"من يتصدى للمشروع الإيراني في اليمن؟": متابعات الصحف العربية والأجنبية
الإثنين 22/ديسمبر/2025 - 11:35 ص
طباعة
إعداد: فاطمة عبدالغني
تقدم بوابة الحركات الاسلامية أبرز ما جاء في الصحف ووكالات الأنباء العربية والعالمية بخصوص الأزمة اليمنية، ومشاورات السويد، والدعم الإيراني للحوثيين، بكافة أشكال الصحفي (أخبار – تعليقات – متابعات – تحليلات– آراء) اليوم 22 ديسمبر 2025.
العربية نت: العليمي يدعو "المجلس الانتقالي" إلى تغليب الحكمة ولغة الحوار
دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، الشركاء في مكوّن المجلس الانتقالي الجنوبي إلى تغليب الحكمة ولغة الحوار، وتجنيب الشعب اليمني والمصالح العليا للبلاد والأمن الإقليمي والدولي تهديدات غير مسبوقة، وعدم التفريط بالمكاسب المحققة خلال السنوات الماضية بدعم من الأشقاء في تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية، وفي المقدمة مكاسب القضية الجنوبية العادلة.
وقال مصدر مسؤول في مكتب رئاسة الجمهورية، في بيان، مساء الأحد، ان العليمي، أهاب بكافة المكوّنات السياسية وأبناء الشعب اليمني الالتفاف حول مشروع الدولة الوطنية المنشودة، وحشد الطاقات لمعركة استعادة مؤسسات الدولة وإسقاط انقلاب الميليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني، وإنهاء المعاناة الإنسانية التي طال أمدها.
وبحسب البيان، فقد وجّه رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الحكومة والسلطات المعنية باتخاذ كافة الإجراءات القانونية والإدارية بحق أي تجاوزات تمس وحدة القرار، أو تحاول فرض سياسات خارج الأطر الدستورية ومرجعيات المرحلة الانتقالية، مؤكداً ضرورة حماية المركز القانوني للدولة ووحدة مؤسساتها وعدم الإضرار بمصالح المواطنين.
وأوضح أن العليمي، تابع باهتمام بالغ ما جرى تداوله مؤخراً من بيانات وتصريحات صادرة عن بعض الوزراء والمسؤولين التنفيذيين في الحكومة، تضمنت مواقف سياسية لا تندرج ضمن مهامهم الوظيفية ولا تنسجم مع المرجعيات الدستورية والقانونية الناظمة للمرحلة الانتقالية وعمل مؤسسات الدولة.
وأشار إلى أن التوجيهات الرئاسية تقضي بالالتزام الصارم من جميع المسؤولين التنفيذيين بالعمل وفق قرارات مجلس القيادة الرئاسي والبرنامج الحكومي ومرجعيات المرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.
وأضاف البيان، أن القيادة السياسية الشرعية المعترف بها وطنياً وإقليمياً ودولياً، ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي، هي الجهة الوحيدة المخوّلة بتحديد المواقف السياسية العليا للدولة، لافتاً إلى أن استغلال السلطة أو استخدام الصفة الوظيفية أو المنصب الرسمي لتحقيق مكاسب سياسية يعد خرقاً جسيماً للدستور والقانون وواجبات الوظيفة العامة، وإضراراً بالمركز القانوني للدولة ووحدة السلطة التنفيذية، ومساساً بالسلم الأهلي والتوافق الوطني القائم، بما يستوجب المساءلة القانونية ومعاقبة مرتكبيها.
يأتي ذلك بعد ساعات، من إعلان وزارات وهيئات حكومية تدار من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي، تأييدها العلني لمواقف داعمة لخطوات فرضها الانتقالي بقوة السلاح، في سياق مساعٍ تشطيرية، ما أثار الجدل الواسع بشأن تجاوز الصلاحيات، وأعاد إلى الواجهة مخاوف من انعكاسات تلك المواقف على وحدة القرار الحكومي، وتماسك مؤسسات الدولة، ومسار الشراكة السياسية خلال المرحلة الانتقالية.
