تصاعد الإرهاب وتغير أنماطه في مؤشر الإرهاب العالمي 2025
الخميس 13/مارس/2025 - 06:26 م
طباعة

لا يزال الإرهاب ظاهرة عالمية تتطور في أنماطها وتأثيراتها، رغم الجهود المبذولة لمكافحته. يكشف مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2025 عن تحول في خارطة الإرهاب العالمية، مع استمرار هيمنة بعض الجماعات المسلحة على مشهد العنف. يتناول هذا المقال بالتحليل النقدي التغيرات التي شهدتها أنشطة الجماعات الإرهابية الكبرى، ويطرح تساؤلات حول الأسباب العميقة وراء استدامة الإرهاب رغم الحملات الأمنية المكثفة.
تحوّل الساحل الإفريقي إلى المركز العالمي الجديد للإرهاب، حيث شهدت هذه المنطقة أكثر من نصف الوفيات الناجمة عن الإرهاب في عام 2024، وفقًا لتقرير مؤشر الإرهاب العالمي. لم يعد الشرق الأوسط وحده مركز النشاط الإرهابي، بل انتقلت بؤرته إلى دول مثل بوركينا فاسو ومالي والنيجر، التي تعاني من ضعف الدولة، والتوترات العرقية، وغياب الحوكمة الفعالة. استغلت الجماعات الإرهابية، مثل "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" (JNIM) وتنظيم "داعش في الصحراء الكبرى"، هذه الظروف لفرض سيطرتها على مساحات واسعة من الأراضي، وتوسيع نفوذها في غياب ردع حكومي فعال. وشهدت المنطقة بعضًا من أكثر الهجمات دموية، مثل هجوم جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في بوركينا فاسو، الذي أسفر عن مقتل 200 شخص، ما يعكس التصاعد الحاد في فتك هذه الجماعات.
العوامل التي ساعدت على تصاعد الإرهاب في الساحل تتجاوز الأسباب المحلية لتشمل أيضًا الديناميكيات الدولية. فقد أدى انسحاب القوات الفرنسية من مالي، وتزايد التدخل الروسي في المنطقة من خلال شركة "فاغنر"، إلى إحداث فراغ أمني استغلته الجماعات الإرهابية لتوسيع عملياتها. علاوة على ذلك، يشكل الاقتصاد غير الرسمي، ولا سيما تجارة الذهب، مصدر تمويل رئيسي لهذه الجماعات، مما يساهم في استدامة أنشطتها رغم الضغوط العسكرية. كما أن هشاشة التحالفات الإقليمية، مثل ضعف فعالية "مجموعة دول الساحل الخمس"، ساهم في إضعاف استجابة الدول الإفريقية لهذه التهديدات. هذه العوامل مجتمعة جعلت الساحل الإفريقي مركزًا رئيسيًا للإرهاب العالمي، حيث يتطلب التعامل معه استراتيجيات أعمق من مجرد التدخلات العسكرية التقليدية.
إرهاب متزايد رغم الانخفاض العام
يكشف تقرير مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2025 عن انخفاض إجمالي في عدد الوفيات الناجمة عن الإرهاب بنسبة 13% مقارنة بالعام السابق، حيث تم تسجيل 7,555 حالة وفاة. للوهلة الأولى، قد يبدو هذا التراجع مؤشرًا إيجابيًا على تحسن الوضع الأمني العالمي، إلا أن التحليل المتعمق للبيانات يكشف أن هذا الانخفاض ليس نتيجة لنجاح استراتيجيات مكافحة الإرهاب بقدر ما هو انعكاس لتراجع العنف في بعض المناطق المحددة، مثل ميانمار، التي شهدت انخفاضًا حادًا بنسبة 85% في الهجمات الإرهابية. في المقابل، إذا استُثني هذا التراجع، فإن معدلات الهجمات الإرهابية على مستوى العالم كانت ستشهد ارتفاعًا بنسبة 8%، مما يعكس استمرار التهديدات الإرهابية على نطاق واسع.
