هجوم دعائي غير مسبوق: لماذا يستهدف داعش سلطة أحمد الشرع الآن؟

الإثنين 22/ديسمبر/2025 - 05:18 م
طباعة هجوم دعائي غير مسبوق: علي رجب
 
شن تنظيم «داعش» هجوما دعائيا غير مسبوق على الرئيس السوري أحمد الشرع، عبر بيان مصور عالي النبرة بثه على منصاته الإعلامية، تضمن اتهامات صريحة بالكفر والردة والخيانة، في تصعيد لغوي وفكري يعكس تحولا نوعيا في خطاب التنظيم تجاه سلطة الشرع.

البيان، الذي حمل طابعا تحريضيا واضحا، لم يكن مجرد هجوم إعلامي عابر، بل جاء في سياق سياسي وأمني شديد الحساسية، ما يعكس محاولة التنظيم إعادة التموضع أيديولوجيا وميدانيا في ظل تضييق الخناق عليه.

 خطاب التكفير كسلاح سياسي
وصف «داعش» الرئيس السوري بـ«الخائن والمرتد»، مستخدما لغة تكفيرية مألوفة في أدبياته، لكنها هذه المرة موجهة مباشرة إلى رأس السلطة في دمشق. هذا الخطاب لا يستهدف شخص الشرع فقط، بل يسعى إلى نزع الشرعية الدينية والسياسية عن مشروعه بالكامل، عبر تصويره كمنحرف عن “الشريعة” ومتعاون مع “أعداء الأمة”.

ويلاحظ أن التنظيم تعمد توظيف رموز دينية وتاريخية ذات دلالات خيانية في المخيال الجهادي، في محاولة لتعميق الأثر التعبوي لدى أنصاره والمتعاطفين معه.

 ربط الشرع بإسرائيل… صناعة سردية العدو
ضمن أدواته الدعائية، سعى «داعش» إلى الربط بين أحمد الشرع وإسرائيل، عبر إدراج مشاهد لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الجولان وجبل الشيخ، إلى جانب لقطات لغارات إسرائيلية استهدفت مبنى وزارة الدفاع ومقار أمنية سورية.

هذا الربط يخدم هدفا مركزيا في خطاب التنظيم: تقديم الشرع بوصفه «أداة للقوى الأجنبية»، في محاولة لإثارة مشاعر الغضب الشعبي، واستغلال الحساسية العميقة تجاه إسرائيل داخل المجتمع السوري، خصوصا في الأوساط القومية والدينية.

 اتهامات بتفكيك النسيج الاجتماعي
اتهم التنظيم الرئيس السوري بـ«بيع البلاد مقابل السلطة»، مدعيا أنه «سلم السويداء للدروز واليهود» و«فرط بعشائر العرب»، في خطاب يستهدف بشكل مباشر إشعال الفتن المذهبية والعرقية.

هذا النوع من الاتهامات ليس جديدا في أدبيات «داعش»، لكنه يأتي هنا في لحظة سياسية دقيقة، حيث يحاول التنظيم الاستثمار في أي تصدع اجتماعي أو توتر طائفي لإعادة إنتاج نفسه كقوة “حامية للهوية السنية” في مواجهة الدولة.

 استغلال العمليات الأمنية داخليا
تضمن البيان مشاهد من هجوم قوات الأمن السورية على مخيم الفرنسيين في مدينة حارم، في محاولة لربط الإجراءات الأمنية بخطاب “الاضطهاد” الذي يروج له التنظيم. الهدف من ذلك هو تصوير الدولة كعدو مباشر “للمجاهدين”، وتبرير أي هجمات مستقبلية على أنها “دفاع عن الدين”.

 صراع قديم يتجدد
العداء بين «داعش» وأحمد الشرع ليس وليد اللحظة، بل يعود إلى عامي 2013–2014، حين انفصل الشرع، المعروف آنذاك باسم «أبو محمد الجولاني»، عن التنظيم ورفض دمج «جبهة النصرة» فيه. منذ ذلك الحين، اعتبر «داعش» الشرع «مرتدا وخائنا»، وهو توصيف أعاد إحياءه بقوة خلال عام 2025.

وخلال الأشهر الماضية، كثف التنظيم هجومه الإعلامي عبر بيانات مصورة وافتتاحيات في نشرة «النبأ»، متهما الشرع بالانخراط في مسارات سياسية، وإجراء إصلاحات دستورية، والتعاون مع الغرب والتحالف الدولي.

 توقيت أمني محسوب
تأتي هذه الحملة الدعائية في ظل تصعيد ميداني خطير، أبرزه كمين نفذه «داعش» في تدمر منتصف ديسمبر 2025، أعقبه رد أمريكي واسع، وسط تقارير عن تنسيق أمني سوري–أمريكي في مكافحة التنظيم.

ويرى مراقبون أن «داعش» يستغل هذا التعاون العسكري ليصور سلطة الشرع كـ«نظام عميل»، في محاولة لتعبئة العناصر المتشددة الرافضة لمسار الدولة، واستقطاب مقاتلين جدد.

مشهد الصراع 
يمثل هذا الإصدار المصور ذروة العداء بين «داعش» وأحمد الشرع، ويكشف عن استراتيجية دعائية تهدف إلى: نزع الشرعية عن السلطة السورية، وتأجيج الانقسامات المذهبية والعرقية.

وكذلك استغلال التحولات السياسية والتعاون الدولي لتبرير العنف، وتمهيد الأرضية النفسية والإعلامية لهجمات محتملة قادمة.

وفي ظل تراجع «داعش» ميدانيا، يبدو أن التنظيم يحاول التعويض عبر حرب سرديات، مستهدفا استقرار الدولة السورية من بوابة الدين والهوية، في معركة لا تقل خطورة عن المواجهة العسكرية نفسها.

شارك