انتهاكات ممنهجة: كيف تعاني الهزارة من العنف والإبادة
شهدت السنوات الثلاث الماضية من حكم طالبان في أفغانستان تدهوراً حاداً في حقوق الإنسان، حيث تحولت البلاد إلى ساحة حرب ضد الحقوق الأساسية للمواطنين. عانت مجموعة الهزارة الشيعية، إحدى المجموعات العرقية في أفغانستان، من انتهاكات جسيمة وممنهجة تمثل جزءاً من معركة أوسع ضد إنسانية الفرد وحقوقه.
تتعرض مناطق الهزارة لممارسات عنيفة تتمثل في غزو البدو وتهجير السكان. وقد زادت طالبان من انعدام الأمن في هذه المناطق، حيث تكررت حوادث السلب والتدمير. تقارير من شبكة المحللين الأفغان تشير إلى أن عودة طالبان غيّرت ميزان القوى لصالح البدو الرحل، مما أدى إلى تدمير حقول ومنازل الهزارة.
وتعرض الهزارة لهجمات ممنهجة تمثل عنفاً متصاعداً، مما يبرز الكراهية المستمرة تجاههم. تُسجل حالات من العنف والإبادة التي تستهدف هذه المجموعة، بالإضافة إلى انتهاكات أخرى مثل الاعتقال التعسفي والعنف الجسدي.
وطالما عانت الثقافة الهزارية من قيود صارمة، حيث تم منع الأنشطة الثقافية مثل الموسيقى والاحتفالات. وقد دمرت أكثر من 21 ألف آلة موسيقية في العام الماضي، مما يعكس الحرب على التعبير الفني والثقافي.
أدت هذه الانتهاكات إلى تدهور الظروف المعيشية بشكل كبير، حيث يتعرض السكان لضغوط متزايدة من الممارسات القسرية والتهميش. إن الهزارة يعيشون في بيئة من الخوف والفقر نتيجة السياسات القمعية.
وفقًا لتقرير منظمة هيومن رايتس ووتش، أصدرت حركة طالبان أوامر إخلاء لنحو 400 أسرة من الهزارة في منطقة نفمش بولاية هلمند في عام 1400 ميلادي. كما تم تهجير حوالي ألف عائلة من الهزارة من قرى مختلفة في مقاطعة دايكوندي. في شهر السنبلة من نفس العام، تم تهجير حوالي 2800 عائلة من محافظتي أوروزغان ودايكوندي.
وأظهر التقرير السنوي لعام 2021 للمنظمة نفسها تصاعدًا في عمليات التهجير القسري، حيث تم اغتصاب حوالي 6000 فدان من أراضي الهزارة في ثماني قرى في مقاطعة ساربول.
في منطقة "نوفاباد" بمدينة غزنة، أصدرت حركة طالبان أوامر لسكان الهزارة بمغادرة منازلهم، معتبرة وثائق ملكيتهم غير صالحة. يقدر عدد سكان "نوفاباد" بحوالي 10 آلاف شخص، وقد اشتروا أراضيهم من أصحاب الأراضي في القرى المحيطة.
من بين الحالات الأكثر إثارة للصدمة كانت حالة قرية "كاندير". بعد مطالبات من قبائل البشتون والبدو بملكية المنطقة، حكمت محكمة طالبان على سكان القرية بدفع 30 مليون أفغاني للحصول على حقهم في العيش في أراضيهم. رغم أن الأرض تم تسجيلها كملكية للهزارة، إلا أن القرار غير العادل يعكس تمييزًا واضحًا ضدهم.
في قرية "باشتي سميدان" في ساربول، تم إجبار القرويين على دفع غرامة قدرها 36 مليون أفغاني بعد ادعاء أحد البشتون بأن القرية كانت "ملكية لوالده". هذا النوع من الممارسات يعكس التمييز المنهجي ضد الهزارة.
وتُظهر هذه الاتجاهات في حياة الهزارة في أفغانستان انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. ومن الضروري أن يكون هناك تحقيق دولي في هذه الجرائم والتأكيد على ضرورة حماية حقوق المواطنين الأفغان، خاصة الفئات المهمشة مثل الهزارة. يجب أن تكون هناك خطوات جادة لتحقيق العدالة والمساءلة عن هذه الانتهاكات، التي تشكل تهديدًا لأمن وسلامة المجتمع الأفغاني بأسره.