في الوقت الذي شهدت فيه بعض الدول انخفاضًا في معدل الهجمات، فإن العديد من بؤر الإرهاب التقليدية، مثل الساحل الإفريقي، باكستان، وسوريا، شهدت تصاعدًا كبيرًا في النشاط الإرهابي. فقد ارتفع عدد القتلى في النيجر بنسبة 94%، بينما شهدت باكستان زيادة بنسبة 45%، نتيجة لتصاعد نشاط حركة طالبان باكستان (TTP) بعد استيلاء طالبان على الحكم في أفغانستان. كما استمر تنظيم الدولة الإسلامية (IS) وفروعه في تنفيذ عمليات مميتة في عدة مناطق، لا سيما في سوريا وإفريقيا، حيث حافظ على موقعه كأكثر التنظيمات دموية، رغم انخفاض طفيف في عدد ضحاياه بنسبة 10%. يعكس هذا الاتجاه أن الجماعات الإرهابية لا تزال قادرة على تنفيذ هجمات مؤثرة، حتى مع الضغوط العسكرية المفروضة عليها.
من جهة أخرى، يشير التقرير إلى أن الإرهاب أصبح أكثر انتشارًا جغرافيًا، حيث ارتفع عدد الدول التي شهدت على الأقل هجومًا إرهابيًا من 58 دولة في عام 2023 إلى 66 دولة في عام 2024، وهو أعلى رقم منذ عام 2018. هذا التوسع الجغرافي يؤكد أن الجماعات الإرهابية باتت أكثر قدرة على التكيف والانتشار في مناطق جديدة، مستفيدة من النزاعات المحلية، وضعف المؤسسات الأمنية، والتغيرات الجيوسياسية التي تركت العديد من الدول في حالة من الفراغ الأمني. لذلك، ورغم الانخفاض العام في عدد القتلى، فإن الإرهاب لا يزال يشكل تهديدًا عالميًا متناميًا، خاصة مع ظهور أنماط جديدة من الهجمات، مثل الإرهاب الفردي في الغرب، الذي شهد ارتفاعًا ملحوظًا في عام 2024.
الجماعات الأكثر دموية: استمرار الهيمنة التقليدية
رغم التراجع الطفيف في عدد قتلاه، لا يزال تنظيم الدولة الإسلامية (IS) أكثر التنظيمات الإرهابية دموية على مستوى العالم، حيث كان مسؤولًا عن مقتل 1,805 أشخاص في 22 دولة خلال عام 2024. ورغم انخفاض حصيلة قتلاه بنسبة 10% مقارنة بالعام السابق، إلا أن التنظيم لا يزال قادرًا على تنفيذ عمليات مميتة، لا سيما في سوريا وإفريقيا. في سوريا، استغل التنظيم هشاشة الأوضاع الأمنية الناتجة عن النزاع المستمر، بينما عزز وجوده في دول مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية ونيجيريا، حيث نفّذت فروعه المحلية هجمات دامية على القوات الحكومية والمدنيين. يشير هذا إلى أن التنظيم، رغم الضغوط العسكرية المفروضة عليه، لا يزال يحتفظ بقدرة على شن هجمات مؤثرة وواسعة النطاق.
على الجانب الآخر، برزت "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" (JNIM) باعتبارها أسرع التنظيمات الإرهابية نموًا من حيث الفتك، حيث سجلت زيادة بنسبة 46% في عدد القتلى، ما رفع حصيلتها إلى 1,454 قتيلًا في عام 2024. تُعدّ الجماعة الأكثر نشاطًا في منطقة الساحل الإفريقي، مستغلة ضعف الحكومات المحلية وغياب التنسيق الأمني الإقليمي، ما مكّنها من تنفيذ عمليات أكثر دموية، بمتوسط 10 قتلى لكل هجوم. من أبرز هجماتها الدامية كان الاعتداء على قاعدة عسكرية في بوركينا فاسو، حيث قتلت أكثر من 170 جنديًا ومدنيًا في هجوم واحد. نجاح الجماعة في تنفيذ هجمات بهذا الحجم يعكس قدراتها التكتيكية المتزايدة، ما يجعلها تهديدًا متصاعدًا للأمن الإقليمي.
