الوحش يستيقظ ..داعش ينتعش في سوريا وتهديدات مبطنة للعراق
الثلاثاء 09/ديسمبر/2025 - 11:43 ص
طباعة
روبير الفارس
"الكثير ممن لم تعجبه سياستنا انضم لتنظيم داعش" هكذا تحدث وزير الداخلية السوري "أنس خطاب "كاشفا المشهد الأمني داخل بلاده، ، متحدثاً عن أن التنظيم بدأ بالانتشار في المدن السورية الكبرى، من دمشق وحلب إلى إدلب واللاذقية وطرطوس وحماة والبادية، بما يعني أن التحدي لم يعد مقتصراً على جيوب صحراوية أو قرى هامشية، بل يمتد إلى مراكز حضرية وساحلية وداخلية، ويستثمر حالة التحول السياسي والأمني التي تعيشها البلاد بعد سقوط النظام السابق وصعود قيادة جديدة. هذا الاعتراف الرسمي يجعل من أي حديث عن استقرار على خطوط التماس مع العراق مسألة نسبية، لأن طبيعة الخطر تتغير في العمق السوري حتى لو بدت الحدود نفسها هادئة في اللحظة الراهنة.
وكشفت تقارير اعلامية عن انتعاش تنظيم داعش في سوريا .مما يستدعي يقظة دائمة بعيدا عن الاستكانة الظاهرة على الخرائط العسكرية والتقارير الرسمية في بغداد، حيث تبدو الحدود العراقية – السورية في واحدة من أكثر مراحلها هدوءاً خلال السنوات الأخيرة؛ لا حديث عن خروقات كبيرة، ولا إشارات إلى تحركات واسعة يمكن أن تعيد إلى الأذهان مشاهد تمدد تنظيم داعش عبر الشريط الحدودي كما حدث قبل أكثر من عقد. لكن على الضفة الأخرى، في العمق السوري الذي تغيّر نظامه السياسي وتغيّرت معه خرائط القوى المسلحة، تصدر تصريحات لمسؤولين بارزين تتحدث عن عودة نشاط التنظيم في المدن الكبرى، وعن مراكز احتجاز وسجون مكتظة بعناصره، وعن مخاوف من سيناريوهات هروب وهجمات جديدة، ما يجعل سؤال الاستقرار الحدودي أكثر تعقيداً من مجرد توصيف لحالة نقاط التفتيش والدوريات.
إلى جانب هذه الصورة، يضيف القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي طبقة أخرى من المعطيات تتعلق بما يسميه "التهديد المستمر" للتنظيم، سواء في شكل خلايا نائمة أو في شكل سجون ومخيمات مكتظة بعناصره وعائلاتهم. عبدي يؤكد، في أكثر من مناسبة، أن داعش "لا يزال قائماً" وأن خلاياه تواصل النشاط في مناطق مختلفة من شمال وشرق سوريا، وأن قواته تقدم "تضحيات يومية" في مواجهته، مشيراً إلى أن "قسد" تدير أكثر من 26 مركز احتجاز وثلاثة سجون رئيسية تضم نحو 10 آلاف سجين من عناصر التنظيم، منها ما بين 3 آلاف إلى 4 آلاف في مرافق الحسكة وحدها، إلى جانب مخيمات تضم عشرات الآلاف من عائلات المقاتلين، وفي مقدمتها مخيم الهول. كما يشير إلى وجود وثائق استخباراتية تتحدث عن خطط لشن هجمات على هذه السجون والمخيمات على غرار الهجوم الذي استهدف سجن غويران في الحسكة عام 2022، محذراً من أن أي نجاح لمثل هذه العمليات سيعني عودة سريعة لمقاتلين أشد تطرفاً إلى الميدان.
في قراءة عبدي، قضية معتقلي داعش وعائلاتهم ليست شأناً محلياً يمكن تركه لقواته وحدها، بل "قضية دولية" لا يمكن التعامل معها إلا من خلال مقاربة أوسع تشارك فيها الأمم المتحدة ودول المنطقة والدول التي يحمل هؤلاء جنسياتها، إذ يرى أن إبقاء عشرات الآلاف في مخيمات مثل الهول من دون حلول سياسية وقضائية وإعادة تأهيل وتعليم وخدمات كافية، يخلق بيئة جاهزة لإنتاج جيل جديد يحمل أفكار التنظيم ويعيد تدويرها، خاصة مع تراجع الدعم الدولي وتنامي الضغوط على الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا. في هذا السياق، تصبح السجون والمخيمات جزءاً من معادلة التهديد وليست مجرد ملف إنساني أو إداري، لأن أي خلل أمني أو سياسي هناك قد ينعكس موجات حركة لا تقتصر على الأراضي السورية، بل تمتد إلى الدول المجاورة، وفي مقدمتها العراق.
