اغتيال عضو محافظة بغداد يؤكد تقرير الاتحاد الاوروبي: الامن العراقي هشا

الأربعاء 15/أكتوبر/2025 - 12:15 م
طباعة اغتيال عضو محافظة روبير الفارس
 
"لا يزال هشا في بعض مناطقه" هكذا رصد تقرير حديث صادر عن الاتحاد الاوروبي الوضع الأمني في العراق حيث جاء فيه أن الوضع الأمني في العراق متذبذب مع استمرار الهجمات المتقطعة من فلول تنظيم داعش في محافظات نينوى وكركوك وديالى وصلاح الدين. التقرير الذي حمل لهجة تقييمية حذرة، لفت إلى أن تلك الهجمات وإن كانت محدودة، إلا أنها "تدل على بقاء البيئة الحاضنة مصدر تهديد متكرر للأمن الداخلي".

وأشار التقرير إلى ما وصفه بـ"ضعف السيطرة الأمنية في المناطق المتنازع عليها"، وتعدد القوى المسلحة ذات الولاءات المختلفة فيها، مبينا أن بعض الفصائل المسلحة المرتبطة بـ"الحشد الشعبي" تفرض نفوذا ميدانيا من خلال نقاط تفتيش غير رسمية تمارس أحيانا أنشطة ابتزاز للسكان المحليين. كما سجل التقرير استمرار حوادث القتل والخطف والابتزاز السياسي في المناطق المختلطة، معتبرا أنها تمثل "إرثا لم يجر احتواؤه بالكامل رغم الجهود الحكومية".

في المقابل، رفضت لجنة الأمن والدفاع النيابية بالعراق ما ورد في التقرير، مؤكدة أن توصيفه للوضع الميداني "يفتقر إلى الحياد" ولا يعكس حقيقة التحسن الأمني المستمر منذ سنوات. وقال عضو اللجنة، النائب ياسر إسكندر، إن "بعض التقارير التي تصدر بين فترة وأخرى من جهات غربية، تتناول الشأن الأمني في العراق بلغة غير واقعية وتصور البلاد وكأنها تعيش حالة من الفوضى وعدم الاستقرار، في حين أن الحقيقة مختلفة تماما".

وأضاف إسكندر، أن "مستوى الطمأنينة في بغداد وبقية المدن العراقية هو الأفضل منذ عام 2003، وما ينشر من تحليلات سوداوية يعتمد في الغالب على مصادر غير دقيقة أو يخدم أجندات سياسية معينة"، مبينا أن "الواقع الأمني المستقر دفع العديد من الشركات الغربية والآسيوية والعربية إلى القدوم للعراق والاستثمار فيه، ما يؤكد أن مرحلة الاضطرابات أصبحت من الماضي، وأن الإرهاب لم يعد سوى في أنفاسه الأخيرة".

ويأتي التقرير الأوروبي في سياق متكرر لتقارير أمنية سابقة تناولت المناطق المتنازع عليها بوصفها "الثغرة الأكثر خطورة في المشهد الأمني العراقي"، نتيجة غياب التنسيق الكامل بين القوات الاتحادية والبيشمركة من جهة، وبين القوات المحلية والفصائل المسلحة من جهة أخرى. هذا التداخل في المسؤوليات جعل تلك المناطق – الممتدة من خانقين حتى مخمور – ساحة مفتوحة أمام تحركات الجماعات المتطرفة، التي تستغل تضارب الصلاحيات وغياب الاستخبارات الموحدة لإعادة التموضع.

ويرى مراقبون أن الحكومة العراقية نجحت خلال العامين الأخيرين في تحجيم قدرة داعش على شن هجمات واسعة، عبر تكثيف العمليات الاستباقية وضبط الممرات الحدودية، إلا أن الطبيعة الجغرافية للمناطق الجبلية والزراعية ما زالت تمنح التنظيم قدرة على الاختباء والمناورة المحدودة، وهو ما يجعل المشهد الأمني أكثر تعقيدا من مجرد تصنيفه بـ"مستقر" أو "منهار".

وبينما يركز التقرير الأوروبي على بؤر التهديد، تميل الرؤية الرسمية العراقية إلى عرض منجزات الاستقرار النسبي. هذه الازدواجية في المقاربة تعكس اختلافا في المعايير بين الطرفين: فالأول ينظر من زاوية المخاطر المحتملة والتهديدات غير التقليدية، بينما الثاني يستند إلى حجم الاستثمارات الأجنبية وعودة السياحة كمؤشرات على الأمن.

في النهاية، يعكس التباين بين التقارير الغربية والموقف الرسمي العراقي اختلافا في زاوية النظر أكثر مما هو خلاف على الوقائع. فبين من يقرأ الأمن من منظور الأرقام الميدانية ومن يقيسه بمؤشرات الطمأنينة العامة، يبقى العراق عالقا في مرحلة انتقالية، يحاول فيها تثبيت استقراره وسط خريطة متحركة من الولاءات والمصالح الأمنية المتشابكة، بحسب باحثين في الشأن الأمني.

لتاتي حادثة اغتيال عضو مجلس محافظة بغداد والمرشح للانتخابات النيابية المقبلة صفاء حسين ياسين المشهداني بعبوة لاصقة استهدفت مركبته في منطقة الطارمية شمال العاصم بغداد لتؤكد ان تقرير الاتحاد الاوروبي علي حق فعلا.

فالانفجار الذي دوى بعد منتصف الليل لم يقتل مسؤولا فحسب، بل أعاد فتح أسئلة ثقيلة عن هشاشة المنظومة الأمنية، وعن الجهات التي ما زالت قادرة على زرع عبوات تحت عجلات مسؤولين في قلب العاصمة.

الحادثة، التي وصفها مراقبون بأنها الأخطر منذ مطلع 2025، أعادت شبح الاغتيالات السياسية إلى الواجهة، ودفعت الحكومة إلى استنفار عاجل وتشكيل لجنة تحقيقية عليا بإشراف مباشر من القائد العام للقوات المسلحة، في وقت تتصاعد فيه المخاوف من أن يتحول موسم الانتخابات إلى ساحة تصفيات مبكرة.

شارك