وتشهد المحافظات الجنوبية تصعيدًا سياسيًا وتحركات ميدانية يقودها المجلس الانتقالي، الذي يرفع مطلب استعادة دولة الجنوب، في ظل انقسام سياسي وأمني متواصل تشهده البلاد، وتداخل معقد بين مسارات الصراع الداخلي والتوازنات الإقليمية والدولية.
تقرير أميركي: تحركات الانتقالي بحضرموت تهدد بصراع أوسع باليمن
حذرت مجلة "Foreign Affairs" الأميركية، في تقرير، من أن التطورات الأخيرة في اليمن، لا سيما توسع المجلس الانتقالي الجنوبي وتحركاته العسكرية في محافظة حضرموت ومحيطها، قد تدفع المشهد اليمني نحو مرحلة جديدة من عدم الاستقرار، وتهدد بإعادة إشعال الصراع على نطاق أوسع داخل البلاد.
وفقاً لتحليل نشرته المجلة، تحمل التحركات الأخيرة للمجلس الانتقالي الجنوبي تداعيات استراتيجية قد تعيد رسم خريطة القوة في اليمن، وتؤدي إلى تفكك الجبهة المناهضة للحوثيين، مما يفتح المجال أمام عودة الحرب الأهلية بصورة أعنف وأكثر تعقيدًا.
يشير التقرير إلى أن حضرموت تمثل إحدى أهم المحافظات اليمنية من حيث المساحة والموارد والموقع الجغرافي، مما يجعل أية محاولة لفرض السيطرة عليها بالقوة عامل تفجير محتمل داخل معسكر الحكومة المعترف بها دولياً، ويهدد باندلاع مواجهات بين الفصائل اليمنية المناهضة للحوثيين بدلاً من توحيدها.
وتمنح حالة الاضطراب في الجنوب الحوثيين فرصة لتعزيز قوتهم، والتقدم سياسيًا وعسكريًا، واستغلال الانقسام الداخلي لصالحهم، الأمر الذي قد ينعكس على أمن المنطقة ككل، بما في ذلك الدول المجاورة لليمن التي قد تتأثر مباشرة بأي انفجار واسع للصراع.
ويشير التقرير إلى أن استمرار التصعيد دون حلول سياسية واضحة قد يجعل اليمن أمام سيناريو أكثر تعقيدًا، يهدد الاستقرار الإقليمي ويزيد من المخاطر على محيطه الجغرافي المباشر.
وطالب التقرير الولايات المتحدة بإعادة الانخراط الجاد في الملف اليمني لمنع انهيار البلاد مجددًا، مشيرًا إلى أن غياب الدور الأميركي الفاعل قد يسمح بتفاقم المواجهات الداخلية وتوسع دائرة الفوضى، مما سيجعل معالجة الأزمة لاحقًا أكثر كلفة وتعقيدًا.
ووفق التحليل، باتت واشنطن أمام مسؤولية سياسية وأمنية لمنع انزلاق اليمن إلى صراع شامل جديد قد يترك تداعيات مباشرة على استقرار المنطقة وممراتها الحيوية.
العين: عبدالكريم الحوثي.. مصير غامض لـ«رجل الظل» في المليشيات
لا تزال مليشيات الحوثي، تتكتم على مصير رجلها الأمني الأول، عبدالكريم الحوثي، رغم مرور أكثر من 117 يوما على غارة إسرائيلية استهدفت عددا من قيادات المليشيات.
وكان عم زعيم المليشيات المكنى «أبومحمد» قد ظهر في اجتماع أمني رفيع في 17 أغسطس/آب 2025، أي قبل الغارة الإسرائيلية بنحو 11 يوما، قبل أن يختفي عن الأنظار.
وترددت أنباء عن إصابة عبدالكريم الحوثي في الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف حكومة الانقلاب ورئيس هيئة أركان المليشيات في الـ28 من الشهر ذاته.
ويوجد عبدالكريم أمير الدين الحوثي على رأس هيكل داخلية المليشيات، ويعد المسؤول الأمني الأول، ويعاونه في ذلك نائبه عبدالمجيد المرتضى ومدير مكتبه محمد الضحياني، بالإضافة إلى 64 قياديا يتدخلون بالنيابة عنه في أي مسألة أمنية.
