"من يتصدى للمشروع الإيراني في اليمن؟": متابعات الصحف العربية والأجنبية
الإثنين 29/ديسمبر/2025 - 11:56 ص
طباعة
إعداد: فاطمة عبدالغني
تقدم بوابة الحركات الاسلامية أبرز ما جاء في الصحف ووكالات الأنباء العربية والعالمية بخصوص الأزمة اليمنية، ومشاورات السويد، والدعم الإيراني للحوثيين، بكافة أشكال الصحفي (أخبار – تعليقات – متابعات – تحليلات– آراء) اليوم 29 ديسمبر 2025.
العربية نت: الإرياني: استجابة السعودية شكلت لحظة فاصلة في مسار أزمة اليمن
رأى وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، أنه في المنعطفات المصيرية التي تهدد كيان الدول وأمن الشعوب، لا تقاس المواقف بالشعارات ولا تختبر بالنوايا، بل تحكم بنتائجها على الأرض.
"لحظة فاصلة"
وتابع عبر X الأحد، أن استجابة السعودية لنداء الأخوة، وقيادتها لتحالف دعم الشرعية، شكلت لحظة فاصلة في مسار الأزمة اليمنية.
كما شدد على أنه ولولا الدور السعودي لكان اليمن اليوم واقعاً بالكامل تحت هيمنة المشروع الإيراني، ولكانت عدن وباب المندب وكل المحافظات المحررة خارج سيطرة الدولة، ومصدراً دائماً لتهديد أمن المنطقة والعالم، وفق التغريدة.
وأكد أن التحالف لم يكن حرباً فقط، بل ضرورة استراتيجية أنقذت الموقف سياسياً، وأوقفت الانقلاب عسكرياً، وحمت المدنيين إنسانياً، وثبتت حضور اليمن دبلوماسياً في المحافل الدولية.
أما مصير اليمن، شماله وجنوبه، وشرقه وغربه فشدد الإرياني على أنه لا يختزل في مزايدات أو يدار بانفعالات، بل عبر مسار سياسي وطني شامل.
وختم بالقول: "كل التقدير والامتنان للمملكة العربية السعودية، قيادةً وشعباً، ولجميع دول التحالف، الذين لبوا نداء الأخوة وتحملوا عبء الدفاع عن اليمن وأمن المنطقة".
جاء هذا بينما أعرب الفريق الركن محسن الداعري، وزير الدفاع اليمني عن ثقة بلاده "المطلقة"، كما وصفها في حكمة القيادة السعودية وقدرتها على تجاوز وحل أية خلافات أو تباينات لإخراج اليمن وشعبه إلى بر الأمان شمالاً وجنوباً، كما ذكر في تغريدة كتبها عبر حسابه في "إكس".
وقال الداعري: "أثمن عالياً التضحيات العظيمة للأشقاء في المملكة ودعمهم السخي وإسنادهم المتواصل في مختلف الجوانب وعلى كافة الصعد، وأؤكد اعتزازنا بهذه الشراكة الاستراتيجية التي ستظل ركيزة أساسية لاستكمال التحرير وبناء مستقبل آمن ومزدهر. أكرر الشكر والتقدير للأشقاء في المملكة العربية السعودية قائدة التحالف على مساعيهم الحكيمة وجهودهم الصادقة ليتحقق لنا الأمن والاستقرار والتنمية".
تصعيد غير مبرر
يذكر أن الرياض كانت أوضحت عبر وزارة خارجيتها موقفها من الأحداث الأخيرة في اليمن، إذ عبّرت عن قلقها إزاء التحركات العسكرية التي شهدتها محافظتا حضرموت والمهرة مؤخرا التي قامت بها مؤخراً قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، إذ نُفذت بشكل أحادي دون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة التحالف.
واعتبرت السعودية تلك التحركات تصعيداً غير مبرر أضرّ بمصالح الشعب اليمني بمختلف فئاته وبالقضية الجنوبية، كما قوّض جهود التحالف مشددة على أنها ركزت طوال الفترة الماضية على وحدة الصف وبذلت جهوداً مكثفة للوصول إلى حلول سلمية لمعالجة الأوضاع في المحافظتين، ضمن مساعٍ متواصلة لإعادة الاستقرار.
وزير الدفاع اليمني: نثق في "حكمة الرياض" لإخراج بلادنا إلى بر الأمان
أعرب الفريق الركن محسن الداعري، وزير الدفاع اليمني عن ثقة بلاده "المطلقة" كما وصفها في حكمة القيادة السعودية وقدرتها على تجاوز وحل أي خلافات أو تباينات لإخراج اليمن وشعبه إلى بر الأمان شمالاً وجنوباً، كما ذكر في تغريدة كتبها عبر حسابه في "إكس".