أما في جنوب آسيا، فقد شهدت باكستان تصاعدًا كبيرًا في عمليات "حركة طالبان باكستان" (TTP)، حيث ارتفع عدد قتلى هجماتها بنسبة 90% ليصل إلى 558 قتيلًا في عام 2024. هذا التصاعد يعكس الديناميكيات الجديدة التي أوجدها استيلاء طالبان على الحكم في أفغانستان، حيث وفرت بيئة أكثر مرونة لنشاط الحركة، ما سمح لها بإعادة تنظيم صفوفها وشن هجمات أكثر جرأة. استهدفت عمليات TTP بشكل أساسي القوات الأمنية الباكستانية، كما نفّذت عمليات اغتيال وتفجيرات انتحارية في المناطق الحدودية مع أفغانستان، مما زاد من التوترات بين البلدين. استمرار هذا الاتجاه قد يؤدي إلى مزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة، خاصة مع تعثر الجهود الدبلوماسية لإيجاد حلول مستدامة للصراع مع الحركة.
الساحل الإفريقي: بؤرة الإرهاب الجديدة
تشير بيانات مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2025 إلى تحول جذري في خارطة الإرهاب العالمية، حيث أصبحت منطقة الساحل الإفريقي البؤرة الأكثر دموية، مستحوذة على أكثر من نصف وفيات الإرهاب المسجلة عالميًا. لم يعد الشرق الأوسط المنطقة الأكثر تضررًا من الهجمات الإرهابية، فقد انتقلت بؤرة العنف إلى دول مثل بوركينا فاسو ومالي والنيجر، التي تشهد تدهورًا أمنيًا متزايدًا بسبب ضعف الحكومات المركزية، وغياب التنسيق الأمني، والفراغ الناجم عن انسحاب القوات الأجنبية، مثل القوات الفرنسية من مالي. هذا الفراغ الأمني سمح لجماعات مثل "نصرة الإسلام والمسلمين" (JNIM) وتنظيم "داعش في الصحراء الكبرى" بزيادة نشاطها بشكل غير مسبوق، مستغلة الصراعات العرقية والحدودية بين المجتمعات المحلية كأداة لتجنيد مقاتلين جدد وتعزيز نفوذها.
يعود تصاعد الإرهاب في الساحل الإفريقي أيضًا إلى العوامل الاقتصادية والجيوسياسية، حيث تلعب الموارد الطبيعية، مثل الذهب واليورانيوم، دورًا حاسمًا في تمويل الجماعات المسلحة. على سبيل المثال، تُعد مناجم الذهب في مالي وبوركينا فاسو مصدر دخل رئيسي لهذه الجماعات، مما يمنحها القدرة على شراء الأسلحة وتجنيد المزيد من الأفراد. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت التحولات الجيوسياسية، مثل تزايد النفوذ الروسي عبر مجموعة "فاغنر" في المنطقة، وانسحاب فرنسا من عدة دول بالساحل، في إعادة تشكيل المشهد الأمني، مما أضعف قدرة الحكومات المحلية على مواجهة التهديدات الإرهابية. كل هذه العوامل جعلت الساحل الإفريقي مركزًا عالميًا جديدًا للإرهاب، حيث أصبح من الصعب احتواء التهديد دون تدخلات دولية أكثر شمولًا تعالج الأسباب الجذرية للعنف، وليس فقط عبر الحلول الأمنية التقليدية.
أسباب استمرار الإرهاب
رغم الجهود الدولية المكثفة لمكافحة الإرهاب، لا تزال الظاهرة متجذرة ومتجددة في مناطق عدة حول العالم. يكشف تقرير مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2025 عن مجموعة من العوامل البنيوية التي تعزز استدامة الإرهاب، مما يجعله ظاهرة يصعب القضاء عليها بالكامل. وتتمثل هذه العوامل في هشاشة الدول وضعف أنظمتها السياسية، وتطور استراتيجيات التنظيمات الإرهابية، بالإضافة إلى التأثيرات الجيوسياسية التي تساهم في إعادة تشكيل خريطة الإرهاب العالمي.