كما يعد القائد الفعلي لقوات الأمن المركزي وتشكيلات النجدة والأمن العام وحراسة المنشآت وقوات التدخل السريع ومكافحة الشغب والشرطة السياحية والقضائية والضبط المروري.
رجل الظل
ويصف الكثير من اليمنيين الحوثي بـ«رجل الظل الخفي»، ويعتبره مراقبون أقوى رجل في صنعاء لتفوقه على بقية الأجنحة الحوثية وعمله في تشييد هياكل أمنية وعسكرية ومالية ضمن صراع عميق على السلطة والمؤسسات الإيرادية في العاصمة المختطفة.
وكان عبدالكريم الحوثي قد وقع في قبضة الأمن اليمني وأطلق سراحه عام 2008 ليظهر للعلن بعد ذلك مسؤولا كبيرا في البنية الأمنية للمليشيات.
وعقب الانقلاب في 21 سبتمبر/أيلول 2014، دفع الحوثي بعمه لرئاسة «ديوان المظالم» ثم المكتب التنفيذي للمجلس السياسي الأعلى للحوثيين، قبل أن يتم تعيينه وزيرا للداخلية أواخر عام 2018.
ومنذ ذلك، عزز عم زعيم المليشيات نفوذه، مستغلا سيطرته على شركات نفطية، بالإضافة إلى حصوله على 3 ملايين دولار كاستحقاق خاص به شهريا، إلى جانب تصرفه بموازنة وزارة داخلية الانقلاب غير المعترف بها.
تنافس عائلي
ويحظى عبدالكريم الحوثي بدعم كبير من خبراء إيران وحزب الله العاملين في اليمن، ما جعله أحد أكثر المنافسين على الزعامة في عائلة الحوثي من ناحية امتلاك أدوات النفوذ والقوة داخل هيكل المليشيات.
وكان عبدالكريم قد أزاح نائب وزير الداخلية السابق للحوثيين عبدالكريم الخيواني، والذي كان عمليا هو المتصدر للملف الأمني خصوصا في صنعاء.
كما قرب ضمن دائرته نجل مؤسس المليشيات علي حسين الحوثي، وعينه وكيلا للداخلية ليبني اصطفافا قويا داخل الدائرة الحوثية المسيطرة على القرار الأمني.
وفي فبراير/شباط 2021، حاول زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي إبعاد عمه عبدالكريم عن مفاصل النفوذ وسلمه رئاسة مجلس الشورى، غير أن الرجل عاد ليتسلم الملف الأمني ووزارة الداخلية بدعم من مستشارين إيرانيين يتواجدون في صنعاء لتقييم إدارة مؤسسات الدولة.
هذه الواقعة دفعت زعيم المليشيات لإخضاع هواتف المجموعة المقربة من عمه للمراقبة والتجسس، بحسب مصادر خاصة لـ«العين الإخبارية».
ووفق المصادر، فإن زعيم المليشيات شعر حينها أن عمه بات يشكل خطرا حقيقيا على زعامته.
وفي إطار هذه اللعبة، بدأ عبدالكريم الحوثي في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 نشر شرطة «الضبط المروري» في مختلف أحياء صنعاء، وليس فقط في خطوط السير الرئيسية، كما شرع في تجنيد أعداد كبيرة من العناصر المستجدة، غالبيتهم من مناطق صعدة وعمران وصنعاء وذمار وحجة، في القوات الخاضعة لسيطرته مثل «النجدة» و«المرور» و«الأمن المركزي» و«شرطة المنشآت» و«ديوان عام الوزارة» و«الأمن العام».
ونتيجة ذلك، سيطر عبدالكريم على كل مفاصل صنعاء بما فيها طرق ومنافذ العاصمة الداخلية التي تشكل عينا على تحركات ومناطق تواجد قيادات المليشيات، كما سعى لتنفيذ استعراض لمليشياته الأمنية في سبتمبر/أيلول 2022، وهو ما اعتبره مراقبون حينها رسالة لزعيم المليشيات واستعراضا للقوة والنفوذ.
خلافات محتدمة
في 25 مارس/آذار 2024، أشعل تفجير المليشيات لمنازل سكنية في حي الحفرة في رداع بمحافظة البيضاء خلافا كبيرا وصل حد تبادل التهديدات بين وزير داخلية الحوثي وقيادات أخرى، بينها المدعو مهدي المشاط، بسبب رفض الأول أي إجراءات عقابية بحق المتورطين من عناصره.
