ليبيا تحت ضغط العصابات.. تفكيك شبكة إجرامية متسللة من نيجيريا

الجمعة 20/سبتمبر/2024 - 12:29 م
طباعة ليبيا تحت ضغط العصابات.. أميرة الشريف
 
في ظل الأوضاع المعقدة التي تعاني منها ليبيا، تبرز ظاهرة تسلل العصابات الإجرامية كأحد أبرز التحديات التي تواجه البلاد، حيث تعاني البلاد من الفوضى وعدم الاستقرار السياسي والأمني، مما خلق بيئة مثالية لنمو هذه الأنشطة غير القانونية، من بين تلك العصابات، تم الكشف مؤخرًا عن شبكة إجرامية متسللة من نيجيريا، وهو ما أثار قلق السلطات والمجتمع على حد سواء.
وأعلن مكتب النائب العام الليبي، برئاسة الصديق أحمد الصور، عن نجاح القوات الأمنية في تفكيك هذه الشبكة الإجرامية.
وتشير المعلومات إلى أن هذه الشبكة لم تقتصر أنشطتها على الاتجار بالبشر، بل توسعت لتشمل السحر والشعوذة، مما يعكس مدى تعقيد العمليات التي تقوم بها هذه العصابات، حيث أن هذه الأنشطة لا تُعتبر مجرد ممارسات غير قانونية، بل تُستخدم كوسائل لإخضاع المهاجرين واستغلالهم، وهو ما يضيف بعدًا جديدًا للجرائم التي تتورط فيها هذه الجماعات.
تعود تفاصيل العملية إلى رصد جهاز المخابرات الوطني لاجتماع لمجموعة من المهاجرين غير النظاميين، الذين كانوا يخططون لتنسيق أنشطة إجرامية تديرها خمس منظمات إجرامية رئيسية، منها "فايكينج العليا" و"إمسي" و"إيّي" و"الفأس الأسود" و"حركة السود الجديدة".
 وتبين من خلال التحقيقات أن هذه المنظمات تتخذ من نيجيريا مركزًا رئيسيًا لعملياتها، حيث تقوم بتسهيل الهجرة غير الشرعية وتوفير الدعم اللوجستي للعصابات الناشطة داخل الأراضي الليبية.
وتُعد العلاقات بين هذه الشبكات وعمليات السحر والشعوذة مثيرة للقلق بشكل خاص، حيث تشير التقارير إلى أن العصابات تستغل الخرافات والمعتقدات الشعبية للسيطرة على ضحاياها، مما يجعل هؤلاء الضحايا أكثر عرضة للاستغلال. 
ووفقًا لمكتب النائب العام، ارتبط 35 مهاجرًا غير شرعي بتلك الجماعات، والتي تستخدم السحر كوسيلة لتعزيز سلطتها على هؤلاء الأفراد.
وتقوم هذه العصابات بتوجيه الوافدات إلى ليبيا، حيث يجبرن على العمل في ظروف قاسية، سواء في الخدمة المنزلية أو في إدارة دور دعارة.
 هذا النوع من الاستغلال لا يمثل فقط انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، بل أيضًا يُظهر كيف يمكن للعصابات استغلال الضعف والحاجة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها المهاجرون. 
هؤلاء الأفراد غالبًا ما يكونون في وضعية عدم القدرة على الهروب أو الحصول على المساعدة، مما يعزز من هيمنة هذه العصابات عليهم، إضافة إلى ذلك، تقوم هذه العصابات بتنظيم حركة الهجرة غير الشرعية نحو دول شمال البحر المتوسط.
 هذه الأنشطة لا تؤثر فقط على ليبيا، بل تمتد تداعياتها إلى دول أخرى في شمال إفريقيا وأوروبا، حيث تواجه الحكومات تحديات متزايدة في السيطرة على تدفقات المهاجرين واللاجئين.
و يُظهر ذلك كيف أن مشكلة الهجرة غير الشرعية هي قضية معقدة تتطلب استجابة شاملة على المستوى الإقليمي والدولي.
