مقتل مولوي نعمان.. هل دخلت طالبان مرحلة التصفيات الداخلية؟
الأحد 28/ديسمبر/2025 - 04:59 م
طباعة
علي رجب
لا تزال ملابسات مقتل المولوي نعمان غزنوي، نائب رئيس جهاز الاستخبارات العامة في حركة طالبان والمساعد المقرب لعبد الحق واثق، تثير تساؤلات واسعة في الأوساط الأفغانية، وسط تضارب الروايات الرسمية والميدانية حول ما إذا كان ما جرى حادثاً عرضياً أم عملية اغتيال مدبرة.
تفاصيل الحادث
وقعت الحادثة في نحو الساعة السابعة من صباح السبت 27 ديسمبر 2025، في منطقة بات خاك بمديرية باجرمي في العاصمة كابول. ووفق المعلومات المتداولة، أدى انفجار استهدف الطابق الأول من منزل غزنوي، الذي يُستخدم كبيت ضيافة، إلى مقتله على الفور، إضافة إلى مقتل شخص آخر كان برفقته وُصف بأنه «ضيف مجهول الهوية».
كما أُصيب عدد من أفراد عائلته، بينهم أطفال، نُقلوا إلى المستشفى لتلقي العلاج، دون صدور بيان رسمي يوضح عدد الإصابات أو مدى خطورتها.
روايتان متناقضتان
تحاول مصادر مقربة من حركة طالبان تقديم الحادث على أنه انفجار عرضي ناجم عن أسطوانة غاز منزلية، في إطار ما تصفه بـ«فاجعة منزلية». غير أن هذه الرواية قوبلت بتشكيك واسع من شهود عيان ومحللين مستقلين، اعتبروا أن حجم الدمار الذي طال الطابق المستهدف لا ينسجم مع انفجار غاز تقليدي.
وتتداول أوساط أمنية وإعلامية فرضيات بديلة، من بينها هجوم بطائرة مسيّرة، أو ضربة صاروخية دقيقة، أو عبوة ناسفة زرعت داخل بيت الضيافة، ما يعزز فرضية الاغتيال الممنهج.
صمت رسمي ودلالات خطيرة
حتى الآن، لم تصدر شرطة كابول أو حكومة طالبان بياناً مفصلاً يوضح طبيعة ما جرى، وهو ما زاد من الغموض والشكوك. ويعد غزنوي أحد أبرز الشخصيات داخل جهاز استخبارات طالبان، ومقتله يشكل ضربة قوية للدائرة الأمنية الضيقة المحيطة بقيادة الحركة.
ويرى مراقبون أن الحادث قد يكون مرتبطاً بـ صراعات داخلية وتصفية حسابات بين أجنحة طالبان، أو عملية نوعية نفذتها جهات معارضة، مثل تنظيم «داعش – ولاية خراسان» أو «جبهة المقاومة».
سياق انقسامات داخلية
يأتي مقتل غزنوي في وقت تتزايد فيه المؤشرات على توترات داخلية في صفوف طالبان. فقد سبق أن قُتل وزير اللاجئين في الحركة خليل حقاني في ديسمبر 2024 بتفجير انتحاري، وهو أعلى مسؤول قُتل منذ سيطرة طالبان على الحكم عام 2021، وسط اتهامات متبادلة داخل الحركة.
كما غادر نائب وزير الخارجية شير محمد عباس ستانيكزاي البلاد مطلع 2025، بعد انتقاده العلني لسياسات زعيم الحركة الملا هيبة الله أخوندزاده، خصوصاً فيما يتعلق بحظر تعليم الفتيات، قبل أن تصدر بحقه مذكرة توقيف ومنع من السفر.
وتشير تقارير دولية إلى تزايد شكاوى داخل الحركة من تأخر الرواتب وتشديد القيود على تحركات المسؤولين، ما يعكس حالة من التململ الداخلي.
طالبان تنفي… ومصادر تصف الوضع بـ«الفوضوي»
رغم نفي المتحدث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد، وجود أي انقسامات داخلية، مؤكداً أن الحركة «لن تنجر إلى خلافات تعيد عدم الاستقرار»، فإن مصادر من داخل طالبان، تحدثت لوسائل إعلام دولية، وصفت الأجواء بأنها «فوضوية وغير مؤكدة»، مع تشديد قبضة القيادة المركزية في قندهار.
ويرى خبراء أن تركّز السلطة بيد أخوندزاده وتهميش التيارات الأكثر اعتدالاً، إلى جانب الضغوط الأمنية والاقتصادية، قد يدفع الحركة إلى مرحلة جديدة من الصراع الداخلي منخفض الشدة، تشمل الاغتيالات والتطهير الداخلي، بدلاً من المواجهات المفتوحة.
مستقبل غامض
في ظل استمرار تهديد تنظيم «داعش – خراسان»، وتفاقم الأزمة الاقتصادية نتيجة تجميد المساعدات الدولية وتراجع العملة المحلية، يحذر محللون من أن فشل طالبان في معالجة خلافاتها الداخلية قد يفتح الباب أمام دورة جديدة من عدم الاستقرار في أفغانستان.
ويبقى مقتل المولوي نعمان غزنوي علامة استفهام كبيرة:
هل هو حادث عرضي كما تقول الرواية الرسمية، أم حلقة جديدة في سلسلة صراعات خفية داخل حركة تحكم بلداً يرزح تحت أزمات متراكمة؟
