"خلايا وقود الهيدروجين" قفزة تكنولوجية للحوثيين قد تغيّر قواعد اللعبة العسكرية في البحر الأحمر

السبت 15/مارس/2025 - 10:05 ص
طباعة خلايا وقود الهيدروجين فاطمة عبدالغني
 
نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تقريرًا جديدًا يكشف عن تطور نوعي في تكنولوجيا الطائرات المسيرة التي يستخدمها الحوثيون في اليمن، مما قد يجعل هذه الطائرات أكثر سرية وقادرة على التحليق لمسافات أطول، ويركز التقرير على تهريب مكونات خلايا وقود الهيدروجين إلى اليمن، وهي تقنية متقدمة يمكن أن تمنح الحوثيين قفزة تكنولوجية في قدراتهم الجوية.
وأفاد التقرير أنه على مدار أكثر من عام، نفّذ الحوثيون هجمات متكررة استهدفت سفنًا تجارية وحربية في البحر الأحمر باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة والزوارق المفخخة، وقد أدت الهجمات التي زعم الحوثيون أنها تأتي تضامنًا مع الفلسطينيين في غزة، إلى تعطيل طرق الشحن الدولية عبر أحد أكثر الممرات البحرية ازدحامًا في العالم.
 وبحسب التقرير، طالت هذه الهجمات سفنًا على بعد 100 ميل من الساحل اليمني، مما دفع الولايات المتحدة وإسرائيل إلى الرد عبر غارات جوية انتقامية، ورغم تراجع الهجمات الحوثية إلى حد كبير بعد التوصل إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في يناير الماضي، فإن الأدلة الجديدة تشير إلى أن الحوثيين قد حصلوا على تقنية جديدة تزيد من صعوبة اكتشاف طائراتهم المسيرة، ما قد يُغير موازين المواجهات العسكرية مستقبلًا.
وفقًا لتحقيق أجرته منظمة أبحاث تسليح الصراعات (Conflict Armament Research)، وهي منظمة بريطانية متخصصة في تعقب الأسلحة المستخدمة في النزاعات حول العالم، فإن الحوثيين حصلوا على مكونات متطورة لخلايا وقود الهيدروجين يمكن استخدامها في تشغيل الطائرات المسيرة، هذا الاكتشاف قد يكون مؤشرًا على قدرة الحوثيين على توسيع مدى طائراتهم المسيرة وزيادة صعوبة اكتشافها. 
وأوضح تيمور خان، المحقق في أبحاث تسليح الصراعات، إن هذه التكنولوجيا قد تمنح الحوثيين "عنصر المفاجأة" في أي مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة أو إسرائيل إذا استأنفوا هجماتهم، وكان خان قد زار جنوب غرب اليمن في نوفمبر الماضي لتوثيق أجزاء من أنظمة خلايا وقود الهيدروجين التي تم العثور عليها في قارب صغير تم اعتراضه، إلى جانب أسلحة أخرى يُعرف أن الحوثيين يستخدمونها.
وأكد التقرير أن خلايا وقود الهيدروجين تُنتج الكهرباء من خلال تفاعل الأكسجين في الهواء مع الهيدروجين المضغوط عبر سلسلة من الصفائح المعدنية المشحونة كهربائيًا، وهذه العملية تُنتج بخار الماء كمنتج ثانوي، ولكنها تُصدر القليل من الحرارة أو الضوضاء، مما يجعل الطائرات المسيرة التي تعتمد عليها أكثر صعوبة في الاكتشاف من خلال أجهزة الاستشعار الصوتية أو أنظمة الأشعة تحت الحمراء. 
ووفقًا للتقرير، فإن الطائرات المسيرة الحوثية التي تعمل بأنظمة تقليدية، مثل محركات الاحتراق الداخلي أو بطاريات الليثيوم، يمكنها التحليق لمسافة تصل إلى 750 ميلًا، لكن باستخدام خلايا وقود الهيدروجين، يمكن أن تصل المسافة إلى ثلاثة أضعاف ذلك، أي أكثر من 2000 ميل، مما يمنح الحوثيين قدرة أكبر على تنفيذ عمليات استطلاع وهجمات بعيدة المدى.