نجاح جهاز المخابرات الليبي في القبض على المشتبه بهم، بما في ذلك قائد جماعة "فايكينج"، يمثل خطوة حاسمة في المعركة ضد هذه الظاهرة، حيث أن القبض على هؤلاء الأفراد لا يعكس فقط الجهود المبذولة لمواجهة الجريمة المنظمة، بل يشير أيضًا إلى الحاجة إلى تعزيز التنسيق بين الجهات الأمنية والقضائية. 
هذا التنسيق يعد عنصرًا أساسيًا في القدرة على التصدي لعصابات منظمة تعمل عبر الحدود، حيث يتطلب الأمر تعاونًا متزايدًا بين الدول لمواجهة هذه التحديات.
تُظهر هذه العملية أيضًا أهمية تبادل المعلومات الاستخباراتية بين الدول، حيث يمكن أن تكون المعلومات الدقيقة حول تحركات هذه الشبكات عنصرًا حاسمًا في التصدي لأنشطتها، إذ إن معرفة طرق عمل هذه العصابات وأسلوبها في التسلل والتوسع يساعد على تصميم استراتيجيات فعالة للتصدي لها.
تأتي هذه العملية أيضًا في وقت تعاني فيه ليبيا من تصاعد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، فمع تدهور الأوضاع الاقتصادية، تزداد الحاجة إلى فرص العمل والموارد، مما يفتح المجال أمام العصابات لاستغلال اليأس والحاجة إن الحاجة الملحة للبحث عن فرص أفضل تؤدي إلى انخراط العديد من الأشخاص في عمليات هجرة غير شرعية، مما يزيد من عرضة هؤلاء الأفراد للاستغلال.
علاوة على ذلك، تعاني ليبيا من عدم استقرار سياسي، مما يؤثر بشكل مباشر على قدرة الحكومة على فرض القانون والنظام.
 فغياب سلطة مركزية قوية يساهم في تفشي هذه العصابات، حيث تعمل بحرية أكبر في ظل الفوضى. لذلك، يتطلب الأمر جهودًا شاملة لتقوية المؤسسات الأمنية والقضائية في البلاد.
في إطار هذا التحدي، يتوجب على المجتمع الدولي أيضًا أن يكون له دور فعال في دعم ليبيا، كما يتضمن ذلك توفير المساعدة الفنية والتدريب للقوات الأمنية، فضلاً عن الدعم اللوجستي والمالي لمكافحة الجريمة المنظمة.
 إن تعزيز القدرات المحلية يعد جزءًا من الحل الشامل لمواجهة هذه الظاهرة، وتظل التحديات الأمنية في ليبيا قائمة، لكن الجهود المبذولة لمكافحة الجريمة المنظمة تمثل علامة إيجابية على إرادة السلطات في مواجهة هذه المشكلة.
وتهدد العصابات الإجرامية الصغيرة، المعروفة في وسائل الإعلام الوطنية باسم قُطَّاع الطرق، بشكل متزايد المنطقة الشمالية الغربية من نيجيريا، حيث تستهدف الماشية وتمارس النهب وانتزاع الفدية من المزارع والقرى الريفية.
 ولا تتردد هذه العصابات في استخدام العنف، بما في ذلك القتل، لترهيب القرويين وإجبارهم على الخضوع، وتشير التقارير إلى أن هذه العصابات الإجرامية قد تورطت منذ عام ٢٠٢٠ في أكثر من ٣٥٠ حدثاً عنيفاً وارتبطت بأكثر من ١٥٠٠ حالة وفاة.
ويري مراقبون أنه من الضروري تعزيز التنسيق بين مختلف الجهات الأمنية والقضائية والمجتمع المدني لضمان حماية المواطنين والمهاجرين على حد سواء، والتصدي لهذه الشبكات الإجرامية يتطلب استراتيجية شاملة تعكس التحديات المعقدة التي تواجهها ليبيا في هذه المرحلة الحرجة، وتعمل على تحقيق الأمن والاستقرار المستدامين في البلاد.

شارك