خفايا جحور داعش بالعراق .....اكثر من 200 متصله عبر طرق سرية

الثلاثاء 02/ديسمبر/2025 - 01:00 م
طباعة خفايا جحور داعش بالعراق روبير الفارس
 
تمثل الجحور والكهوف والأنفاق الصحراوية أحد أخطر التكتيكات التي اعتمد عليها تنظيم داعش في العراق خلال سنوات نشاطه، ولا تزال حتى اليوم تشكّل تحديًا أمنيًا مستمرًا رغم تراجع قدرته العسكرية. وجاء إعلان مديرية الاستخبارات العسكرية العراقية  اليوم عن مداهمة أحد جحور داعش في صحراء الأنبار ليعيد تسليط الضوء على هذه البنى السرية التي شكّلت ركيزة أساسية في استراتيجية التنظيم للبقاء والتخفي وإدارة عملياته. تقع الجحور غالبًا في المناطق الصحراوية الوعرة، ولا سيما في غرب الأنبار، بمحاذاة الحدود السورية. وتتميز هذه المناطق بمساحات شاسعة يصعب مسحها أمنيًا بشكل كامل، ما جعلها بيئة مثالية للتنظيم في فترة ما قبل التحرير وبعده. وتمتد بعض الجحور إلى عشرات الأمتار تحت الأرض، وتتصل أحيانًا بممرات وأنفاق قديمة أو طبيعية، بينما تُنشأ أخرى عبر الحفر اليدوي المدروس، مع وجود فتحات تهوية مخفية وطرق بديلة للهروب. وعلى مستوى الاستخدام، اعتمد داعش على هذه الجحور كملاجئ آمنة لقياداته وعناصره، وكمستودعات للأسلحة والعتاد، إضافة إلى كونها نقاطًا لإصدار التوجيهات وإدارة العمليات في المناطق التي كان التنظيم يعدّها "ولايات" له. كما مثّلت الجحور مواقع مناسبة لتنفيذ خطط إعادة تنظيم الصفوف بعد الضربات العسكرية، وتخزين المؤن والوقود، فضلًا عن استخدامها كمنصات لتنفيذ عمليات الاغتيال ونصب العبوات والكمائن قبل أن يعود العناصر للاختباء في عمق الصحراء. أما من ناحية الأهمية، فتنبع خطورة هذه الجحور من كونها تمنح التنظيم قدرة على التخفي والبقاء رغم فقدانه السيطرة على المدن. فهي تتيح لعناصره تنفيذ هجمات خاطفة ثم التراجع دون ترك أثر، مما يجعلها تهديدًا مستمرًا للقوات الأمنية وللاستقرار في المناطق الغربية. كما تساعد الجحور في بقاء بعض الخلايا النائمة على قيد الحياة، وتمكّن التنظيم من تنفيذ نشاطات إرهابية متفرقة رغم الضربات المتواصلة. وفيما يتعلق بعددها، لا يوجد رقم دقيق معلن للجحور التي أنشأها داعش في العراق، إذ تشير التقديرات الأمنية إلى وجود العشرات من المواقع المكتشفة سنويًا، مقابل أخرى يجري رصدها أو الاشتباه بوجودها. ففي الأنبار وحدها، وخاصة في القائم والرطبة والحضر والصحراء الغربية، اكتشفت القوات العراقية خلال السنوات الماضية أكثر من مئتي جحر وكهف ونفق، بعضها متصل ببعض عبر طرق سرية تمتد إلى داخل الأراضي السورية. ويُرجّح الخبراء أن يكون العدد الحقيقي أعلى من ذلك بسبب الطبيعة الجغرافية الصعبة وامتداد المناطق الصحراوية. وتكشف العملية الأخيرة التي نفذها قسم استخبارات وأمن فرقة المشاة السابعة في القائم عن استمرار الجهود العسكرية في تعقب ما تبقى من مخابئ التنظيم. وقد عُثر داخل الجحر على أسلحة واعتدة متهالكة، وهو ما يدل على أن بعض هذه الجحور لم يعد مستخدمًا بفاعلية، لكنه يظل يشكّل تهديدًا محتملاً إذ يمكن إعادة استغلاله من قبل عناصر جديدة أو خلايا متخفية إذا لم تتم معالجة الموقع بشكل نهائي، وهو ما قامت به كتيبة الهندسة عبر رفع المواد وتفجيرها موقعيًا. وتُبرز هذه العمليات الدور المحوري للاستخبارات العسكرية في الحفاظ على الأمن، وتؤكد أن المعركة مع داعش في الصحراء ما زالت قائمة في شكلها الأمني والاستخباري، رغم انتهاء المعركة العسكرية الكبرى. كما تشير إلى أن القضاء الكامل على بقايا التنظيم يتطلب استمرار عمليات التمشيط، وتطوير تقنيات الرصد الجوي، وإحكام السيطرة على المناطق الحدودية التي تستغلها الخلايا المتبقية في التنقل وإعادة التموضع.

شارك