وقال الداعري: "أثمن عالياً التضحيات العظيمة للأشقاء في المملكة ودعمهم السخي وإسنادهم المتواصل في مختلف الجوانب وعلى كافة الصعد، وأؤكد اعتزازنا بهذه الشراكة الاستراتيجية التي ستظل ركيزة أساسية لاستكمال التحرير وبناء مستقبل آمن ومزدهر. أكرر الشكر والتقدير للأشقاء في المملكة العربية السعودية قائدة التحالف على مساعيهم الحكيمة وجهودهم الصادقة ليتحقق لنا الأمن والاستقرار والتنمية".
وفي إطار حالة الترحيب السياسي اليمنية برسالة الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي الشهيرة بـ( إلى أهلنا في اليمن)، يثمّن الوزير اليمني بتقدير فحوى الرسالة تلك التي قوبلت باهتمام دولي واسع.
في السياق ذاته، وصف الفريق الركن الداعري رسالة الأمير خالد بن سلمان بأنها تؤكد موقف المملكة الثابت في دعم ومساندة اليمن وشرعيته، وحرصها الدائم على وحدة الصف وتضافر جهود الجميع لاستعادة مؤسسات الدولة وتحرير كامل التراب الوطني، وتحقيق أهداف عاصفة الحزم وإعادة الأمل، بما يعزز الأمن والاستقرار في بلادنا والمنطقة.
وعلى وقع تطورات الأوضاع في المحافظات الشرقية اليمنية، أوضحت الرياض عبر وزارة خارجيتها موقفها من تلك الأحداث إذ عبّرت عن قلقها إزاء التحركات العسكرية التي شهدتها محافظتا حضرموت والمهرة مؤخرًا "التي قامت بها مؤخراً قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، إذ نُفذت بشكل أحادي دون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة التحالف".
واعتبرت السعودية تلك التحركات تصعيداً غير مبرر أضرّ بمصالح الشعب اليمني بمختلف فئاته وبالقضية الجنوبية، كما قوّض جهود التحالف مشددة على أنها ركزت طوال الفترة الماضية على وحدة الصف وبذلت جهوداً مكثفة للوصول إلى حلول سلمية لمعالجة الأوضاع في المحافظتين، ضمن مساعٍ متواصلة لإعادة الاستقرار.
وشددت الخارجية على أن الجهود لا تزال متواصلة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه، آملة بتغليب المصلحة العامة، ومبادرةِ المجلس الانتقالي بإنهاء التصعيد وخروج قواته بشكل عاجل وسلمي من المحافظتين.
كما أكدت المملكة أهمية التعاون بين جميع القوى والمكونات اليمنية، وضبط النفس، وتجنب ما من شأنه زعزعة الأمن والاستقرار، لما يترتب على ذلك من تداعيات سلبية، مجددةً التأكيد على ضرورة تكاتف الجهود لإعادة السلم والأمن المجتمعي.
وجددت المملكة موقفها بأن القضية الجنوبية قضية عادلة ذات أبعاد تاريخية واجتماعية، ولن تُحل إلا عبر حوار يجمع كافة الأطراف اليمنية على طاولة واحدة، ضمن مسار سياسي شامل يضمن الحل الشامل في اليمن.
واختتمت الخارجية بيانها بالتأكيد على دعم المملكة لرئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية، بما يحقق الأمن والاستقرار والتنمية والسلام في الجمهورية اليمنية الشقيقة.
العين الإخبارية: عقار الموت.. الحوثي يخضع أسرى ومختطفين لـ«مصل الحقيقة»
في 27 يوليو/ تموز 2019، وقع رامي محمد أسيراً في قبضة الحوثيين في بلدة "منبه آل ثابت" شمال غرب صعدة، أقصى شمالي البلاد، واقتيد معصوب العينين عبر سرداب طويل إلى قبو تحت الأرض.
وهناك، اكتشف محققو الحوثي أن رامي لم يكن جندياً عادياً، وإنما ضابط عمليات في إحدى كتائب لواء الصقور التابع للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، لكنه أنكر ذلك تحت تأثير حفلات التعذيب الجسدية.
وبعد أن دبّ اليأس في قلوب المحققين من انتزاع أي اعتراف منه، أُجلس رامي على كرسي وقُيدت يداه إلى الخلف، وعيناه معصوبتان. فجأة، شعر بوخزة إبرة حادة في كتفه، وبعد دقيقة دخل في حالة من الهذيان.
آنذاك، لم يخطر ببال رامي أنه أصبح رقماً يُضاف إلى قائمة طويلة من الضحايا (الأسرى والمختطفين) ممن حُقنوا بالقوة خلال جلسات الاستجواب بإبر، أو أُجبروا على تناول عقاقير بهدف انتزاع اعترافات قسرية منهم بين عامي 2015 و2023، حسبما يوثق هذا التحقيق.
وخلال رحلة ممتدة، تتبعت "العين الإخبارية" مسار استخدام الحوثيين عقاقير مخدرة لانتزاع اعترافات قسرية من المختطفين والأسرى اليمنيين، في واحدة من أبشع جرائم التعذيب التي تنتهك مبادئ حقوق الإنسان واتفاقيات مناهضة التعذيب الدولية.