آنذاك، اضطر زعيم المليشيات لتبني توجه عمه عبدالكريم ومساندته في تعويض الضحايا فقط، في حين كانت القيادات الأخرى، وهم محمد علي الحوثي ومهدي المشاط وأحمد حامد، قد وضعت مقترحا باتخاذ إجراءات قضائية ولو مؤقتة «شكليا» لتهدئة القبائل وامتصاص الغضب الشعبي ورفع الحرج عن القيادات القبلية الموالية للمليشيات في البيضاء بشكل عام.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2024، احتدم خلاف واسع بين عبدالكريم وعبد الخالق الحوثي، شقيق زعيم المليشيات والمشرف المباشر على الجانب العسكري، بعد إيقاف الأخير مخصصات مالية لقوات ما يسمى الأمن المركزي لثلاثة أشهر، والإفراج فقط عن مخصصات قوات النجدة بقيادة علي حسين الحوثي.
وكان زعيم المليشيات يسعى لفصل ما تسمى قوات الأمن المركزي وإلحاقها بقوات النجدة بقيادة نجل مؤسس المليشيات، وذلك لإضعاف نفوذ عمه عبدالكريم، الذي رفض ذلك وعمد إلى استدعاء مجاميعه في جبهات مأرب وتعز إلى صنعاء، فضلا عن منح ما يزيد على 300 عنصر إجازات لمدة شهر كامل.
ويتخذ عبدالكريم الحوثي من مقرات سابقة لسفارات الأردن والكويت وبريطانيا في صنعاء مقرات لقيادة وسيطرة الأمن المركزي، وكذلك سكنا للقيادات الحوثية ومركز معلومات تحت إشراف استخبارات الشرطة.
الشرق الأوسط: بيانات أممية: 35 % من اليمنيين الخاضعين للحوثيين تحت وطأة الجوع
كشفت بيانات أممية حديثة عن تفاقم مقلق لأزمة الجوع في المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية، بالتزامن مع إجراءات قمعية طالت مئات الموظفين المحليين العاملين لدى الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، ووضعتهم فعلياً تحت قيود إقامة شبه جبرية، مع مخاطر اعتقال قائمة في أي وقت.
وأعلنت مصادر محلية أن الأمم المتحدة أوقفت أنشطتها في مناطق الحوثيين بعد اعتقال 69 من موظفيها، في خطوة تعكس حجم الانتهاكات التي تطال العمل الإنساني، وتلقي بظلال ثقيلة على ملايين المستفيدين من المساعدات، في بلد يعاني واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
وأفاد أحدث تقرير شهري لـ«برنامج الغذاء العالمي» بشأن الأمن الغذائي في اليمن، أن 32 في المائة من الأسر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، عانت من جوع يتراوح بين المعتدل والحاد خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حيث واجهت تدهوراً غذائياً عند مستوى «الأزمة»، المرحلة الثالثة من التصنيف المتكامل لانعدام الأمن الغذائي، أو أسوأ من ذلك.
ويعني هذا أن أسرة واحدة على الأقل من بين كل خمس أسر تعاني فجوات كبيرة في استهلاك الغذاء، مصحوبة بسوء تغذية حاد مرتفع أو أعلى من المعتاد.
وأظهرت البيانات أن حدة الجوع في مناطق سيطرة الحوثيين لا تزال أشد مقارنة بالمناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، حيث أبلغت 25 في المائة من الأسر هناك عن معاناتها من الجوع.
تفاقم الأزمة
ويشير التقرير الأممي إلى أن استخدام استراتيجيات التكيف القاسية مع الأزمات أو حالات الطوارئ، مثل الاستغناء عن بعض الوجبات اليومية، كانت أكثر انتشاراً في مناطق سيطرة الحوثيين بنسبة 66 في المائة مقابل 58 في المائة في مناطق الحكومة.
وذكر برنامج الغذاء العالمي أن 49 في المائة من الأسر في مناطق سيطرة الحوثيين، قيّدت استهلاك البالغين من الغذاء لصالح الأطفال، مقارنة بـ44 في المائة في مناطق الحكومة.
