الإفراج عن "أبو عطاء".. تصعيد خطير للتعاون بين الحوثيين وتنظيم القاعدة في اليمن

السبت 16/نوفمبر/2024 - 11:15 ص
طباعة الإفراج عن أبو عطاء.. فاطمة عبدالغني
 
في إطار خطة للتنسيق وتنفيذ عمليات مشتركة في المناطق الخاضعة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وفي خطوة تمثل أحدث مرحلة من التعاون بين جماعة الحوثي المصنفة كمنظمة إرهابية وتنظيم القاعدة. كشفت مصادر أمنية عن قيام جماعة الحوثي، المدعومة من إيران في شمال اليمن، بالإفراج عن أحد القيادات البارزة في "تنظيم القاعدة" وعدد من عناصر التنظيم من أحد سجونها.
ووفقاً للمصادر فقد أفرجت جماعة الحوثي عن القيادي في تنظيم القاعدة "ع. م. ر" الملقب بـ "أبو عطاء"، مع مجموعة من عناصر التنظيم، من السجن المركزي في صنعاء، وذلك في إطار صفقة بين الطرفين لتنسيق وتنفيذ عمليات مشتركة، حيث يتسارع التعاون بين الحوثيين وتنظيم القاعدة.
وتشير المصادر إلى أن الصفقة تضمنت تسهيل عبور "أبو عطاء" وأفراد مجموعته من المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين إلى المحافظات الجنوبية التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، في إطار خطة لإطلاق هجمات إرهابية وتنسيق عمليات أمنية واستخبارية ولوجستية بين الطرفين.
وأكدت المصادر أن "أبو عطاء" يعد أحد القياديين في تنظيم القاعدة والمتورطين في الهجوم الانتحاري الذي استهدف قوات الأمن الخاصة (الأمن المركزي سابقاً) في 21 مايو 2012 في ميدان السبعين بصنعاء، والذي أسفر عن مقتل 86 جندياً وضابطاً وإصابة العشرات.
وبحسب تقارير صحفية تعد هذه الصفقة جزءاً من سلسلة التعاون بين جماعة الحوثي وتنظيم القاعدة منذ عام 2016، والتي شملت تبادل الأسرى بين الطرفين، وتطورت في الآونة الأخيرة إلى تنسيق أمني وتنظيم عمليات مشتركة.
ومن جانبها اعتبرت الحكومة اليمنية قيام مليشيا الحوثي الارهابية التابعة لإيران، بإطلاق عناصر في تنظيم القاعدة، على رأسهم القيادي "أبو عطاء"، هو امتداد لتنسيق ميداني مستمر برعاية إيرانية، بهدف تقويض سيادة الدولة اليمنية وزعزعة استقرار اليمن والمنطقة، وتهديد المصالح الدولية.
وقالت الحكومة على لسان وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني إن "استمرار هذا التحالف المشبوه يعزز من إعادة ترتيب الجماعات الإرهابية لصفوفها وتمكينها من استعادة قدراتها بعد الضربات الأمنية التي تعرضت لها منذ 2015، وخلق بيئة خصبة للعنف والتطرف في اليمن، مما يضع أمن الخليج العربي والأمن الإقليمي بأسره في دائرة الخطر، ويهدد استقرار طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، مع ما لذلك من تداعيات كارثية على الاقتصاد العالمي
ودعا الإرياني المجتمع الدولي، لتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية في التصدي لتهديدات مليشيا الحوثي الإرهابية المرتبطة بتنظيمي "القاعدة" و"داعش"، وأكد إن تساهل المجتمع الدولي مع هذا التنسيق الخطير يعكس تقديراً خاطئاً لحجم الخطر والتهديد الذي قد يدفع العالم ثمنه باهظاً
وطالب الإرياني المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات حازمة للتصدي لهذه التهديدات، عبر تجفيف موارد مليشيا الحوثي والشروع الفوري في تصنيفها كـ"منظمة إرهابية عالمية"، وندعو لدعم جهود الحكومة اليمنية في استعادة سيطرتها على كامل أراضيها وتعزيز قدراتها لمكافحة الإرهاب والتطرف بكافة أشكاله وصوره.
وكان تقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة، والمقدم لمجلس الأمن في 11 أكتوبر 2024 ، أشار إلى ان التحالف الانتهازي بين الطرفين، يتميز بالتعاون في المجالين الأمني والاستخباري، وقيامهما بتوفير ملاذات آمنة لأفراد بعضهما البعض، وتعزيز معاقلهما وتنسيق الجهود لاستهداف القوات الحكومية، وحذر من عودة تنظيم القاعدة إلى الظهور بدعم من مليشيا الحوثي بعد تعيين التنظيم قائد جديد يدعى سعد بن عاطف العولقي.
وتحدث التقرير عن تنسيق الطرفين عملياتهما بشكل مباشر منذ بداية العام 2024، وقيام الحوثيين بنقل طائرات مسيرة إضافة لصواريخ حرارية وأجهزة متفجرة وتوفير التدريب لمقاتلي تنظيم القاعدة، وقد استخدم التنظيم الطائرات المسيرة بما فيها ذات المدى الطويل، والأجهزة المتفجرة يدوية الصنع، لتنفيذ (49) هجوم على القوات الحكومية في أبين وشبوة خلال الفترة 2023 - يوليو 2024م.
كما كشف التقرير عن اتفاق بين الطرفين على وقف الأعمال العدائية وتبادل الأسرى، حيث تم حل جبهة تنظيم القاعدة ضد مليشيا الحوثي في محافظة البيضاء، واطلق الحوثيون القيادي في التنظيم "سامي ديان"، والذي كان يقضي عقوبة السجن لمدة 15 سنه العام 2014، كما ناقش الطرفين إمكانية أن يقدم التنظيم الدعم في الهجمات على خطوط الملاحة الدولية.
ويرى المراقبون أن هذه التطورات تُظهر أن التحالف بين جماعة الحوثي وتنظيم القاعدة قد وصل إلى مرحلة متقدمة من التنسيق المشترك، ما يهدد الأمن الإقليمي والدولي على حد سواء. فالصفقات بين الطرفين، التي تشمل تبادل الأسرى وتسهيل انتقال المقاتلين وتنفيذ العمليات الإرهابية، تُمثل تهديدًا حقيقيًا لسيادة الدولة اليمنية واستقرار المنطقة، ومع الدعم الإيراني المعلن لجماعة الحوثي، فإن هذا التعاون يساهم في تعزيز قدرات الجماعات الإرهابية في اليمن، مما يخلق بيئة خصبة للعنف والتطرف ويزيد من المخاطر التي تهدد أمن الخليج والملاحة الدولية.
ولفت المراقبون إلى أن تسارع وتيرة التنسيق بين الحوثيين وتنظيم القاعدة يتطلب من المجتمع الدولي اتخاذ موقف حازم وفاعل لوقف هذه التهديدات المتزايدة، من خلال تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية على الصعيد العالمي، وتقديم الدعم المطلوب للحكومة اليمنية لاستعادة سيطرتها على أراضيها ومحاربة الإرهاب، حيث أن التخاذل الدولي في مواجهة هذا التحالف الإرهابي قد يؤدي إلى عواقب كارثية ليس فقط على اليمن، بل على الأمن الدولي والاستقرار الاقتصادي العالمي، خاصة في ظل التهديدات المباشرة لطرق الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب.

شارك