فصل غزة ولبنان:هل تنجح استراتيجية حزب الله؟

الجمعة 01/نوفمبر/2024 - 08:03 م
طباعة فصل غزة ولبنان:هل علي رجب
 
نقلت وكالة رويترز عن مصادر سياسية لبنانية ودبلوماسية رفيعة المستوى أن المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين طلب من لبنان هذا الأسبوع إعلان وقف إطلاق نار من جانب واحد مع إسرائيل. يأتي هذا الطلب في إطار جهود تعزيز المفاوضات لإنهاء العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان.
الوضع في لبنان قد يؤثر أيضًا على الأحداث في غزة. إذا تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان، فقد يخفف من التوترات في المنطقة، مما قد يتيح لإسرائيل إعادة تقييم استراتيجياتها في غزة. كما قد يشجع الاستقرار في لبنان القوى الإقليمية على التدخل في جهود الوساطة.
تفاصيل المقترح الأمريكي
تم نقل الاقتراح إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، حيث يتضمن مشروع الاتفاق عدة نقاط رئيسية، منها، أن الحكومة اللبنانية ستشرف على مبيعات الأسلحة لمنع وصولها إلى حزب الله والجماعات المسلحة الأخري، وسيكون الجيش اللبناني القوة المسلحة الوحيدة في المناطق الحدودية، مع نشر قواته على طول الخط "أ" في جنوب لبنان، كما يتعين على لبنان نزع سلاح أي مجموعة عسكرية غير رسمية خلال 60 يومًا من توقيع الاتفاق.
كذلك ستكون الحكومة اللبنانية مسؤولة عن فرض تنفيذ الاتفاق، مع إمكانية فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية لضمان الالتزام، ويستعين على إسرائيل سحب قواتها من جنوب لبنان خلال 7 أيام، مع إشراف أمريكي ودولي على هذا الانسحاب، وتحتفظ إسرائيل بحقها في الدفاع عن النفس ضد أي تهديدات ناشئة، بما في ذلك الأنشطة العسكرية في لبنان.
ردود الفعل اللبنانية
وأفادت تقارير إعلامية بأن لبنان لم يرفض عرض الهدنة، ولكنه يواصل المطالبة بوقف إطلاق النار وإجراء مفاوضات غير مباشرة خلال فترة الهدنة. ومع ذلك، هناك شروط إسرائيلية تعتبرها لبنان غير مقبولة، حيث تُعدّ تعجيزية وغير متوازنة، مما يزيد من تعقيد الموقف.
رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أكد التزام بلاده بالقرار 1701، مشددًا على ضرورة أن يتم وقف إطلاق النار من الطرفين، بالإضافة إلى ضرورة وقف الطلعات الجوية الإسرائيلية. خلال اجتماع مع القائد العام لقوات اليونيفيل الجنرال أرويلدو لازارو، أعرب ميقاتي عن تقدير لبنان للجهود التي تبذلها اليونيفيل في هذه المرحلة، وأدان الاعتداءات الإسرائيلية عليها.
ميقاتي حذر من أن توسيع العدوان الإسرائيلي على المناطق اللبنانية والتهديدات التي تواجه السكان تؤكد رفض إسرائيل لكل المساعي الرامية لوقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701 بشكل كامل.
في سياق الوضع الإقليمي، يمكن أن يؤثر وقف إطلاق النار في لبنان على العمليات العسكرية في غزة. إذا استقر الوضع في لبنان، فقد تعيد إسرائيل تركيزها على غزة، وقد تشجع الاستقرار في لبنان بعض القوى الإقليمية على التدخل في جهود الوساطة.
 مواقف حزب الله بشأن وقف إطلاق النار والعلاقات مع غزة
تتداخل التطورات في لبنان مع الوضع في قطاع غزة. إذا تم التوصل إلى اتفاق في لبنان، قد يتغير التركيز الإسرائيلي إلى العمليات في غزة. كما قد تشجع الاستقرار في لبنان بعض الأطراف الإقليمية على التدخل في جهود الوساطة بغزة.
في أول ظهور له بعد تنصيبه، صرح الأمين العام الجديد لحزب الله، نعيم قاسم، بأن الحزب مستعد لوقف الحرب، ولكن بشروط تعتبرها قيادته مناسبة. وأكد على ضرورة مواصلة تنفيذ خطط الحرب، مما يعكس استمرار التوتر في المنطقة.
تأتي تصريحات قاسم في وقت حساس، حيث عبرت مصادر إعلامية مرتبطة بالحزب عن عدد من اللاءات، أهمها: لا لمفاوضات قبل وقف إطلاق النار حيث الحزب يشترط وقف إطلاق النار قبل الدخول في أي مفاوضات.
كما يعارض حزب الله أي تغييرات على بنود القرار 1701 وآليات تنفيذه، التي تهدف إلى ضبط الوضع في جنوب لبنان، وكذلك يرفض الحزب أي اقتراحات قد تفرض حصارًا بريًا أو بحريًا أو جويًا على لبنان.
تأتي هذه التصريحات في ظل استعداد مسؤولين أمريكيين لزيارة المنطقة لمناقشة الأوضاع في لبنان وغزة. يشير هذا إلى تزايد الضغوط الدولية التي تواجهها الأطراف المختلفة في الصراع.

