تقرير أممي يكشف تنامي تحالف الحوثيين مع الجماعات الإرهابية في المنطقة
الثلاثاء 04/نوفمبر/2025 - 11:22 ص
طباعة
فاطمة عبدالغني
كشف تقرير صادر عن فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة بشأن اليمن، عن تصاعد غير مسبوق في مستوى التعاون بين جماعة الحوثيين المدعومة من إيران وعدد من التنظيمات المسلحة في المنطقة، من بينها حركة الشباب الصومالية وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، إلى جانب استمرار التنسيق مع إيران وحزب الله اللبناني وحركة حماس، ضمن ما يُعرف بـ"محور المقاومة".
وأشار التقرير، الذي رُفع إلى مجلس الأمن مطلع أكتوبر 2025، إلى أن الحوثيين لم يعودوا مجرد فاعل محلي داخل اليمن، بل تحولوا إلى جزء من شبكة إقليمية متداخلة تتجاوز الحدود، تسهم في زعزعة الأمن والاستقرار الإقليمي.
وأوضح الفريق الأممي أن التحالف القائم بين الحوثيين وإيران وحزب الله وحماس ما يزال قائماً وفعّالاً، رغم تقديرات سابقة أشارت إلى تراجعه.
وأورد التقرير أن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي تحدث علناً عن "الدعم المتبادل" مع حركة حماس، فيما أشاد قائد الحركة في غزة يحيى السنوار بالهجمات الحوثية ضد إسرائيل، ما يؤكد وجود تنسيق سياسي وإعلامي بين الطرفين.
وأبرز التقرير أن حادثة الإفراج عن طاقم السفينة "غالاكسي ليدر" في يناير 2025، تزامنت مع إفراج حماس عن رهائن في غزة، في مؤشر على مستوى التنسيق غير المسبوق بين الجانبين.
وبحسب التقرير، لا يزال مستشارون من حزب الله اللبناني داخل مناطق سيطرة الحوثيين يقدمون دعماً فنياً في تطوير برامج الصواريخ والطائرات المسيّرة، رغم مغادرة الجنرال الإيراني عبد الرضا شهلائي صنعاء.
كما رصد الفريق مقتل مقاتلين حوثيين في لبنان خلال غارات إسرائيلية على مواقع لحزب الله في سبتمبر 2024، ما يعكس الطابع العابر للحدود لعلاقات الجماعة وتحالفاتها.
وفي جانب آخر، كشف التقرير عن توسع غير مسبوق في العلاقة بين الحوثيين وحركة الشباب المجاهدين في الصومال خلال عام 2025، شمل تهريب الأسلحة وتبادل التدريب الفني والدعم اللوجستي.
وأفاد بأن اليمن أصبح مركزاً لتدريب عناصر الحركة الصومالية في مجالات تصنيع العبوات الناسفة وتكنولوجيا الطائرات المسيّرة، بينما سافر مهندسون حوثيون إلى مدينة "جِلب" الصومالية لتدريب مقاتلين هناك، وفي المقابل، نُقل نحو 400 عنصر من مقاتلي حركة الشباب إلى اليمن لتلقي تدريبات عسكرية وأيديولوجية في مناطق خاضعة لسيطرة الجماعة.
وأشار التقرير إلى أن الصومال باتت محطة رئيسية لعبور الأسلحة إلى الحوثيين، حيث تُنقل الشحنات على متن قوارب شراعية صغيرة من موانئ قندلا وعلولا ورأس عسير وخورة باتجاه سواحل حضرموت وشبوة، ومنها إلى مناطق سيطرة الحوثيين.
وفي المقابل، صادرت الأجهزة الأمنية الصومالية شحنات متفجرات وطائرات مسيرة كانت في طريقها إلى اليمن، واعتقلت العشرات من المتورطين في شبكات تهريب تضم نحو سبعين عنصراً على صلة بالحوثيين وحركة الشباب.
أما فيما يتعلق بتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، فقد أكد التقرير استمرار العلاقات العملياتية بينه وبين الحوثيين، مشيراً إلى اتفاق ميداني غير معلن لوقف الأعمال العدائية بين الطرفين، والتركيز بدلاً من ذلك على خوض حرب استنزاف مشتركة ضد القوات الحكومية اليمنية.
ولفت إلى أن الحوثيين قدموا علاجاً طبياً لعناصر من التنظيم في مناطق سيطرتهم، كما وثّق الفريق اتصالات مباشرة بين قيادات من الطرفين وأجهزة أمن حوثية لتنسيق الأنشطة الميدانية.
وأوضح أن التنظيم، بقيادة سعد بن عاطف العولقي، نفذ 39 هجوماً خلال الفترة المشمولة، تركزت في محافظتي أبين وشبوة، من بينها تفجير انتحاري في أغسطس 2024 استهدف قاعدة عسكرية في مديرية مودية وأسفر عن مقتل 16 جندياً.
كما كشف التقرير عن استخدام تنظيم القاعدة العملات المشفرة ووسائل التواصل الاجتماعي لتمويل عملياته واستقطاب مقاتلين أجانب، في حين أصبح الحوثيون المورد الرئيسي للسلاح في المنطقة، يتحكمون في شبكات تهريب تمتد من اليمن إلى القرن الأفريقي.
وأشار إلى أن غارة أمريكية نُفذت في أبريل 2025 استهدفت شبكة تهريب يديرها الحوثيون، وأسفرت عن مقتل زعيم الشبكة وعدد من المتورطين.
وخلص تقرير فريق الخبراء إلى أن هذا النشاط الواسع والمتشعب يمثل انتهاكاً صارخاً لحظر السلاح المفروض على الحوثيين بموجب القرار 2216 (2015)، ويكشف عن تنامي نفوذ الجماعة الإقليمي التي باتت تستخدم التعاون مع الجماعات الإرهابية لتعزيز حضورها العسكري والاقتصادي، في إطار استراتيجية أوسع تهدف إلى ترسيخ موقعها ضمن محور إقليمي تقوده إيران.
ويرى المراقبون أن ما ورد في التقرير يعزز المخاوف الدولية من تحول الحوثيين إلى "قوة هجينة" تمزج بين النشاط العسكري النظامي والحرب غير المتكافئة عبر شبكات الإرهاب والتهريب، كما يؤكد المراقبون أن هذا التمدد لا يهدد فقط الأمن اليمني، بل يمتد ليشكل خطراً على الممرات البحرية في البحر الأحمر وبحر العرب، وعلى الاستقرار الإقليمي برمته، في ظل صمت دولي متزايد تجاه تصاعد النفوذ الإيراني في المنطقة عبر أذرع مسلحة متعددة الجنسيات.
