انهيار العمل الإغاثي في مأرب.. توقف 90% من المشاريع بسبب الانتهاكات الحوثية
السبت 06/ديسمبر/2025 - 12:35 م
طباعة
فاطمة عبدالغني
تعيش محافظة مأرب اليمنية لحظة شديدة الخطورة بعد توقف ما يقارب 90% من المشاريع الإغاثية والإنسانية، وفق بيان الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، في تطور ينذر بانهيار كارثي للوضع الإنساني في محافظة تستقبل ملايين النازحين، توقف هذه المشاريع لم يكن نتيجة لعوامل مالية أو لوجستية بحتة، بل جاء كنتيجة مباشرة لانتهاكات ممنهجة مارستها مليشيات الحوثي ضد العاملين الإنسانيين والمنظمات الدولية، الأمر الذي تسبب في موجة انسحابات واسعة، وترك آلاف الأسر دون مصدر يضمن لها الغذاء أو الدواء أو المأوى.
المشهد الذي ترسمه الشبكة قاتم ومقلق، فالانتهاكات الحوثية طالت العاملين في المجال الإغاثي من خلال الاحتجاز التعسفي، والملاحقات، وفرض القيود والابتزاز، واقتحام مقرات العمل ومحاولة السيطرة عليها، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني الذي يضمن حرية العمل الإغاثي ويحظر تسييسه.
وفي ظل هذا المناخ العدائي، تراجع عدد من المنظمات الدولية عن العمل داخل اليمن، وهو ما تسبب في تعطيل العمليات الإنسانية ووقف برامج واسعة كانت تمثل شريان الحياة لآلاف النازحين والضعفاء.
مأرب التي تستقبل أكثر من مليوني نازح باتت اليوم من أكثر المحافظات عرضة للانهيار الإنساني، فتوقف البرامج الإغاثية انعكس مباشرة على حياة المدنيين داخل المخيمات والمجتمعات المضيفة، فقد تقلصت السلال الغذائية والمساعدات الطارئة، وتوقفت برامج الدعم النقدي والخدمات الأساسية، بينما ارتفعت معدلات سوء التغذية بين الأطفال والنساء، وبدأت مؤشرات الخطر تظهر داخل مخيمات النزوح المكتظة، حيث يواجه السكان تهديداً مباشراً للحياة في ظل شح الماء والغذاء والرعاية الصحية.
وترى الشبكة اليمنية للحقوق والحريات أن تحويل ملف المساعدات الإنسانية إلى أداة ضغط سياسي واستغلاله في سياق الصراع يمثل خرقاً واضحاً للقوانين الدولية.
إن ممارسات مصادرة المساعدات، أو إعادة توجيهها لصالح الجماعة المسلحة، أو فرض القيود على حركة العاملين الإنسانيين، أجهضت الثقة الدولية وأعاقت استمرار المشاريع الإنسانية، ودفعت المنظمات إلى الانسحاب خوفاً على سلامة موظفيها، هذه الإجراءات أدت عملياً إلى شلل شبه كامل للعمل الإغاثي، على الرغم من أن الوضع الإنساني في مأرب بات أكثر هشاشة من أي وقت مضى.
وأمام هذه الوقائع، أطلقت الشبكة نداءً عاجلاً للمجتمع الدولي، مطالبة الأمم المتحدة والدول المانحة باتخاذ خطوات عملية لحماية العاملين في المجال الإنساني وضمان وصول المساعدات دون عوائق.
كما دعت إلى التحقيق في الانتهاكات التي أدت إلى تراجع النشاط الإغاثي وتحميل المسؤولين عنها تبعات قانونية، مؤكدة أن حياة المدنيين لا يجب أن تكون رهينة صراع أو ابتزاز.
في الوقت ذاته، حثت المنظمات الدولية على عدم التخلي عن ملايين المحتاجين والبحث عن آليات بديلة تضمن استمرار التدخل الإنساني بعيداً عن الضغوط، بينما طالبت الحكومة اليمنية بتقديم التسهيلات اللازمة لإعادة تفعيل المشاريع خصوصاً في المناطق المحررة.
ويرى المراقبون أن ما يجري في مأرب ليس مجرد تعطل مؤقت لخدمات إنسانية، بل مؤشر على أزمة أعمق تهدد الاستقرار الاجتماعي والإنساني في واحدة من أكثر المحافظات استقبالاً للنازحين، ويؤكد المراقبون على أن استمرار الوضع على هذا النحو سيعني عملياً انهيار الأمن الغذائي والصحي، وتفاقم معدلات سوء التغذية والأمراض داخل المخيمات، وقد يفتح الباب أمام موجات نزوح جديدة أو ارتفاع معدلات الوفيات.
المراقبون يشددون أيضاً على أن المجتمع الدولي مطالب بموقف أكثر صرامة، فغياب الردع شجع على تكرار الانتهاكات واستهداف العاملين الإنسانيين، إن استمرار تعطيل العملية الإنسانية وتحويلها إلى ورقة ضغط سياسية لن يؤدي إلا إلى كارثة غير مسبوقة، وهو ما يجعل التحرك العاجل ضرورة أخلاقية وإنسانية، وليس مجرد خيار دبلوماسي.
