خطاب التحريض الإخواني ومواجهة استقرار الدولة
صدر البيان الأخير عن المكتب العام لجماعة الإخوان المسلمين، المصنفة منظمة إرهابية وفقًا للقانون المصري، في محاولة لاستدعاء خطاب تعبوي يدعو إلى ما وصفه بـ"استعادة الثورة". يأتي هذا البيان في سياق تُحكم فيه الدولة المصرية قبضتها على كافة مظاهر الاستقرار الأمني والسياسي بعد سنوات من التحديات الكبرى التي أعقبت ثورة 2011.
السياق السياسي والقانوني:
منذ أن أصدرت السلطات المصرية قرارها باعتبار جماعة الإخوان منظمة إرهابية في عام 2013، باتت الجماعة تعمل خارج إطار القانون المصري. تُعتبر جميع الدعوات الصادرة عن هذه الجماعة محاولات لاستعادة شرعيتها المفقودة، وإعادة طرح نفسها كفاعل سياسي، رغم تورطها الموثق في أعمال عنف وإرهاب استهدفت الدولة ومواطنيها.
تحليل الخطاب ومضامينه:
يحاول البيان الإيحاء بأن مصر تعيش تحت نظام "حكم عسكري" يتسم بالقمع والاستبداد، في حين أن الواقع يعكس دولة قانون ومؤسسات ديمقراطية تُدار وفق دستور 2014. هذه المحاولة تُظهر رغبة الجماعة في استغلال خطاب الثورة لإثارة الرأي العام، مستغلة أزمات وتحديات تواجهها الدولة المصرية كغيرها من الدول.
ركز البيان على استنهاض همم الشباب، في محاولة لإعادة إحياء شبكاتها التنظيمية التي تعرضت لضربات قاسية من الأجهزة الأمنية. هذا التركيز يفضح الأزمة الداخلية للجماعة، حيث فقدت قدرتها على التأثير الجماهيري بعد الانقسامات الداخلية بين قياداتها، وتآكل القاعدة الشعبية التي كانت تعتمد عليها.
يتسم البيان بنبرة تصعيدية تدعو صراحة إلى الثورة والعمل ضد الدولة، وهو ما يعكس استمرار الجماعة في نهجها التحريضي الذي يتنافى مع القانون والدستور. استخدام عبارات مثل "لن يرحل هذا النظام إلا بالثورة" يُظهر أن الجماعة لا تزال تُؤمن بالعنف كأداة لتحقيق أهدافها، مما يُبرز تهديدها للأمن والاستقرار.
دلالات الخطاب:
يشير البيان إلى تراجع كبير في تأثير الجماعة على المشهد السياسي. الدعوة إلى الوحدة بين مختلف الأطياف الإخوانية تعكس الانقسامات الداخلية والتحديات التي تواجه التنظيم، خاصة بعد تآكل شعبيته إثر تورطه في أعمال عنف.
الخطاب يعكس افتقاد الجماعة إلى قراءة دقيقة للواقع السياسي المصري. الادعاء بوجود "ثورة شعبية قادمة" يتجاهل الحقائق على الأرض، حيث تعيش مصر حالة من الاستقرار النسبي مع دعم شعبي واسع للمؤسسات الأمنية والسياسية.
كما هو الحال في أدبيات الجماعة، يستغل البيان النصوص الدينية والرمزية الثورية لتبرير دعوته. استخدام الآيات القرآنية في سياق تحريضي يكشف عن استمرار الجماعة في توظيف الدين لخدمة أجندتها السياسية، مما يُسيء إلى قدسية النصوص الدينية.
النقد الموجه للبيان:
يحاول البيان تصوير الواقع المصري بطريقة مخالفة للحقيقة، عبر الزعم بوجود "قمع واستبداد". هذا الخطاب يفتقر إلى المصداقية، خاصة في ظل المشاريع القومية الكبرى التي تُنفذها الدولة المصرية، واستمرار دور المؤسسات المدنية في إدارة شؤون البلاد.
لا يقدم البيان أي رؤية سياسية أو اقتصادية بديلة، بل يكتفي بالدعوة إلى "الثورة" كحل وحيد. هذا الطرح يفتقر إلى أي منطق سياسي، ويعكس استمرار الجماعة في نهج الفوضى كوسيلة لتحقيق أهدافها.
الدعوة الصريحة إلى الثورة والعمل ضد الدولة تمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري. مثل هذه الخطابات تُعيد للأذهان الفترات التي شهدت عمليات إرهابية استهدفت المنشآت العامة وقوات الأمن، وهو ما يعزز المبررات القانونية لتصنيف الجماعة كإرهابية.
خاتمة:
إن البيان الصادر عن المكتب العام لجماعة الإخوان المسلمين يعكس أزمة عميقة تعيشها الجماعة، سواء على مستوى فقدان الشرعية أو التأثير في المشهد السياسي المصري. في المقابل، تستمر الدولة المصرية في تعزيز مؤسساتها وتطوير بنيتها التحتية ومواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية.
يبقى واضحًا أن خطاب الجماعة لا يمثل إلا محاولة يائسة لاستعادة حضورها، دون إدراك أن الشعب المصري قد تجاوز خطابها التحريضي، ويدرك حجم الإنجازات التي تتحقق تحت قيادة الدولة ومؤسساتها.