"منظمة التعاون الإسلامي" بين الإشادة بالدور التاريخي والاتهامات بالتقصير
الخميس 30/يوليو/2015 - 09:33 م
طباعة
تُمثل منظمة التعاون الإسلامي ثاني أكبر منظمة حكومية دولية بعد الأمم المتحدة، وتضم في عضويتها سبعا وخمسين (57) دولة عضوا موزعة على أربع قارات، وتعتبر المنظمة الصوت الجماعي للعالم الإسلامي وتسعى لصون مصالحه والتعبير عنها تعزيزا للسلم والتناغم الدوليين بين مختلف شعوب العالم.
التأسيس
أُنشئت منظمة التعاون الإسلامي "المؤتمر الإسلامي" في الرباط بالمملكة المغربية يوم 25 سبتمبر 1969 بعد عقد أول مؤتمر لقادة العالم الإسلامي عقب محاولة الصهاينة حرق المسجد الأقصى الشريف يوم 21 أغسطس 1969 في مدينة القدس المحتلة، والتي أدانها في ذلك الوقت العالم أجمع.
تحول اسم المنظمة من "منظمة المؤتمر الإسلامي" إلى "منظمة التعاون الإسلامي" في يونيه 2011 خلال الدورة الثامنة والثلاثين لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء التي عقدت في العاصمة الكزاخية أستانة.
وتضم المنظمة 57 دولة إسلامية موزعة على أربع قارات، وتعتبر الصوت الجماعي للعالم الإسلامي، كما أنها ترتبط بعلاقات مع الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات لحماية المصالح الحيوية للمسلمين، والعمل على تسوية النزاعات والصراعات التي تكون الدول الأعضاء طرفا فيها.
ميثاق المنظمة
وقد تضمن ميثاق المنظمة عند تأسيسها عهدا بالسعي بكل الوسائل السياسية والعسكرية لتحرير القدس من الاحتلال، ولكن مهمات المنظمة اتسعت بعد ذلك لتشمل متابعة قضايا العالم الإسلامي بشكل عام.
اعتمد الميثاق الحالي لمنظمة التعاون الإسلامي في القمة الإسلامية الحادية عشرة التي عقدت في دكار يومي 13 و14 مارس 2008، وحدد أهداف المنظمة ومبادئها وغاياتها الأساسية المتمثلة في تعزيز التضامن والتعاون بين الدول الأعضاء.
اهداف المنظمة
ترمي المنظمة حسب ميثاقها إلى بلوغ أهداف، تعزيز ودعم أواصر الأخوة والتضامن بين الدول الأعضاء.
*صون وحماية المصالح المشتركة، ومناصرة القضايا العادلة للدول الأعضاء، وتنسيق جهود الدول الأعضاء وتوحيدها بغية التصدي للتحديات التي تواجه العالم الإسلامي خاصة والمجتمع الدولي عامة.
*احترام حق تقرير المصير وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء، واحترام سيادة الدول الأعضاء واستقلال ووحدة أراضي كل دولة عضو.
*ضمان المشاركة الفاعلة للدول الأعضاء في عمليات اتخاذ القرار على المستوى العالمي في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لضمان مصالحها المشتركة.
*تأكيد دعمها لحقوق الشعوب المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
*تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين الدول الإسلامية من أجل تحقيق التكامل الاقتصادي فيما بينها بما يفضي إلى إنشاء سوق إسلامية مشتركة.
*بذل الجهود لتحقيق التنمية البشرية المستدامة والشاملة والرفاه الاقتصادي في الدول الأعضاء.
*حماية صورة الإسلام الحقيقية والدفاع عنها والتصدي لتشويه صورة الإسلام وتشجيع الحوار بين الحضارات والأديان.
*الرقي بالعلوم والتكنولوجيا وتطويرها وتشجيع البحوث والتعاون بين الدول الأعضاء في هذه المجالات.
الأجهزة الرئيسية
القمة الإسلامية، وتتألف من ملوك ورؤساء الدول والحكومات في الدول الأعضاء، وهي أعلى هيئة في المنظمة، وتجتمع مرة كل ثلاث سنوات للتداول واتخاذ القرارات.
- مجلس وزراء الخارجية، ويجتمع بصفة دورية مرة كل سنة، ويدرس سبل تنفيذ السياسة العامة للمنظمة.
