المرتزقة في أفريقيا: خطر متزايد على أمن القارة
تعتبر جهود الاتحاد الأفريقي لمكافحة ظاهرة الارتزاق خطوة إيجابية، إلا أن نجاحها يعتمد على إنشاء لجنة إشراف قوية وتحديد خطوط إبلاغ واضحة.
ويُعزى هذا المشروع إلى عودة استخدام المرتزقة بشكل متزايد في القارة الأفريقية، حيث تعتمد العديد من الدول على هؤلاء الجنود المأجورين لمواجهة التهديدات الأمنية الداخلية مثل التطرف العنيف.
خلفية تاريخية
تاريخياً، استخدمت أفريقيا المرتزقة في شكل مجموعات صغيرة مُكلفة بمهام محددة، لكن الأعداد زادت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة. وفقًا لتقارير أممية، تُظهر أن ليبيا وحدها تستضيف حوالي 20,000 مرتزق أجنبي، بينما تدعم جمهورية إفريقيا الوسطى القوات المسلحة بحوالي 2000 جندي مستأجر، فيما توجد أعداد مماثلة في دول مثل مالي وموزمبيق والسودان.
التحديات الراهنة
تشير زيادة الاعتماد على المرتزقة إلى الفشل في معالجة الأزمات الأمنية من قبل المنظمات الإقليمية، حيث أُعطي دور متزايد للمقاولين العسكريين. وقد أدت الحوادث الأخيرة، مثل قتل المدنيين في مالي، إلى إثارة قلق واسع حول انتهاكات حقوق الإنسان.
وقد أدى عجز المنظمات الإقليمية عن التعامل مع الأزمات الأمنية، والقيود التي تواجه آليات مثل قوة الاحتياطي الأفريقية، إلى الاعتماد المتزايد على المقاولين العسكريين من القطاع الخاص. وتتراوح وظائفهم من تدريب القوات وتقديم المشورة في بوركينا فاسو والنيجر إلى المشاركة القتالية المباشرة في مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى، حيث يتم استخدام مجموعة فاغنر الروسية ــ التي أصبحت الآن فيلق أفريقيا ــ بشكل علني.
يؤكد مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي على الحاجة الملحة لتحديث اتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية لعام 1977، التي تتعامل مع قضية الارتزاق. تمثل المراجعة الجارية خطوة هامة لمعالجة المخاطر المرتبطة بنشاطات المرتزقة، التي غالبًا ما تُعتبر ظاهرة مستوردة.
مسودة الاتفاقية
تشمل المراجعة صياغة مسودة اتفاقية مكونة من 40 مادة، تهدف إلى تعزيز الرقابة على أنشطة المرتزقة وتوسيع تعريفاتهم. كما تُعتبر أهمية اللجنة الإشرافية جزءاً أساسياً من هذه المسودة، حيث ينبغي أن تشارك منظمات المجتمع المدني في مراقبة الأنشطة، وفقا لمركز الدراسات الأمنية "ISS"
أهمية حقوق الإنسان
يجب على اللجنة المراجعة النظر في كيفية معالجة انتهاكات حقوق الإنسان من قبل المرتزقة. يُنصح بإحالة هذه الانتهاكات إلى هياكل قضائية قائمة مثل المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان لضمان المساءلة.
تُشكل المراجعة الجارية خطوة هامة في جهود الاتحاد الأفريقي لمكافحة الارتزاق، لكن نجاحها يعتمد على وجود لجنة إشراف فعّالة، وضمان إدراج حقوق الإنسان ضمن الأولويات الأساسية. من المهم أن تظل مسألة الارتزاق تحت إشراف مجلس السلم والأمن، لضمان معالجتها بجدية على أعلى مستويات صنع القرار.