وبعد تقصٍ استمر 3 أعوام، توصل مُعدّ التحقيق إلى أن محققي الحوثي استخدموا عقاقير مخدرة خاضعة للرقابة عند استجواب المحتجزين، كنوع من التعذيب النفسي الذي أثر على القدرات العقلية والإدراكية والملكات العليا للضحايا، وبشكل يخالف اتفاقيات جنيف التي تُلزم بمعاملة أسرى الحرب معاملة إنسانية تحفظ كرامتهم وشرفهم.
وبينما تغيب الإحصائيات الدقيقة لأعداد الأسرى من الطرفين الذين سقطوا على أكثر من 50 جبهة قتال في البلاد، أقرت بيانات وزارة الداخلية التابعة للحوثيين بأن عدد المختطفين خلال 9 أعوام بلغ 25 ألفاً و665 شخصاً، بتهم مُلفقة مثل "التجسس"، أو من دون أي اتهامات بالأساس.
وخز الإرادة
مع تمسكه بالإنكار، قرر محققو الحوثي اللجوء إلى وسيلتهم الأخيرة. يتذكر رامي سماعه لجملة لا تزال عالقة في ذاكرته وحية حتى اليوم: "لا حل سوى الإبرة"، ويضيف واصفاً ما حدث بعدها: "في تلك اللحظة لم أعد أشعر بشيء، كنت في حالة هذيان غير طبيعية".
رامي ليس حالة فردية، حيث وثقنا شهادات 15 ناجياً (محتجزين سابقين) من سجون حوثية مختلفة، والتقينا 6 أطباء ومحامين قدموا لنا تفاصيل متطابقة عن أعراض استخدام الحوثيين إبر وحبوب أثناء استجوابهم، تسببت لهم بـ"هذيان، هلوسة، وفقدان وعي".
ومثل رامي، حُقن أسامة محمد (27 عاماً)، الذي وقع أسيراً في قبضة الحوثيين عام 2019، خلال احتجازه في غرفة تحت الأرض في بلدة حيران بمحافظة حجة، حيث ضُرب حينها بالهراوات والقضبان الحديدية، وصُعق بالكهرباء، وعُلّق في سقف الغرفة 24 ساعة.
يتذكر أسامة أن الأيام الأولى من فترة استجوابه شهدت حقنه من قبل المحققين الحوثيين بمادة مخدرة عبر إبرة في الكتف، ما تسبب له بحالة إعياء، وكان يشعر بجفاف في اللسان والحلق وضيق في التنفس وكأنه يختنق.
قضى أسامة 4 سنوات في السجن، كان آخرها سجن قيادة الأمن المركزي في السبعين بصنعاء، وأُفرج عنه في صفقة تبادل أسرى بوساطة محلية عام 2022. ويقول إن مرحلة التحقيق كانت هي الأكثر قسوة، حيث كان يتم تقييد يديه إلى الخلف، ويتعرض للتعذيب، ثم يُحقن بالقوة لعدة مرات، مضيفاً: "لا أعلم ماذا يحصل حينها، إذ يتلخبط كل شيء في ذاكرتي".
لم يكن أسامة في زنزانته الوحيد، حيث كان بجواره في السجن نفسه 6 أسرى ومختطفين حُقنوا بالإكراه لانتزاع اعترافات قسرية، كما كان شاهداً على تعذيب العديد ممن لقوا حتفهم.
ويقول إن ضابطاً حوثياً يُلقب بـ"أبو نضال" كان المسؤول عن ذلك.
ويعاني أسامة حالياً من انزلاق في 4 فقرات في عموده الفقري جراء وحشية التعذيب، ورغم ذلك يسعى لتأسيس ملتقى للأسرى والمختطفين المحررين في اليمن، لتبني قضاياهم والانتصار لحقوقهم.
سجون بلا مقومات
بدأت رحلة رامي، مثل غيره من المحتجزين، في سجون سرية، منها غرف تحت الأرض تفتقر للتهوية والنظافة ولا تصلها الشمس، وفيها يجري التحقيق والاستجواب تحت التعذيب الجسدي والنفسي وحتى الدوائي، وتستمر من 3 أيام إلى 9 أشهر حسب الحالات، ثم يُنقلون إلى سجون صنعاء لمبادلتهم في صفقات محلية وأممية مع الحكومة اليمنية.
ويقول رامي إن حقنه بالإبرة أثناء استجوابه كان في الأسبوع الأول بعد أسره من قبل الحوثيين، وكان ذلك في غرفة تحت الأرض في صعدة، وظل فيها لنحو 50 يوماً معصوب العينين، وكان سجّانوه يجلدونه بقسوة ويقولون له إنه لن يخرج إلا مقابل 100 أسير.
