تهديد الأقليات في الهند.. العنف ضد المسلمين والمسيحيين يثير القلق الدولي

الإثنين 29/ديسمبر/2025 - 10:00 م
طباعة محمد شعت
 

أعربت باكستان عن قلقها العميق إزاء ما وصفته بـ "اضطهاد الأقليات في الهند"، داعية المجتمع الدولي إلى الانتباه لما يحدث من أعمال عنف وتخريب ممنهج ضد الأقليات الدينية، خصوصاً خلال الاحتفالات الدينية والمناسبات الرسمية. وجاء هذا التحذير في بيان رسمي صادر عن وزارة الخارجية الباكستانية يوم الاثنين، حيث حثت على ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة لحماية حقوق المجتمعات الضعيفة في الهند، محذرة من تصاعد العنف وانعدام العدالة.

 وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية، طاهر أندرابي، أن هناك حوادث تخريب واضحة ومدانة خلال الاحتفالات، مع ما وصفه بـ "حملات ترعاها الدولة ضد المسلمين". وأكد أن عمليات مثل هدم منازل المسلمين، والاعتداءات المستمرة، و"عمليات الإعدام المتكررة" قد زادت من شعور الخوف والعزلة لدى المجتمع المسلم في الهند، ما أدى إلى تفاقم أزمة الأمان الشخصي والاجتماعي.

 وأشار أندرابي إلى قضية محمد أخلاق كمثال على الانتهاكات الخطيرة، حيث لم تتم مساءلة الجناة، مما يعكس استمرارية السياسات التمييزية التي تستهدف الأقليات. وأضاف أن "قائمة الضحايا طويلة للأسف"، مؤكداً ضرورة أن يأخذ المجتمع الدولي هذه الانتهاكات بعين الاعتبار ويضغط لاتخاذ خطوات لحماية الحقوق الأساسية للأقليات في الهند.

 

العنف خلال الاحتفالات المسيحية

 

تحولت احتفالات عيد الميلاد الأسبوع الماضي في الهند إلى كابوس بالنسبة للمجتمع المسيحي، بعد أن هاجمت مجموعة من الغوغاء العنيفين وخرّبوا الزينة في مدينة رايبور، عاصمة ولاية تشاتيسغار. ووفقاً لصحيفة إنديان إكسبريس، اقتحمت المجموعة المركز التجاري قبل حلول المهرجان، ويُقال إن عدد أفرادها يتراوح بين 30 و40 رجلاً ملثماً، جاءوا خلال إضراب عام دعا إليه احتجاجاً على أعمال العنف المزعومة المرتبطة بالتحول الديني في كانكر.

 

أظهرت لقطات الفيديو المشتبه بهم يتجولون في المركز التجاري ويمزقون الزينة المخصصة للاحتفال بعيد الميلاد، فيما أبدى السكان المسيحيون دهشتهم وخوفهم من تصاعد مثل هذه الأعمال. وفي حادثة مشابهة، قامت منظمة فيشفا هندو باريشاد باجرانج دال بتخريب مدرسة خلال الاستعدادات للاحتفال بعيد الميلاد في مقاطعة نالباري بولاية آسام، كما أحرق أعضاء هذه الجماعات اليمينية المتطرفة أغراض الاحتفال ونظموا احتجاجات مناهضة للمهرجان.

 

ولم تتوقف الانتهاكات عند مجرد تخريب الزينة والممتلكات، بل شملت تهديدات مباشرة للمجتمعات المسيحية، مما يعكس نمطاً منظماً من العنف يهدف إلى ترهيب الأقليات الدينية وفرض قيود على حريتهم في ممارسة شعائرهم الدينية. وقد أصبح هذا العنف جزءاً من حالة أوسع من التوتر الطائفي الذي يشهده عدد من الولايات الهندية، حيث يزداد الهجوم على المدارس والكنائس والمنازل التابعة للأقليات مع كل مناسبة دينية.

 

اضطهاد الأقليات

 

لم تقتصر الانتقادات على باكستان فقط، إذ أوصى تقرير أمريكي الشهر الماضي بتصنيف الهند كدولة "تثير قلقاً خاصاً" بسبب التعصب الديني والانتهاكات الخطيرة للحرية الدينية. وكشف التقرير الصادر عن اللجنة الأمريكية المعنية بالحرية الدينية الدولية أن الحكومة الهندية، بقيادة رئيس الوزراء ناريندرا مودي وحزب بهاراتيا جاناتا، انتهجت سياسات تمييزية ضد الأقليات، متماشية مع أيديولوجية الهندوتفا التي تروج للقومية الهندوسية.

 

وأشار التقرير إلى أن حزب بهاراتيا جاناتا، بوصفه الجناح السياسي لمنظمة راشتريا سوايامسيفاك سانغ، يساهم في تعزيز الانقسام بين المجتمعات الدينية، ما يزيد من التوترات الطائفية ويضع الأقليات في وضع هش. ويؤكد التقرير أن تجاهل السلطات لمسألة مساءلة الجناة يشجع على استمرار هذه الانتهاكات ويزيد من شعور المسلمين والمسيحيين بالانعزال والخوف، خاصة في المناطق التي تشهد نشاطاً متصاعداً للجماعات اليمينية المتطرفة.

 

يضاف إلى ذلك أن استمرار هذه الأعمال يؤدي إلى تقويض الثقة بين الأقليات والدولة، ويخلق بيئة من القلق المستمر والمخاطر اليومية، حيث لا تقتصر الانتهاكات على الهجمات المباشرة، بل تشمل التمييز الاجتماعي، وحرمان الأقليات من الوصول إلى الموارد الأساسية، وفرض قيود على التعليم والعمل والممارسة الدينية. ويعتبر هذا نمطاً من العنف المؤسسي والضغوط المجتمعية التي تجعل من الصعب على الأقليات العيش بحرية وأمان، مما يزيد من الهشاشة ويحد من قدرتهم على المشاركة الفاعلة في الحياة العامة.

 

شارك