ضعف الدول وهشاشة الحكم:
يعد ضعف الدول وغياب الحكم الفاعل من أهم العوامل التي تؤدي إلى انتشار الإرهاب، حيث تخلق الفراغات الأمنية بيئة خصبة لنمو التنظيمات المتطرفة. الدول التي تعاني من هشاشة في مؤسساتها، مثل بعض دول الساحل الإفريقي وسوريا وأفغانستان، تصبح ساحات مفتوحة للجماعات المسلحة، التي تستغل غياب سلطة الدولة لفرض سيطرتها على مناطق واسعة. ففي بوركينا فاسو ومالي، أدى ضعف الحكومات المركزية إلى تصاعد نفوذ الجماعات الإرهابية، التي باتت تدير عملياتها بحرية في المناطق الحدودية المعزولة، دون وجود ردع فعال من قبل السلطات.
إضافة إلى ذلك، تؤدي النزاعات الداخلية والصراعات الأهلية إلى تفكك الأنظمة الحاكمة، مما يوفر للإرهاب بيئة خصبة للانتشار. على سبيل المثال، في أفغانستان، أدى انهيار الحكومة وسيطرة طالبان على السلطة إلى زيادة نشاط تنظيم الدولة الإسلامية-ولاية خراسان (ISKP)، الذي وجد فرصة لتعزيز هجماته مستغلًا حالة عدم الاستقرار. أما في سوريا، فقد أدى تراجع النفوذ الحكومي في بعض المناطق، لا سيما في الشمال والشرق، إلى فراغ أمني استغلته الجماعات الإرهابية لإعادة تنظيم صفوفها وتنفيذ عمليات أكثر تعقيدًا ودموية.
تطور استراتيجيات التنظيمات الإرهابية:
نجحت الجماعات الإرهابية في تطوير استراتيجياتها لتتكيّف مع الضغوط العسكرية والاستخباراتية التي تواجهها، مما جعلها أكثر قدرة على الاستمرار والتوسع. أحد أهم هذه التطورات هو تبنّي نموذج "الخلايا اللامركزية"، حيث تعتمد الجماعات مثل تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة على شبكات صغيرة مستقلة تعمل بشكل منفصل ولكن وفق أيديولوجية موحدة، مما يجعل من الصعب تعقبها والقضاء عليها بالكامل. هذا النهج ظهر جليًا في إفريقيا، حيث تعمل خلايا صغيرة تابعة لتنظيم داعش في الصحراء الكبرى بشكل منفصل، لكنها تظل مرتبطة بالتنظيم الأم من حيث التمويل والتدريب والأيديولوجيا.
إلى جانب اللامركزية، استغلت الجماعات الإرهابية التطور التكنولوجي لتعزيز قدراتها التجنيدية والعملياتية. الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي أصبحت أدوات رئيسية لتجنيد المقاتلين، حيث يتم استقطاب الشباب من مختلف أنحاء العالم عبر منصات مشفرة ومنتديات مغلقة. كما لجأت بعض التنظيمات، مثل داعش، إلى استخدام الذكاء الاصطناعي وتقنيات "التزييف العميق" (Deepfake) لإنشاء محتوى دعائي أكثر إقناعًا واستهدافًا، مما يعقّد جهود مكافحته ويزيد من صعوبة تعقّب المروجين للأيديولوجيات المتطرفة.
الجيوسياسية والمصالح الدولية:
تلعب العوامل الجيوسياسية دورًا كبيرًا في استمرار الإرهاب، حيث تؤدي التدخلات الخارجية والتنافس بين القوى الكبرى إلى تأجيج النزاعات التي تستغلها الجماعات الإرهابية. على سبيل المثال، أدى انسحاب القوات الفرنسية من مالي وتزايد التدخل الروسي عبر مجموعة "فاغنر" إلى خلق فراغ أمني استغلته الجماعات الإرهابية لتوسيع عملياتها في الساحل الإفريقي. كما أن الانقسامات داخل التحالفات الإقليمية، مثل انسحاب بعض الدول من "مجموعة دول الساحل الخمس"، ساهمت في إضعاف التنسيق الأمني، مما منح الإرهابيين مساحة أكبر للمناورة.