وكشف التقرير أن مكونات خلايا الوقود التي عُثر عليها في اليمن تم تصنيعها من قبل شركات صينية متخصصة في إنتاج تقنيات الطائرات المسيرة، وأظهرت وثائق الشحن أن خزانات الهيدروجين المضغوط تم تصنيفها بشكل خاطئ على أنها أسطوانات أكسجين، في محاولة لتمويه طبيعتها الحقيقية، ورغم أنه ليس من الواضح ما إذا كانت هذه المكونات قد أُرسلت مباشرة من الصين، إلا أن ظهور مصدر جديد لمعدات عسكرية متقدمة لدى الحوثيين يشير إلى توسع في سلاسل التوريد التي يعتمدون عليها، ما يعزز استقلاليتهم عن الدعم الإيراني التقليدي.
وأضاف التقرير أنه تم اعتراض القارب الذي فتشه فريق أبحاث تسليح الصراعات في أغسطس الماضي من قبل قوات المقاومة الوطنية اليمنية، المتحالفة مع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، واحتوى القارب على مجموعة من الأسلحة المتقدمة، من بينها صواريخ مدفعية موجهة، ومحركات صغيرة أوروبية الصنع يُمكن استخدامها في صواريخ كروز، ورادارات وأجهزة تتبع السفن، ومئات الطائرات المسيرة التجارية، وأجزاء من خلايا وقود الهيدروجين.
وتجدر الإشارة إلى أنه تقنية خلايا وقود الهيدروجين تعتبر معروفة منذ عقود، حيث استخدمتها ناسا خلال مهمات أبولو، كما بدأ استخدامها في الطائرات العسكرية المسيرة في أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين خلال الحروب الأمريكية في العراق وأفغانستان.
وأوضح أندي كيلي، المتحدث باسم شركة إنتيليجنت إنرجي البريطانية، أن خلايا وقود الهيدروجين توفر قدرة تخزين طاقة أكبر بثلاث مرات مقارنة ببطاريات الليثيوم ذات الوزن المماثل، وهذا يمنح الطائرات المسيرة قدرة على الطيران لفترات أطول مع حمل وزن أكبر، مما يجعلها أكثر كفاءة لأغراض الاستطلاع والهجمات بعيدة المدى، وأضاف كيلي أن أنظمة خلايا الوقود تصدر اهتزازات أقل مقارنة بالمحركات التقليدية، ما يجعلها أكثر ملاءمة لاستخدام أجهزة الاستشعار والمراقبة في الطائرات المسيرة.
ويشير تقرير نيويورك تايمز إلى أن الحوثيين قد يكونون في طريقهم إلى تحقيق اكتفاء ذاتي جزئي في مجال التسليح، بعيدًا عن الحاجة المستمرة إلى الإمدادات الإيرانية، وهذا التطور قد يسمح لهم بتنفيذ هجمات أكثر تعقيدًا ضد السفن الحربية والتجارية، وربما توسيع نطاق عملياتهم ليشمل أهدافًا خارج منطقة البحر الأحمر، ورغم أن الولايات المتحدة وحلفاءها يبذلون جهودًا كبيرة لتعقب شحنات الأسلحة المتجهة إلى الحوثيين، فإن هذه القضية تبرز مدى تعقيد النزاع في اليمن، خاصة مع تزايد استخدام الحوثيين لتكنولوجيا متقدمة قد تُغير من معادلة الصراع في المنطقة.
ويكشف تقرير الصحيفة الأمريكية بالتعاون مع أبحاث تسليح الصراعات عن تطور استراتيجي في ترسانة الحوثيين، يتمثل في اعتمادهم على خلايا وقود الهيدروجين لتشغيل طائراتهم المسيرة، هذه التقنية تمنحهم قدرة على التحليق لمسافات أطول وبشكل أكثر سرية، مما قد يشكل تحديًا جديدًا للقوات الأمريكية والإسرائيلية وحلفائهما في المنطقة، وبينما يظل المصدر النهائي لهذه المكونات غير واضح، فإن التحليل يشير إلى أن الحوثيين قد يكونون بصدد تحقيق استقلالية أكبر في تسليحهم، مما قد يزيد من تعقيد المشهد الأمني في اليمن والشرق الأوسط.

شارك