وأرجع البرنامج تفاقم أزمة الجوع في مناطق الجماعة بشكل رئيسي إلى استمرار تعليق المساعدات الغذائية لفترات طويلة، ومحدودية فرص كسب العيش، وتراجع القدرة الشرائية للأسر.
وتأتي هذه المؤشرات في وقت حساس، إذ تتزامن مع توقف واسع للأنشطة الإنسانية، نتيجة الاعتقالات والقيود المفروضة على حركة العاملين، ما ينذر بتدهور إضافي في الأمن الغذائي لملايين السكان.
قوائم أمنية وإقامة قسرية
بالتوازي مع الأزمة الغذائية، تؤكد مصادر عاملة في قطاع الإغاثة لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين منعوا مئات الموظفين اليمنيين العاملين لدى الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية والمحلية، وكذلك مَن سبق لهم العمل مع بعثات دبلوماسية أجنبية، من مغادرة مناطق سيطرتهم.
وحسب المصادر، يخضع هؤلاء لإقامة شبه جبرية، وباتوا عرضة للاعتقال في أي وقت.
وأفادت المصادر بأن الجماعة استخدمت بيانات الموظفين التي كانت تُسلَّم سابقاً عبر المنظمات إلى ذراعها الاستخبارية، «مجلس الشؤون الإنسانية»، وعمّمت قوائم بأسماء جميع العاملين لدى المنظمات، إضافة إلى مَن عملوا مع بعثات دبلوماسية، على نقاطها الأمنية المنتشرة من ضواحي صنعاء وحتى خطوط التماس مع مناطق سيطرة الحكومة.
ومع ارتفاع عدد المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة إلى 69 شخصاً، ورغم إيقاف الأنشطة الإغاثية، أكدت المصادر أن الموظفين الذين كانوا يأملون الانتقال إلى مناطق الحكومة والعمل من هناك، باتوا غير قادرين على ذلك، إذ تقوم نقاط الحوثيين بإيقاف السيارات الخاصة ووسائل النقل العامة، وفحص هويات المسافرين من الجنسين، ومطابقتها مع القوائم الأمنية قبل السماح بالمرور، أو اعتقال مَن يظهر اسمه ضمنها.
ويروي موظف سابق لدى منظمة إغاثية، وزوجته، أنهما تمكنا من الفرار إلى مناطق الحكومة بمساعدة مهربين خشية الاعتقال، بعد مداهمة منازل زملاء لهما واحتجازهم.
ويقول إن الوضع في العاصمة اليمنية الخاضعة لسيطرة الحوثيين «أصبح لا يُطاق»، موضحاً أن أسر العاملين، الذين كانوا يشكلون فئة اجتماعية ذات مستوى اقتصادي متوسط بفضل رواتبهم، باتت تعيش اليوم «جحيماً» بعد أن طالت الاعتقالات نحو 200 من الموظفين والعاملين لدى مكاتب الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية والمحلية وبعض البعثات الدبلوماسية.
وتحذر الأوساط الإنسانية من أن استمرار هذه السياسات سيقود إلى مزيد من تسييس العمل الإغاثي، ويعمّق معاناة المدنيين، ويقوض ما تبقى من قدرة المجتمع الدولي على الاستجابة للاحتياجات المتزايدة في اليمن.
عقوبات قاصرة... الحوثيون يُعيدون رسم خريطة التهديد
على الرغم من تجديد مجلس الأمن الدولي عقوباته على الحوثيين لاحتواء تهديداتهم، تُشير كثير من الوقائع والآراء إلى أن هذه الضغوط لم تُحقق التأثير المأمول منها، إذ يتواصل الكشف عن مؤشرات على أن الجماعة المتحالفة مع إيران تُعيد إنتاج نفسها بوصفها تهديداً أكثر تعقيداً واتساعاً، وتطوّر قدراتها العسكرية، وتوسع نطاق عملياتها البحرية.
