خطاب الكراهية والعنف: محنة الهزارة الشيعة تحت حكم طالبان
الأحد 03/نوفمبر/2024 - 12:19 م
طباعة
علي رجب
كشفت تقارير حقوقية عن انتهاكات حقوق الإنسان التي تعرضت لها الهزارة الشيعة في أفغانستان تحت حكم طالبان، مُسلطًا الضوء على العنف المستمر ضدهم خلال 38 شهرًا الماضية.
خلال هذه الفترة، تم تسجيل نحو 61 هجومًا ضد الهزارة، مما أسفر عن مقتل 473 شخصًا وإصابة 681 آخرين. هذه الهجمات، التي شملت تفجيرات انتحارية وعمليات إطلاق نار، تؤكد على استهداف الهزارة بسبب هويتهم العرقية والدينية.
اكت تقرير أعمال العنف "الإبادة الجماعية" وخطاب الكراهية ضد الهزارة الشيعة في أفغانستان في الشهر الماضي، تناول مؤلف هذه القائمة، في مقال مفصل نسبيًا، ثمانية انتهاكات لحقوق الإنسان تعرضت لها الهزارة تحت حكم طالبان، نشرتها صحيفة "اكلاعات روز" الأفغانية المعارضة، واستمرارًا لنفس المناقشة، يحاول هذا المقال مناقشة الاتجاه التاسع، وهو العنف "الإبادة الجماعية" والكراهية ضد جيل الألفية. كان الهزارة الشيعة هدفاً لهجمات مستمرة بسبب هويتهم العرقية والدينية. واستمرت هذه الهجمات في ظل حكم طالبان طوال 38 شهرا الماضية، ولعبت "الإمارة الإسلامية" دورا مباشرا وغير مباشر في استمرارها بشتى الطرق.
يتطلب التوثيق والاستكشاف الفني لطبيعة هذه الهجمات من زوايا مختلفة، بما في ذلك القانونية والاجتماعية والسياسية، بحثًا وعملًا مكثفًا وشاملاً. وفي محاولة مختصرة لإعداد هذا المقال، تمكن المؤلف من تحديد وإدراج حوالي 61 هجومًا خلال 38 شهرًا من حكم طالبان.
وتشمل هذه الهجمات الهجمات الانتحارية، وتفجيرات الألغام والقنابل، وإطلاق النار المباشر، وقطع الرؤوس، وجرائم القتل الغامضة. وأسفرت هذه الهجمات عن مقتل نحو 473 شخصا وإصابة 681 آخرين. وهذا يعني أنه في هذه الفترة الزمنية، يُصاب كل يومين ألف شخص، ويُقتل كل ثلاثة أيام ألف شخص.
ومن الضروري أن نتذكر أن إحصائيات الضحايا هذه تم حسابها بناءً على ما تم تسجيله في التقارير والمصادر المستخدمة في هذا المقال، وكلما كانت الإحصائيات أكثر دقة وحقيقية فهي أعلى بالتأكيد. ومن بين هذه الهجمات الـ 61، نفذ أفراد وقوات طالبان 12 حالة، و16 حالة نفذها تنظيم داعش، وحالة واحدة نفذها بدو مسلحون. أما المسؤولية عن الحالات الـ 32 الأخرى، والتي تمثل أكثر بقليل من نصف هذه الهجمات، فهي غير واضحة.
مرة أخرى، أحتاج إلى التأكيد على أن هذه العناصر تستند إلى المصادر المستخدمة في هذه المقالة. وبحسب وثائق منظمة هيومن رايتس ووتش، فإنه في الفترة من 15 أغسطس 2021 إلى أوائل سبتمبر 2022، أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن 17 هجومًا ضد الهزارة الشيعة في أفغانستان، خلفت 700 قتيل وجريح
. ويظهر أحد التقارير الاستقصائية أنه في الأشهر التسعة الأولى من حكم طالبان، تم تنفيذ ما لا يقل عن تسع هجمات ناسفة مميتة ضد الهزارة، قُتل فيها 100 مدني من الهزارة وأصيب 150 آخرون. وفي حالة أخرى، في السادس من شهر ثور عام 1401هـ، تم إطلاق النار على خمسة من سكان الهزارة في منطقة دارا سوف بالا في مقاطعة سامانجان في منطقة كيشانده في مقاطعة بلخ أثناء سفرهم إلى مقاطعة بلخ .
ويُظهر أحدث تقرير لبعثة الأمم المتحدة حول الضحايا المدنيين في أفغانستان، وأن الهزارة والشيعة شكلوا نصف إجمالي الضحايا خلال هذه الفترة الزمنية. ومنذ نشر ذلك التقرير، استمرت مثل هذه الهجمات حتى الآن. وبحسب تقرير لصحيفة "اطلاعات لاوز" الذي سجل خمس حالات من هذه الهجمات السبعة التي تراوحت درجاتها بين الخفيفة والخطيرة هذا العام ، فقد أسفرت هذه الهجمات عن مقتل 51 شخصاً وإصابة 71 آخرين.
