عملية "عين الصقر".. ضربات أمريكية دقيقة تطال معاقل "داعش" في سوريا
السبت 20/ديسمبر/2025 - 01:14 م
طباعة
فاطمة عبدالغني
في تصعيد عسكري لافت يعكس حساسية المشهد الأمني في سوريا وتعقيدات الحرب المستمرة على الإرهاب، شنت القوات الأمريكية خلال الساعات الماضية ضربات واسعة النطاق استهدفت عشرات المواقع التابعة لتنظيم "داعش الإرهابي" في مناطق متفرقة من وسط وشرق سوريا.
وجاءت هذه الضربات في أعقاب هجوم دامٍ وقع في مدينة تدمر وأسفر عن مقتل ثلاثة جنود أمريكيين نهاية الأسبوع الماضي، في حادثة أعادت إلى الواجهة خطر عودة نشاط التنظيم المتطرف واستهدافه المباشر للقوات الدولية المنتشرة في البلاد.
ووصفت الإدارة الأمريكية العملية بأنها رسالة ردع حاسمة، تهدف إلى تقويض قدرات التنظيم ومنعه من إعادة ترتيب صفوفه أو استغلال الثغرات الأمنية في مرحلة سياسية وأمنية شديدة التعقيد.
وأكدت وزارة الدفاع الأمريكية أن العملية، التي حملت اسم "عين الصقر"، استهدفت بشكل مركز مقاتلي تنظيم "داعش" وبناه التحتية ومخازن الأسلحة التابعة له، موضحة أن الضربة جاءت كرد مباشر على الهجوم الذي استهدف القوات الأمريكية في 13 ديسمبر.
وشدد وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث على أن العملية تعكس التزام واشنطن بملاحقة التنظيم بلا هوادة، فيما وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الضربات بأنها "رد انتقامي قاس جداً"، مؤكداً أن الولايات المتحدة توجه ضربات قوية لمعاقل التنظيم في سوريا.
من جهتها، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم" أن طائرات مقاتلة ومروحيات هجومية ومدفعية شاركت في قصف أكثر من سبعين هدفاً في أنحاء متفرقة من وسط سوريا، مستخدمةً أكثر من مئة ذخيرة دقيقة استهدفت مواقع بنية تحتية معروفة ومخازن أسلحة تابعة للتنظيم.
وأكد قائد "سنتكوم" الأدميرال براد كوبر أن القوات الأمريكية ستواصل ملاحقة العناصر الإرهابية التي تهدد الأمريكيين وشركاءهم في المنطقة، مشيراً إلى أن الضربات تأتي ضمن استراتيجية مستمرة لإضعاف التنظيم ومنعه من تنفيذ هجمات جديدة.
وأفادت القيادة الوسطى الأمريكية بأن القوات الأمريكية وقوات التحالف نفذت، عقب هجوم تدمر، عشر عمليات عسكرية في سوريا والعراق أسفرت عن مقتل أو اعتقال 23 عنصراً إرهابياً، دون تحديد انتماءاتهم التنظيمية.
وفي السياق ذاته، ذكرت مصادر أمنية سورية أن الغارات الجوية الأمريكية طالت مناطق في البادية بريف حمص، إضافة إلى مناطق ريفية قرب دير الزور والرقة، مشيرة إلى وقوع انفجارات عنيفة وسقوط شظايا نيران متوسطة العيار في مناطق صحراوية جنوب غربي الرقة.
في المقابل، أكدت وزارة الخارجية السورية في بيان رسمي التزام دمشق الثابت بمكافحة تنظيم "داعش الإرهابي" ومنع وجود أي ملاذات آمنة له على الأراضي السورية، مشددة على أن السلطات ستواصل تكثيف عملياتها العسكرية ضد التنظيم في جميع المناطق التي يشكل فيها تهديداً.
وكشفت وزارة الداخلية السورية عن هوية منفذ الهجوم الذي أودى بحياة الأمريكيين الثلاثة في منطقة تدمر، موضحة أنه عنصر أمني كان من المقرر فصله بسبب تبنيه أفكاراً تكفيرية ومتطرفة، في حادثة وُصفت بأنها غير مسبوقة منذ التغيرات السياسية الأخيرة التي شهدتها البلاد.
ويعيد هذا التطور التذكير بتاريخ مدينة تدمر التي كانت أحد أبرز معاقل تنظيم "داعش" بين عامي 2015 و2017، حين سيطر التنظيم عليها مرتين، وارتكب خلالها انتهاكات جسيمة شملت تدمير أجزاء من آثارها المدرجة على قائمة "اليونيسكو"، إضافة إلى تنفيذ إعدامات جماعية بحق مدنيين وعسكريين.
كما يأتي التصعيد العسكري في وقت تسعى فيه دمشق إلى تعزيز تعاونها مع التحالف الدولي ضد التنظيم، بعد انضمامها رسمياً إليه خلال زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى واشنطن الشهر الماضي، في محاولة لإعادة رسم علاقاتها الدولية ومواجهة التحديات الأمنية المتصاعدة.
ويرى المراقبون أن الضربات الأمريكية الأخيرة تحمل رسائل متعددة، أبرزها التأكيد على أن واشنطن لن تتهاون مع أي تهديد يستهدف قواتها، وأن تنظيم "داعش" ما زال يمثل خطراً حقيقياً رغم الضربات المتلاحقة التي تلقاها خلال السنوات الماضية.
ويعتقد المراقبون أن المرحلة المقبلة ستشهد تصعيداً استخباراتياً وعسكرياً متوازناً، خاصة في المناطق الصحراوية والحدودية، وسط مخاوف من استغلال التنظيم لحالة عدم الاستقرار السياسي والأمني لإعادة بناء قدراته وشن هجمات جديدة، ما يجعل المواجهة معه مفتوحة على احتمالات متعددة في المدى القريب.