الجبهة اللبنانية وغزة
فصل جبهة لبنان عن غزة هو موضوع معقد ويعتمد على العديد من العوامل السياسية والعسكرية. حزب الله، بقيادة نعيم قاسم، أشار إلى أنه مستعد لوقف الحرب ولكن بشروط محددة. بينما يبدو أن هناك رغبة في الحفاظ على جبهة مفتوحة لدعم القضية الفلسطينية، فإن الظروف الحالية قد تجبر الحزب على اتخاذ قرارات استراتيجية تتعلق بعملياته في لبنان وغزة.
إذا ما أعلن حزب الله عن فصل جبهة لبنان عن غزة، فقد يواجه انتقادات داخلية حول سبب فتح الجبهة لدعم غزة والاستمرار في الحرب، خاصة في ظل التضحيات التي تكبدها الحزب.
ترك حزب الله إدارة المفاوضات بين يدي رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، مؤكدًا أن كلاهما يتعامل مع المبادرات بشكل إيجابي. وقد أشار الحزب إلى عدم استبعاد إمكانية الربط بين الجبهة اللبنانية وجبهة غزة، بشرط التوصل إلى اتفاق مرحلي لوقف إطلاق النار في غزة.
من جهة أخرى، تسعى إسرائيل إلى تنفيذ القرار 1701، ولكن بشروط تشمل تعديل آليات التطبيق، حيث تتحدث تل أبيب عن ضرورة وجود حرية عمل للجيش الإسرائيلي في لبنان، بدلاً من الاعتماد الكامل على الآليات الدولية.
تتسم الأوضاع بالضبابية، ويبدو أن المفاوضات والقرارات المستقبلية ستعتمد على توازن القوى والمصالح بين الأطراف المعنية. بينما يستمر حزب الله في التأكيد على شروطه، يبقى المشهد الإقليمي معقدًا، وخاصة في ظل مخاوف من تمدد الحرب القليمية.
إذا قرر حزب الله فصل الجبهتين، فقد يتعرض لانتقادات داخلية حول ما إذا كان قد عانى من خسائر في لبنان بينما لا يزال يفتح جبهة للمساندة. من جهة أخرى، فصل الجبهتين قد يُعتبر خطوة نحو تعزيز الاستقرار في لبنان وتقليل الضغوط العسكرية على الحزب.
ويرى مراقبون أن إن لدى حزب الله وإسرائيل أسباباً مقنعة لعدم خوض الحرب الآن. فإسرائيل لا تملك القدرة على الصمود في مواجهة جبهة أخرى، في حين لم تتمكن بعد من القضاء على حماس تماماً في غزة، وفي ظل دفع الضفة الغربية إلى شفا انفجار أوسع نطاقاً للعنف من قِبَل المستوطنين المتشددين وأنصارهم داخل الدولة الإسرائيلية.
من جانبها، تمتلك قيادة حزب الله أصولاً سياسية واقتصادية تحتاج إلى حمايتها في لبنان، وهي أصول من شأنها أن تتعرض للتدمير في حالة اندلاع حرب مع إسرائيل.
في النهاية، يعتمد القرار على كيفية تطور المفاوضات، الضغوط الإقليمية والدولية، وتقييم الحزب للوضع العسكري والسياسي.

شارك