عملية تركية ضد خلايا داعش تسلط الضوء على تعقيدات المواجهة الإقليمية للتنظيم

الإثنين 29/ديسمبر/2025 - 11:36 ص
طباعة عملية تركية ضد خلايا روبير الفارس
 
نفذت قوات الأمن التركية،  اليوم الإثنين ، عملية أمنية واسعة النطاق في مدينة يلوا، استهدفت خلايا تابعة لتنظيم داعش الإرهابي، بمشاركة وحدات خاصة مدربة على العمليات عالية الخطورة. وأسفرت العملية عن اندلاع اشتباكات مسلحة عنيفة مع العناصر المتحصنة، لا تزال متواصلة حتى لحظة إعداد هذا التقرير، ما يعكس درجة الخطورة والتنظيم التي تتمتع بها هذه الخلايا.
وأعلنت ولاية يلوا إصابة سبعة من عناصر الشرطة خلال تنفيذ المداهمة، بعد تعرض القوات لإطلاق نار كثيف من داخل أحد المنازل، قبل أن تمتد المواجهات إلى الشوارع المحيطة وتستمر لساعات، في مشهد يعكس قدرة التنظيم على التحصن داخل مناطق مدنية واستغلال البيئة السكنية في إطالة أمد الاشتباك ورفع كلفة المواجهة.
وفي سياق التدابير الاحترازية، قررت السلطات تعليق الدوام الدراسي في خمس مدارس قريبة من موقع العملية، وقطعت إمدادات الغاز والكهرباء عن المنطقة، إلى جانب فرض طوق أمني مشدد ومنع حركة المدنيين والآليات، وذلك في إطار الإجراءات الرامية إلى تأمين السكان ومنع توسع نطاق الخطر.
وأكدت الجهات الأمنية التركية إرسال تعزيزات إضافية لدعم القوات المشاركة، مشيرة إلى أن العمليات لا تزال مستمرة بهدف فرض السيطرة الكاملة وملاحقة جميع العناصر المتورطة، في إطار استراتيجية أمنية تستهدف تجفيف منابع التنظيم داخل الأراضي التركية.
وتعيد هذه العملية، رغم وقوعها خارج العراق، طرح تساؤلات جوهرية حول أسباب استمرار وجود خلايا تنظيم داعش في المنطقة عموماً، رغم النجاحات الأمنية المتكررة وعمليات القبض والتصفية التي نفذتها القوات العراقية وقوات التحالف خلال السنوات الماضية.
وتعود هذه الظاهرة إلى عدة عوامل متداخلة، في مقدمتها التحول الهيكلي للتنظيم من كيان مسيطر على الأرض إلى شبكة خلايا صغيرة لامركزية، تعتمد على العمل السري والضربات الخاطفة، ما يصعّب من مهمة اجتثاثه بالكامل. كما يستفيد التنظيم من الفراغات الأمنية في بعض المناطق النائية والصحراوية، خاصة في المثلثات الرخوة بين المحافظات، والتي تسمح له بإعادة التموضع والتخفي.
إلى جانب ذلك، تسهم العوامل الاجتماعية والاقتصادية، مثل الفقر والبطالة وضعف الخدمات في بعض المناطق المحررة، في توفير بيئة قابلة للاختراق من قبل التنظيم، سواء عبر التجنيد أو توفير الدعم اللوجستي. كما أن تعقيدات المشهد السياسي وتداخل الصلاحيات الأمنية في بعض المناطق العراقية تؤدي أحياناً إلى فجوات في التنسيق، يستغلها التنظيم لإعادة النشاط.
كما لا يمكن إغفال الامتداد الإقليمي للتنظيم، حيث تتحرك خلاياه عبر الحدود مستفيدة من شبكات تهريب وخطوط إمداد عابرة للدول، وهو ما يجعل المواجهة محلية الطابع غير كافية دون تنسيق إقليمي واسع، كما يظهر في العمليات التركية الأخيرة.
وبناءً على ذلك، تؤكد التطورات الميدانية أن المعركة مع تنظيم داعش لم تعد معركة سيطرة جغرافية بقدر ما أصبحت حرب استنزاف أمنية واستخباراتية طويلة الأمد، تتطلب إلى جانب العمليات العسكرية، معالجات تنموية وفكرية وأمنية متكاملة، لضمان عدم تجدد الخلايا النائمة وقدرتها على تهديد الاستقرار في العراق والمنطقة.

شارك