من إسطنبول إلى يالوفا: كيف كشفت العملية الأخيرة تطور تكتيكات داعش تركيا؟

الإثنين 29/ديسمبر/2025 - 04:50 م
طباعة من إسطنبول إلى يالوفا: علي رجب
 
من إسطنبول إلى يالوفا:
شكّلت العملية الأمنية التي نفذتها قوات الأمن التركية في محافظة يالوفا، وأسفرت عن استشهاد ثلاثة من رجال الشرطة وتحييد ستة عناصر من تنظيم داعش، محطة مفصلية في سياق المواجهة المستمرة مع التنظيم، ولا سيما أنها جاءت بعد فترة وجيزة من عملية “إسطنبول 7” التي أعادت ملف الخلايا النائمة إلى الواجهة بقوة.

ما الذي حدث في يالوفا؟

اندلعت الاشتباكات خلال مداهمة منزل في حي إسماعيل باشا كان يُستخدم وكرًا لعناصر داعش، وأسفرت عن مقتل 3 رجل من رجال الشرطة هم ياسين كوجيغي، تورغوت كولونك، وإلكر بيهليوان، وإصابة عدد آخر من عناصر الأمن نُقلوا إلى مستشفى يالوفا الحكومي لتلقي العلاج.
وخلال العملية تم تحييد ستة إرهابيين، من بينهم ظافر أوموتلو وهاشم سورداباك.

منزل “عادي” يخفي خلية نشطة

تكشف التفاصيل الميدانية أن المنزل، الذي استأجرته عائلة مكوّنة من ثلاثة أشخاص منذ قرابة عام، لم يكن يثير الشبهات ظاهريًا. فقد بدا كأي منزل عادي من حيث الأثاث والحياة اليومية. إلا أن معطيات لاحقة أكدت أن المنزل كان يشهد حركة كثيفة، مع تردد مجموعات مختلفة عليه في أوقات متفرقة.

الأهم أن الشرطة داهمت المنزل ذاته قبل أربعة أشهر، وصادرت حينها هواتف محمولة قام أحد عناصر داعش بكسرها، قبل أن يُفرج عنه لاحقًا. هذا المعطى يسلّط الضوء على قدرة التنظيم على إعادة التموضع واستغلال الثغرات الزمنية والقانونية.

دلالات العملية بعد “إسطنبول 7”

تكتسب عملية يالوفا أهميتها من توقيتها وسياقها:

تأكيد استمرار التهديد: العملية تثبت أن تنظيم داعش، رغم الضربات المتتالية، ما زال يحتفظ بخلايا قادرة على التحرك والتسلح والاشتباك داخل العمق التركي.

الخلايا النائمة والعائلات كغطاء: استخدام نموذج “العائلة المستقرة” كغطاء يبرز تطور تكتيكات التنظيم في التمويه والاندماج المجتمعي، ما يصعّب عملية الرصد المبكر.

ارتباط جغرافي وتنظيمي أوسع: ظهور مشاركات لظافر أوموتلو على وسائل التواصل الاجتماعي من بورصة، ومحتوى دعائي متطرف، يشير إلى شبكات أوسع عابرة للمحافظات، لا تقتصر على موقع واحد.

رسالة بعد إسطنبول 7: تأتي يالوفا لتؤكد أن عمليات مثل “إسطنبول 7” ليست أحداثًا معزولة، بل جزء من سلسلة مواجهة مفتوحة تتطلب رفع مستوى الجاهزية الاستخباراتية والمجتمعية.

كلفة المواجهة وحتمية الاستمرار

استشهاد ثلاثة من رجال الشرطة في عملية واحدة يسلّط الضوء على الكلفة البشرية العالية في الحرب ضد الإرهاب، ويعزز في الوقت ذاته الخطاب الرسمي التركي القائم على عدم التهاون وملاحقة التنظيم “داخل الحدود وخارجها”.

عملية يالوفا ليست مجرد مداهمة أمنية، بل إنذار استراتيجي يؤكد أن المعركة مع داعش دخلت مرحلة أكثر تعقيدًا بعد “إسطنبول 7”. 
فهي معركة ضد تنظيم يتخفّى داخل المجتمع، ويعيد بناء نفسه بهدوء، ما يجعل التكامل بين العمل الأمني، والرقابة المجتمعية، والمتابعة الرقمية ضرورة ملحّة في المرحلة المقبلة.

شارك