من تكساس إلى فلوريدا: موجة تصنيفات أميركية تُضيّق الخناق على الإخوان دوليًا
الثلاثاء 09/ديسمبر/2025 - 12:42 م
طباعة
حسام الحداد
أعلن حاكم فلوريدا، رون ديسانتيس، إدراج جماعة الإخوان وCAIR ضمن “المنظمات الإرهابية الأجنبية” في الولاية، وفرض حظر على أي شخص أو جهة تقدّم لها دعماً مادياً — من عقود أو موارد أو امتيازات.
القرار يأتي بعد خطوة مماثلة تصدّرتها ولاية ولاية تكساس، وكان جزءًا من حملة أوسع داخل الولايات المتحدة بدفع من الحكومة الفيدرالية، ضمن توجه لتصنيف بعض فروع الإخوان — وربما لاحقًا الجماعة ككل — كمنظمات إرهابية.
بحسب ديسانتيس، القرار يستند إلى ما وصفه “معلومات عن تأسيس الجماعة وشبكاتها الدولية” وعلاقاتها بما يعتبره دعمًا ماديًا لجماعات في الشرق الأوسط — مثل حماس.
دلالات القرار
تحول في الموقف الأميركي – شبه انفصال عن الاعتبارات السياسية القديمة
القرار يعكس تغييرًا جذريًا في كيفية تعامل بعض الولايات مع جماعة إسلامية تاريخية مثل الإخوان، بعد أن كانت الولايات المتحدة تتعامل معها بحذر بسبب تنوع فروعها، اختلاف أنشطتها، واعتبارات تحالفاتها الإقليمية.
هذه الخطوة («محلي–ولائي») تُظهر أن التشريعات لم تعد تُقيّد فقط على المستوى الفيدرالي، بل باتت الولايات على استعداد لاتخاذ قرارات مستقلة. وهذا قد يُمهد لتوسّع مثل هذه التصنيفات.
ضغط قانوني ومالي على شبكات الجماعة وواجهاتها — داخل أمريكا أولاً، ثم قد يمتد دولياً
حظر التمويل، التضييق على التوظيف، تجميد الأصول — كلها إجراءات تبدأ في الولاية نفسها، لكنها تحمل “إشارة قوية” لمنظمات مماثلة في الولايات الأخرى أو في الخارج: أن أي تعامل مع الإخوان/واجهاتها قد يعرض الجهات لعقوبات.
من منظور الجماعة، هذه خطوة لإضعاف قنوات دعم محتملة، دعم لجان أو شبكات تنشط دولياً — خصوصاً إذا كانت هناك كيانات مرتبطة بـCAIR أو جماعة الإخوان في دول عربية أو مسلمة.
تعزيز خطاب “الإرهاب” ضد الإخوان — مع آثار إعلامية ودبلوماسية
القرار يُضفي صبغة “إرهابية رسمية” على الإخوان، وهذا قد يُستخدم في الإعلام والسياسة لتبرير مواقف معادية للجماعة داخل دول عدة، أو تشديد مواقف حكومية ضد فروعها.
دلالة رمزية قوية: من منظمة سياسية/دينية إلى “منظمة إرهابية” — وهو تحوّل في الرؤية القانونية والسياسية تجاه الإخوان، قد يُلهم دولًا أخرى لاتخاذ قرارات مماثلة.
إشارة إلى إمكانية توسيع الاستهداف لاحقًا — ليس فقط داخل أمريكا، بل على المستوى الدولي
كما يشير تحليل خبراء نقلته بعض المصادر، هناك توجه لتصنيف بعض فروع الإخوان في دول عربية (مصر، الأردن، لبنان…) كمنظمات إرهابية.
هذا يعني أن القرار الأميركي – خصوصًا إذا رافقه دعم دبلوماسي – قد يشكل غطاءً لإجراءات دولية أو شبه دولية ضد فروع الجماعة في الشرق الأوسط.
تداعيات محتملة على الإخوان وأفرعها في الشرق الأوسط والعالم
ضغط مضاعف على الفروع الناشطة دولياً: الفروع التي تتلقى موارد أو تمويل من خارج — أو فلول مهاجرين ونشطاء في الغرب — قد تجد صعوبة في استمرارية التواصل والدعم، خصوصًا إذا خُتمت بعلامة “إرهاب”.
