تصعيد جديد.. تركيا تقصف أهدافًا لحزب العمال الكردستاني في أعقاب هجوم أنقرة

الخميس 24/أكتوبر/2024 - 08:59 ص
طباعة تصعيد جديد.. تركيا أميرة الشريف
 

أعلنت وزارة الدفاع التركية أنها شنت هجمات جوية على أهداف تابعة لحزب العمال الكردستاني المحظور في شمال العراق وشمال سوريا. 

وجاءت هذه الضربات العسكرية بعد هجوم دامٍ على مقر شركة الصناعات الجوية والفضائية التركية "توساش" في العاصمة أنقرة، وهو الهجوم الذي أدى إلى سقوط ضحايا وإصابات عديدة.

 يأتي هذا التطور في سياق التصعيد المستمر بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره تركيا تهديدًا كبيرًا لأمنها القومي.

وفي بيانها، أشارت وزارة الدفاع التركية إلى أن العمليات الجوية تمت بموجب "حق الدفاع عن النفس" وفقًا للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، مؤكدة أن الهجمات كانت موجهة بدقة واستهدفت 32 موقعًا إرهابيًا بنجاح. 

وتابعت الوزارة بأن هذه العمليات لن تتوقف حتى يتم القضاء على كافة التهديدات التي يمثلها حزب العمال الكردستاني في هذه المناطق.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لم يتأخر في التعليق على هذه التطورات، حيث أكد في منشور له عبر منصة "إكس" أن تركيا لن تسمح لأي كيان أو تنظيم إرهابي بتهديد أمنها أو تحقيق أهدافه. 

وأضاف أردوغان أن الهجوم الذي استهدف "توساش" هو "هجوم دنيء" يستهدف بقاء تركيا وسلامتها، مشددًا على أن تركيا سترد بقوة على أي محاولات لزعزعة استقرارها.

الهجوم الذي وقع على شركة "توساش" أدى إلى مقتل خمسة أشخاص وإصابة 22 آخرين، بينهم مصابون في حالة حرجة. 

وأكد وزير الداخلية علي يرلي قايا أن المهاجمين الاثنين تم تحييدهما في موقع الحادث، وأوضح أن التحقيقات الأولية تشير بقوة إلى أن حزب العمال الكردستاني هو المسؤول عن تنفيذ الهجوم.

 ووفقًا ليَرلي قايا، فإن الأسلوب المستخدم في العملية يشير إلى تورط الحزب، وسيتم الإعلان عن المزيد من التفاصيل بعد الانتهاء من تحديد هويات المنفذين والتأكد من الأدلة الأخرى.

وتعتبر شركة "توساش"، التي كانت هدف الهجوم، من الشركات الرائدة في مجال الصناعات الدفاعية في تركيا. وتلعب دورًا حيويًا في تطوير الصناعات الجوية والعسكرية للبلاد، إذ تنتج الطائرة المقاتلة "قآن"، وهي أول طائرة مقاتلة تصنع بالكامل في تركيا. 

كما تعتبر "توساش" إحدى ركائز البرنامج التركي لتحقيق الاكتفاء الذاتي في المجال الدفاعي، وهو ما يعزز مكانتها كهدف استراتيجي لأي هجوم يستهدف تقويض قدرات تركيا العسكرية.

وتعكس العملية التي استهدفت مقر "توساش" مدى حساسية المرحلة التي تمر بها تركيا في الوقت الحالي. فالاستثمارات الكبيرة التي وضعتها الحكومة التركية في تطوير صناعاتها الدفاعية تمثل جزءًا مهمًا من رؤيتها لتعزيز استقلاليتها في المجال العسكري، ولذلك، فإن استهداف هذه الشركات يُعد محاولة لعرقلة هذا التقدم والإضرار بقدرات البلاد الدفاعية.

وقد بدأت تركيا منذ سنوات في تعزيز قدراتها العسكرية من خلال تطوير مجموعة متنوعة من الأسلحة والمعدات العسكرية محليًا. 

ومن بين هذه المشاريع الطائرة المقاتلة "قآن"، التي تمثل رمزًا لجهود تركيا في تحقيق استقلاليتها في المجال العسكري. وبالتالي، فإن الهجوم على "توساش" يُعد أكثر من مجرد ضربة موجهة لشركة دفاعية؛ إنه هجوم على مستقبل الصناعات العسكرية التركية ككل.

وبالنظر إلى طبيعة الرد التركي، يمكن القول إن أنقرة مصممة على مواصلة عملياتها العسكرية في شمال العراق وشمال سوريا من أجل القضاء على التهديدات التي يشكلها حزب العمال الكردستاني. 

وتأتي هذه العمليات الجوية في وقت حساس بالنسبة لتركيا، خاصة مع اقتراب الانتخابات المحلية وارتفاع التوترات الإقليمية. القيادة التركية تسعى من خلال هذه العمليات إلى إرسال رسالة قوية للداخل والخارج بأن أمن البلاد خط أحمر لا يمكن التهاون فيه.

ولم يترك الرئيس أردوغان، في تصريحاته بعد الهجوم، مجالًا للشك في عزم الحكومة التركية على مواصلة حملتها العسكرية، حيث تحمل تصريحاته التي أشار فيها إلى أن "اليد التي تمتد إلى تركيا ستُكسر بكل تأكيد" دلالة واضحة على مدى تصميم القيادة التركية على عدم السماح لأي جهة بإضعاف البلاد أو تعطيل مسيرتها في تعزيز قدراتها الدفاعية.

وفي ظل هذه التطورات، يبقى الصراع بين تركيا وحزب العمال الكردستاني مفتوحًا على جميع الاحتمالات. فالعمليات العسكرية التي تنفذها أنقرة ضد مواقع الحزب في العراق وسوريا لا يبدو أنها ستتوقف في المستقبل القريب.

 وبالمقابل، فإن حزب العمال الكردستاني، رغم تعرضه لخسائر كبيرة، يظل قادرًا على تنفيذ هجمات معقدة تستهدف مصالح حيوية داخل تركيا.

وتؤكد تركيا على أن أمنها القومي لن يكون عرضة للمساومة، وأنها مستعدة لاتخاذ كافة الإجراءات الضرورية لحماية مصالحها. 

في المقابل، يظل السؤال مطروحًا حول مدى قدرة الأطراف الدولية على التوسط في هذه الأزمة المعقدة، خاصة في ظل تشابك المصالح الإقليمية والدولية في العراق وسوريا.

و تعكس هذه الأحداث مدى تعقيد الوضع الأمني في المنطقة، حيث أن الصراع بين تركيا وحزب العمال الكردستاني يُظهر أنه لا يزال هناك طريق طويل لتحقيق الاستقرار، حيث أن تركيا مستمرة في عملياتها العسكرية دفاعًا عن أمنها، بينما يسعى حزب العمال الكردستاني إلى استهداف مصالحها الحيوية.

شارك