منظمة حقوقية توثق 10156 انتهاكا حوثيًا بحق النساء في 17 محافظة يمنية

الأحد 27/أكتوبر/2024 - 11:48 ص
طباعة منظمة حقوقية توثق فاطمة عبدالغني
 
لا تزال النساء اليمنيات في مناطق سيطرة الحوثيين يعانين من أوضاع مأساوية كبيرة، منذ انقلاب الميليشيات الموالية لإيران على السلطة الشرعية في اليمن في أواخر سبتمر 2014، ورصدت تقارير اعلامية وحقوقية محلية ودولية آلاف الجرائم والانتهاكات الوحشية التي اقترفتها أيادي الميليشيات الدموية بحق اليمنيات في مناطق سيطرتها.
وأشارت التقارير إلى تنوع الانتهاكات والجرائم الحوثية بحق نساء اليمن ما بين الاعتداء الجسدي، وحملات الاختطاف والاعتقال القسري، والابتزاز والترويع، وغيرها من الانتهاكات الأخرى التي طالت آلاف اليمنيات في العاصمة صنعاء ومدن أخرى واقعة تحت سلطة الانقلابيين الحوثيين.
وأمام كل تلك الانتهاكات والجرائم المرتكبة بحق النساء والتي لا تسقط بالتقادم وقفت (الشبكة اليمنية للحقوق والحريات) بمسؤولية حيث قامت عبر فريق الرصد الميداني وكذلك شركائها من المنظمات المحلية التي تغطيها جميع المحافظات اليمنية بتتبع تلك الانتهاكات ورصدها وتوثيقها طيلة الفترة الماضية وتسعى الآن عبر هذا التقرير الحقوقي النوعي الذي يغطي الفترة من (21 سبتمبر 2016م –1مارس 2024م) إلى كشفها للرأي العام المحلي والعالمي وتشكيل المزيد من الضغوطات التي من شأنها الحد من هذه الانتهاكات وإيصال مرتكبيها إلى العدالة لينالوا الجزاء الرادع سواء أمام القضاء المحلي أو الدولي.
ووثق فريق الشبكة اليمنية للحقوق والحريات (10156) انتهاكا ارتكبتها مليشيات الحوثي في اليمن بحق النساء خلال الفترة من 21 سبتمبر 2016م –1مارس 2024م موزعة على (17) محافظة يمنية هي (الحديدة، الضالع، تعز، حجة، ذمار، لحج، مارب، ريمة، شبوة، إب، أبين، أمانة العاصمة، البيضاء، الجوف، صعدة، صنعاء، عدن، عمران).
وتنوعت الانتهاكات بين (2786) حالة قتل نساء، و(4369) حالة إصابة نساء، جراء القصف المدفعي وانفجار الألغام والعبوات الناسفة، وكذلك أعمال القنص والإطلاق العشوائي للرصاص الحي الحوثية بالإضافة إلى (447) حالة اختطاف واختفاء وتعذيب بحق النساء.
وتصدرت محافظة تعز القائمة بــ (1802) حالة قتل ثم محافظة الحديدة بــ (419) حالة قتل نساء، تليها محافظة عدن بــ(158) حالة قتل نساء، ثم محافظة لحج و(142) حالة قتل نساء، بقصف ميليشيا الحوثي تليها محافظة مأرب(141) حالة قتل نساء، ومثلها محافظة الجوف (114) حالة قتل نساء.
فيما توزع بقية الحالات في محافظة الضالع وأبين والبيضاء وإب، أمانة العاصمة، المحويت، ذمار، ريمة، شبوة، صعدة، صنعاء، عمران.
وتحقق فريق الشبكة اليمنية للحقوق والحريات من مقتل (1274) امرأة يمنية جراء انفجار الألغام التي زرعتها جماعة الحوثي في الشوارع والطرقات العامة وداخل الأحياء السكنية والمزارع وأماكن الرعي والأسواق العامة
كما سجل فريق الشبكة اليمنية للحقوق والحريات عدد (46) حالة قتل تعرضن لها نساء يمنيات على يد ميليشيا الانقلاب الحوثية في (9) محافظات يمنية بحوادث أخرى تنوعت بين عمليات طعن ودهس بالأطقم أو ضرب بالأيدي أو تسبب بوفاة.
