعلانها على حقل الفيل النفطي في بداية سبتمبر، وكذلك على الصادرات من حقل الشرارة في أغسطس.
وعلى الرغم من إلغاء شحنات من ميناء السدرة وعدة شحنات أخرى من خامي آمنة والبريقة، إلا أن المؤسسة سمحت لبعض الناقلات بتحميل النفط من المخزون المتاح في الموانئ، لتجنب خرق العقود وتفادي عقوبات مالية. ومع ذلك، تظل الأزمة عميقة، حيث انخفض إنتاج النفط الليبي إلى نحو 590 ألف برميل يوميًا، أي أقل من نصف المستويات المعتادة.
الوضع في ليبيا يبدو كأنه لعبة شطرنج معقدة، حيث تتداخل المصالح الاقتصادية والسياسية بشكل كبير.
وفي ظل هذه التوترات، يتابع الجميع عن كثب ما سيؤول إليه هذا الصراع، إذ أن مستقبل البلاد يعتمد إلى حد كبير على استقرار قطاع النفط، الذي لا يزال عالقاً بين مطرقة السياسة وسندان الاقتصاد.
ويبقى مستقبل ليبيا الاقتصادي والسياسي في مفترق طرق، مع استمرار الأزمة حول السيطرة على الموارد الحيوية. وبينما تسعى الأطراف الدولية والمحلية لإيجاد حلول توافقية، يظل التحدي الأكبر هو استعادة الاستقرار وضمان تدفق النفط مجددًا بمعدلاته المعتادة.
فاستقرار قطاع النفط سيكون مفتاحاً لعودة الحياة الاقتصادية إلى طبيعتها، إلا أن العقبات السياسية تظل حائلاً أمام تحقيق ذلك.

شارك