وبحسب الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، وهي منظمة غير حكومية، فإن جماعة الحوثي تدير نحو (641) سجناً في المحافظات التي تسيطر عليها، منها (273) سجناً سرياً موزعة على عدد من المباني المدنية. ومن أبرزها سجن مدينة الصالح في تعز، وسجون صنعاء، وأشهرها سجون معسكر الأمن السياسي والأمن المركزي والأمن والمخابرات وشملان القديم والأمن القومي.
فيما هناك 5 سجون أكثر وحشية في الحديدة، وهي سجن المدافن، وحنيش، وقلعة الكورنيش، ونادي الضباط، ومعسكر اللواء العاشر، بالإضافة إلى سجون في حجة وصعدة والبيضاء وذمار وإب والمحويت.
ويقول الناجون من هذه السجون إنها تفتقر إلى الحد الأدنى من المعايير الإنسانية، وتنعدم فيها التهوية والإضاءة الطبيعية، ويُحشر داخلها من 20 إلى 30 شخصاً في زنازين ضيقة تضطرهم للنوم متلاصقين، وفي بعضها لا يُسمح للمحتجزين بدخول الحمام إلا مرتين في اليوم فقط، وسط إهمال طبي متعمد.
الأسابيع الأولى
ويقول الناجون إن الأسابيع الأولى عادة ما تكون هي الأسوأ، حيث يلجأ محققو الجماعة إلى أساليب تعذيب غير تقليدية، بما في ذلك استخدام العقاقير الطبية، ليس للعلاج وإنما كسلاح لانتزاع اعترافات قسرية.
ذاكر صالح (28 عاماً)، الذي اختطفه الحوثيون في 8 أغسطس/ آب 2017 من سوق شعبي في مديرية حيفان بمحافظة تعز (جنوب)، وتم إيداعه سجن مدينة الصالح شرقي المحافظة، أُجبر على تناول عقار بالقوة.
وتعرض صالح للتعذيب في أول 3 أيام من اختطافه، وكُسرت أسنانه، وأُجبر أثناء جلسات التحقيق على تجرع (حبة دواء)، وبعد ثوانٍ من تناولها "دخلت في غيبوبة"، وخلال لحظات إفاقة غائمة كنت أسمع ضباط التحقيق يقولون: "سوف يكشف المخبأ الآن بالكامل".
ويضيف: "كانت الساعة حينها الواحدة ليلاً، كما قال المحققون، وبقيت حتى أذان صلاة الفجر لا أشعر بما حولي، وبعدها شعرت بدوار وألم شديدين في الرأس، وضيق في الصدر، وجفاف في الفم، وكدت أموت من العطش".
و"بعد أن أكمل المحققون مع صالح، عادوا به محمولاً على الأكتاف، ورموه في الزنزانة وهو في حالة يُرثى لها"، يقول عنان مختار، وهو معتقل سابق كان بجواره.
مختار (32 عاماً) كان شاهداً على ما تعرض له صالح من تعذيب، وقال إن الحوثيين "أجبرونا على ابتلاع حبوب، وكانوا يقولون لنا إننا سنموت من تأثيرها".
ويضيف: "حدث ذلك أثناء جلسات الاستجواب، حيث كنت أفقد الوعي من تأثير هذه الحبوب، ولا أتذكر الحديث معهم، وبعد انتهاء التحقيق كانوا يحملونني إلى بوابة الضغاطة (الزنزانة) ويقومون برميّ بداخلها، وكنت أشعر بصعوبة في التنفس، وفقدان توازن، وهذيان".
وعرض مختار نسخاً من سجلاته الطبية على مُعدّ التحقيق، وهو الآن مُقعد ويعاني من تآكل فقرات عموده الفقري نتيجة وحشية التعذيب. وقد أُطلق سراحه بصفقة محلية في سبتمبر/ أيلول 2021، فيما أُفرج عن صالح في صفقة برعاية أممية في الفترة نفسها.
صعوبات مخبرية
في حالات رامي وأسامة وذاكر وعنان، الذين حُقنوا وأُجبروا على تناول عقاقير خلال أول 3 أيام من احتجازهم، كانت فرص كشف هذه العقاقير بعد قرابة 4 سنوات أكثر صعوبة، إذ إن تحاليل الدليل الطبي والسمّي لهذه المواد المخدرة تتطلب أخذ عينات دم وبول خلال أيام من حقنها للضحايا، حسب النوع والجرعة، أو عينات من الشعر والأظافر التي تتيح نافذة زمنية تمتد لأشهر للكشف عنها.
كما يتطلب الكشف الدقيق معامل متخصصة وتقنيات حساسة لا تتوفر في اليمن.
ربط علمي
عرضنا الأعراض المتطابقة في شهادات الضحايا، والتي شملت الحقن أو الإجبار على شرب حبوب، ثم الهذيان، والهلوسة، وفقدان الإدراك، على الدكتور شوقي المخلافي، استشاري التخدير، الذي أكد أن هذا الوصف ينطبق سريرياً على عدة مجموعات كيميائية تُستخدم كـ«مخدرات للتحقيق/الجرائم»، ويُطلق عليها اصطلاحاً «مصل الحقيقة»، وقد استُخدمت تاريخياً في الاستجواب لتعطيل قدرة العقل على الكذب.
