عودة قطر للوساطة في مفاوضات غزة.. الدوحة تؤكد "حتمية الابتكار" في حلول الأزمات الدولية
السبت 07/ديسمبر/2024 - 01:04 م
طباعة
أميرة الشريف
في خطوة جديدة تضاف إلى سجل الوساطة القطرية في النزاعات الإقليمية، أعلن رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، عن عودة بلاده للمشاركة في الوساطة بين الأطراف المعنية في قطاع غزة، بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
جاء الإعلان في كلمة له خلال افتتاح منتدى الدوحة في نسخته الـ22، الذي انعقد تحت شعار "حتمية الابتكار".
وأكد الشيخ محمد بن عبد الرحمن أن الخلافات بين حركة حماس وإسرائيل ليست جوهرية، مشيرًا إلى أن التحديات التي اعترضت مسار المفاوضات مؤخرًا لا تعني بالضرورة انسداد الأفق.
عودة قطر للوساطة
قد تكون قطر قد أوقفت دورها الوساطة قبل شهر بسبب ما اعتبرته "عدم جدية" من الأطراف المعنية، إلا أن الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أكد أن عودة بلاده للمفاوضات جاءت نتيجة "زخم جديد" في المحادثات التي تسعى إلى وقف إطلاق النار.
وأشار إلى أن الانتخابات الأمريكية الأخيرة، والتي أسفرت عن فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كانت أحد العوامل التي ساهمت في دفع العملية السياسية إلى الأمام، حيث أسفر ذلك عن تحركات جديدة في مسار المفاوضات.
كما تطرق الشيخ محمد إلى التأثيرات الإنسانية الكبيرة التي أحدثتها الأزمة في غزة، مؤكدًا أن الوضع لا يقتصر على الأراضي الفلسطينية فحسب، بل يمتد إلى لبنان وسوريا. ولفت إلى أن استمرار المعاناة الإنسانية في غزة يشكل تهديدًا خطيرًا لاستقرار المنطقة برمتها، وهو ما يتطلب من المجتمع الدولي التحرك بشكل عاجل.
وأضاف أن الأوضاع الحالية تستدعي تبني حلول مبتكرة للتعامل مع الأزمات الدولية المعقدة، مؤكدًا أن التوجه نحو التصعيد في الجهود الدولية لمواجهة الأزمة في غزة أصبح ضرورة ملحة.
الدور القطري في الوساطة: تجربة نموذجية
قدمت قطر خلال السنوات الماضية نموذجًا فاعلًا للوساطة في النزاعات الإقليمية، ومن أبرز هذه الوساطات تلك التي أسفرت عن التوصل إلى هدنة مؤقتة في غزة.
وأوضح الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن الوساطة القطرية تستند إلى رؤية شاملة تهدف إلى إيجاد حلول مستدامة للأزمات عبر الدبلوماسية، مشيرًا إلى أن حلول الأزمات التقليدية لم تعد كافية في ظل تعقيدات الواقع الدولي الحالي.
وأضاف أن الوضع في غزة يعكس تحديات إنسانية كبرى لا يمكن مواجهتها من خلال الحلول التقليدية فقط، بل من خلال تفكير مبتكر قد يوفر أفقًا جديدًا للسلام.
وقد اعتبر الشيخ محمد أن ما يحدث في غزة يجب أن يكون دافعًا للمجتمع الدولي لإيجاد آليات جديدة تضمن حماية المدنيين وتوقف دائرة العنف المستمر، مؤكدًا على ضرورة الضغط من أجل تبني مواقف دولية أكثر توازنًا لوقف المأساة التي تعيشها غزة.
منتدى الدوحة: منصة لحل الأزمات الدولية
منتدى الدوحة، الذي يُعقد سنويًا منذ عام 2000، أصبح منصة هامة لتبادل الأفكار حول قضايا السلم والأمن في العالم.
ومن خلال هذا المنتدى، تسعى قطر إلى تعزيز دبلوماسيتها العالمية والإقليمية، كما تهدف إلى تسليط الضوء على القضايا التي تعنى بحقوق الإنسان وحلول الأزمات الدولية.
في النسخة الـ22 من المنتدى، الذي شهد حضور عدد من القادة والمسؤولين الدوليين، تم تناول مجموعة من القضايا الراهنة على الصعيدين الإقليمي والدولي، مثل تطورات الأوضاع في فلسطين ولبنان، وكذلك التحديات المتعلقة بالأمن العالمي، التحولات الاقتصادية، وظهور الذكاء الاصطناعي. وتم تخصيص جلسات لمناقشة الأزمات الإقليمية والعالمية، مع التركيز على سبل الحلول الدبلوماسية الممكنة.
وخلال المنتدى، كرّمت قطر عددًا من الصحافيين الذين عملوا في غزة وكشفوا للعالم حقيقة ما يجري من انتهاكات ضد الفلسطينيين، حيث تم تكريم ستة صحافيين بينهم وائل الدحدوح، مدير مكتب الجزيرة في غزة، ومعتز العزايزة، الصحافي المستقل من غزة، وكارمن جوخدار مراسلة الجزيرة من لبنان، معتبرة أن هذه التكريمات خطوة لتقدير دور الإعلام في تسليط الضوء على الأزمات الإنسانية.
النقد الدولي والمواقف الغربية
منتدى الدوحة شهد أيضًا انتقادات شديدة تجاه المجتمع الدولي الذي أظهر عجزًا كبيرًا في حماية غزة في وجه العدوان الإسرائيلي المستمر.
ففي كلمته، أشار الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى أن المواقف الغربية التي تدافع عن إسرائيل تساهم في استمرار الجرائم ضد الفلسطينيين.
كما سلط الضوء على أن ما يحدث في غزة يثير تساؤلات حقيقية حول جدوى النظام الدولي وقوانينه، مؤكدًا أن الحلول التقليدية لم تعد قادرة على مواجهة الواقع الحالي.
وأكد الشيخ محمد أن منتدى الدوحة قد تحول إلى منصة عالمية تدافع عن حقوق العرب، وخاصة الحقوق الفلسطينية، مشيرًا إلى أن هذه القضايا كانت دائمًا في قلب النقاشات التي يعقدها المنتدى.
كما نوه بأن المنتدى يقدم فرصة لتعزيز التعاون الدولي من أجل إيجاد حلول للأزمات الإقليمية والدولية، مع التأكيد على أن الابتكار في الحلول هو السبيل الوحيد لتجاوز هذه التحديات الكبرى.
يعد إعلان قطر عن عودتها للمشاركة في الوساطة بين حركة حماس وإسرائيل خطوة هامة نحو التوصل إلى حل دائم للأزمة في غزة.
فقد أظهر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني من خلال كلمته في منتدى الدوحة أهمية الابتكار في البحث عن حلول شاملة للأزمات الإنسانية، مؤكدًا على ضرورة التحرك الدولي العاجل لمواجهة الوضع المتدهور في غزة وما يترتب عليه من تأثيرات على استقرار المنطقة.
كما يظل منتدى الدوحة منصة هامة لتبادل الأفكار والآراء حول القضايا العالمية، ويساهم في تقديم حلول دبلوماسية مبتكرة للأزمات الإقليمية والعالمية.