مواجهة التهديدات الإرهابية: تشاد تطلق عملية جديدة ضد بوكو حرام

الأحد 10/نوفمبر/2024 - 07:55 م
طباعة مواجهة التهديدات علي رجب
 

 في ظل تصاعد التهديدات الإرهابية في منطقة بحيرة تشاد، أعلنت تشاد عن إطلاق عملية عسكرية جديدة تحت اسم "حملية حسكنيت" لمكافحة جماعة بوكو حرام، وذلك بعد الهجمات المتكررة التي شهدتها المنطقة مؤخراً.

وتأتي هذه العملية في وقت حساس حيث هدد الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي بالانسحاب من القوة المشتركة المتعددة الجنسيات، بسبب ما اعتبره غياب الدعم الكافي من الدول الأخرى في التحالف الأمني لمواجهة تهديدات الجماعات الإرهابية.

 

هجوم "مؤلم" في منطقة جزر بحيرة تشاد

في ليلة 27 إلى 28 أكتوبر، وقع هجوم على حامية باركرام، الواقعة في منطقة جزر بالقرب من بحيرة تشاد على الحدود مع الكاميرون ونيجيريا.

 الهجوم أسفر عن مقتل حوالي 40 جندياً وتشريد العديد من المدنيين، في حين أصيب العشرات حسب تقارير مبدئية. وقد أعلنت الرئاسة التشادية أن الهجوم كان من تنفيذ عناصر بوكو حرام، التي تستخدم المنطقة كقاعدة لشن هجمات على الدول المجاورة.

 

إطلاق عملية "حملية حسكنيت"

في رد فعل سريع على التصعيد الأخير، أعلن الرئيس محمد إدريس ديبي عن إطلاق عملية عسكرية بحرية وبرية مشتركة تحت اسم "حملية حسكنيت". وقال ديبي إن الهدف من العملية هو تعقب عناصر بوكو حرام و"تحييد" تهديداتهم ضد تشاد، بالإضافة إلى حماية المواطنين التشاديين. وسميت العملية بهذا الاسم تيمناً بنبات "الحسكنيت"، الذي يُعرف بمرونته وقدرته على البقاء في المناطق الصحراوية القاحلة، وهو ما يرمز إلى إرادة تشاد الصلبة في مواجهة هذه الجماعات.

 

كما قام الرئيس ديبي بتوجيه قوات الجيش التشادي في تنفيذ غارات جوية على مواقع بوكو حرام في جزيرة كايغا كينجيريا، وهي إحدى الجزر التي تشهد نشاطاً كبيراً للجماعة. وفي خطوة إضافية، أصدر ديبي مرسوماً بنقل قيادة الفرقة الرابعة مشاة إلى مدينة ماو في إقليم كانم، الواقع بالقرب من بحيرة تشاد، لتولي القيادة المباشرة للعمليات العسكرية.

 

التلويح بالانسحاب من القوة المشتركة

إلى جانب التحركات العسكرية، ألمح الرئيس ديبي إلى إمكانية انسحاب تشاد من القوة المشتركة المتعددة الجنسيات التي تضم دول نيجيريا والكاميرون والنيجر وبنين. وفي مقابلة مع قناة "تيلي تشاد"، تساءل ديبي عن سبب استمرار تشاد في تقديم التضحيات إذا كانت دول التحالف الأخرى لا تقدم الدعم الكافي في مواجهة هجمات بوكو حرام. وقال: "لقد حان الوقت للجيش التشادي للتركيز على حماية مواطنينا وأراضينا، لأننا لا نحظى بأي دعم".

 

وأضاف ديبي: "لماذا يجب أن نضحي بأطفالنا من أجل الآخرين ولا نتلقى أي دعم في المقابل؟"، مشيراً إلى أن تشاد كانت قد قدمت العديد من الجنود في قوة مكافحة الإرهاب، وأن استمرار الوضع الحالي يضع عبئاً كبيراً على القوات التشادية دون الحصول على مقابل أو تعاون حقيقي من الدول الأعضاء الأخرى.

 

تهديدات بتداعيات خطيرة

يعتبر المراقبون أن انسحاب تشاد من القوة المشتركة سيكون له تداعيات كبيرة على جهود مكافحة الجماعات الإرهابية في المنطقة. وتشكل تشاد ثاني أكبر مساهم في القوة المشتركة، إذ كانت قد قدمت في عام 2022 ما يقرب من 3000 جندي، وهو ما يعادل تقريباً ثلث القوة العسكرية للتحالف. ويُعتبر الجيش التشادي أحد أبرز القوات العسكرية في المنطقة، وقد لعب دوراً مهماً في الحد من توسع بوكو حرام في السنوات الماضية.

 

وأشار المحللون إلى أن انسحاب تشاد من التحالف قد يفتح المجال للجماعات الإرهابية مثل بوكو حرام لتنفيذ المزيد من الهجمات عبر الحدود، مما يؤدي إلى زيادة تهديد الاستقرار في منطقة بحيرة تشاد التي تضم دولاً عديدة متأثرة بالصراعات المستمرة.

 

الخطر المستمر من الجماعات الإرهابية

تشهد منطقة بحيرة تشاد نشاطاً مكثفاً للجماعات الإرهابية مثل بوكو حرام وتنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا (ISWAP)، اللذان يعكسان تهديداً مستمراً للاستقرار الإقليمي. وقد أظهرت تقارير الأمم المتحدة أن أكثر من 40 ألف شخص قتلوا وتشرد ثلاثة ملايين آخرين منذ بداية النزاع مع بوكو حرام في عام 2009.

 

كما تشير تقديرات مجموعة الأزمات الدولية إلى أن بوكو حرام رغم الانقسامات الداخلية التي تعرضت لها بعد وفاة زعيمها السابق، لا تزال تشكل تهديداً كبيراً في المنطقة، خاصة في ظل محاولة الفصائل المختلفة توحيد صفوفها ضد الحكومات الإقليمية.

 

إن التحديات الأمنية التي تواجه تشاد في منطقة بحيرة تشاد تتطلب استجابة منسقة بين دول المنطقة، ولكن تصاعد التهديدات والإحباط من ضعف الدعم الدولي قد يدفع تشاد إلى إعادة تقييم موقفها في التحالفات الأمنية الإقليمية. في حال تنفيذ الرئيس التشادي تهديده بالانسحاب من القوة المشتركة، قد يشهد التحالف معركة صعبة ضد الجماعات الإرهابية التي تستغل الفراغ الأمني في المنطقة.

شارك