وبحسب المخلافي، فإن حقن الأسرى والمختطفين «في الكتف (IM)»، كما هو حال رامي وأسامة، يتطابق مع طرق إعطاء أدوية مثل «الميدازولام» أو «الكيتامين» عضلياً، فيما تتطابق الحبوب التي أُجبر على تناولها ذاكر وعنان عن طريق الفم مع «السكوبولامين».
وتختلف آثار هذه العقاقير بشكل كبير بناءً على نوع الدواء وجرعته، حيث ينتمي «الميدازولام» إلى عائلة «البنزوديازيبينات» القوية، مثل (ديازيبام ــ فلونيترازيبام)، ويتسبب في فقدان الذاكرة (amnesia)، والنعاس، والارتخاء، ويمكن إعطاؤه عن طريق الحقن العضلي أو عن طريق الفم.
أما «الكيتامين»، الذي يسبب انفصالاً (dissociation)، وهلوسات سمعية وبصرية، وفقدان إدراك مؤقت، فيُعطى بسهولة عبر الحقن العضلي.
فيما يُعرف «السكوبولامين» أو Devil’s breath (البُروندانغا)، والمعروف أيضاً باسم «نَفَس الشيطان»، بأن الجرعات العالية منه قد تتسبب في ارتباك شديد، وفقدان ذاكرة، وهلوسات، وقد استُخدم في أوائل القرن العشرين لإحداث حالة من الهذيان تجعل الشخص يفقد القدرة على الكذب.
وكشف بحثنا حول هذه العقاقير أن الهيئة العليا للأدوية التابعة للحوثيين تتيح استخدام هذه المواد المخدرة في «الأغراض الطبية والعلمية والصناعات المشروعة»، وقد تلقت الجماعة عبر ميناء الحديدة شحنة من شركتي «كاسبيان» و«شفا طب» الإيرانيتين في مارس/ آذار 2017، بلغت قيمتها نحو مليون ونصف المليون دولار أمريكي، تسرب الكثير منها إلى سوق الدواء، ما أثار ضجة في اليمن، إثر احتوائها على 23 طناً من المواد المخدرة، من بينها 50 ألفاً و80 باكيت ديازيبام.
ميلاد في سجون هتلر
لم يكن استخدام مصل الحقيقة المرة الأولى، إذ كان المحققون النازيون أول من استخدمه في عشرينيات وثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، تداولت صحف عالمية تقريراً رُفعت عنه السرية في إطار قضية «حرية المعلومات»، أفاد بأن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سي آي إيه» بحثت في السنوات التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 استخدام «مصل الحقيقة» لاستجواب المحتجزين في قضايا تتصل بالإرهاب.
وحدد التقرير عقاراً أُطلق عليه اسم «فيرسد» (Versed)، ويُعرف باسم «ميدازولام» (Midazolam)، بوصفه العقار المفضل للتحفيز على قول الحقيقة، وهو ذاته الذي يستخدمه الحوثيون اليوم عند استجواب المحتجزين في سجونهم.
وهو ما أكده مصدر أمني فضّل إخفاء هويته في صنعاء، بأن استخدام العقاقير أثناء الاستجواب تصاعد نتيجة اعتماد جماعة الحوثي نظام المكافأة المالية والترقية العسكرية لضباط التحقيق الذين ينتزعون معلومات ذات قيمة استخباراتية من المحتجزين.
علمياً، تُعد الاعترافات تحت تأثير «ميدازولام» أو غيره من العقاقير غير موثوقة، كون المستجوب قد يدلي بمعلومات خاطئة أو خيالية تحت تأثيرها نتيجة الهذيان. كما أن «إعطاء هذه المواد من دون إشراف طبي دقيق يُعد أمراً غير قانوني وخطيراً، ويمكن أن يؤدي إلى وفاة أو مضاعفات صحية جسيمة للضحايا».
ويشدد خبير التخدير ماجد الشرعبي على ضرورة «استخدامها تحت إشراف طبي صارم بسبب طبيعتها القوية وهامش الأمان الضيق، كون الفرق صغيراً نسبياً بين الجرعة المأمونة والجرعة التي قد تسبب آثاراً جانبية خطيرة، مثل توقف التنفس أو هبوط الضغط أو حدوث ارتجاع لمحتوى المعدة إلى القصبة هوائية، أو ظهور أعراض تحسسية لدى الشخص».
الإطار القانوني
تؤكد الشهادات المتقاطعة لهؤلاء الناجين الأربعة، من بين عشرات الحالات، أن استخدام العقاقير الدوائية كسلاح لانتزاع اعترافات قسرية يُعد «جريمة مكتملة الأركان، وهي جريمة ضد الإنسانية»، بحسب رئيس منظمة تقصي اليمنية، المحامي هادي وردان.