من ناحية أخرى، نجد أن بعض القوى الكبرى تستخدم الإرهاب كأداة لتحقيق أهداف سياسية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. فالدعم غير الرسمي الذي تقدمه بعض الدول لجماعات مسلحة في مناطق النزاع، سواء لاعتبارات أيديولوجية أو استراتيجية، يسهم في إطالة أمد الصراعات. كما أن تراجع النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط، والاتجاه نحو تقليص التدخل العسكري في بعض المناطق، منح بعض الجماعات المتطرفة فرصة لإعادة ترتيب صفوفها، خاصة في العراق وسوريا.
بين الحلول الأمنية والمعالجات الجذرية
يؤكد تقرير مؤشر الإرهاب العالمي أن استمرار الإرهاب ليس مجرد نتيجة لوجود جماعات متطرفة، بل هو انعكاس لتراكمات سياسية واقتصادية واجتماعية تسهم في تغذية هذه الظاهرة. الحلول العسكرية وحدها لن تكون كافية للقضاء على الإرهاب، بل يجب أن تترافق مع سياسات تنموية تعالج الأسباب الجذرية مثل الفقر والبطالة والتهميش الاجتماعي. دون تبني استراتيجيات شاملة تشمل الإصلاح السياسي، والاستثمار في التعليم، وتعزيز سيادة القانون، سيظل الإرهاب قادرًا على إعادة إنتاج نفسه والتكيف مع أي تغييرات في المشهد العالمي.
الخاتمة:
يكشف تقرير الإرهاب العالمي لعام 2025 أن الإرهاب لا يزال يشكل تهديدًا عالميًا متجددًا، رغم انخفاض عدد الوفيات مقارنة بالعام السابق. إلا أن هذا التراجع لا يعكس تحسنًا جذريًا في الأوضاع الأمنية، بقدر ما يعكس تحولًا في أنماط الإرهاب وانتشاره الجغرافي. فالنهج الأمني التقليدي الذي يعتمد على العمليات العسكرية والملاحقات الأمنية لم يحقق نجاحًا مستدامًا في القضاء على التنظيمات الإرهابية، التي أثبتت قدرتها على التكيف مع الضغوط وإعادة التموضع في مناطق جديدة. استمرار التهديد الإرهابي في مناطق مثل الساحل الإفريقي وجنوب آسيا، وتصاعد نشاط "الخلايا المستقلة" في الغرب، يبرهن على أن الحلول الأمنية وحدها غير كافية، بل إنها قد تؤدي في بعض الحالات إلى تفاقم المشكلة إذا لم تُرفَق بإصلاحات سياسية واقتصادية شاملة.
لذلك، يتطلب التعامل الفعّال مع الإرهاب نهجًا متعدد الأبعاد يعالج الأسباب الجذرية التي تدفع الأفراد نحو التطرف والانضمام إلى الجماعات المسلحة. الفقر، والبطالة، والتمييز العرقي والديني، والتهميش السياسي، جميعها عوامل تخلق بيئات خصبة لتنامي الأيديولوجيات المتطرفة. يجب أن تركز الجهود الدولية على تعزيز التنمية الاقتصادية، وتحسين الخدمات الأساسية، ودعم برامج إعادة التأهيل وإعادة الإدماج للمقاتلين السابقين، إلى جانب استراتيجيات مكافحة الخطاب المتطرف عبر وسائل الإعلام والمنصات الرقمية. بدون هذه المقاربات الشاملة، سيظل الإرهاب ظاهرة متحولة، قادرة على التكيف مع أي ضغوط ومحاولات للقضاء عليه، مما يستدعي إعادة النظر في الأساليب التقليدية لمواجهته والتركيز على حلول طويلة الأمد.