إيران تعيد النظر في استمرار نفوذها الإقليمي واستراتيجيتها بسوريا
الخميس 12/ديسمبر/2024 - 02:35 م
طباعة
أميرة الشريف
في ظل تصاعد الأزمات الإنسانية في سوريا ومعاناة المدنيين من تداعيات الحرب المستمرة، أدلى قائد الحرس الثوري الإيراني، اللواء حسين سلامي، بتصريحات لافتة حول التوجهات الإيرانية الجديدة في سوريا ودورها الإقليمي، مشددا على أن طهران لم تتخلَّ عن نفوذها في المنطقة، مبيناً أن وجودها في سوريا قد يشهد تغييرات في الشكل والأسلوب.
وقال اللواء سلامي، إن الحرس الثوري الإيراني كان آخر من غادر سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، مؤكداً أن بلاده تمتلك أدوات تأثير أخرى في المنطقة، مثل التحالفات والكيانات المدعومة في كل من اليمن والعراق ولبنان.
وأضاف: سقوط الأسد لا يعني فقدان الأذرع الإيرانية”، في إشارة واضحة إلى استمرار نفوذ طهران عبر ما تسميه جبهة المقاومة.
وأوضح قائد الحرس الثوري أن قرارات إيران في سوريا تأتي بناءً على “قدراتها ومنطقها السياسي، مشدداً على شرعية تحركاتها في الدفاع عن مصالحها.
وأكد أن إيران لن ترسل جميع قوات الحرس الثوري والباسيج للقتال بدلاً من الجيش السوري، منتقداً توقعات بعض الأطراف الدولية بشأن استراتيجية بلاده في سوريا.
تأتي تصريحات سلامي في وقت يبدو أن طهران تعيد تقييم نهجها في سوريا، وألمح قائد الحرس الثوري إلى احتمالية تغيّر الدور الإيراني في سوريا بشكل تدريجي، قائلاً: حتى هناك، في سوريا، قد يتخذ الأمر شكلاً آخر مرة أخرى.
وتشير هذه التصريحات إلى احتمال تركيز إيران على أدوات غير عسكرية لتعزيز نفوذها، مثل المساعدات الإنسانية، والتعاون الاقتصادي، وبناء التحالفات المحلية.
على الرغم من ذلك، فإن مراقبين يرون أن طهران لن تتخلى عن استراتيجيتها التقليدية القائمة على دعم حلفائها الإقليميين.
ويعتقد أن إيران قد تلجأ إلى استخدام ميليشياتها وشبكاتها الإقليمية لتعويض تقليص الوجود العسكري المباشر.
في المقابل، تشهد سوريا تفاقماً غير مسبوق في الأوضاع الإنسانية، حيث يعاني الملايين من نقص حاد في الغذاء والمياه والرعاية الصحية، مع استمرار النزاع وغياب حلول سياسية قابلة للتطبيق.
ووفقاً لتقارير منظمات دولية، فإن نحو 12.4 مليون سوري يواجهون انعدام الأمن الغذائي، بينما يعيش أكثر من 6.9 مليون نازح داخلي في ظروف مأساوية.
وفي هذا السياق، تبرز الحاجة الملحة إلى تدخل دولي لإنهاء معاناة الشعب السوري، إلا أن الصراع المستمر بين القوى الإقليمية والدولية على النفوذ في سوريا يعقد الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار.
ويعد الدور الإيراني واحداً من أكثر الملفات حساسية، حيث تنظر إليه أطراف دولية وإقليمية بعين القلق.
التصريحات الإيرانية الأخيرة تأتي في وقت تتصاعد فيه التوترات الإقليمية، وبينما تسعى إيران للحفاظ على موقعها الاستراتيجي في سوريا، تتزايد الانتقادات الدولية لدورها في تأجيج الصراعات الإقليمية.
وتشير التقارير إلى أن طهران تعتمد بشكل كبير على ميليشياتها المسلحة لتعزيز حضورها في مناطق مثل دير الزور وحلب، مما يزيد من حدة الاستقطاب الإقليمي.
من جهة أخرى، فإن المنافسة بين القوى الإقليمية الأخرى، مثل تركيا وروسيا، تسهم في تعقيد المشهد السوري. وفي ظل هذه التحديات، يبدو أن إيران مضطرة لتبني مقاربة أكثر مرونة للحفاظ على نفوذها دون إثارة المزيد من الصراعات.
ويرى محللون أن إعادة النظر في الاستراتيجية الإيرانية بسوريا قد تكون خطوة نحو تخفيف الضغط الدولي والإقليمي على طهران، ولكنها في الوقت ذاته، قد تثير تساؤلات حول مدى فعالية هذه الاستراتيجية في تحقيق أهدافها طويلة المدى.
ويبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن إيران من الموازنة بين طموحاتها الإقليمية والحاجة إلى التكيف مع واقع جديد يتسم بالتعقيد والضغوط المتزايدة؟
وسط هذه التحركات والتصريحات، يبقى الشعب السوري هو الضحية الأكبر للصراع الإقليمي، فمع استمرار النزوح الجماعي وتدهور الخدمات الأساسية، يدفع المدنيون ثمناً باهظاً لصراع يبدو أن نهايته لا تزال بعيدة.
ويشير مراقبون إلى أن تحسين الأوضاع الإنسانية يتطلب توافقاً دولياً شاملاً، يضع مصلحة الشعب السوري فوق أي اعتبارات سياسية أو استراتيجية.
وتعكس تصريحات اللواء سلامي استمرار إيران في لعب دور رئيسي في المعادلة السورية، رغم التحديات.
ومع ذلك، فإن حجم الأزمات الإنسانية على الأرض يشير إلى أن أي استراتيجيات جديدة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار الحاجة الملحة لإنهاء معاناة الملايين من المدنيين.