الى ذالك تحقق الفريق الميداني للشبكة من إصابة (4369) امرأة يمنية جراء أعمال القصف الممنهج الذي شنته مليشيات الحوثي خلال السنوات التسع الماضية على الأحياء والأسواق الشعبية واماكن التجمعات العامة في (17) محافظة يمنية مستخدمة الصواريخ البالستية والكاتيوشا ومدافع الهاون والدبابات وعربات  الـ(BMB) وراجمات قذائف (B10) بالإضافة إلى مختلف أنوع الرشاشات الثقيلة ومضادات الطيران التي اخترقت جدران الالف من المنازل الأهلة بالسكان ووصلت إلى المطابخ وداخل غرف النوم والبعض منهن ظلت تطارد النساء إلى كل مكان يذهبن إليه حتى الأماكن المخصصة للاحتطاب وجلب المياه في الوديان وأعالي قمم الجبال.
كذلك تمكن الفريق من الوصول إلى بيانات (1234) امرأة يمنية وقعن ضحايا الألغام والعبوات الناسفة التي زرعتها مليشيات الحوثي في مختلف المحافظات اليمنية وأصبن بجروح خطيرة أفقدت عدد منهن بعض أو كل أطرافهن العلوية والسفلية وخرجن منها بإعاقات دائمة أو جزئية بينها (475) حالة إصابة بإعاقات دائمة.
ثبت لفريق الشبكة اليمنية للحقوق والحريات بالدليل القاطع تورط جماعة الحوثي المسلحة في اختطاف واحتجاز حرية (447) امرأة، وطبقا للبيانات والمعلومات التي تحصل عليها الفريق فإن عدد (69) امرأة ممن اختطفتهن ميليشيات الحوثي تم اقتيادهن إلى سجون سرية وتعرضن للاختفاء القسري.
كما تأكد للفريق ممارسة مليشيات الحوثي كل أشكال التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة مع عدد (78) امرأة يمنية من المحتجزات في سجونها السرية والمعلنة والتي وصلت حد توجيه تهم ملفقة تمس شرفهن فضلا عن المتاجرة بأعراضهن.
ووفقًا لتقرير الشبكة اليمنية للحقوق والحريات تساوت "المرأة" و"الرجل" في الانتهاكات والمعاناة التي خلفتها الحرب الدائرة على مدى خمس سنوات مضت حتى اللحظة، بينما فشلت كل المساعي المحلية والدولية الرامية لتحقيق شيء من تلك المساواة بين الجنسين على صعيد الحقوق السياسية والاقتصادية خلال عقود من الزمن.
وطبقا لكل المؤشرات ومعطيات الواقع فإن المرأة اليمنية المصنفة ضمن الفئات الضعيفة والأضعف وفقا للقانون الدولي الإنساني كانت ولازالت هي الأكثر تضررا من الحرب القائمة التي تخطت كافة القوانين والمعاهدات والاتفاقيات والمواثيق الدولية وتجاهلت أيضا الأعراف والتقاليد المجتمعية التي تعتبر حتى فترة قريبة المساس بحرية وكرامة المرأة والزج بها في النزاع المسلح "عيبا أسود" وخط أحمر لا يمكن تجاوزه بأي شكل من الأشكال.
وبالتالي فإن نساء اليمن لم يتصدرن كشوفات القتلى والجرحى جراء أعمال القصف والقنص والألغام أو النازحين والمهجرين قسرا جراء الحرب كما هو متعارف عليه في ظل هكذا ظروف بل تصدرن أيضا كشوفات المختطفين والمخفيين قسرا والمعذبين وأنشأت سجون خاصة بهن والبعض منهن فقدن أبائهن وأبنائهن وبعولتهن وأخريات خسرن وظائفهن ودفعتهن ظروف الحياة القاسية إلى مزاولة أعمال تفوق قدراتهن وطاقتهن وتخدش حيائهن على غرار ما حدث مع المجندات قسرا ضمن ما تسمى بـ(كتائب الزينبيات) الجناح العسكري النسائي لجماعة الحوثي المسلحة.