ويُعرَّف التعذيب، بحسب اتفاقية مناهضة التعذيب، بأنه أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسديًا أو عقليًا (..)، بقصد الحصول على اعترافات ومعلومات تحت الإكراه، ويُعد عملاً مُجرَّمًا (..). كما تُصنِّف نصوص قواعد القانون الدولي استعمال أدوات التعذيب، كالمواد الدوائية التي تؤدي إلى ذهاب العقل أو فقدان أي جزء من الضحية أو ينتج عنها وفاة، بأنه جريمة مكتملة الأركان، وهي جريمة ضد الإنسانية.
في السياق ذاته، تقول المحامية اليمنية أمل الصبري إن «استخدام جرعات من الأدوية المخدِّرة ضد الأسرى والمختطفين يُصنَّف قانونيًا على أنه تعذيب محظور حظرًا مطلقًا، ويُشكِّل عملاً إجراميًا خطيرًا، ويُصنَّف كجريمة ضد الإنسانية ومن الجرائم الجسيمة، ولا يُمثِّل مجرد انتهاك فقط، ولا يجوز تبريره تحت أي ظرف».
ويخفي محققو الحوثي هوياتهم الحقيقية من خلال استخدام أسماء حركية وارتداء الأقنعة أثناء استجواب المحتجزين، للإفلات من المساءلة. كما يختلف المحققون من جهاز أمني إلى آخر، إذ يدير دائرة التحقيقات في جهاز الأمن والمخابرات العميد عبد الواسع أبو طالب، فيما يتولى العقيد عاصم حويس مسؤولية التحقيقات مع الموقوفين على ذمة قضايا «مكافحة الإرهاب».
وبحسب شهادات محتجزين، فإن مدير سجن الأمن السياسي (المخابرات سابقاً) في حدة بصنعاء، العميد يحيى محمد حمادي سريع، كان أحد أكثر الضباط وحشية في ممارسة التعذيب الجسدي والدوائي، إلى جانب مدير تحقيقات السجن نفسه العقيد محمد المؤيد.
وفي جهاز الأمن الوقائي، يشرف على دائرة التحقيقات العقيد طه إسماعيل الديلمي، بينما يتولى مسؤولية التحقيقات في الاستخبارات العسكرية العقيد خالد الجاكي، تحت إمرة مشرف السجون العسكرية العميد عبد اللطيف العياني.
أما مصلحة السجون، التي ألحقها الحوثيون مؤخراً بوزارة العدل وحقوق الإنسان بدلاً من وزارة الداخلية للتنصل من المساءلة، فيشرف على المحققين فيها العقيد حسن الطالبي، فيما يتولى مسؤولية إدارة التحقيقات العقيد تركي القمادي.
ويتهم محتجزون سابقون رئيس لجنة الأسرى الحوثية عبد القادر المرتضى (أبو هلال) بالوقوف خلف تعذيبهم جسدياً وعقلياً، من خلال إشرافه على سجن الأمن المركزي في صنعاء، إضافة إلى مشرف التحقيقات في السجن نفسه العقيد صالح هرشان.
أمراض نفسية وصدمات
بعد جولات من المفاوضات مع الحكومة اليمنية، أُفرج عن سراح رامي ضمن صفقة تبادل أسرى برعاية الأمم المتحدة في إبريل/ نيسان 2023، ويقول إنه لن ينسى حقنه بالإبر وضربه «بالأسلاك الكهربائية وإحراق شعر ذقنه ووجهه والصعق بالكهرباء تحت الإهانات». أما أسامة وذاكر ومختار فيعانون من صحة جسدية ونفسية متدهورة، ويخضعون باستمرار للرعاية الطبية.
أمة السلام الحاج، مسؤولة منظمة «رابطة أمهات المختطفين» غير الحكومية، أوضحت أن «حقن المحتجزين بمواد وعقاقير تحت الإكراه، وأخرى بدواعي أنها أدوية للعلاج، تسببت للكثير منهم بشلل تام، وأمراض عضوية، وفشل كلوي، وأمراض مزمنة، كما تم توثيق الكثير من الحالات ممن توفوا بعد إطلاق سراحهم بأيام نتيجة حقنهم بعقاقير وأدوية».
ويعاني الأسرى والمختطفون المفرج عنهم من أمراض نفسية وصدمات، وهم بحاجة إلى رعاية طبية مكثفة. ووفقًا للمحامي وردان، فإن ملاحقة المتورطين في استخدام هذه العقاقير تتطلب «رصد الوقائع وجمع الأدلة وتسمية المحققين الحوثيين المرتكبين للأفعال وأعمالهم القيادية، وتقديمها لفريق الخبراء الدوليين المعني باليمن، ليتم وضعهم في القائمة السوداء تمهيدًا لملاحقتهم والقبض عليهم محليًا ودوليًا».