وكان مجلس الأمن الدولي قد جدد منتصف الشهر الماضي العقوبات على الجماعة الحوثية، بما في ذلك حظر الأسلحة المفروض منذ أكثر من عقد، ومدّد ولاية فريق الخبراء المعنيّ بمراقبة تنفيذ العقوبات حتى ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وذلك على خلفية استمرار أنشطتها وهجماتها على الشحن التجاري وعلى دول المنطقة، وتهديدها المدنيين والشحن الدولي والسلام والأمن الإقليميين.
وبينما يعكس القرار الأممي إدانة متجددة لسلوك الحوثيين، تستمر الجماعة في نقل تكلفة العزلة الدولية إلى مستويات أخرى من الأنشطة المزعزعة للأمن، وتنقل عزلتها الخارجية إلى توسع في الأنشطة والعلاقات العسكرية مع كيانات وأطراف معزولة بدورها، تأكيداً على أن الضغط على القرار السياسي لم يكسر بعد منطق القوة الذي يحكم سلوكها.
في هذا السياق، كشفت دراسة حديثة صادرة عن «مركز لاهاي للدراسات الاستراتيجية» عن أنه، ورغم تراجع الهجمات، فإن التهديد الحوثي في البحر الأحمر أصبح خلال العام الحالي، أكثر خطورة وتعقيداً مقارنة ببداية أزمة الممر المائي العام قبل الماضي، بعد مسارعة الجماعة للارتباط بشبكات تعاون مع تنظيمات إرهابية.
ولا يُعدّ انخفاض وتيرة العمليات تراجعاً في قدرات الجماعة وفقاً للدراسة، بل هو تحول في طبيعة الهجوم إلى أساليب أشد تأثيراً، بعد مراكمة الخبرات وتطوير منظومات تسليحها، واتساع نطاقها.
وتمتلك الجماعة الحوثية، بعد كل ما تعرضت له من هجمات، ترسانة عسكرية متقدمة تشمل صواريخ باليستية مضادة للسفن، وقوارب مسيّرة انتحارية، وطائرات دون طيار، إلى جانب توسع جغرافي لعملياتها بين شمال البحر الأحمر وبحر العرب إلى محيط أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وفقاً لتقديرات أميركية استندت إليها الدراسة.
روافد تمويل جديدة
وتلفت الدراسة إلى احتمالية أن تكون الجماعة قادرة على تهديد مناطق أبعد، بما فيها البحر الأبيض المتوسط، بوصف ذلك قفزة نوعية مقارنة بقدراتها قبل عامين. ويفرض هذا التحول، حسب «مركز لاهاي»، تحديات مباشرة على دول المنطقة، في ظل استمرار هشاشة التنسيق الأمني الإقليمي، وغياب استراتيجية شاملة لأمن البحر الأحمر، في حين مكّن استمرار الوضع غير المستقر في اليمن، ووقوعه في حالة «اللاسلم واللاحرب» الجماعة، من تعزيز تفوقها النوعي، وفرض قواعد اشتباك جديدة، ما يجعل المرحلة المقبلة حاسمة لأمن أحد أهم الممرات المائية في العالم.
يذهب علي الخولاني، الأكاديمي والباحث السياسي اليمني، إلى أن تراخي المجتمع الدولي «مكّن الجماعة الحوثية من التوغل، حتى أصبحت اليوم تهديداً حقيقياً لدول الجوار والملاحة الدولية، في حين يُمثل استمرار المجتمع الدولي في رفع راية الحوار السياسي والسلام معها، دعماً لتفكيك اليمن إلى كانتونات ميليشاوية، مذهبية، جهوية وطائفية لابتزاز واستنزاف دول الخليج».
ويدخل كل ذلك «في إطار مخطط الشرق الأوسط الجديد الذي يسعى إلى تفكيك الدول الوطنية في الوطن العربي، بما يخدم ويُحافظ على مصالح الولايات المتحدة وعلى أمن إسرائيل»، طبقاً لحديث الخولاني لـ«الشرق الأوسط» الذي ذكّر فيه: «بمنع القوى الدولية تحرير الساحل الغربي للبلاد حيث محافظة الحديدة».
ويخلص الخولاني، وهو أيضاً رئيس «المركز اليمني المستقل للدراسات الاستراتيجية»، إلى أن قرار مجلس الأمن لا يُقدم جديداً في الإجراءات سوى توسيع نطاق المراقبة والتفتيش، لكنه يعكس نفوذ الدول دائمة العضوية فيه، على المنطقة.
