قرار لبناني تاريخي وتحرّكات حوثية مريبة.. ملامح تفكك مشروع الهيمنة الإيرانية في المنطقة
الجمعة 15/أغسطس/2025 - 01:10 م
طباعة

في تطور سياسي إقليمي يعكس تحولات في موازين القوى داخل الساحة العربية، رحب وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني بالقرار التاريخي الذي اتخذته الحكومة اللبنانية والقاضي بحصر السلاح وقرار الحرب والسلم بيد الدولة وحدها، واصفًا إياه بالخطوة الشجاعة والتحول الجوهري الذي طال انتظاره.
هذا القرار، وفق الإرياني، يمثل بداية حقيقية لاستعادة السيادة الوطنية التي صادرها "حزب الله" على مدى عقود، عبر تكريس واقع "الدولة داخل الدولة"، والزج بلبنان في صراعات عبثية وأزمات متتالية أضرت بالبنية التحتية، وأثقلت كاهل الشعب اللبناني بأثمان باهظة من دماء وأمن واستقرار البلاد.
وأكد الوزير أن التجارب التاريخية، لا سيما في السنوات الأخيرة، أثبتت أن سلاح "حزب الله" لم يكن في يوم من الأيام سلاح مقاومة حقيقية بقدر ما كان أداة للاستقواء على الداخل اللبناني، وتصفية الخصوم السياسيين، وفرض أجندة إيران على القرار السيادي، وبيّن أن هذا السلاح ساهم في زج لبنان في معارك لم تُقرّها الدولة ولا اختارها الشعب، وأدى إلى عزلة دولية وانهيار اقتصادي غير مسبوق، مشددًا على أن ما جرى مؤخرًا في الجنوب اللبناني يعد برهانًا إضافيًا على عجز هذا السلاح عن حماية نفسه فضلًا عن حماية البلاد.
وربط الإرياني بين القرار اللبناني الجديد والدور الميداني والإعلامي الخطير الذي لعبه "حزب الله" في اليمن منذ اللحظات الأولى للانقلاب الحوثي، عبر إرسال خبراء ومقاتلين لإدارة العمليات القتالية إلى جانب المليشيا الحوثية، وتأهيل كوادرها عسكريًا وأمنيًا، إضافة إلى الدعم الإعلامي من خلال قناة “المسيرة” التي تبث من الضاحية الجنوبية في بيروت، والتي تحولت إلى منصة تحريض ضد الدولة اليمنية وتهديد مباشر للأمن القومي اليمني والعربي، وأوضح أن اليمن شأنها شأن عدد من الدول العربية، دفعت ثمن المشروع التخريبي الذي تنفذه إيران عبر أذرعها المسلحة في العواصم العربية، من بيروت إلى صنعاء، مرورًا ببغداد ودمشق، وهو مشروع لا يقوم على الشراكة الوطنية أو بناء الدولة، بل على تمزيق النسيج الاجتماعي، وتكريس السلاح الطائفي، وتفكيك مؤسسات الحكم لصالح "الفوضى الدائمة" التي تنسجم مع مشروع "ولاية الفقيه".
تصريحات الوزير اليمني جاءت في أعقاب تأكيد تقارير متخصصة في الشأن العسكري اليمني، أن ذراع إيران في اليمن – المليشيا الحوثية – تمضي على النهج ذاته الذي انتهجه "حزب الله" في لبنان، حيث دفعت الجماعة خلال الأسابيع الأخيرة بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى مختلف جبهات القتال، مع تكثيف تحصيناتها ومواقعها الميدانية، وإعادة تأهيل بنيتها العسكرية والأمنية، في ظل مخاوف أممية من أن يقود هذا التصعيد إلى نسف "هدنة هشة" ترعاها الأمم المتحدة منذ أبريل 2022.
وكشفت مصادر دفاعية وأمنية لمنصة "ديفانس لاين" المتخصصة في الشؤون العسكرية باليمن عن تحريك الحوثيين أسلحة ومعدات إلى مواقع متقدمة، وحفر الخنادق والأنفاق، وزرع الألغام في خطوط التماس، بالتوازي مع تعبئة أيديولوجية واسعة النطاق.
ورصدت المعلومات تحركات مكثفة شملت نقل كتائب مدربة حديثًا إلى جبهات في مأرب والجوف والبيضاء ولحج والضالع وتعز والحديدة وحجة، تضم وحدات خاصة وفصائل "جهادية" ودروع وقناصة وطيران مسير ومدفعية ميدانية وصاروخية. كما شملت جهود الجماعة إعادة تشغيل القواعد والمخابئ تحت الأرض وترميم المقرات القيادية والمرافق اللوجستية المتضررة جراء الهجمات الأمريكية السابقة، ما يشير إلى محاولة لإعادة بناء القدرة القتالية استعدادًا لمرحلة صراع جديدة.
ويرى المراقبون أن الربط بين القرار اللبناني والواقع اليمني يكشف ملامح استراتيجية موحدة للمشروع الإيراني في المنطقة، تعتمد على تمكين الأذرع المسلحة وتوظيفها لفرض الهيمنة على حساب الدولة الوطنية، فكما هيمن "حزب الله" لعقود على القرار السيادي في لبنان بسلاحه وإمكانياته العسكرية، يسعى الحوثيون اليوم لتكريس واقع مشابه في اليمن، يهدد الأمن الإقليمي ويعطل أي جهود سلام حقيقية، ويؤكد هؤلاء أن نجاح لبنان في فرض حصرية السلاح بيد الدولة، إذا تحقق عمليًا، قد يشكل سابقة تلهم دولًا أخرى في المنطقة، ويدفع نحو إعادة الاعتبار لسلطة الدولة في مواجهة المليشيات، تمهيدًا لإسقاط نموذج "اللادولة" الذي تغذيه إيران من بيروت إلى صنعاء.