وسجل التقرير ربع السنوي لبعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان، الذي يغطي نفس الفترة الزمنية تقريبا، هذه الهجمات المستهدفة التي تم تنفيذها في بغلان وكابول وهيرات ، وقال إن 49 شخصا قتلوا وأصيب 86 آخرون نتيجة لذلك. كما تم تسجيل أربع هجمات مستهدفة ضد الهزارة في مقاطعات كابول وهيرات وباميان وأوروزغان، والتي خلفت ما مجموعه ستة عشر قتيلاً وسبعة جرحى.
وبحسب التقرير الثاني لريتشارد بينيت، فإنه في الفترة من 15 أغسطس 2021 إلى 30 سبتمبر 2022، تم تنفيذ 16 هجوماً مستهدفاً على الهزارة (فبراير 2023) ويظهر تقريره الثالث أنه في الفترة من سبتمبر 2023 إلى يناير 2024، تم تنفيذ سبع هجمات مستهدفة تم تنفيذها ضد الهزارة الشيعة.
تشير التقارير إلى أن تنظيم داعش وحركة طالبان كانا مسؤولين عن عدد من هذه الهجمات، مما يعكس نظامًا من الإبادة الجماعية والكراهية. علاوة على ذلك، أكد العديد من المنظمات الحقوقية، بما في ذلك هيومن رايتس ووتش، أن نمط الهجمات ضد الهزارة يشير إلى جرائم ضد الإنسانية.
كما يتطرق التقرير إلى دور طالبان في هذا السياق، حيث تتجاهل الحركة مسؤوليتها عن حماية الهزارة وتساهم في تعزيز الكراهية ضدهم، بينما يستمر تنظيم داعش في تنفيذ هجماته في ظل غياب الأمان. هذه الحالة تبرز مدى تعقيد الوضع الأمني والنفسي لجيل الألفية في أفغانستان، الذي يعاني من حالة خوف دائم وغياب الأمل.
التقارير أيضًا تشير إلى أن هذه الهجمات ليست مجرد أحداث عشوائية، بل تعكس نمطًا منهجيًا لاستهداف الهزارة، مما يدعو إلى اعتبارها كجريمة ضد الإنسانية. علاوة على ذلك، تُعتبر طالبان متواطئة في هذه الجرائم، سواء من خلال الإهمال أو من خلال توفير بيئة آمنة للجماعات الإرهابية التي ترتكب هذه الهجمات.
وفقًا لتقرير مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، تمكنت بعض الجماعات الإرهابية، لاسيما تنظيم القاعدة، من التسلل إلى هيكل "الإمارة الإسلامية". تشير تقارير أخرى إلى أن طالبان قامت بإنشاء مستوطنة واحدة لتنظيم القاعدة وثلاث مستوطنات أخرى لطالبان الباكستانية في إقليم غزنة، الذي يجاور العديد من مناطق الهزارة. في ظل هذه الظروف، يعيش جيل الألفية في حالة من انعدام الأمان النفسي، حيث يتزايد شعورهم بالخوف على حياتهم.
تواجد هذه الجماعات الإرهابية في أفغانستان يعني عدم وجود ضمان لأمن الهزارة، خصوصًا أن طالبان لم تظهر أي إرادة سياسية لحمايتهم، بل ساهمت أيضًا في تنفيذ هجمات مستهدفة وتعزيز الكراهية، مما يمهد الطريق لعمليات الإبادة الجماعية ضدهم.
تسهم الظروف الحالية في أفغانستان، مع تصاعد الأصولية ونمو الجماعات الإرهابية، في تعميق أزمة الإبادة الجماعية للهزارة، حيث أصبحت الهجمات تحدث بشكل عشوائي وفي أي وقت. تعمل هذه الجماعات بحصانة، مما يعكس انهيارًا في المعايير الأخلاقية والعملية على مستوى المجتمع. تفقد المؤسسات الدولية شرعيتها وموضوعيتها بسبب الأوضاع الراهنة، مما يعمق شعور اليأس والعجز.
رغم كل ذلك، هناك خطوات يمكن اتخاذها. أولاً، يجب الضغط على طالبان لضمان أمن الهزارة باستخدام كافة القنوات والأدوات المتاحة كجزء من الجهود القانونية، بطريقة منظمة ومهنية. ثانيًا، ينبغي السعي لإنشاء آلية فعالة للتوثيق والتحقيق، مما يكتسب أهمية أخلاقية واستراتيجية لضمان العدالة على المدى الطويل. ثالثًا، يجب متابعة قضايا الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية ضد جيل الألفية من خلال الصكوك القانونية الدولية، بما في ذلك جهود المحكمة الجنائية الدولية، والعمل على رفع الدعاوى القضائية بالتعاون مع هذه المؤسسات بشكل مؤسسي وتقني.