وباتت علاقات الجماعة أكثر إثارة للقلق بعد تعاونها مع تنظيمات إرهابية، مثل «القاعدة» في جزيرة العرب و«حركة الشباب» الصومالية، حسب الخبراء الأمميين، وهي تطورات جعلت من الجماعة، مورداً رئيسياً للسلاح بوصفه رافداً حيوياً لتمويلها واستمرار عملياتها، طبقاً للدراسة الدولية.
إجراءات غير كافية
لم تدفع العقوبات الجماعة إلى المرونة بل رفعت منسوب التهديد العسكري والإقليمي، واستخدمت التصعيد ورقةَ تفاوض غير مباشرة.
ويرى فيصل المجيدي، الباحث القانوني ووكيل وزارة العدل اليمنية، «أن تجديد مجلس الأمن العقوبات على الجماعة الحوثية، لا يُعدّ إجراءً دوريّاً بقدر ما يُمثل تثبيتاً قانونياً جديداً لوضعها بوصفه تهديداً للأمن والسلم الدوليين، لا طرفاً محلياً في نزاع داخلي»، متوقعاً: «بدء الانتقال من إدارة العقوبات إلى تفعيلها عملياً، وتحويل الضغط القانوني إلى أداة ردع فعلي».
وهذا التوصيف القانوني، حسب حديث المجيدي لـ«الشرق الأوسط»، يُعزز الإطار القانوني الدولي الذي يسمح بملاحقة شبكات التمويل والتهريب الداعمة للجماعة، ويوسّع صلاحيات تتبّع مصادر التسليح والمكونات العسكرية، وتشديد الخناق الدبلوماسي والاقتصادي والأمني عليها.
ودعا المجيدي «مجلس القيادة الرئاسي اليمني والحكومة الشرعية، إلى تعزيز التعاون المباشر مع فريق الخبراء، وتفعيل منظومة وطنية للملاحقة المالية تشمل قوائم سوداء محلية للأفراد والكيانات، وتحويل العقوبات إلى رافعة سياسية لدعم موقف الحكومة في المسار التفاوضي، بحيث لا يُكافأ الحوثيون سياسياً، وهم يخرقون القرارات الأممية».
وتلجأ الجماعة إلى استثمار العقوبات وتوظيفها دعائياً، لتبرير أعمال القمع والتجنيد وتشديد القبضة الأمنية.
ويتوقع خبراء اقتصاد الحرب أن العقوبات لن تضعف اقتصاد الجماعة إلا بشكل محدود، ما لم تُقترن بمسار سياسي صارم وضغط وتعاون إقليميين.
من جهته، يجد فارس البيل، الباحث السياسي والأكاديمي اليمني، في تمديد العقوبات على الجماعة الحوثية، «تعميقاً لعزلتها السياسية بوصفها طرفاً منبوذاً، وتقييداً لقدرتها على التحرك السياسي أو الاستفادة من المناورات السياسية التي تجريها، ومحاولة فتح ممرات سياسية تستفيد منها وتراوغ من خلالها أو تحتمي بها».
لكنه يلفت إلى أن هذه الإجراءات «قد تنعكس بشكل غير مباشر على الأوضاع المعيشية في مناطق سيطرة الجماعة، دون أن تُمَكِّن من هزيمتها عسكرياً بالضرورة، وإن كانت ستُسهم في إضعاف قدراتها اللوجيستية والعسكرية، خصوصاً المرتبطة بالبحر الأحمر، وتعزز الرقابة الدولية».
ومع ذلك، يخلص البيل إلى «محدودية فاعلية العقوبات بوصفها أداة ضغط دون دمجها بضغوطات كبيرة سياسية وتمويلية وعسكرية أيضاً، وإلحاقها بتوجهات للتعامل مع الحوثيين بكونهم جماعة إرهابية متطرفة تؤذي اليمن والإقليم والأمن الدولي».
يشار إلى أنه بات واضحاً أن الجماعة الحوثية تتعامل مع العزلة والعقوبات بوصفهما عبئاً يمكنها تحميله للسكان من خلال الجبايات وإجراءات تزيد من معاناتهم، وليس إنذاراً يجبرها على التراجع.
