أزمة الجهاديين الفرنسين.. هل تُشعل إدلب؟
الأربعاء 22/أكتوبر/2025 - 05:41 م
طباعة
شنت قوات الأمن السورية، عملية أمنية واسعة النطاق استهدفت "مخيم الفرنسيين" قرب بلدة حارم بريف إدلب الغربي، المعقل الأبرز لكتيبة "فرقة الغرباء" التي يقودها الجهادي الفرنسي السنغالي عمر ديابي، المعروف باسم عمر أومسين، أحد أبرز المطلوبين دوليا بتهم تتعلق بالإرهاب وتجنيد مقاتلين أجانب.
تصعيد أمني... واشتباكات عنيفة
العملية، التي جاءت بعد تصاعد التهديدات الأمنية داخل المخيم، نفذت بالتنسيق مع الحكومة الانتقالية السورية وبدعم سياسي وأمني يعتقد أنه فرنسي، في إطار تحرك أوسع لتفكيك الجماعات الجهادية الأجنبية في شمال غرب سوريا.
ووفق مصادر أمنية نقلتها وكالة فرانس برس، طوقت قوات الأمن المخيم بالكامل فجر الثلاثاء، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة عقب رفض عناصر "فرقة الغرباء" تسليم أنفسهم. وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان استخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وسقوط عدد من القتلى والجرحى من الجانبين، إضافة إلى اعتقال عدد من الجهاديين الفرنسيين.
طائرات مسيرة مجهولة حلقت فوق المنطقة، فيما أطلق المقاتلون نداء استغاثة (فزعة) لحلفائهم من المقاتلين الأجانب في إدلب، ما ينذر بتوسع الاشتباكات إلى مناطق أخرى.
مخيم الفرنسيين.. معقل مغلق تحت سلطة أومسين
يقع المخيم المعروف باسم "مخيم الفردان" على أطراف حارم، ويضم أكثر من 150 عائلة فرنسية مهاجرة، أغلبهم من أصول مغاربية وأفريقية وأوروبية. يقودهم عمر أومسين، البالغ من العمر 45 عاما، والمصنف على قوائم الإرهاب في فرنسا والولايات المتحدة.
تدار كتيبة "فرقة الغرباء"، التابعة شكليا لـ"الفرقة 82" في صفوف المعارضة، بشكل مستقل. وتفرض داخل المخيم قوانين صارمة تشمل التعليم الديني الإجباري، تقييد حركة النساء، ومنع أي تواصل مع الخارج دون إذن مسبق.
الهدف المباشر: توقيف أومسين وتفكيك الكتيبة
أعلن العميد غسان باكير، قائد قوات الأمن الداخلي في إدلب، أن العملية "جاءت استجابة لشكاوى أمنية خطيرة من داخل المخيم"، أبرزها حادثة اختطاف الطفلة الفرنسية ميمونة فرستاي (11 عاما)، التي وجهت أصابع الاتهام فيها إلى عمر أومسين شخصيا، بعد مطالبته بفدية مالية مقابل إطلاق سراحها.
رد الجماعة: مؤامرة دولية وتواطؤ إعلامي
في بيان عاجل، اتهمت "فرقة الغرباء" الحكومة السورية الانتقالية بـ"تنفيذ خطة دولية لتصفية المهاجرين"، مشيرة إلى محاولة اختراق أمني عبر "صحفيين مزيفين" ادعوا العمل لصالح قناة ARTE الفرنسية الألمانية.
وفي تسجيل صوتي نشر فجر اليوم، قال عمر أومسين إن "الحملة تدار من الاستخبارات الفرنسية والأمريكية"، بينما صرح نجله جبريل أومسين لوكالة فرانس برس أن العملية تهدف لتسليم مطلوبين فرنسيين، وسط اشتباكات لا تزال مستمرة.
دعم أوزبكي وتصعيد محتمل
في تطور خطير، بث مقاتلون أوزبك شريطا مصورا أعلنوا فيه التحاقهم بالمعركة دعما للمخيم، ما يهدد بتحول الاشتباك المحدود إلى انتفاضة أوسع للمقاتلين الأجانب في إدلب. وتفيد تقارير محلية بأن قوات الأمن تسعى لاحتواء الوضع ومنع تمدد الصراع إلى مناطق أخرى في شمال سوريا.
من هو عمر أومسين؟
عمر أومسين، أو "أمير الغرباء"، فرنسي من أصول سنغالية، ولد في السنغال ونشأ في مدينة نيس، حيث عمل في مطعم قبل أن يتحول إلى التطرف مطلع الألفينات. سافر إلى سوريا عام 2013، وأسس كتيبة "فرقة الغرباء" التي ضمت عشرات الجهاديين الفرنسيين.
اتهمته فرنسا بتجنيد ما لا يقل عن 80% من الجهاديين الفرنسيين الذين سافروا إلى سوريا والعراق. وسبق أن اعتقلته هيئة تحرير الشام بين عامي 2020 و2022 دون محاكمة.
أفول نفوذ الكتائب الأجنبية؟
بحسب مصادر حكومية، فإن العملية الأمنية جزء من مخطط شامل لتفكيك الكتائب الأجنبية المسلحة في إدلب، وسط ضغوط فرنسية وروسية على الحكومة السورية الانتقالية وهيئة تحرير الشام لإنهاء ملف الجهاديين الأجانب.
وقد يكون استهداف "فرقة الغرباء" نقطة البداية في هذا الاتجاه، تمهيدا لتسليم المطلوبين إلى حكوماتهم أو نزع سلاحهم بالكامل.
تحليل: بداية النهاية؟
تمثل حملة إدلب اختبارا لجدية الحكومة الانتقالية في فرض السيطرة الكاملة على المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وإعادة هيكلة المشهد الأمني بعد سنوات من فوضى الجماعات المسلحة.
ويبقى السؤال الأهم: هل تمثل هذه الحملة بداية تفكيك الكتائب الأجنبية بالفعل، أم أنها ستشعل فصولا جديدة من الصدامات في الشمال السوري؟