الشرق الأوسط: الحوثي: أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال يُعتبر «هدفاً عسكرياً»
حذّر زعيم جماعة «الحوثي» عبد الملك الحوثي، يوم الأحد، من أن أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال سيكون «هدفاً عسكرياً»، في آخر إدانة للتحرّك الإسرائيلي للاعتراف بالإقليم الانفصالي.
وقال الحوثي، في بيان، إن جماعته تعتبر «أي وجود إسرائيلي في إقليم أرض الصومال هدفا عسكرياً لقواتنا المسلحة، باعتباره عدواناً على الصومال وعلى اليمن، وتهديداً لأمن المنطقة»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
واعترفت إسرائيل، الجمعة، رسمياً، بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة، في قرار لم يسبقها إليه أحد منذ إعلان الأخيرة انفصالها عن الصومال عام 1991.
وتقع أرض الصومال التي تبلغ مساحتها 175 ألف كيلومتر مربع، في الطرف الشمالي الغربي من الصومال. وأعلنت استقلالها من جانب واحد، في عام 1991، بينما كانت جمهورية الصومال تتخبّط في الفوضى عقب سقوط النظام العسكري للحاكم سياد بري. ولأرض الصومال عملتها الخاصة وجيشها وجهاز شرطة تابع لها.
«الانتقالي» على حافة الاختبار... هل يحفظ مكاسبه أو يتهيأ للاصطدام الكبير؟
تشهد المناطق الشرقية من اليمن، وتحديداً في حضرموت، مرحلة حساسة من إعادة ضبط التوازنات داخل معسكر «الشرعية»، على وقع التصعيد العسكري الأحادي الذي نفذه المجلس الانتقالي الجنوبي، وما يقابله من رفض إقليمي ودولي؛ إذ قال مراقبون إنه لا يمكن السماح بفرض أمر واقع عن طريق القوة المسلحة مهما كانت المزاعم أو المبررات.
وبحسب المراقبين، فإن ما يجري ليس تفصيلاً محلياً عابراً، يمكن التغاضي عنه سواء من قبل «الشرعية» اليمنية أو من قبل الداعمين لها، بل اختبار سياسي وأمني متعدد الأبعاد، تتقاطع فيه حسابات الداخل الجنوبي نفسه، ومسار الحرب مع الحوثيين، وخيارات السلام الإقليمي.
وحتى الآن، يظهر سلوك المجلس الانتقالي أقرب إلى المناورة تحت الضغط منه إلى التحدي المباشر. فاللغة المستخدمة في بياناته الأخيرة - التي تمزج بين التبرير السياسي والتحركات العسكرية، وبين الحديث عن «التنسيق» و«تفهّم الهواجس» - تعكس إدراكاً متزايداً بأن مساحة المناورة تضيق بسرعة. لكن لا بد من التقاط القرار الصائب.
كما يشار إلى أن تحذيرات السعودية التي تقود «تحالف دعم الشرعية» في اليمن لم تكن عابرة أو قابلة للتأويل، بل جاءت متزامنة ومتدرجة، وانتقلت من مستوى التنبيه السياسي إلى الردع التحذيري الميداني من خلال ضربة جوية في حضرموت.
هذا التحول في اللهجة يعني عملياً أن هناك قراراً واضحاً بمنع انتقال حضرموت والمهرة إلى مسرح صراع داخلي، أو إلى ساحة لفرض مشاريع جزئية بالقوة.
وربما يدرك المجلس الانتقالي وناصحوه معاً، أن تجاهل هذه الرسائل يضعه في مواجهة مباشرة مع الطرف الإقليمي الأثقل وزناً في الملف اليمني، وهو السعودية قائدة «تحالف دعم الشرعية»، وهو صدام لا يملك المجلس أدوات تحمّله، لا سياسياً ولا عسكرياً.
لذلك، يُنصح «الانتقالي» من قبل مراقبين للشأن اليمني بأن يتعامل مع التحذيرات بجدية، وعدم الركون إلى تكتيك الإبطاء، هذا إذا كان يبحث عن مخارج تحفظ له الحد الأدنى من المكاسب التي راكمها خلال السنوات الماضية، وإلا فلن يكون أمامه سوى الانصياع المتوقع بالقوة، وهو إن حدث سيعني لأنصاره هزيمة مدوية لا يمكن استيعابها.
ورطة غير محسوبة
وفق مراقبين للشأن اليمني، فقد أوقع «الانتقالي» نفسه في ورطة غير محسوبة؛ إذ جرى تسويق التحركات الأخيرة بوصفها «حماية للقضية الجنوبية» و«استجابة لمطالب شعبية»، ولقطع طرق التهريب وإمدادات الحوثيين ومحاربة التنظيمات الإرهابية، وفق زعمه، إلا أن الأوان لم يفت كما بينته الرسالة السعودية بوضوح عبر وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان؛ إذ بالإمكان الخروج من الورطة بأقل الخسائر، من خلال مغادرة قواته الوافدة إلى حضرموت والمهرة بشكل عاجل.
