حقيقة ادعاء ترامب بأن المسيحية الاكثر اضطهادا في العالم
الأحد 28/سبتمبر/2025 - 02:32 م
طباعة
روبير الفارس
اثار ادعاء الرئيس الامريكي ترامب بأنّ «المسيحية هي أكثر دينٍ مُضطهد في العالم»، جدلا واسعا حول مدي مصداقية هذه الجملة
فالقول بأنّ «المسيحية هي الأكثر اضطهاداً» يعتمد على كيفية قياس ذلك : هل نقيس الأمر بعدد الضحايا القتلى؟ أم بعدد الدول التي تُمارَس فيها ضغوط حكومية واجتماعية علي المسيحيين؟ أم بعدد الأشخاص الذين يعانون «مستويات عالية أو شديدة» من الاضطهاد؟ عند النظر إلى مؤشرات عالمية وأبحاث من منظمات متخصصة، تَظهر أدلة قوية أن أعداداً كبيرة جداً من المسيحيين يتعرضون للاضطهاد في دول كثيرة — لكن ما إذا كانت «الأكثر» يعتمد على طريقة المقارنة مع جماعات دينية أخرى
حيث تقدّر المنظمة الكاثوليكية 'الابواب المفتوحة" أن أكثر من 380 مليون مسيحي يعانون مستويات «عالية أو شديدة» من الاضطهاد أو التمييز في العالم، وأن نحو 310 مليون من هؤلاء يتركزون في قائمة الدول الـ50 الأكثر خطورة. هذه أرقام كبيرة جداً وتضع المسيحيين ضمن أكبر جماعات متأثرة عالمياً بحسب معيار عدد الأشخاص المتضررين. كما أشار تقرير المنظمة أيضاً إلى أرقام عن العنف: مثلاً في عام واحد وثّق الباحثون مقتل "4,476" مسيحيًا بسبب إيمانهم (يتم ذلك بصورة واضحة في دول نيجيريا وجنوب الصحراء بافريقيا ).
واذا تم استخدام مقياس التوزّيع الجغرافي والأمثلة البارزة علي ذلك من بعض دول العالم التي تظهر فيها اضطهادات شديدة ومنهجية: شمال كوريا تُصنّف عادةً كأخطر بلد للمسيحيين (حظر صارم، اعتقالات، معاقبة أسر)، ونيجيريا تُسجل أعداداً كبيرة من القتلى والنازحين المسيحيين بسبب هجمات جماعات متطرفة ومواجهات عرقية/دينية؛ دول أخرى تتضمن باكستان وأفغانستان واليمن والصين وعدداً من دول أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا. هذه التوزيعات تبين أن الاضطهاد ليس محصوراً بمنطقة واحدة بل منتشر عبر قارات متعددة.
ومع العودة إلي جملة الرئيس الأمريكي ترامب توجد تقارير وملخصات بحثية تشير إلى أن المسيحيين يتعرضون لشكل من أشكال الاضطهاد في عدد أكبر من الدول مقارنة ببعض الجماعات الدينية الأخرى؛ أي أن الظاهرة واسعة الانتشار جغرافياً حتى لو كانت شدة العنف تختلف من بلد لآخر. هذا هو السبب الذي يدعم الادعاء من ناحية «في عدد الدول المتأثرة».
وعلي الرغم من ذلك، تذكر دراسات مركز بيو الأمريكي للأبحاث أن قيود الحكومات على الدين و«العدائية الاجتماعية المتعلقة بالدين» مرتفعة عالمياً، وأن هذه القيود تؤثر على مجموعات دينية متعدّدة (بما في ذلك المسلمين واليهود وأقليات دينية أخرى) — أي أن الاضطهاد يزيد في نطاقه لكنه لا يقتصر حصراً على المسيحيين في كل المقاييس. بالتالي، القول بأنّ المسيحية «الأكثر اضطهاداً» يحتاج إلى تحديد ما يعنيه «الأكثر» (أكثر دولاً متأثرة؟ أكثر عدد ضحايا؟ أكثر عنفاً مميّتاً؟).
فمن الناحية المنهجية، جملة «الأكثر اضطهاداً» قابل للنقاش فهناك مجموعات دينية أخرى تتعرّض لعنف شديد وممنهج في بلدان محددة (مثلاً الإيزيديون، الروهينجا، بعض الأقليات الدينية)، ومعيار «العدد الكلي المتأثر» يفضّل المسيحيين ببساطة لأن المسيحية منتشرة ومنتشرة في بلدان متعددة. لذلك يجب مراجعة كلمة ترامب تحتاج إلي توضيح طرق القياس قبل اعتمادها كحقيقة واقعة بشكل قاطع.
