السودان.. صراع مسلح يتفاقم مع تهديدات الإرهاب وارتفاع أعداد اللاجئين في المنطقة

الخميس 03/أكتوبر/2024 - 10:27 ص
طباعة السودان.. صراع مسلح أميرة الشريف
 
تعيش السودان اليوم أوقاتاً عصيبة في ظل الصراع المستمر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية بشكل كارثي. 
وفي خضم هذا النزاع، تواجه البلاد تحديات متعددة تتداخل مع مسألة الإرهاب والأزمات الإقليمية، مما يجعل من الصعب تحقيق الاستقرار والسلام.
في الأوقات الراهنة، تعود الأمم المتحدة لتجدد تحذيراتها بشأن الأوضاع الإنسانية، حيث تشير التقارير إلى أن السودان أصبح من بين الدول الأربعة الأكثر تأثراً بسوء التغذية الحاد.
 ويعاني نحو 3.4 ملايين طفل دون سن الخامسة من خطر الإصابة بالأمراض الوبائية، في ظل انتشار الأمراض مثل الكوليرا والملاريا والحصبة، حيث يضاعف ارتفاع معدلات سوء التغذية وتفشي الأمراض من المعاناة الإنسانية ويزيد من عمق الأزمة.
تأتي هذه الكارثة في وقت يتسارع فيه الصراع المسلح في العاصمة الخرطوم، حيث تسعى كل من القوات المسلحة وقوات الدعم السريع للسيطرة على المدينة.
وأصبحت المناطق القريبة من مركز الخرطوم، مثل منطقة المُقرن، بؤر توتر حيث تتركز المعارك العنيفة، بينما يعاني السكان من تداعيات الصراع، فاستمرار القتال يعيق وصول المساعدات الإنسانية ويزيد من عدد النازحين، الذين قدر عددهم بنحو 10.9 ملايين شخص، منهم 8.1 ملايين نزحوا منذ بداية النزاع في أبريل 2023.
وتؤكد الأرقام الصادرة عن المنظمات الإنسانية أن ما يقرب من 70-80% من المرافق الصحية في المناطق الأكثر تأثراً بالنزاع، مثل كردفان ودارفور، قد أغلقت أو تعمل بكفاءة محدودة.
ويزيد هذا التدهور في الخدمات الصحية من مخاطر الأوبئة، ويعقد من جهود تقديم المساعدة للمدنيين الذين يعيشون في ظروف قاسية، حيث قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان (أوشا)، إن السودان يعد الآن من بين البلدان الأربعة الأولى في العالم التي تعاني أعلى معدلات انتشار سوء التغذية الحاد العالمي، مع تفشي لأمراض متعددة بما في ذلك الكوليرا والملاريا وحمى الضنك والحصبة والحصبة الألمانية، ولفت إلى أن حوالي 3.4 ملايين طفل دون سن الخامسة معرضون بشدة لخطر الإصابة بالأمراض الوبائية، وحذرت (أوشا) من أن تدهور الوضع الغذائي في السودان يعرض الأطفال لخطر أكبر.
الأزمة في السودان ليست مجرد أزمة داخلية، بل تتداخل مع القضايا الأمنية والإرهابية في المنطقة، فقد استغل بعض الجماعات الإرهابية الفوضى والانهيار الأمني لزيادة نفوذها، حيث يمكن أن يؤدي ضعف الدولة وتفكك السلطة إلى ظهور بؤر جديدة للتطرف، مما يشكل تهديداً ليس فقط للسودان، بل لدول الجوار أيضاً. 
ويعكس تنامي النشاط الإرهابي في منطقة القرن الإفريقي الحاجة الملحة للتعاون الإقليمي والدولي في مكافحة الإرهاب.
من جهة أخرى، يشكل النزاع الدائر في السودان تحدياً للمجتمع الدولي، حيث يتطلب الأمر تنسيق الجهود من أجل تقديم المساعدات الإنسانية وضمان حماية المدنيين، وتؤكد الأزمات المتعددة في المنطقة، بدءًا من الصراع في إثيوبيا وصولاً إلى الأوضاع المضطربة في ليبيا، على أهمية الحلول الشاملة التي تأخذ بعين الاعتبار العوامل الجذرية للأزمات، بما في ذلك الفقر والجهل، التي يمكن أن تؤدي إلى انعدام الأمن واستفحال الإرهاب.
ومع تصاعد وتيرة الصراع، تواجه الحكومة الانتقالية صعوبات كبيرة في السيطرة على الأوضاع، حيث تُركت مناطق واسعة من البلاد دون إدارة فعالة، مما يسمح للجماعات المسلحة والجرائم المنظمة بالتفشي.
كما تعد الأوضاع الإنسانية المتدهورة في السودان بمثابة تحذير من العواقب الوخيمة التي يمكن أن تترتب على النزاعات المستمرة، حيث أن تداعيات الصراع لا تقتصر فقط على المدنيين الذين يعانون من فقدان المنازل والموارد، بل تمتد إلى تفشي الأوبئة، وزيادة أعداد النازحين، وظهور بؤر جديدة للتطرف.
ويحاول الجيش السوداني من خلال عملية هجومية كبيرة التوغل إلى داخل مدينة الخرطوم، بينما تتصدى قوات الدعم السريع لإعاقة أي تقدم للجيش يمكن أن يفقدها السيطرة على المواقع الاستراتيجية وسط الخرطوم بما في ذلك القصر الجمهوري ومقار الحكومة الاتحادية.
فالأمل في تحقيق السلام والاستقرار يتطلب العمل الجماعي من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الدول المجاورة والمجتمع الدولي، لضمان توفير المساعدات اللازمة وتجنب تفاقم الأوضاع.
و يمثل الوضع في السودان تجسيدًا للتحديات المعقدة التي تواجهها المنطقة، حيث تتداخل الأزمات الإنسانية والأمنية بشكل يهدد الاستقرار الإقليمي، حيث أن التحديات الراهنة تتطلب تضافر الجهود الدولية والمحلية، وبناء استراتيجيات شاملة تهدف إلى تحقيق السلام والازدهار للشعب السوداني وجميع شعوب المنطقة.

شارك