إضعاف قدرة الجماعة على العمل السياسي والاجتماعي: إذا انتشر هذا التصنيف إلى دول أخرى أو حصلت دول عربية أو غربية على ذريعة قانونية لملاحقة أنشطتها أو غلقها.
زيادة العزلة الدبلوماسية والإعلامية للجماعة: سيتم استخدامها كذريعة لتشويه صورتها في العلن وربطها بقضايا “أمن دولي وإرهاب”، ما قد يُضعف أي محاولات لإعادة دمج الجماعة سياسياً أو أورقياً.
تأثير نفسي ومعنوي داخلي — تصدع في شبكة تواصل المهاجرين: أفراد وناشطون انتقلوا إلى أمريكا وأوروبا قد يُواجهون خطر الملاحقة أو الترحيل أو حظر النشاط، ما قد يقلل من تفاعلهم أو عزيمتهم على العمل أو الدعوة.
فتح الباب لتشريعات وتعاون أمني/أستخباراتي دولي أوسع: إذا أصبحت التصنيفات قانوناً واسع الاعتماد، قد تُستخدم لتبرير تبادل معلومات وملاحقات عبر الحدود ضد من يعتبرون “مرتبطين” بالإخوان أو بدعمهم.
مخاطر محتملة — من “مواجهة الإرهاب” إلى “قمع الاختلاف السياسي”
التصنيف قد يُستخدم ليس فقط ضد الذين لهم صلات مؤكدة بالعنف، بل ضد معارضين سياسيين أو ناشطين تربطهم الجماعة — وهو ما قد يؤدي إلى استهداف معارضين أو ناشطين مدنيين تحت ذريعة “محاربة الإرهاب”.
في دول عربية، قد يُعزز هذا القرار حجة بعض الأنظمة لحظر الجماعة أو ملاحقة أنشطتها داخلياً، حتى لو كانت غير مسلحة — مما يمس حرية التعبير والتنظيم.
الخطر من أن يُناقش القرار كجزء من سياسية “استبعاد الإسلام السياسي” ككل، ما يعني تهميش التيارات الإسلامية المعتدلة أو التقليدية، أو ربط الإسلام السياسي مباشرة بدعاوى “إرهاب”.
كيف ينظر محللون وسياسيون لهذا القرار
بعضهم يرى أن هذه الخطوة “متأخرة” لكن ضرورية — لأن الجماعة، بحسبهم، لها شبكة عالمية، وبعض أذرعها دعمّت فصائل تصنّف إرهابية، وبالتالي التصنيف كان باید أن يتم منذ زمن.
آخرون يعتبرون أن القرار له بُعد سياسي داخلي في الولايات المتحدة — جزء من استراتيجية “أمنية/إيديولوجية” ضد ما يسمّى “الإسلام السياسي” بعد موجة الصراعات الأخيرة في الشرق الأوسط.
هناك تحفّظ قانوني: لأن التصنيف جاء على مستوى ولاية وليس فدرالي — بمعنى أن قوّة القرار قد تظل محدودة ضمن حدود الولاية، ولا يعني بالضرورة أن الحكومة الفيدرالية ستتبناه بشكل شامل.
ما الذي قد يحصل من الآن فصاعدًا؟
أعتقد أن هذا القرار يمثل نقطة مفصلية في مسار مواجهة “الإسلام السياسي” — خصوصًا جماعة الإخوان — على الصعيد الدولي، لكنه ليس نهاية:
إذا استمرت هذه الخطوات (تصنيفات، حظر، تجميد أصول) في عدة ولايات أو من الفيدرالي، فإن قدرة الإخوان على العمل كمنظمة دولية أو كما كانوا في الماضي ستنخفض بشكل كبير.
لكن في المقابل، إذا استخدمت التصنيفات لقمع سياسي أو لمنع نشاط مدني/اجتماعي مشروع — فذلك قد يثير جدلًا واسعًا حول الحقوق والحريات، ويعطي شبهة أن القرار ليس أمنياً فقط إنما سياسيًا/أيديولوجيًا.
على المدى البعيد، الجماعة قد تفقد قواعد دعم مهمّة في الغرب — ما يعني أن تأثيرها العالمي سينحصر أكثر داخل الدول التي تُسمح فيها أنشطتها أو تتحالف معها أنظمة محلية.
