ليبيا على حافة الانهيار.. صراع على السلطة والموارد يعمق الأزمة وسط تدخلات دولية متزايدة
الأربعاء 25/سبتمبر/2024 - 02:12 م
طباعة
أميرة الشريف
تشهد ليبيا أزمة متفاقمة بسبب النزاعات المستمرة حول السيطرة على الموارد الحيوية، وخاصة النفط والبنك المركزي، مما أدى إلى شلل اقتصادي وانعكاسات سلبية على حياة المواطنين.
ويرتبط تفاقم هذه الأزمة بالصراع القائم بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة واللواء المتقاعد خليفة حفتر، إلى جانب التدخلات الإقليمية والدولية المتزايدة، والتي أدت إلى تعقيد الوضع بشكل أكبر.
في تقرير نُشر بصحيفة "واشنطن بوست" للكاتب إيشان ثارور، تم تسليط الضوء على أنباء حديثة من ليبيا تفيد بأن صدام حفتر، ابن خليفة حفتر، يلعب دوراً رئيسياً في تعميق الأزمة.
يسعى صدام إلى زيادة الانقسام بين الفصائل في غرب ليبيا عبر محاولاته شراء دعم قادة مليشيات مختارين.
كما أبلغ والده دبلوماسيين غربيين مؤخراً عن خطته لشن هجوم جديد بهدف السيطرة على العاصمة طرابلس، ما يعكس نوايا تصعيدية خطيرة قد تزيد من تعقيد الأوضاع.
وتشير الصحيفة إلى أن الأزمة المالية بدأت تتفاقم في أغسطسالماضي عندما قامت قوات موالية للدبيبة باعتقال مسؤولين في البنك المركزي، الأمر الذي دفع محافظ البنك المركزي، الصديق الكبير، إلى الفرار إلى تركيا.
ترتب على هذه الأحداث تعليق عمل البنك المركزي ووقف التعاملات مع أكثر من 30 مؤسسة مالية دولية، مما أدى إلى عزل ليبيا عن النظام المالي العالمي.
نتيجة لذلك، عانى المواطنون الليبيون بشكل كبير، حيث انخفضت صادرات النفط بشكل حاد، وتم فرض قيود على السحب النقدي، إلى جانب استمرار انقطاع الكهرباء، مما زاد من صعوبة الحياة اليومية في البلاد.
واستشهدت "واشنطن بوست" بمحللين يرون أن المحافظ الصديق الكبير قد أخطأ في حساباته، إذ رغم نجاحه بعد سقوط نظام القذافي في شراء ولاء خصومه والمحافظة على سلطته، إلا أن نفوذه تراجع تدريجياً.
وقد ساهم دعمه لواردات الوقود، الذي يعتبر الأرخص عالمياً في ليبيا، في تهريبه إلى الخارج، مما جلب أرباحاً طائلة. ولكن هذه الاستراتيجيات لم تعد تنقذه في المرحلة الحالية.
ويعود أصل هذه الأزمة إلى الصراع الأوسع بين الدبيبة وقوات حفتر، خاصة أن حفتر يتمتع بسيطرة كبيرة على موارد النفط في شرق ليبيا، وبدعم من روسيا والإمارات.
وتعمقت الأزمة منذ فشل محاولة حفتر السابقة للسيطرة على طرابلس خلال الحرب الأهلية.
ويخلص التقرير إلى أن الفوضى الحالية في ليبيا تعكس الصراع المستمر وتداعياته الاقتصادية الخطيرة. في ظل انشغال المجتمع الدولي بأزمات عالمية مثل الحرب الروسية الأوكرانية والتوترات في غزة، يتزايد الاحتياج إلى تدخل دبلوماسي عاجل لإيجاد حل لهذا الصراع المتأزم، حيث أن تجاهل الأزمة الليبية قد يؤدي إلى عواقب خطيرة على المستويين المحلي والدولي.
وتبدو ليبيا بالفعل على حافة الانهيار، حيث يزداد الصراع على السلطة والموارد الحيوية اشتعالاً يوماً بعد يوم. ومع تداخل المصالح الإقليمية والدولية وتفاقم التدخلات الخارجية، يتعمق الانقسام السياسي والاقتصادي، مما يضع البلاد أمام مستقبل غامض مليء بالتحديات.
يبقى المواطن الليبي هو الضحية الأكبر في هذه الفوضى المستمرة، حيث تتدهور الأوضاع المعيشية مع استمرار النزاع وانهيار المؤسسات.
في ظل هذه الظروف الصعبة، يبقى الحل الدبلوماسي الشامل والفعّال هو الأمل الوحيد لإنقاذ ليبيا من هذا المصير المحتوم، ولإعادة بناء دولة تتطلع إلى السلام والاستقرار بعد سنوات من الأزمات.