- الأمانة العامة، وتعتبر الجهاز التنفيذي للمنظمة، وتتولى تنفيذ القرارات الصادرة عن الجهازين المذكورين أعلاه.
أمناء
وقد تعاقب على منصب الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الشخصيات التالية:
- تنكو عبد الرحمن (ماليزيا) 1970-1973، ثم حسن التهامي (مصر) 1974-1975، ثم أحمدو كريم جاي (السنغال) 1976-1979، ثم الحبيب الشطي (تونس) 1980-1984، ثم شريف الدين بيرزاده (باكستان) 1985-1988، ثم حامد الغابد (النيجر) 1989-1996، ثم عز الدين العراقي (المغرب) 1997-2000، ثم عبد الواحد بلقزيز (المغرب) 2001-2004، ثم أكمل الدين إحسان أوغلو (تركيا) 2005 – 2013، ثم إياد بن أمين مدني تولى منصبه في الأول من يناير 2014،وحتي الأن.
المنظمة في الميزان
وأشاد العديد من المراقبين بالنجاحات التي حققتها المنظمة على مستوي الدور الأخلاقي والفكري، حيث يرون أنها اتخذت خطوات عديدة لصون القيم الحقيقية للإسلام والمسلمين، وإزالة التصورات الخاطئة، كما دافعت بشدة عن القضاء على التمييز إزاء المسلمين بجميع أشكاله وتجلياته، إلا أنه يظل دورًا أخلاقيًا وفكريًا.
فيما وجه إليها البعض انتقادات قائلين: إنه رغم الجهود المبذولة للمنظمة لم ترتق لمستوى المطلوب، ورأى مراقبون أن المنظمة لم تخرج من طور بيانات وتوصيات وقرارات ولجان ومؤتمرات، هذه هي اللغة والمفردات والآليات التي تهيمن على عمل وأداء منظمة التعاون الإسلامي، ورغم ما تعانيه الدول الأعضاء فيها من أزمات متفاقمة ومخططات الاستنزاف والتهميش والتجزئة والتقسيم والنزاعات الإقليمية والمذهبية.
ويضيفوا الأزمات تستعر بالعالم الإسلامي في فلسطين وبخاصة في غزة، واليمن والسعودية والسودان وليبيا والعراق وسوريا وأفغانستان، باكستان، والصومال، ونيجيريا وغيرها وما زالت تنتظر حلولًا داخلية خالصة وليست مفروضة عليها، بينما تعجز منظمة التعاون الإسلامي عن فرض أي حلول جذرية، وفي الوقت نفسه تخوض دول عربية وإسلامية حروبًا دولية في إطار تحالفات دولية، وتدفع تكلفة الحروب فيها بلا عائد حقيقي على دولها، أبرزها التحالف الدولي للحرب على تنظيم "داعش" و"الإرهاب"، ولا يعرف متى تنتهي؟ بينما تتسع دوائرها وتتمدد في عدة أقاليم، وتستنزف المال والسلاح في حروب طائفية وإقليمية.
واضاف المراقبون، أن لمنظمة فشلت في بلورة رؤية بآليات تنفيذية واضحة لحلها، وأصبح أعضاؤها يلجؤون لمنظمات دولية أبرزها الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وأطراف دولية كبرى على رأسها الولايات المتحدة، يبحثون لديها عن حلول مكلفة وتنطوي على مخاطر ولا تخدم مصالحها العليا، بل مصالح الدول الكبرى في المنطقة.
ولفتو الي أنه بعد مرور 46 عامًا على تأسيسها، عجزت عن التحول لتكتل قوي وناجح مثل الاتحاد الأوروبي، الذي حقق الوحدة الاقتصادية والسياسية، التي مكنته من مواجهة أي تهديدات قائمة ومحتملة، وحقق لدوله الأمن القومي الإقليمي بمفهومه الشامل.
مستقبل المنظمة
يرى مراقبون أن المنظمة بحاجة إلى التغيير والإسراع من أسلوب عملها وفعلها على الأرض بما يواكب التغيرات التي يشهدها العالم الإسلامي، مع ظهور وتنامي خطر الجماعات الإسلامية المتشددة بشقيه السني والشيعي، والتصدي لمواجه الإرهاب والتشدد والتطرف.