التحديات المالية لحركة حماس: من تدمير غزة إلى تراجع الحلفاء

الخميس 12/ديسمبر/2024 - 08:20 م
طباعة التحديات المالية علي رجب
 

تواجه حركة حماس أزمة مالية غير مسبوقة تعد الأسوأ منذ تأسيسها قبل 37 عامًا، وهو ما يضع الحركة في موقف صعب للغاية في ظل تطورات الحرب الجارية والمواقف الإقليمية والدولية المعقدة. منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، فقدت حماس غالبية مواردها المالية في غزة نتيجة لتدمير البنية التحتية والموارد الاقتصادية، بينما تراجع دعم الحلفاء مثل إيران وحزب الله الذين يعانون من أزمات داخلية وخارجية. كما تزايدت الضغوط بسبب العقوبات الغربية التي أدت إلى تراجع كبير في تدفق الأموال إلى الحركة.

صعوبات مالية وتراجع الدعم الإقليمي

في الوقت الحالي، تواجه حماس مأزقًا ماليًا حادًا نتيجة لانقطاع التمويل وتقلص الدعم من حلفائها التقليديين. حيث أن النظام الإيراني الذي كان يقدم دعمًا ماليًا كبيرًا لحماس، يعاني من تراجع في قدرته على دعم الحركة، حيث تقدر الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان" الدعم الإيراني لحماس بحوالي 150 مليون دولار سنويًا. ومع تزايد التحديات في المنطقة، طلبت حماس مؤخرًا من إيران زيادة الدعم السنوي إلى 350 مليون دولار، إلا أن الوضع المالي أصبح أكثر صعوبة في ظل انقطاع طرق التمويل، خاصة لجناحها العسكري في غزة.

أساليب تمويل غير رسمية

وفي ظل شح الدعم المالي الرسمي، لجأت حماس إلى مصادر تمويل غير رسمية تتضمن أساليب تستخدَم في اقتصادات المنظمات غير المشروعة. فقد استخدمت الحركة طرقًا مثل التعامل بالـ"بيتكوين" والأسواق الخارجية عبر وسطاء وعملاء لتأمين الأموال اللازمة لتغطية أنشطتها، وهو أسلوب كان قد اعتمدته منظمات أخرى مثل حزب الله وتنظيم داعش. كما تقوم حماس بتشغيل بعض الأموال في مشروعات خدمية، مثل الجمعيات الاستهلاكية ومعارض السيارات ومحال الكمبيوتر، في محاولة لتنويع مصادر دخلها.

تراجع شعبيتها في غزة

على صعيد آخر، تشير استطلاعات الرأي إلى تراجع كبير في شعبية حركة حماس في قطاع غزة. فقد أظهر استطلاع أجراه مركز "أوراد" في رام الله في مايو 2024، أن 24% فقط من سكان غزة يعبرون عن مشاعر "إيجابية" تجاه دور حماس، بانخفاض حاد بنسبة 36 نقطة عن استطلاع أُجري في نوفمبر 2023. كما أظهرت استطلاعات أخرى زيادة في نسبة سكان غزة الذين لا يدعمون الحركة، حيث ارتفعت نسبة من يعارضون حماس من 38% في يناير إلى 52% في أبريل 2024.

ويرجع المحللون هذا التراجع إلى الأوضاع الإنسانية المأساوية التي يعيشها سكان غزة، حيث فرضت الحرب المستمرة على القطاع أوضاعًا قاسية من النزوح والتدمير، مع تزايد معاناة الناس بسبب نقص المساعدات الإنسانية، وغياب فاعل من الهيئات الحكومية والمؤسسات الدولية. ويتهم المواطنون حماس بالفشل في إدارة الأزمة الإنسانية، حيث أصبح الناس يشعرون بأنهم "بين ثلاثية الاحتلال الإسرائيلي وجشع التجار ونقص المساعدات".

التحولات السياسية والاقتصادية

التغيرات السياسية على الساحة الدولية والإقليمية ساهمت أيضًا في تعميق أزمة حماس. ففي ظل الحرب المستمرة، وتراجع الدعم الإيراني، بالإضافة إلى العقوبات الغربية، باتت حركة حماس في موقف صعب من حيث تأمين التمويل والشرعية الدولية. كما أن تراجع النظام السوري تحت قيادة بشار الأسد شكل ضربة أخرى لمحور حماس، الذي كان يعتمد على بعض الدول في المنطقة لدعمه.
تواجه حركة حماس أزمة مالية وشعبية غير مسبوقة، حيث تقلصت مواردها المالية بشكل كبير نتيجة لانقطاع الدعم الإقليمي والدولي. في الوقت ذاته، تزايدت الانتقادات لها من سكان غزة بسبب الأوضاع الإنسانية المتدهورة وسوء إدارة الأزمة. وتظهر هذه التحديات صعوبة الموقف الذي تعيشه الحركة اليوم، مما يضعها في مأزق اقتصادي وشعبي قد يؤثر على دورها السياسي والعسكري في المنطقة.

شارك