توترات أمنية في الزنتان بعد اعتقال العتيري وسط مفاوضات قبلية وتدخلات حكومية

الخميس 10/أكتوبر/2024 - 07:39 ص
طباعة توترات أمنية في الزنتان أميرة الشريف
 
شهدت مدينة الزنتان الليبية توتراً أمنياً ملحوظاً بعد توقيف العجمي العتيري، قائد "كتيبة أبو بكر الصديق"، وهو المسؤول السابق عن تأمين سيف الإسلام القذافي، نجل العقيد الراحل معمر القذافي، خلال فترة احتجازه في المدينة.
وتم توقيف العتيري أثناء محاولته السفر إلى تونس، مما أثار تساؤلات حول مصيره الذي ظل مجهولاً لفترة قصيرة، إلا أن مصادر مقربة من العتيري أفادت لاحقاً بأنه في استضافة أعيان مدينة نالوت، حيث يُجرى حالياً حوار قبلي بين ممثلي نالوت والزنتان في محاولة لضمان عودته إلى منزله بأمان.
وكانت ردود الفعل المحلية على توقيف العتيري قوية، خصوصاً من "المجلس الأعلى لثوار الزنتان"، الذي أصدر بياناً يدين فيه اعتقاله من قبل جهاز الأمن الداخلي، واصفاً الإجراء بأنه "تعسفي وعنصري". 
المجلس طالب بالإفراج الفوري عن العتيري، محذراً من أن تلك الإجراءات قد تؤدي إلى توترات أمنية خطيرة في المنطقة. من جانبها، أعلنت "كتيبة أبو بكر الصديق"، التي يتولى العتيري قيادتها، حالة النفير العام، ووجهت دعوة لكل أفرادها وشباب الزنتان والقبائل المحيطة للاستعداد لمواجهة أي تطورات عسكرية أو أمنية قد تنجم عن توقيفه.
وفي خطوة احتجاجية على توقيف العتيري، قام عدد من أهالي الزنتان بإغلاق الطريق الحيوي الذي يربط بين مدينتي نالوت وطرابلس، ما زاد من تعقيد الوضع الأمني. 
في ذات الوقت، طالب وكيل وزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، عبد السلام الزوبي، بتسليم العتيري وإرساله إلى العاصمة طرابلس، مشيراً إلى أن أي محاولة لعرقلة عملية التسليم من قِبَل قوات محلية في الزنتان سيتم التعامل معها بحزم.
وتم تكليف اللواء امحمد قوجيل، رئيس أركان القوات الجوية بالمنطقة الغربية، بالإشراف على عملية التسليم وضمان عدم تصاعد التوترات بين الأطراف المختلفة.
وعلى الرغم من هذه التطورات الأمنية المتوترة، لم تغب القضايا الاقتصادية والاستراتيجية عن المشهد في العاصمة طرابلس.
 فرحات بن قدارة، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، عقد اجتماعاً مع السفير البريطاني مارتن لونغدن، حيث تم مناقشة عدد من المواضيع المتعلقة بتعزيز التعاون المشترك في مجالات النفط والغاز والطاقات المتجددة، حيث ركز الاجتماع على تطوير الإنتاج وزيادة الكفاءة التشغيلية في الحقول النفطية الليبية، مع التأكيد على أهمية تعزيز معايير الشفافية والحوكمة الجيدة في هذا القطاع الحساس. كما تم بحث استراتيجيات تهدف إلى تحقيق استقلالية تامة في قطاع النفط الليبي، الذي يُعَد ركيزة أساسية لاقتصاد البلاد.
ولم يقتصر التعاون الدولي على الجانب البريطاني، حيث عقد بن قدارة أيضاً اجتماعاً آخر مع نيكولا أورلاندو، رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في ليبيا، حيث تمحور النقاش حول السياسات البيئية وحماية المناخ.
 الاجتماع تناول خطط المؤسسة الوطنية للنفط للحد من انبعاثات غاز الميثان، والعمل على تعزيز مساهمة القطاع الخاص في هذه الجهود البيئية.
 وقد طرح الطرفان عدداً من المقترحات التي تهدف إلى إطلاق مشاريع استراتيجية طموحة من شأنها تحقيق نقلة نوعية في قطاع الطاقة، وزيادة الإنتاج المحلي بما يتماشى مع المعايير الدولية للبيئة.
من جهة أخرى، وفي مدينة بنغازي، شهد الاجتماع السنوي لمكونات وزارة الداخلية بحكومة "الاستقرار" حضور الفريق صدام حفتر، رئيس أركان القوات البرية بالجيش الوطني الليبي. حفتر أشاد خلال الاجتماع بالجهود التي تبذلها الأجهزة الأمنية في التعاون مع الجيش لمواجهة التحديات الأمنية التي تواجه البلاد. 
كما أكد دعمه الكامل لهذه الأجهزة في مساعيها لتطوير قدراتها وزيادة فعاليتها.
وأشار حفتر إلى أن القيادة العامة للجيش، بقيادة المشير خليفة حفتر، تعمل على توفير أحدث الإمكانات التقنية واللوجستية للأجهزة الأمنية لضمان تنفيذ المهام الموكلة إليها بشكل دقيق وفعّال.
 التوترات الأمنية التي شهدتها الزنتان بعد اعتقال العتيري تعكس مدى تعقيد المشهد الليبي، حيث لا تزال القبائل والقوى العسكرية المحلية تلعب دوراً محورياً في تحديد مسار الأحداث.
 ومع استمرار التفاوض القبلي لإيجاد حل لقضية العتيري، تبقى الأوضاع في البلاد على صفيح ساخن، وفي الوقت نفسه، يستمر التعاون الدولي على المستويات الاقتصادية والبيئية في محاولة لدفع عجلة التنمية والاستقرار في ليبيا، مما يبرز مدى التناقض بين الاحتياجات الأمنية الملحة والمشاريع الاقتصادية التي تأمل البلاد في تحقيقها. 
ومع تصاعد الجهود لتعزيز الأمن، تظل ليبيا في حاجة إلى حلول شاملة تعالج الجوانب السياسية والاقتصادية معاً لضمان استقرار مستدام في المستقبل.

شارك