من ناحية ثانية، تشير المعطيات إلى أن المجلس الانتقالي لا يملك القدرة على تثبيت وجوده في حضرموت والمهرة، في ظل مجموعة عوامل ضاغطة، أبرزها وجود رفض محلي واسع، بخاصة في حضرموت، حيث تتمتع المكونات الاجتماعية والقبلية بحساسية عالية تجاه أي وجود مسلح وافد.
إلى جانب ذلك، يفتقد المجلس - الذي يهيمن على قراره قيادات من مناطق بعينها - غياب الغطاء الإقليمي الذي يشكل شرطاً أساسياً لأي تغيير أمني في مناطق حساسة، وكذا في ظل موقف دولي واضح يرفض أي تغيير للواقع بالقوة، ويؤكد دعم وحدة المؤسسات الرسمية.
لذلك، يبدو السيناريو الأفضل والأسهل - كما يقترحه محللون - هو انسحاب منظم، تحت أسماء فنية مثل «إعادة انتشار»، أو «ترتيبات أمنية»، أو بأي طريقة تسمح للمجلس بالخروج من المأزق بأقل الخسائر السياسية الممكنة.
أما إذا قرر المجلس الانتقالي تجاهل الإشارات والاستمرار في التصعيد، فإن تكلفة ذلك - طبقاً للمراقبين - ستكون مرتفعة ومتعددة المستويات؛ فعلى المستوى السياسي سيخسر المجلس ما تبقى من صورة الشراكة في السلطة الشرعية، وسيتحول تدريجياً - في الخطاب الإقليمي والدولي - من فاعل سياسي ضمن «مجلس القيادة الرئاسي» والحكومة اليمنية إلى عنصر مُعطِّل للاستقرار، وقد يصل الأمر إلى فرض عقوبات دولية على قادته.
أما عسكرياً، فالرسالة السعودية واضحة بعد بيان «تحالف دعم الشرعية»؛ إذ لن يُسمح بفرض أمر واقع بالقوة في شرق اليمن، وأي تصعيد إضافي قد يُقابل بردع مباشر، ما يعني خسائر ميدانية مؤسفة لا يملك المجلس القدرة على تعويضها أو تبريرها.
وعلى المستوى الشعبي، فإن حضرموت والمهرة ليستا بيئة حاضنة للمجلس الانتقالي، واستمرار التصعيد سيُعمّق الهوة بينه وبين قطاعات واسعة من الجنوبيين، ويحوّل القضية الجنوبية من مظلة جامعة إلى مشروع انقسامي، بل إن أخطر الخسائر - كما يقرأها المحللون - تكمن في تشويه جوهر القضية الجنوبية، عبر ربطها بالعسكرة والانتهاكات وفرض الوقائع بالقوة، بدل ترسيخها كقضية سياسية عادلة قابلة للحل ضمن مسار تفاوضي، كما هو الأمر في الطرح الذي تتبناه القوى اليمنية المنضوية تحت «الشرعية»، والذي تدعمه السعودية.
عبء الانتهاكات
من جانب آخر، تمثل الانتهاكات الموثقة في حضرموت نقطة تحوّل خطرة في مسار التصعيد. فعمليات المداهمة، والاعتقالات التعسفية، والإخفاء القسري، وفرض الحصار على مناطق مأهولة... لا تُقرأ فقط كإجراءات أمنية، بل كنمط قمعي ممنهج، يضع المجلس الانتقالي في مواجهة مباشرة مع القانون الدولي الإنساني.
وبحسب تقارير حقوقية موثوقة، شملت الانتهاكات في الأيام الأخيرة اقتحام منازل مدنيين، واحتجازاً تعسفياً، وإخفاء قسرياً، وحصاراً عسكرياً لمناطق قبائل «الحموم»، ومنع تنقل المرضى، ونهب ممتلكات عامة وخاصة... وهذه الممارسات لا تُضعف موقف المجلس أخلاقياً فحسب، بل تُحوّل ملفه إلى عبء قانوني وسياسي قابل للاستخدام دولياً، وتفتح الباب أمام مساءلة مستقبلية قد لا تسقط بالتقادم.
من كل ذلك، يمكن القول إن ما يجري اليوم هو اختبار نضج سياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي، فإما أن يلتقط الرسالة الواضحة محلياً وسعودياً ودولياً، ويعود إلى المسار السياسي، ويحدّ من الخسائر، وإما أن يواصل التصعيد، ويدفع أثماناً سياسية وعسكرية وقانونية قد يصعب تعويضها، وفق تقديرات المراقبين.
وطبقاً لتقديرات المرحلة وما يراه المشفقون على مستقبل المجلس الانتقالي الجنوبي، فإن اللحظة الراهنة لا تحتمل المغامرة، ومن يخطئ قراءتها سيدفع الثمن وحده.