ولم تسلم نساء اليمن من ويلات وآثار الحرب الظالمة التي شردت مئات الآلاف منهن داخل مخيمات نزوح تفتقر لأبسط مقومات الحياة الأساسية من مأوى وغذاء وماء وكساء، وأحرمت الكثير منهن فرحة اللقاء بباقي أفراد عائلاتهن المشردين داخل وخارج البلاد أو القابعين داخل سجون الميليشيات.
إلى ذلك انعكست آثار الحرب في اليمن على النساء الحوامل والطاعنات في السن سيما المصابات بأمراض مزمنة كالسرطان والفشل الكلوي والسكري أو الأوبئة المنتشرة مثل "الكوليرا" و"حمى الضنك" واللاتي كانت فرص نجاتهن من تلك الأمراض والأوبئة ضئيلة للغاية بسبب تدني مستوى الخدمات الطبية أو غيابها كليا أو انعدام أصناف معينة من العقاقير التي تحتاج إلى طريقة تخزين معينة يصعب تحقيقها، فضلا عن صعوبة الوصول إلى المرافق الصحية البعيدة في ظل الحصار المفروض على بعض المناطق والمدن.
ويبدوا الأمر أكثر قسوة ووحشية في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي حيث غادر غالبية المناوئين للجماعة من الذكور هروبا من بطش ميليشياتها وظلت النساء وحيدات في مواجهة مفتوحة مع تلك الميليشيات المتجردة من كل القيم الأخلاقية والمعاني الإنسانية والمتشبعة بثقافة الموت والكراهية والانتقام مثلما هو حاصل في العاصمة المحتلة صنعاء ومحافظات (ذمار، إب، عمران، الحديدة ...الخ).
وينطبق الأمر ذاته على المحافظات المحررة التي لا زالت ترضخ تحت وطأة قصف وحصار الميليشيات الانقلابية، حيث تجد المرأة نفسها مضطرة للمجازفة بحياتها كل يوم وتجاوز نقاط التفتيش الحوثية لجلب احتياجات أسرها الضرورية وتحمل كل أنواع المضايقات وممارسات العنف والإذلال المهينة، فضلا عن تعرضهن لأعمال القتل والإصابة اليومية جراء القذائف المتساقطة على تلك المناطق والمحافظات بشكل شبه يومي أو رصاص القناصة التي وصلت إلى المطابخ وغرف النوم كما هو حاصل في مدينة تعز المحاصرة للعام الرابع على التوالي.
ولم يقتصر الأمر على نساء اليمن فقط وإنما هناك نساء من جنسيات أخرى معظمهن يعملن ضمن طواقم طبية وإغاثية تابعة لمنظمات دولية عاملة في اليمن تعرضن لانتهاكات تنوعت بين الاختطاف والقتل والإصابة والإتجار بالبشر وتم تحرير البعض منهن عبر وساطة عمانية مقابل مبالغ مالية كبيرة لصالح جماعة الحوثي الانقلابية.
وبناء علي ما سبق رصده وتوثيقه وتوضيحه من انتهاكات وجرائم بحق الانسانية طالبت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، بفتح تحقيق شفاف وعاجل في كل قضايا الانتهاكات لحقوق الانسان ومحاسبة كل المتورطين من قيادات مليشيات الحوثي الذين ارتبطة اسمائهم بالانتهاكات الجسمية وفقا للمواثيق والاتفاقيات الدولية وقواعد القانون الإنساني الدولي. كما طالبت الشبكة، المجتمع الدولي وهيئة الأمم المتحدة وأمينها العام لليمن سرعة التدخل للوقوف حيال تلك الجرائم وتوقيف تلك المليشيات عن ارتكابها تلك الجرائم والانتهاكات بحق اليمنيات.

شارك